بوعياش من رواق الحقوق: دول الجنوب تقدم نماذج ملموسة وممارسات حقوقية فضلى تتبلور معها فعلية كونية الحقوق والحريات    الرباط تحتضن "منتدى الحوار البرلماني"    أداء إيجابي في تداولات بورصة البيضاء    المعرض الدولي للفلاحة بمكناس: مجموعة القرض الفلاحي للمغرب توحّد جهود الفاعلين في مجال الزراعة الذكية    اتصالات المغرب تلامس 80 مليون مشترك    ميسي يطلب التعاقد مع مودريتش.. وإنتر ميامي يتحرك    فوضى أمام الفاتيكان في اليوم الأخير لوداع البابا فرنسيس الأول    السايح مدرب منتخب "الفوتسال" للسيدات: "هدفنا هو التتويج بلقب "الكان" وأكدنا بأننا جاهزين لجميع السيناريوهات"    شراكة تجمع "ويبوك" وجامعة كرة القدم    محاكمة أطباء دييغو مارادونا تكشف تفاصيل الأيام الأخيرة    المجلس الوطني لحقوق الإنسان يناقش "الحق في المدينة" وتحولات العمران    رفضا للإبادة في غزة.. إسبانيا تلغي صفقة تسلح مع شركة إسرائيلية    كاتبة الدولة الدريوش تؤكد من أبيدجان إلتزام المملكة المغربية الراسخ بدعم التعاون الإفريقي في مجال الصيد البحري    "TGV" القنيطرة – مراكش سيربط 59 % من الساكنة الوطنية وسيخلق آلاف مناصب الشغل    الملك يقيم مأدبة عشاء على شرف المدعوين والمشاركين في الدورة ال 17 للملتقى الدولي للفلاحة بالمغرب    بودريقة يقضي ليلته الأولى بسجن "عكاشة"    توقعات أحوال الطقس اليوم الجمعة    جرادة.. ضابط شرطة يطلق النار لتتوقيف ممبحوث عنه واجه الأمن بالكلاب الشرسة    إنزكان… توقيف شخص للاشتباه في تورطه في قضية تتعلق بالضرب والجرح باستعمال أداة راضة    طنجة.. ندوة تنزيل تصاميم التهيئة تدعو لتقوية دور الجماعات وتقدم 15 توصية لتجاوز التعثرات    "تحالف الشباب" يراسل مؤسسة الوسيط ويصف تسقيف سن التوظيف ب"الإقصاء التعسفي"    الجزائر.. منظمة العفو الدولية تدين "تصعيد القمع" واعتقالات "تعسفية" وملاحقات "جائرة"    الزلزولي يعود للتهديف ويقود بيتيس نحو دوري الأبطال    الصين تنفي وجود مفاوضات تجارية مع واشنطن: لا مشاورات ولا اتفاق في الأفق    انهيار.. ثلاثة عناصر من "البوليساريو" يفرّون ويسلمون أنفسهم للقوات المسلحة الملكية    قبل 3 جولات من النهاية.. صراع محتدم بين عدة فرق لضمان البقاء وتجنب خوض مباراتي السد    المديرة العامة لصندوق النقد الدولي: المغرب نموذج للثقة الدولية والاستقرار الاقتصادي    الدليل العملي لتجويد الأبحاث الجنائية يشكل خارطة طريق عملية لفائدة قضاة النيابة العامة وضباط الشرطة القضائية    حين يصنع النظام الجزائري أزماته: من "هاشتاغ" عابر إلى تصفية حسابات داخلية باسم السيادة    رواد سفينة الفضاء "شنتشو-20" يدخلون محطة الفضاء الصينية    من قبة البرلمان الجزائر: نائب برلماني يدعو إلى إعدام المخنثين    الشيخ بنكيران إلى ولاية رابعة على رأس "زاوية المصباح"    "الإيسيسكو" تقدم الدبلوماسية الحضارية كمفهوم جديد في معرض الكتاب    الوقاية المدنية تنظم دورة تكوينية في التواصل للمرشحين من السباحين المنقذين الموسميين بشواطئ إقليم العرائش    أكاديمية المملكة المغربية تسلّم شارات أربعة أعضاء جدد دوليّين    الرباط …توقيع ديوان مدن الأحلام للشاعر بوشعيب خلدون بالمعرض الدولي النشر والكتاب    الخط فائق السرعة القنيطرة-مراكش سيجعل المغرب ضمن