رتبت الأقدار الإلهية، لقاء بين المغرب والجزائر جرى يومه السبت في العاصمة الجزائرية، التي سافر إليها بشكل مفاجئ، مستشار العاهل المغربي الملك محمد السادس فؤاد عالي الهمة لتقديم التعازي في رحيل الفنانة الراحلة وردة الجزائرية التي وافاها الأجل المحتوم في القاهرة يوم الخميس الماضي. ولم يعلن عن سفر الهمة في المغرب، قبل أن تنشره وكالة الأنباء الفرنسية التي ذكرت أن المستشار الملكي شوهد إلى جانب وزير الخارجية الجزائري مراد مدلسي، وهما ينحنيان ترحما أمام جثمان الراحلة وردة، دون أن يدليا بتصريحات إلى الصحافة مضيفة أن "الهمة" وقع في دفتر التعازي الذي فتح بالمناسبة للتعبير عن المواساة لعائلة الفقيدة. ومن غرائب الصدف أن تتم زيارة مستشار العاهل المغربي التي لا يمكن نزع الطابع الإنساني عنها، بعد ظهور بوادر أزمة دبلوماسية جديدة بين المغرب والجزائر على خلفية نزاع الصحراء وقرار المغرب سحب ثقته من مبعوث الأمين العام بان كي مون، الدبلوماسي الأميركي كريستوفر روس، الذي تقول الرباط إنه تخلى عن مهمة الوسيط المحايد والنزيه وانحاز لطرف على حساب آخر. وتبنت الجزائر نفس الموقف الذي أعلنته جبهة البوليساريو،من وساطة روس، فقد صرحت أنها متشبثة بها ووجهت انتقادا إلى المغرب بخصوص موقفه الرافض لاستمرار التعاون مع مبعوث الأيمن العام إلى الصحراء. ولوحظ أن سفر الهمة إلى العاصمة الجزائرية، لم يتسبب في مشكل بروتوكولي بين المغرب والجزائر كما حصل في جنازة الرئيس الأسبق أحمد بن بلة، حينما أكتشف الوفد المغربي زعيم جبهة البوليساريو محمد عبد العزيز، يتقدم صفوف المعزين والمشيعين على اعتبار أنه رئيس دولة ما أدى إلى انسحاب الوفد المغربي الذي رأسه رئيس الحكومة عبد الإله بنكيران وضم في عضويته شخصيات رسمية وحزبية بينها رئيس الوزراء الأسبق عبد الرحمن اليوسفي الذي جمعته علاقات قوية مع بن بلة. ولا يستبعد المراقبون أن يناقش الهمة مع الجزائريين بشمل من الأشكال، تطورات ملف الصحراء على ضوء المستجدات الأخيرة وشرح موقف بلاده من "روس" الذي يعيد إلى الأذهان الموقف المماثل الذي اتخذته الجزائر وجبهة البوليساريو، من سلفه السابق الهولندي "بيتر فالسوم" الذي صرح علانية بأن استقلال الصحراء عن المغرب متعذر وغير ممكن، الأمر الذي أغضب البوليساريو وحليفتها الجزائر، فقدم "فالسوم" استقالته دون أن يتشبث به الأمين العام الأممي كما فعل في الأزمة الحالية. تجدر الإشارة إلى أن "الهمة" صديق دراسة العاهل المغربي، معروف لدى المسؤولين الجزائريين إذ زار بلادهم أكثر من مرة، كما له اطلاع على ملف الصحراء بحكم المسؤوليات الأمنية التي مارسها في السابق حينما تولى منصب الوزير المنتدب في الداخلية ، فضلا عن قربه من الملك محمد السادس . وما يرجح الطابع السياسي للزيارة أنه كان يفترض لو تعلق الأمر بتقديم العزاء فقط لأسندت المهمة إلى وزير الثقافة أو الاكتفاء بتمثيل المغرب في شخص سفيره في الجزائر. إلى ذلك ذكرت مراسلة "مغارب كم" نسرين رمضاني، إنه توافد عدد من المسؤولين والمواطنين منذ صبيحة اليوم السبت على قصر الثقافة لإلقاء النظرة الأخيرة على جثمان الفقيدة الذي أقلته طائرة خاصة من العاصمة المصرية مساء الخميس الماضي. وترحم على جثمان الراحلة وردة الذي كان يقف إلى جانبه كل من أبنها رياض وابنتها "ويدا" عدد كبير من الشخصيات السياسية و الفنانين ورجال الأدب الجزائريين ،من بينهم الكاتب أمين الزاوي و عز الدين ميهوبي و مصطفى شريف السفير الأسبق للجزائر بمصر.