صوت مجلس النواب٬ مساء أمس الأربعاء في جلسة عمومية٬ بالأغلبية على مشروع القانون المالي لسنة 2012 بشموليته. وصوت لصالح المشروع٬ خلال هذه الجلسة التي ترأسها رئيس مجلس النواب كريم غلاب٬ 166 نائبا وعارضه 49٬ في حين امتنع 15 نائبا عن التصويت، حسب الوكالة المغربية للأنباء. وتميزت دراسة مشروع القانون المالي٬ سواء على مستوى لجنة المالية والتنمية الاقتصادية وباقي اللجان القطاعية٬ أو خلال مداخلات الفرق النيابية أمام الجلسة العامة٬ بنقاش واسع بين فرق الأغلبية والمعارضة حول مدى قدرته على مواجهة الظرفية الاقتصادية الصعبة والاستجابة لانتظارات المواطنين خاصة الاقتصادية منها والاجتماعية. كما همت النقاشات الجوانب المتعلقة بكيفية تحسين القدرة الشرائية للمواطنين٬ ومراجعة شاملة للضرائب٬ وتوسيع وعائها٬ ومحاربة المتهربين٬ ورفع درجة الشفافية في الصفقات العمومية٬ وتشديد الرقابة الدستورية والمالية على المؤسسات العمومية٬ ومراجعة كيفية التعامل مع الإحصائيات والمعطيات الرقمية٬ المقدمة من قبل مؤسسات٬ مثل المندوبية السامية للتخطيط٬ وكيفية قراءة معاملها الرقمي٬ مع معطيات مقدمة من قبل وزارات٬ وتشجيع وجلب الاستثمارات وإصلاح صندوق المقاصة. واعتبرت الأغلبية أن مشروع القانون المالي يعد مشروعا لإعادة الأمل واستعادة ثقة المواطن٬ وأنه مشروع واقعي بالنظر إلى ما يحمله من مؤشرات محينة ويكتسي طابع الجرأة والطموح من حيث التدابير الاجتماعية. بينما اعتبرت المعارضة أن المشروع يندرج في إطار منطق الاستمرارية ويفتقد إلى نظرة شمولية لحل المشاكل الاقتصادية والاجتماعية٬ وكذا لكونه جاء عاديا مستنسخا لتصور ورؤية الحكومة السابقة ولا يتضمن ما يعكس التزامات الحكومة في إطار برنامجها الذي نال ثقة مجلس النواب٬ ملفتة النظر إلى غياب أي هيكلة جديدة للميزانية وإلى افتقاده للرؤية الاستراتيجية. بالمقابل أكد نواب الأغلبية والمعارضة٬ على السواء٬ على ضرورة مراجعة القانون التنظيمي للمالية٬ لتجاوز الثغرات التي تحول دون دراسته بعمق وتشاور بين جميع الفرقاء قبل إحالته على أنظار البرلمان٬ حتى يهيأ قانون المالية بتنسيق مع جميع الأحزاب السياسية والهيئات النقابية والمهنية وكذا الغرف المهنية٬ وأن يتم أيضا وفق المنظور الجهوي الذي أتى به الدستور الجديد. وفي إطار التفاعل مع فرق الأغلبية والمعارضة٬ نهجت الحكومة مقاربة تشاركية بخصوص التعديلات المقترحة بهدف إغناء مشروع قانون المالية 2012 إذ تمخضت المناقشات المثمرة التي عرفتها لجنة المالية والتنمية الاقتصادية عن إدراج جملة من التعديلات أكثر من 50 في المائة منها تم اعتمادها بالإجماع وهي تعديلات همت٬ بالأساس٬ تعزيز البعد الاجتماعي لهذا المشروع. وكان وزير الاقتصاد والمالية٬ نزار بركة٬ أبرز٬ في معرض جوابه على تدخلات الفرق والمجموعات النيابية في جلسة عمومية خلال المناقشة العامة لمشروع القانون المالي الثلاثاء الماضي، أن المشروع رصد أزيد من 5ر2 مليار درهم لإحداث صندوق التماسك الاجتماعي لاستهداف الفئات المعوزة٬ من خلال المساهمة في تمويل تعميم نظام المساعدة الطبية (راميد) وتقديم الدعم النقدي المشروط بتمدرس أبناء المعوزين (برنامج تيسير) ودعم ذوي الاحتياجات الخاصة لأول مرة والبدء في تفعيل آليات استرجاع الدعم الذي تستفيد منه الفئات الميسورة وتخصيص 160 مليون درهم لتفعيل صندوق التكافل العائلي لفائدة النساء المطلقات ودعم التماسك الأسري إلى جانب رصد 2ر3 مليار درهم لدعم برامج المرحلة الثانية للمبادرة الوطنية للتنمية البشرية لتشمل 701 جماعة قروية و530 حيا حضريا مهمشا وإطلاق برنامج للتأهيل الترابي لفائدة 22 إقليما يعاني من العزلة. ويتوقع مشروع قانون المالية لسنة 2012 تحقيق معدل نمو الناتج الداخلي الخام ب2ر4 في المائة٬ ومعدل تضخم ب5ر2 في المائة٬ ونسبة عجز موازناتي بنسبة 5 بالمائة٬ وسعر متوسط البترول 100 دولار للبرميل. ويهدف هذا المشروع إلى تعزيز النمو الداخلي٬ وتشجيع الاستثمار٬ وخلق فرص الشغل وتأهيل العنصر البشري٬ كما يروم تطوير آليات التضامن والحماية الاجتماعية وإرساء تنمية مندمجة متوازنة ومستدامة ذات بعد ترابي. وقد خصص مشروع قانون المالية لسنة 2012 اعتمادات مالية هامة للقطاعات الاجتماعية، في إطار تنفيذ سياسة تروم القرب وتقديم الخدمات للمواطنين في مجالات التربية والصحة والثقافة والشباب والرياضة والتشغيل. ويرتكز المشروع على ثلاثة مرتكزات كبرى نابعة من أولويات البرنامج الحكومي تتمثل في تعزيز دولة القانون وتدعيم مبادئ وآليات الحكامة الجيدة وتعزيز أسس نمو قوي ومستدام في إطار مواجهة تداعيات الأزمة العالمية واستعادة التوازنات الماكرو-اقتصادية وكذا ضمان ولوج عادل للمواطنين للخدمات الأساسية وترسيخ مبادئ التضامن وتكافؤ الفرص.