تعيد هجمات الطوارق على ثلاث مدن في شمال شرق مالي، وتأكيدهم أنهم سيستهدفون بلدات أخرى تسليط الضوء على سعي هؤلاء الرحل إلى الاعتراف بهم في مناطق صحراوية مهددة بالجفاف والقاعدة. والطوارق هم سكان الصحراء ويتحدرون من جذور امازيغية، وينتمون إلى عدد من القبائل، ويقدر عددهم بحوالي 1،5 ملايين شخص موزعين بين النيجر ومالي والجزائر وليبيا وبوركينا فاسو،حسب تقرير لوكالة الأنباء الفرنسية. وفي مالي تعتبر منطقة ازواد (من الغرب إلى الشمال) التي ينشط فيها أيضا تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، مهدهم. والطوارق هم الشعب الإفريقي الوحيد إلى جانب الإثيوبيين الذين يملكون كتابتهم الخاصة ويتميزون بوضع غطاء رأس ولثام ازرق. وقاد الطوارق تجارة القوافل ورعي قطعان كبيرة في النصف الأول من القرن، حيث ابدوا معاداتهم للاستعمار لكنهم أصبحوا تدريجيا الأكثر فقرا في منطقتي الساحل والصحراء اللتين عانتا من موجات جفاف متتالية. كما رفضوا ارتياد المدارس في أثناء الاستعمار ما اضعف موقفهم في أثناء حملات الاستقلال. وأفنت مجاعات 1973-1974 و1984-1985 قطعانهم فيما نزح ألاف الشبان الطوارق إلى المدن أو هاجروا إلى الجزائر وليبيا حيث ادخل معمر القذافي عدة ألاف منهم إلى جيشه. بعد عقد من الزمن اضطر عدد من هؤلاء نتيجة تدهور الاقتصاد الليبي للعودة إلى ديارهم، وأحيانا اجبروا وانضموا إلى الحركات المطالبة بالحكم الذاتي والتنمية في مواجهة السلطات المركزية المالية والنيجيرية. وبعد أن استبدل الطوارق سيوفهم وخناجرهم وبنادقهم القديمة بالرشاشات وجمالهم بسيارات رباعية الدفع بدأوا تمردا في 7 مايو 1990 في النيجر وبعد شهر في مالي. واستغرقت حرب العصابات التي خاضوها خمس سنوات على الأقل في البلدين وانتعشت بين 2006 و2009 مسفرة عن مقتل مئات الضحايا وتهجير الآلاف إلى موريتانيا وبوركينا فاسو والجزائر. وأبرمت باماكو ونيامي اتفاقي سلام أديا إلى نقل سلطات إلى مناطق الطوارق ومنحها استقلالا ذاتيا واسع النطاق والى نزع سلاح مقالتي الطوارق وإدراجهم في جيشي البلاد والميليشيات شبه العسكرية والوظيفة الرسمية. لكن نتيجة عدم تطبيق الاتفاقيات حرفيا قام عدد من القادة السابقين في الجيش المالي بالانشقاق ومهاجمة القوات الحكومية. وبعد النزاع الذي أدى إلى سقوط القذافي عام 2011 دخل مئات الطوارق المدججين بالسلاح إلى شمال مالي حيث انخرط بعضهم في آلية السلام التي طرحتها حكومة الرئيس امادو توماني توري فيما رفضها الآخرون أو امتنعوا عن اخذ موقف منها. ومن بين المتمردين الذين هاجموا مدن الشمال، بحسب باماكو، مقاتلون سابقون في ليبيا وأعضاء في الحركة الوطنية لتحرير ازواد، وهي منظمة سياسية عسكرية بلا قائد نشأت في أواخر 2011 نتيجة اندماج جماعات متمردة. وأفادت الحركة في بيان نشرته في أكتوبر 2011 أنها تهدف "إلى تحرير شعب ازاواد من احتلال مالي غير المشروع للأراضي الازاوادية".