محكمة العدل الأوروبية تلغي اتفاقيتي الصيد والمنتجات الفلاحية مع المغرب    بورصة الدار البيضاء تستهل تداولاتها على وقع الارتفاع    المكتب الشريف للفوسفاط بإفريقيا ومالي يلتزمان بدعم من البنك الدولي بإرساء حلول ملائمة لفلاحة مستدامة    الجماهير العسكرية تطالب إدارة النادي بإنهاء الخلاف مع الحاس بنعبيد وارجاعه للفريق الأول    الحكومة تصادق على مشروع قانون يتعلق بتنظيم مهنة المفوضين القضائيين    تحالف للشباب يستنكر فشل الحكومة في التعامل مع أزمة طلبة الطب ويحمل ميراوي مسؤولية فشل إدارة الأزمة    مطالب للدولة بإعلان "الجنوب الشرقي" منطقة منكوبة والإسراع بتقديم الدعم الفوري للسكان    ارتفاع أسعار الدواجن يجر وزير الفلاحة للمساءلة البرلمانية    ارتفاع طفيف في أسعار النفط في ظل ترقب تطورات الأوضاع في الشرق الأوسط    الاتحاد العام لمقاولات المغرب جهة الجديدة - سيدي بنور CGEM يخلق الحدث بمعرض الفرس    التصعيد الإيراني الإسرائيلي: هل تتجه المنطقة نحو حرب إقليمية مفتوحة؟    مصدر مقرب من "حزب الله": نصر الله دُفن مؤقتا كوديعة في مكان سري    إليك طرق اكتشاف الصور المزيفة عبر الذكاء الاصطناعي    بعد أيام من لقائه ببوريطة.. دي ميستورا يستأنف مباحثات ملف الصحراء بلقاء مع "البوليساريو" في تندوف    الفيفا تعلن تاريخ تنظيم كأس العالم للسيدات لأقل من 17 سنة بالمغرب    الفيفا يقترح فترة انتقالات ثالثة قبل مونديال الأندية    اختبار صعب للنادي القنيطري أمام الاتحاد الإسلامي الوجدي    دعوة للمشاركة في دوري كرة القدم العمالية لفرق الإتحاد المغربي للشغل بإقليم الجديدة    الدوري الأوروبي.. تألق الكعبي ونجاة مان يونايتد وانتفاضة توتنهام وتصدر لاتسيو    النادي المكناسي يستنكر حرمانه من جماهيره في مباريات البطولة الإحترافية    وفاة أستاذة في إعدادية اليوسفية تثير الحزن والأسى بين الأساتذة والتلاميذ    لحليمي: الرقمنة عامل رئيسي في نجاح عملية تجميع المعطيات    آسفي: حرق أزيد من 8 أطنان من الشيرا ومواد مخدرة أخرى    كيوسك الجمعة | جماعة الدار البيضاء تستعد لبيع ممتلكاتها العقارية بحثا عن موارد مالية    في قرار مثير..محكمة العدل الأوروبية تلغي اتفاقيتي الصيد والمنتجات الفلاحة مع المغرب    العثور على جمجمة بورش لبناء أحد المنازل المتضررة من زلزال الحوز    وزارة الصحة تكشف حقيقة ما يتم تداوله حول مياه "عين أطلس"        الجمعية العامة للأمم المتحدة ال 79.. إجماع دولي على مخطط الحكم الذاتي بإعتباره المقترح الأكثر مصداقية والأوسع قبولا    المجلس الوطني لحزب الاستقلال سيكون مغلقا في وجه الصحافة وإجراءات صارمة للدخول لقاعة المجلس    عزيز غالي.. "بَلَحَة" المشهد الإعلامي المغربي    آسفي.. حرق أزيد من 8 أطنان من الشيرا ومواد مخدرة أخرى    الجيش الإسرائيلي ينذر سكان بلدات في