الرباط "مغارب كم": بوشعيب الضبار بعد جلسة صاخبة، ساد أجواءها نوع من "الغوغاء"، على حد تعبير الدكتور محمد الشيخ بيد الله، رئيس مجلس المستشارين(الغرفة الثانية للبرلمان المغربي)، تم تأجيل الجلسة الشهرية المخصصة لمساءلة رئيس الحكومة إلى تاريخ لاحق، لم يحدد بعد موعده بالضبط. وأعلن بيد الله، أن ذلك تم عقب اجتماع أعضاء مكتب المجلس باستعجال للتداول في النقاش المسطري بخصوص تدبير المساحة الزمنية المخصصة لتدخلات كل من رئيس الحكومة، وأعضاء ورؤساء الفرق والمجموعات البرلمانية. وأضاف أنه تم الاحتفاظ بالمحاور الثلاثة، التي كانت مقررة لنهار اليوم، وهي الرشوة ومحاربة الريع، والأزمة الاقتصادية والمالية، والاستحقاقات الانتخابية المقبلة. وقال بيد الله، إن الجلسة، رغم مابرز فيها من خلافات في الرأي بين مكونات المجلس، فإنها تميزت بنقاش سياسي ومسطري عميق، من وجهة نظره. وكشف أن يوم الجلسة المقبلة لم يتحدد بعد، إذ مازالت هناك بعض الاختلافات بشأنه، هل يكون يوم الثلاثاء المخصص عادة للأسئلة الشفوية، أو في يوم منفصل، مشيرا إلى أن مكتب المجلس سيجتمع في أقرب وقت ممكن للحسم في الموضوع. واعتبر بعض المتتبعين أن مجلس المستشارين أخلف موعده مع جلسة كان الرأي الوطني العام يترقبها بفارغ الصبر. وقال عبد الإله بنكيران، رئيس الحكومة، لدى تناوله الكلمة، في ختام جلسة اليوم، إنه كان حريصا على عدم التساهل في تضييع الفرصة لمخاطبة المجتمع، لتقديم بعض الشروحات، بخصوص بعض الإجراءات، ولاسيما منها الزيادة في أسعار المحروقات، " التي مست كل المواطنين". وأضاف بنكيران قائلا " لدي أشياء كنت أريد أن أقولها للمجتمع"، من دون أن يفصح عنها تحديدا، مؤكدا أنه كان في إمكانه كرئيس للحكومة، ان يتوجه مباشرة إلى المواطنين من خلال " حصة خاصة في التلفزيون"، ولكنه فضل أن يكون ذلك في مجلس المستشارين،لولا هذا الخلاف المسطري بخصوص تدبير الزمن. واعتذر بنكيران على عدم بث التلفزيون لوقائع جلسة اليوم، مشددا على أنه كان ينبغي أن ينطلق " من أول دقيقة،" مذكرا بأنه صرح بذلك اليوم لمختلف وسائل الإعلام. ولدى تطرقه مجددا إلى الحصة الزمنية التي أقترحها عليه مجلس المستشارين، وهي أربع ساعات ونصف تقريبا،قال " إنها كثيرة"، وعلق بنوع من السخرية، وكأنه يستنكر ذلك :" هل رئيس الحكومة يسأل قبل يوم القيامة،، هذا حساب عسير". بيد أن بنكيران عاد بعد ذلك ليطلب من الدكتور بيد الله، رئيس مجلس المستشارين،ليسجل عنه أنه مستعد للحضور ، ابتداء من الساعة العاشرة صباحا،لمسايرة الجلسة إلى حين نهايتها، ملمحا إلى أن " أهمية الكلام ليست في كثرته، بل في مصداقيته، وجنوحه للصواب". وبعد أن تحدث عن مفهومه لكيفية التعاطي مع التوقيت واقتسام ذلك بين الحكومة وممثلي أعضاء المجلس، أوضح أن البرلمان يمثل المجتمع، وأن الحكومة التي تسير الشأن العام، جاءت منه،أي من قلب الشعب. وعرج بنكيران على الربيع العربي فقال " إن البلاد كلها كانت مهددة"، منوها بالخطاب الذي ألقاه العاهل المغربي الملك محمد السادس، وماتلاه من خطوات على طريق تكريس الديمقراطية، مثل الدستور الجديد، والانتخابات البرلمانية. وخاطب بنكيران أعضاء مجلس المستشارين، أن من حقهم توسيع وقتهم ، إن أرادوا، موضحا أنه لن يتنازل عن وقته، إلا إذا أتوا له بقرار من المجلس الدستوري. ولم يفت بنكيران أن يتحدث عن موضوع الزيادة في المحروقات، الذي يعتبر حديث الساعة في المغرب، فأكد أنه لم يتم اللجوء إلى الرفع من أثمانها،إلا لأن ذلك كان ضروريا كإجراء وقائي للاقتصاد الوطني. وزاد قائلا:" إن الدولة يجب أن تعيش ووجهها منور أمام المجتمع الدولي،ويثق فيها أولادها" على حد تعبيره. وكشف بنكيران أن هناك إجراءات برسم المستقبل،لإعادة التوازن إلى المجتمع، سوف يتم الإعلان عنها في الوقت المناسب، وبالدراسة المناسبة،وبالطريقة المناسبة، من خلال مراجعة صندوق المقاصة، حتى لايستفيد منه سوى أولئك الذين يستحقون ذلك من الفقراء والمساكين والمحتاجين، وكذا الطبقات التي لم تنل حقها. وأكد بنكيران أنه مع كل مايصب في صالح خدمة المجتمع ككل.وقال بهذا الخصوص،" سنمشي في اتجاهين:الأول تيسير الأمر على المقاولة، بهدف تشجيع الاسثتمار، والتوجه الثاني نحو الفئات الاجتماعية التي كانت تترك لوحدها تغرق في مواجهة الصعوبات اليومية لدرجة الفقر المدقع"، متعهدا ب "التفريق بين ميدان الإنتاج والعمل الاجتماعي". وفي زلة لسان،أو هفوة صغيرة، قال "إن هذا هو توجه العدالة والتنمية"، قبل أن يتدارك ذلك، أمام ارتفاع بعض الأصوات في المجلس،معتذرا بأنه" توجه الحكومة، وسنستمر عليه، والشعب يعرفنا، ويثق فينا، ولذلك صوت علينا". *تعليق الصورة: عبد الاله بنكران في مجلس المستشارين