البلدان التي تتوفر على أطول الشبكات فائقة السرعة (الخليع)    بعثة المنتخب المغربي لأقل من 20 سنة تصل إلى القاهرة للمشاركة في كأس إفريقيا    فوز "صلاة القلق" للمصري محمد سمير ندا بجائزة البوكر العربية    إحباط محاولة لتهرييب المفرقعات والشهب النارية ميناء طنجة المتوسط    مهرجان "السينما والمدرسة" يعود إلى طنجة في دورته الثانية لتعزيز الإبداع والنقد لدى الشباب    97.6 % من الأسر المغربية تصرح إن أسعار المواد الغذائية عرفت ارتفاعا!    هل يُطْوى ملفّ النزاع حول الصحراء في‮ ‬ذكراه الخمسين؟    امطار رعدية مرتقبة بمنطقة الريف والواجهة المتوسطية    قادة وملوك في وداع البابا فرنسيس    كردية أشجع من دول عربية 3من3    دراسة: النوم المبكر يعزز القدرات العقلية والإدراكية للمراهقين    الصين تنفي التفاوض مع إدارة ترامب    الدورة الخامسة للمهرجان الدولي للفيديوهات التوعوية: منصة للإبداع المجتمعي تحت شعار "مواطنة مستدامة لعالم يتنامى"    وعي بالقضية يتجدد.. إقبال على الكتاب الفلسطيني بمعرض الرباط الدولي    إصابة الحوامل بفقر الدم قد ترفع خطر إصابة الأجنة بأمراض القلب    الحل في الفاكهة الصفراء.. دراسة توصي بالموز لمواجهة ارتفاع الضغط    أمريكا تتجه لحظر شامل للملونات الغذائية الاصطناعية بحلول 2026    المغرب يعزز منظومته الصحية للحفاظ على معدلات تغطية تلقيحية عالية    لماذا يصوم الفقير وهو جائع طوال العام؟    وداعًا الأستاذ محمد الأشرافي إلى الأبد    قصة الخطاب القرآني    المجلس العلمي للناظور يواصل دورات تأطير حجاج الإقليم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ملتقى أكادير للرواية يكرم ربيع مبارك ويوسف فاضل وطالب الرفاعي
اعتراف بعطاءات أجيال إبداعية متنوعة
نشر في مغارب كم يوم 01 - 06 - 2012

انطلقت أشغال ملتقى أكادير للرواية العربية الذي تنظمه رابطة أدباء الجنوب التي اختارت الرواية العجائبية محورا للدورة الثانية على إيقاع تخت موسيقي لفرقة عبد القادر أمين الملتزمة. وقد عرفت قاعة الندوات بفندق أنزي يوم الجمعة 25 ماي 2012 حضورا نوعيا ومكثفا للوجوه الثقافية البارزة في المشهد الثقافي المغربي والعربي والعالمي لتتحول أكادير إلى بساط ثقافي ساحر يحلق بالرواية العربية إلى سمواتها الرحبة نقدا وإبداعا، واعترافا بعطاءات أجيال إبداعية متنوعة على مدى أربعة أيام(من 25 ماي إلى 28 منه 2012) .
الافتتاح الرسمي الذي نشطه كل من سعيد لبصير وفاظمة تميز بتكريم عدد من الروائيين المرموقين وطنيا وعربيا، انطلق بكلمة مدير الملتقى الكاتب عبد العزيز الراشدي الذي ذكر في البداية بنجاح الدورة الأولى على جميع المستويات انطلاقا من الحضور النوعي لأدباء وأديبات لهم وزنهم وصورتهم حيث اتسمت بالنقاش الفكري والنظري وزاخرة بالتواصل والتأمل والحب، مؤكدا على أن مدينة الانبعاث أكادير تستحق الكثير من الأنشطة الثقافية، لما لأبنائها من حضور وازن، وإمكانات هائلة لتحقيق الذات المتعطشة للأدب الذي يؤسس للحياة والتواصل والمحبة، شاكرا أعضاء الرابطة على مجهوداتهم، وكذا الداعمين والمحتضنين لهذا الملتقى الذي لولاهم لما تحققت أهدافه منبها إلى أن هذا الحراك الثقافي لا يمكن أن يستمر إلا بتضافر الجهود ودعم المبادرين خدمة لهذا البلد الجميل الذي يحضننا بين ذراعيه.