جنوب لبنان بالإخلاء فورا ويقطع الطريق الدولية نحو سوريا    وزير خارجية إيران يصل إلى مطار بيروت    تقدير موقف: انضمام المغرب إلى الاتحاد الإفريقي وفكرة طرد البوليساريو "مسارات جيوسياسية وتعقيدات قانونية"    محنة النازحين في عاصمة لبنان واحدة    مشفى القرب بدمنات يواجه أزمة حادة    بايتاس يُشيد بالتحكم في المديونية    "النملة الانتحارية".. آلية الدفاع الكيميائية في مواجهة خطر الأعداء    بايتاس: الحكومة تتابع عن كثب أوضاع الجالية المغربية المقيمة بلبنان    مومن: قائمة المنتخب المغربي منطقية        فتح باب الترشيح لجائزة المغرب للكتاب 2024    قراصنة على اليابسة    مقاطع فيديو قديمة تورط جاستن بيبر مع "ديدي" المتهم باعتداءات جنسية    أعترف بأن هوايَ لبناني: الحديقة الخلفية للشهداء!    مهرجان سيدي عثمان السينمائي يكرم الممثل الشعبي إبراهيم خاي    بسبب الحروب .. هل نشهد "سنة بيضاء" في تاريخ جوائز نوبل 2024؟    إطلاق مركز للعلاج الجيني في المملكة المتحدة برئاسة أستاذ من الناظور    الذكاء الاصطناعي والحركات السياسية .. قضايا حيوية بفعاليات موسم أصيلة    مستقبل الصناعات الثقافية والإبداعية يشغل القطاعين العام والخاص بالمغرب    مغربي يقود مركزاً بريطانياً للعلاج الجيني    الرياضة .. ركيزة أساسية لعلاج الاكتئاب    الزاوية الكركرية تواصل مبادراتها الإنسانية تجاه سكان غزة    القاضية مليكة العمري.. هل أخطأت عنوان العدالة..؟    "خزائن الأرض"    موسوعة تفكيك خطاب التطرف.. الإيسيسكو والرابطة المحمدية للعلماء تطلقان الجزئين الثاني والثالث    اَلْمُحَايِدُونَ..!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ندوة باماكو تتبنى اقتراح الاتحاد الاشتراكي بتحويل الندوة إلى منتدى دائم يجتمع بصفة دورية .. ندوة باماكو تطالب بإدماج المغرب في مجموعة دول الساحل والصحراء

في سياق الاختطافات وقتل رعايا أوربيين ونهب المسافرين على الطرقات في شمال مالي، عقد لقاء تشاوري بشأن الأزمات في منطقة الساحل والصحراء ببماكو ،
عاصمة مالي يومي 10 و11 دجنبر 2011, بمبادرة من حزب النهضة الوطنية بجمهورية مالي.
حضر أشغال اللقاء أكثر من 450 شخصا. شارك في هذا الملتقى برلمانيون ومنتخبون محليون ورؤساء دوائر وجماعات وأعيان قبائل من شمال مالي ومنطقة الساحل الغربي ،
إضافة إلى ممثلي الأحزاب السياسية والمجتمع المدني بدولة مالي.
رغم هذا الهم الأمني بمالي، تعيش العاصمة باماكو نهضة عمرانية على طول ضفافي نهر النيجر، وما يزيد الماليين حسرة على انهيار النظام الليبي أن عددا من المشاريع العمرانية التي أنجزت أو التي توقف إنجازها منذ قيام الثورة في ليبيا هي ثمرة لرؤوس أموال ليبية، ومع ذلك يمتاز الماليون بالصبر وبأخذ القضايا، وإن كانت شائكة، بفلسفة التعامل مع واقع قاس في الحياة اليومية وبالقضاء والقدر.
