" سهرة، ولا كل السهرات"، بهذه الكلمات علق أحد الحاضرين على حفل المطربة السورية أصالة نصري في منصة حي النهضة، بمدينة الرباط ضمن مهرجان " موازين : إيقاعات العالم". كانت أصالة وهي تغني في ليلة صيفية رائقة، في أجمل حالاتها الفنية، اداءا وإحساسا وتجاوبا مع الجمهور، الذي دعته أكثر من مرة بتحفيز منها إلى مشاركتها الغناء، فهي تعرفه على حد قولها منذ أكثر من 17 سنة. ومما سهل مأموريتها أن غالبية أغانيها، خاصة منها القديمة، محفوظة لدى الجميع. على وقع أغنية "ولاتصدق" انطلقت السهرة، بشكل يوحي أن الوجبة الفنية ستكون شهية وغنية ب" المفاجآت" التي كانت قد أعلنت عنها في لقائها مع الصحافة. وعندما راحت تشدو بأغنية " مابقاش أنا"، انساب صوت فنانة مغربية هي أمال البوشري، خريجة برنامج " استوديو" دوزيم لسنة 2010، لتشاركها الغناء بترجمة المقاطع المغناة بالعربية إلى اللغة الفرنسية، في شكل " دويتو" فني متكامل، بمصاحبة الفرقة الموسيقية المغربية بقيادة الفنان صلاح الشرقاوي. وقد أشادت أصالة بصفات بشرى ك" صبية" مغربية مكافحة تعيش في باريس، محافظة على قيمها وأصالتها، وأعلنت من قبل أن هناك مشروعا فنيا مشتركا بينهما برسم المستقبل، لكنها لم تكشف عن تفاصيله. كما أثنت على " أنبل واجمل فنانة وإنسانة"، في إشارة إلى المطربة الراحلة وردة الجزائرية، التي غنت لها، والتأثر باد على ملامحها ونبرات صوتها أغنية " الوداع"، فقد كانت صديقتها الحميمة، وحضرت حفل عيد ميلادها الأخير ، قبل الرحيل، علما بأن أ صالة ارتبطت أيضا بصداقة وثيقة مع المطربة المغربية المرحومة رجاء بلمليح، وكانتا تتبادلان الزيارات كأنهما عائلة واحدة. ومنذ بداية الحفل، ظلت أصالة ، بين الحين والآخر، توجه التحية إلى الثوار في بلدها سوريا، الذين يواجهون القمع كل يوم بصدور عارية وقلوب مؤمنة بأن النصر في الأخير سوف يكون لصالح الشعب. ومن بين أقوى لحظات الحفل، حين انبرت أصالة لتغني " هذي دمشق"،وكأن قلبها يرفرف هناك ، وراء ذكريات الأمس البعيد، حيث ملاعب الطفولة، وبيت العائلة، وأغصان الياسمين المتدلية على النوافذ، ونداءات الجيران، وألحان " أيام زمان"،تتردد على لسان والدها الفنان الراحل مصطفى نصري، الذي مات وهي في فترة المراهقة. في الأخير وقفت أصالة تغني فيما يشبه الهمس ومخاطبة النفس: " إلى متى؟". ويبدو أنها كانت تتساءل في سرها بحسرة وقلق :إلى متى يستمر مسلسل الذبح وسط أهاليها في سوريا؟.