لتتوالى كلمات الجهات المنظمة(المندوبية الجهوية لوزارة الثقافة، اتحاد كتاب المغرب-فرع أكادير، جامعة ابن زهر، المركز الثقافي المصري..). لتأتي لحظة التكريم التي افتتحت بأحد المحاربين القدامى في بدايات التأسيس للرواية المغربية يتعلق الأمر بالروائي ربيع مبارك الذي عبر في كلمته عن ابتهاجه الحقيقي والعميق بهذا التكريم الذي نسجته أيادي رفيعة تتميز بها جهة رابطة أدباء الجنوب بوصفها جهة متطوعة نبيلة في مقاصدها التي تتغيا البساطة مما يؤهلها لتكون لها كل القابلية التي تميزت بها شجرة الأركان ذات المجد المخصوص لتصدر ليس فقط الذهب الأبيض(الملح) بل لتصدر عسل الثقافة عبر الامتداد العربي من الخليج إلى المحيط. فأكادير تقدم درسا بليغا للثقافة الإنسانية. ليتناول بعد ذلك الباحث والأكاديمي عبد النبي ذاكر كلمة عن المحتفى به مبرزا في ورقته "مبارك ربيع وسحر اللغة" متوقفا عند فنيته العالية في الجمع بين الفصحى والعاميّة انطلاقا من فضاءات متنوعة: القرية، والمدينة، والبحر.
مؤكدا على مكر مبارك ربيع الساحر في قدرته على إتقان للعب باللغة التي تغدو شلالات صور تعمق الشخوص وتغوص في عوالمها الداخلية ومونولوجاتها الأكثر حميمية، وتتعمق في الأحداث وتستبطن مجرياتها، وتستغور طبقات اللغة لتستخرج لآلئ لا شعورها. يضيف -الناقد عبد النبي ذاكر- يعد مبارك ربيع بحق أحد مؤسسي الرواية والقصة المغربيتين. له إسهامات جليلة في ترسيخ هذين الجنسين الأدبيين ومغربتهما منذ مطالع ستينيات القرن الماضي. وبقدر سبره للمتغيرات التي اعترت الكيان المغربي المقاوم لبراثن الاحتلال الفرنسي، تراه يعنى بالقضايا القومية والعربية والشأن الإبداعي على حد سواء.
ونظرا لغناه الإبداعي المتحرر من القيود المصطنعة لتكنيكات مفتعلة، لينهي ورقته ببليوغرافيا تهم جنسي القصة القصيرة والرواية(سيدنا قدر، دم ودخان، رحلة الحب والحصاد، البلوري المكسور، من غرب لشرق، صار غدا، الطيبون، رفقة السلاح والقمر، الريح الشتوية، بدر زمانه، برج السعود، من جبالنا، درب السلطان، أيام جبلية، طوق اليمام، أهل البياض، الأعمال الكاملة الصادرة عن وزارة الثقافة المغربية) وأبحاث في علم النفس وعلم التربية، والجوائز التي حازها الأديب مبارك ربيع.
أما المحتفى به الثاني فيتعلق بأحد أهم الروائيين لما بعد جيل التأسيس يوسف فاضل السناريست والمخرج الذي فاجأ الحضور برقته وتواضعه، ونبله. ليقدم بعد ذلك شيخ القصة القصيرة بالمغرب أحمد بوزفور شهادة وسمها ب" تحولات القط الأبيض الجميل" وهي شهادة تزاوج بين التأمل التحليلي لمكونات العمل الصادرة عن دار الآداب البيروتية، وبين البعد الإنساني من خلال المشترك الحميمي بين يوسف فاضل وأحمد بوزفور. فرواية يوسف فاضل رواية مسرودة من منظورين يتراوحان فصولها: فصل يرويه الأب بلّوط مهرج السلطان، وفصل يرويه الإبن حسن مهرج الشعب.متسائلا هل تكون هاتان الصفتان(الأبيض الجميل) سخرية، أو تدليلا بالسلب؟ لينتهي صاحب"ققنس" إلى أن الرواية مجال كبير مفتوح للتأويل. وقد يحيل هذا القط الأبيض الجميل الذي سار ويسير مع حسن، على زينب نفْسها زوجتِه الجميلةِ، وحبِّه الكبير، وهاجسه الدائم. وقد يكون هذا القط الأبيض الجميل في النهاية هو الكاتب نفسه الذي يسير مع شخصيته إلى مصيرها، ويرسُم هذا المصير.