يرتبط المغرب بمالي تاريخا وحضارة وإثنيا، فعدد من العلماء الماليين زاروا واستقروا بالمغرب، كما هاجرت عائلات ومنذ قرون المغرب لتستقر بالخصوص في تمبكتو، وفي كثير من اللقاءات مع ماليين ، أول ما يفتتح به الكلام: أنا من أصل مغربي، عائلات هاجرت من كلميم ومحاميد الغزلان وفاس، وإلى زمن قريب من طانطان لتستقر بتمبكتو لممارسة التجارة، وفي سياق المكاشفة، وتعقيبا على ما يجري في دول شمال إفريقيا، وتخوفا من انقطاع الصلة بينهم وبين مواطن يعتبرونها إحالات إلى الهويات الدفينة، قيل لي غير ما مرة: « لا تتركونا»، كما يتابعون عن كتب الإصلاحات السياسية والدستورية بالمغرب، ويعتبرون الأمر تجربة فريدة, فارتباط شمال مالي بالمغرب له أكثر من دلالة.
شارك في لقاء باماكو ممثلو الأحزاب بدول الساحل والصحراء، و الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية ، و أحزاب من موريتانيا والتشاد وبوركينا فاسو والسنغال والنيجر، ووفد من الهيئة العليا لتوطيد السلم في النيجر، وأعضاء السلك الدبلوماسي، وممثل المنظمة الدولية الفرانكوفونية، ورؤساء حكومات ووزراء سابقين، وممثلو الحكومة المالية، ورئيس البرلمان المالي ، ورؤساء لجان مهتمة بالتنمية والأمن في شمال مالي، وبعثة الأمم المتحدة للساحل، وممثل الاتحاد الإفريقي، والصحافة المحلية والدولية.
افتتح اللقاء بكلمة لرئيس حزب النهضة الوطنية ( بارينا) ديامي, أكد فيها على أهمية هذا اللقاء الذي يأتي في سياق تعرف فيه المنطقة تحولات كثيرة، وأن التشاور حول أزمات الساحل أصبح قضية عالمية، وأن قضايا الساحل تفرض نفسها على المنطقة برمتها، متعرضا في نفس الوقت إلى المشاكل المترتبة عن عودة المقاتلين بسلاحهم من ليبيا، وأيضا الانعكاسات السلبية للعمال الأفارقة المهجرين من ليبيا ، وعدد رئيس حزب النهضة الوطنية أمراض الساحل كتجارة المخدرات المستندة إلى كارتيلات محلية بتنسيق مع الكارتيلات العالمية و الجريمة المنظمة، في وضع يتسم بأزمة اقتصادية وارتفاع عدد العاطلين.
يهدف اللقاء حول أزمة الساحل إلى مواجهة هذه المشاكل بشكل مباشر لمواكبة مجهودات الدولة في هذا المضمار التي لها دور في حل أزمات الساحل بوضعها في إطار دول الساحل والصحراء، والتنقيب في كل المسالك التي يمكن أن تؤدي إلى حلول. وأكد المتدخل على الرغبة في الوصول إلى حلول لهذه القضايا في 2012، بطرح حلول بمساهمة قوية من منتخبي شمال مالي، باقتراح حلول لسكان المنطقة. وألح رئيس حزب النهضة على وضع بروتوكول صحي لضمان الأمن العام.
وتوالى على منصة الخطابة في اليوم الأول، ممثلو الأحزاب المالية والمجتمع المدني ورؤساء المدن والقرى والدوائر والبرلمانيون، خاصة من شمال مالي.
خصصت الجلسة الأولى حول راهنية منطقة الساحل، فقدم تقرير من لدن رئيس اللجنة البرلمانية التي كلفت في شمال مالي بلقاء المحاربين العائدين من ليبيا، فقسم العائدين إلى قسمين كبيرين، القسم الأول ويضم مدنيين استطاعوا الاندماج لدى أهلهم وبيوتاتهم في الشمال، وقسم يضم عسكريين، يمكن تقسيمهم أيضا إلى ثلاث مجموعات توزعت على مناطق تعرف نزاعا، بل إن إحدى هذه المجموعات شكلت إلى جانب قبائل طوارقية ومليشات الحاج باهنكا الذي قتل في « حادثة سير» ، إضافة إلى عناصر من الجيش المالي، الحركة الوطنية للأزواد، بهدف فصل منطقة الشمال، المحاذية للحدود الجزائرية عن باقي التراب المالي، بيد أن رئيس اللجنة البرلمانية أكد أن هذه المجموعة تشكل أقلية.
