اتفق المغرب وإسبانيا أمس الجمعة على إحياء اجتماعات اللجنة العليا المشتركة التي انعقدت أكثر من مرة، كإطار لتنظيم وتفعيل التعاون بين البلدين حيث كان الموعد يتجدد كل سنة في إحدى العاصمتين، على مستوى رئيسي الحكومتين لتقييم حصيلة التعاون ورسم الآفاق الجديدة. وكانت آخر دورة انعقدت منذ ثلاث سنوات في العاصمة مدريد برئاسة مشتركة بين رئيسي وزراء البلدين عباس الفاسي ورودريغيث ثباطيرو. وطبقا لمصادر رسمية إسبانية فإن الزيارة التي قام بها أمس الجمعة عبد الإله بنكيران رئيس الحكومة المغربية ومباحثاته مع الملك خوان كارلوس ورئيس الوزراء أسفرت عن اتفاق مع نظيره الإسباني، ماريانو راخوي، على عقد القمة المشتركة يوم 12 من سبتمبر المقبل بالعاصمة المغربية. وفيما يبدو أنها انتعاشة في العلاقات الثنائية بين البلدين، علم في مدريد أن ولي العهد الإسباني سيذرو المغرب في غضون الأيام المقبلة على رأس وفد من رجال الأعمال والمستثمرين من بلاده، بغية استكشاف فرص استثمارية جديدة في المغرب. وجرت العادة أن يتضمن جدول أعمال اللجنة المشتركة، المواضيع التقليدية وخاصة تلك التي تشغل بال المسؤولين في البلدين مثل الهجرة السرية وتجارة المخدرات بما يستلزم ذلك من تعاون كثيف بين المصالح الأمنية والاستخبارات لدرء خطر الإرهاب الذي يهدد استقرار البلدين، إضافة إلى الملفات السلمية المتدلية في التعاون الاقتصادي والصيد البحري... وفي السياق الأمني، لوحظ أن الخلية الإرهابية التي فككها المغرب أخيرا وعثر على أسلحة مخبئة في بعض البلدات المغربية بما فيها القريبة من العاصمة المغربية، كشفت التحقيقات الأولي صلة أحد المتهمين "علي أعراس" بالخلية المكتشفة.وكان الأمن الإسباني اعتقله وهو يحمل جنسية مزدوجة، قبل سنوات في مليلية مع شريك آخر له ، ثم جرى تسليمه إلى المغرب لاحقا بعد مسلسل قضائي طويل وممانعات من هيئات حقوقية إسبانية . يشار كذلك إلى أن الأمن الإسباني يصنف مدينة سبتة المغربية المحتلة ضمن قائمة المراكز الحضرية الصعبة لما تمارسه فيها جماعات من أنشطة ضارة ومهددة للأمن في إسبانيا والمغرب. تجدر الإشارة إلى أن المغرب، سكت على "الاستفزاز" الذي تعرض له من طرف الجانب الإسباني الذي وافق على إرسال مسؤولين محليين من مدينتي سبتة ومليلية المحتلتين للاجتماع في مراكش مع مسؤولين مغاربة لتنسيق عملية عبور المهاجرين المغاربة القادمين من أوروبا خلال عطلة الصيف. وفوجئت السلطات الاستعمارية في سبتة بالحرارة التي استقبل بها موفدوها إلى مراكش واستنتجوا من ذلك ما يشبه تسليم المغرب بسيادة إسبانيا على الثغرين المحتلين ما فرض على وزير الاتصال المغربي مصطفى الخلفي، التأكيد على أن موقف بلاده لم يتغير من الثغرين اللذين تحتلهما إسبانيا في شمال المغرب. ولا يعرف ما إذا كان الجانب الإسباني قد تصرف بخديعة أم أن حضور ممثلين عن سبتة ومليلية تم بترتيب مسبق بين الجانبين. يذكر أن حكومتي سبتة ومليلية طلبتا في الماضي وبإلحاح أن تكونا ممثلتين في اجتماعات اللجنة العليا المشتركة، لكن المغرب رفض رفضا قاطعا الفكرة منذ البداية،إلى أن حدثت واقعة مراكش، غير المسبوقة في تاريخ العلاقات بين الرباطومدريد.