وقد يكون القارئ..لم لا؟ ذلك القط الأبيض الجميل، الذي نبحث عنه بالفتيلة والقنديل. جيلا بعد جيل، فلا نجد إلا القال والقيل. في كل الأحوال، فالقط الأبيض الجميل يسير معنا نحن أيضا. إنه كائن أوقيدي يتحول بنا، ويتجول فينا، ويعنون حياتنا، فظن خيرا ولا تسأل عن الخبر. أما المحتفى به الثالث فيتعلق بالروائي الكويتي طالب الرفاعي الذي اعتبر أن الأدب منقذ للإنسان، ويخلق لديه توازنا مع الواقع باعثا تحية إلى شهداء الربيع العربي، منوها بالملتقى الذي يحتفي بالحميمية والبساطة بعيدا عن أي شكل من أشكال الرسميات، مذكرا الحضور بأصوله الاجتماعية الفقيرة، ليختم كلمته بأن الأدب يوثق هذا الصوت السياسي المهمش العال جدا، ويبقى بعد أن ينتهي الإنسان. في حين انصبت مداخلة الناقد عبد الرحمان التمارة المعنونة ب"حين اقتربت من الأديب"طالب الرفاعي" على ضرورة مد جسور التواصل مع الآخرين؛ سواء في جغرافيات نائية، أم في أزمنة ماضية انطلاقا من الأرضية الثقافية القائمة على مبدأ" التآلف التفاعلي" الذي يعمق المعرفة ويدعم الأفق الفكري للإنسان، نافيا ان يكون قياس التراكم يتصل بالكم وبالمسافة بل يقاس بحجم الطَّعنة الرُّوحية التي تتركُ الإنسان مستمتعا بما يقترفه من قراءات او ينتجه من كتابات بهدف جعل الثقافة داعمة لتعايش كوني. –يضيف الباحث عبد الرحمان التمارة- أقترب من الأديب الأريب" طالب الرفاعي" برغم إمعان جغرافيته في البعد عبر إبداعه الروائي والقصصي، وكذا عبر تواصل اجتماعي ساهمت فيه ثورة رقمية هائلة، مؤكدا على أن صورة الأديب والروائي والقاص طالب الرفاعي تنضح بمهابة وجدية حيث يدبج نصوصه بمهارة المهندس وبرقة المبدع. صاحب التمارة الكثير من شخصياته بأبعادها وأقنعتها ومدولاتها المتعددة التي تخاطب الإنسان مستحضرا روايات الرفاعي(ظل الشمس، سمر كلمات، رائحة البحر، الثواب)، ومجاميعه القصصية(أبو عجاج طال عمرك، أغمض روحي عليك، مرآة الغبش، حكايا رملية، سرقات صغيرة). هذه التجربة الإبداعية اختار الباحث عبد الرحمان التمارة أن يمحورها في عدد مقولات: الأولى تتصل بتذويت الكتابة، حيث يصل الأمر إلى حد توظيف الإسم الشخصي والخاص في عوالم بعض نصوصه الروائية باستثناء"رائحة البحر".
أما المقولة الثانية فتتلخص في فتح الإنسان على سطوة التقاليد، وإكراهات الحياة، وبؤس الواقع في مجتمع مركب. أما الثالثة فترتبط بالانعكاس الذاتي في الرواية انطلاقا من المقاطع السردية التي تتضمن إشارات إلى طريقة الكتابة، وطقوسها(الثواب)، في حين تتجسد المقولة الرابعة من خلال الميل الكبير للحوار الذي يروم تأسيس ديمقراطية التداول بين الذوات النصية، في أفق تحقيقها خارج النص. وأخيرا عناية الرفاعي باللغة السردية في سياق يتسم -بما يسميه الباحث التمارة – بجمالية البساطة العميقة؛ لأنه من الصعب أن يكون الكاتب بسيطا. لتأتي لحظة تسليم الهديا والتذكارات من أعضاء رابطة أدباء الجنوب لهذه القامات الإبداعية التي راكمت حضورها الثقافي الوازن، ولتمنح دروع المركز الثقافي المصري من طرف الدكتور محمد بركات في جو من الاحتفالية التي عرفتها قاعة الندوات فندق أنزي بالتقاط صور تذكارية مع الجمهور المتنوع والنوعي الذي حضر بكثافة للقاء الرواية العربية.
بقلم: محمد العناز
*تعاليق الصور:
-ربيع مبارك أثناء التكريم
-الاحتفاء بالكاتب يوسف فاضل


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.