ما يميز الشمال هو انعدام الأمن وانتشار السرقة و تجارة السلاح وغياب سلطة الدولة، كما أشار رئيس اللجنة البرلمانية المكلفة بالتحقيق في الوضعية بشمال المالي إلى اتفاق تمنراست وضرورة عودة الجيش إلى الشمال، لأن هذه الوضعية ناتجة عن اتفاق الجزائر بين الدولة المالية وثوار الطوارق ( اتفاق وقع في سنة 1991، والذي يقضي بتجنب الجيش المالي للمراعي في الشمال) لأن هناك حملة قائمة ضد كل ما هو غربي، وألح رئيس اللجنة غير ما مرة أن القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي ليست إنتاجا للمجتمع المالي، ومع ذلك نرى انخراط الماليين فيها، بل تحول عدد منهم إلى تجار في الأشخاص بخطفهم وبيعهم إلى سماسرة، وهؤلاء بدورهم يبيعونهم إلى القاعدة. ولم تكتف القاعدة بهذا النشاط, بل تعداه إلى فرض رؤية خاصة للمجتمع بفصل الإناث عن الذكور في المدرسة وتهديد الأساتذة بعدم تلقين التعليم الأوربي.
وتتابع المتدخلون من برلمانيين ووجهاء الشمال بالخصوص للحديث عن وضعية الشمال والتهديدات التي ستصيب جميع دول المنطقة، فتحدث نائب واكادو ( وهي المنطقة المحاذية للحدود الموريتانية وتشكل إحدى القواعد المهمة للقاعدة) فأسهب في ربط المشاكل بتجارة المخدرات ، بعض المداخلات أرجعت سبب مشاكل المنطقة إلى الستينات، ودعا البعض إلى تحسيس السكان برفض «الغرباء» عن المنطقة، بينما ركزت مداخلات أخرى على تفشي الخوف لدى السكان والتقوقع داخل التنظيمات القبلية: الطوارق، العرب، وأن التفرقة القبلية ستؤدي إلى العنصرية والتناحر.
أحد زعماء الطوارق قال, إن المشكل يجب أن يحل في عين المكان، وأن المشكل يخص أهل الشمال، وأن عناصر القاعدة وتجار المخدرات والذين يمارسون القتل معروفون، لكن المشكل عند الدولة التي لا سلطة لها لأن الرشوة والفساد أمراض ضاربة أطنابها في مؤسسات الدولة والمؤسسات المنتخبة والأحزاب، وأنه آن الأوان لإيقاف كل هذا .
وتكرر مصطلح غياب سلطة الدولة في شمال مالي غير ما مرة في تدخلات النواب والمنتخبين المحليين وممثلي جمعيات من المجتمع المدني. كما أن التوزيع الجهوي الذي تم تبنيه سنة 1990 لم يصل إلى أي نتيجة نظرا لغياب الاستثمارات ، وأن ما وصل من أموال لتنمية الشمال لم يتجاوز 10% مما رصد.
البعض أشار إلى العلاقة بين دولة مالي و المجلس الانتقالي الليبي، وأن الحركة الوطنية للأزواد لن تصل إلى أي مبتغى نظرا للوضع المضطرب في المنطقة، كما أن هذه الحركة أخذت بعدا جديد مع انهيار نظام القذافي.
تدخلات أخرى عادت إلى التاريخ الراهن لتفسر الوضعية الحالية، فتم التطرق إلى حملات الجيش المالي في سنتي 1963 و1964 على شمال مالي وغياب سياسة التصالح ، وأنه رغم تفاقم الوضع لم يبذل أي جهد لمواجهة هذه الوضعية، رغم أن المنتخبين المحليين والوطنيين ألحوا غير ما مرة على مسؤولية الدولة، وتمت الإحالة إلى منتدى كيدال سنة 2008. ومنتدى سيكو في نفس السنة أيضا، وأن المشكل هو مشكل الأمن والتنمية ، وأن عدم الأمن هو ما يدفع الناس للتسلح، علما أن المنتخبين والمسؤولين في مدن ودوائر الشمال يقطنون باماكو ( عاصمة مالي ).
أخذت النقاشات بعدا ماليا لوجود عدد كبير من المنتخبين والمسؤولين عن الشمال، ولأن المشاكل استعصت على الحل، وأصبحت هما وطنيا.
أحد الزعماء المحليين لمنطقة غاو اختزل صورة ما يجري في شمال مالي، من أنه قد يلجأ إليك الجار طلبا لما يقتات صباحا، في مساء اليوم نفسه تجده مالكا لسيارة رباعية من آخر طراز، وأن القاعدة اخترقت دوائر وجهات في الشمال،
وقد حلت محل الدولة فبدأت في توزيع المؤونة والدواء وما يحتاجه الناس في حياتهم اليومية. وطلب بعضهم بمزاوجة استعمال القوة بالحوار والحاجة إلى دولة قوية تؤكد حضورها . وتم التركيز أيضا على احترام الإثنيات وأن التطرق إلى حضور الدولة في شمال مالي يؤدي إلى طرح السؤال: أي نوع من الدولة نعني، علما أن المشاكل الأمنية في الشمال تستدعي الحضور القوي للدولة.
من جهته ركز رئيس حزب النهضة الوطنية، الجهة المنظمة للندوة على وجود الدولة القوية، وأشاد بالتجربة النيجرية.
تخللت المداخلات لحظات مكاشفة، خاصة لدى مسؤولي الشمال، فقد ألح عمدة بارا( منطقة كيدال) على أن الإشكال الحقيقي موجود في كيدال، وأن تلك المشاكل تقلق سكان الشمال، واقترح آخرون فتح نقاش جدي بين الجماعات في الشمال، وشكلت مخلفات الجفاف موضوع مداخلة تطرقت أيضا إلى تفاصيل أثمان الشعير والأعلاف في المنطقة، وأن عودة المقاتلين من ليبيا أثرت على الاستقرار فتعددت سرقات المواشي، في سياق غياب دور الجماعات في حل المشاكل. وركز آخرون على دور القاعدة التي كانت تسمى قبل الجماعة السلفية للدعوة والقتال، والتي نشأت في الجزائر، وانطلق المشكل منذ سنة 2003 حين اختطاف السياح الأوربيين في الصحراء الجزائرية ليطلق سراحهم في مالي، ومن هنا بدأت المشاكل. و طرح تساؤل : لماذا اختارت القاعدة دولة مالي لممارسة نشاطها في منطقة الساحل.
في توضيح لصورة الاحتكاك اليومي بين جماعات القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي وسكان مالي فسر أحد الزعماء المحليين، أن أفرادا أتوا إلى كوندا في شمال مالي يتكلمون لغات مختلفة، وأنهم يقدمون هدايا للأطفال لصدهم عن الذهاب إلى المدرسة للدراسة باللغة الفرنسية، كما أن البالغين يتعرضون لامتحانات في أمور دينية تختلف عما تعودوه من ممارسات، ويسألون لماذا لا يتركون لحاهم تطول، وحث الناس على عدم قبول المساعدات الأجنبية.
مع تدخل ضيوف اللقاء من غير الماليين تحول النقاش إلى منطقة الساحل والحديث عن الجريمة والمشاكل العابرة للحدود، وأن ذلك يقتضي توسيع دائرة ما يعرف بدول المواجهة إلى دول أخرى كالمغرب ونيجريا وتونس وليبيا وبوركينا فاسو، وأن الجهود الدولية وحدها القادرة على مواجهة ما تعانيه المنطقة.
تحدث الكولونيل محمادو أبو تركة ، رئيس الهيئة العليا لتوطيد السلم في النيجر عن الاختلاف في التوزيع الإثني داخل النيجر، فالطوارق موجودون في كل أنحاء النيجر، وفسر بإسهاب تحرك الجماعات التابعة للقاعدة ولشبكات المخدرات.
وأن الطوائف في النيجر ليس لها فكرة الانفصال، لأن هناك مقاربات لاحتواء المشاكل المتعلقة بعودة المقاتلين من ليبيا أو للطوائف المستقرة بالشمال. و خلقت الدولة النيجرية إطارا للتحاور بين مختلف الطوائف على المشاكل المزمنة أو الطارئة.
ممثل حزب قوات التقدم الموريتاني ركز على إشكال الجماعات الجهادية وشبكات المخدرات والسلاح بالقول بأن المقاربة الأمنية لا تكفي لمواجهة المشاكل. كما تحدث مامادو ديالو لمين رئيس حركة( Tekki) وأحد المرشحين للانتخابات الرئاسية في السنيغال، فقدم قراءة لمشاكل المنطقة في سياق تركيبي مركزا على الحكامة.
كما ركز الملحق العسكري بالسفارة السنغالية ببماكو على أن الخطر يأتي من تحركات القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي والشبكات الإجرامية.
تطرق ممثل الحزب السنكاري من البوركينا إلى التعاون بين المكونات السياسية لمجتمعات الساحل والصحراء لمواجهة التهديدات، وأشار أيضا إلى بناء الحكامة الجيدة لضمان الاستقرار في المنطقة.
طلب سفير فرنسا في باماكو الكلمة ليوجه نقدا قويا للمجتمع المالي في الشمال، وأن الدولة و الطبقة السياسية لم تلعب دورها ، وأن هناك فراغا هائلا، وأضاف أن القاعدة لا تهاجم فرنسا في منطقة الساحل بل تهاجم المجتمع والدولة في مالي، وطلب من الماليين أن ينظفوا بيوتهم مع توجيه اتهام مباشر للمنتخبين المحليين بأنهم يعرفون امتدادات القاعدة بينهم ، لكنهم يلتزمون الصمت، وطلب من الماليين تجنب ثقافة التفرقة و بضرورة القبول بالمساعدة الأجنبية على المدى المتوسط والطويل. كان خطاب السفير الفرنسي خارج المألوف في التصريحات الدبلوماسية.
مستشار السفير الجزائري أعاد في تدخله أطروحة الحكومة الجزائرية في مواجهة التهديدات بالاعتماد على الإمكانيات الذاتية، وأن المشكل هو في نفس الوقت وطني ودولي ، وأن هذه الأزمات ناتجة عن ممارسات القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي ، ورفض المساومة مع القاعدة وميز بين جانبين، الأول الكشف عن الحاجيات الملحة إثر عودة المقاتلين من ليبيا وما قدمته الجزائر من مساعدات في هذا الصدد ، وأن استقرار مالي هو استقرار للمنطقة برمتها.، الجانب الثاني، المتعلق بالأمن، هو المرتبط بدور كل دولة في لعب دورها في هذا المجال استنادا إلى الإرادة السياسية،( إشارة إلى الدور القيادي للجزائر ) متطرقا إلى عمل لجنة تمنراست من متابعة الوضعية في المنطقة انطلاقا من المصلحة المشتركة، ووضع ميكانيزمات التعاون الجهوي. ومع إشارة إلى مشكل توسيع اللجنة إلى دول أخرى، حيث أن الجزائر تعارض انضمام المغرب إليها، لأن انضمام المغرب إلى مجموعة الساحل والصحراء ( الجزائر و موريتانيا و مالي والنيجر) يعني اعترافا ضمنيا بسلطة المغرب على الصحراء الغربية، فخلق وضع يتسم بصعوبة مواجهة الجماعات الجهادية، التي بدأت في التناسل، وشبكات المخدرات والتهريب والأسلحة نظرا لقلة الإمكانات، مع تضارب مقاربات الدول الأربعة، فبرزت الحاجة إلى توسيع دائرة هذه الدول، وهذا ما ترفضه الجزائر، لتوظيف الأمر داخليا وفي علاقاتها مع دول الجوار، الشيء الذي ترك اشمئزازا لدى دول كمالي التي تعتبر أن المشاكل تأتي من الجار الشمالي، وهو ما يفسر حدة الانتقادات لسياسة الحكومة الجزائرية في عدد من مداخلات الأحزاب السياسية والأعيان والمنتخبين في ندوة باماكو.
فقد صرح وزير خارجية مالي سابق بغياب المشاركة الشعبية في الشمال وبخصاص في تسيير المؤسسات وحضور اقتصاد مبني على التهريب، الشيء الذي سمح بترابط عدد من المجموعات، عبر تنظيمات محلية، وانتقد الوزير التعاون الجهوي ، الذي اعتبره « تعاون الواجهة»، وأن التحدي الأول يكمن في الحكامة، و الواقع الحالي يتجلى في أن شبكات المافيا تتحكم في توجه وحياة المواطن في الشمال، وتطرق إلى أهمية التعاون مع الأوربيين والأمريكيين، كما أشاد بالمقاربات التي تتبناها دولة النيجر في مواجهة نفس المشاكل، وأنهى تدخله بالنص على انخراط الدولة في تنفيذ المشاريع الأمنية، أما على المستوى الداخلي فأقر بوجوب تبني سياسة تشاورية مع مكونات المجتمع برمتها. وبخصوص التعاون الجهوي ، تساءل عن دور الأحزاب السياسية في هذا التوجه. وفي هذا انتقاد ضمني وعلني للاتفاقيات التي أبرمتها دولة مالي مع الطوارق في الشمال عبر اتفاقات رعتها الجزائر سمحت بانسحاب الجيش المالي من الشمال، ويعتبر العديد من الماليين أن الجزائر مسؤولة عن تطور الأحداث وغياب الدولة في شمال مالي.
في تدخله ركز صالح كبزابو، برلماني و رئيس المعارضة في التشاد على أن مفهوم الاستشارة يقتضي حرية التعبير، وتساءل لماذا لم تطرح هذه القضية على المستوى الداخلي؟
أثارت المداخلات بدءا من السفير الفرنسي في باماكو، رغبة عدد من «الزعماء التقليديين» ومنتخبي الشمال بالخصوص في التعقيب على ما اعتبروه شأنا يهمهم بالدرجة الأولى، فركزوا على أنه ليس هناك نزاعا بين المجموعات «الإثنية»، وأن النواة الصلبة للقاعدة في بلاد المغرب الإسلامي لا تتجاوز 400 فرد ، وأن القاعدة أصبحت مشكلا، لكن الأعوص هو وجود تمرد يعصف بعمل الأحزاب والدولة، وأصر متدخلون آخرون على دور الدولة في « تنظيف « الشمال من التمرد.
برلماني من كيدال وعضو في لجنة الدفاع، قال في مداخلته أن كل شيء كان مقفلا أمام طرح قضية الشمال داخل لجنة الدفاع، وأن المشكل كان جزائريا ليتحول إلى تجارة اختطاف البيض ( الإشارة إلى الجماعة السلفية للدعوة والقتال، التي تحولت في يناير 2007 إلى القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي) ، وأنه شخصيا عندما طرح الأمر داخل لجنة الدفاع بالبرلمان تعرض في واضحة النهار وبالعاصمة باماكو إلى عملية ترهيب، وأن المشكل يوجد في نظام داخل مالي يعرقل أي توجه لطرح المشاكل الحقيقية للدولة المالية، فالشبكات معروفة، لكن لا أحد يشير إليهم أو يوقفهم.
مداخلات أخرى أشارت إلى أعداد القاعدة بين 400 و1000 «ملتح»، ولذا يجب حصر المشكل في الإطار المحلي، كما ذهب آخرون إلى أن مشاكل الدول المجاورة ( ليبيا و الجزائر ) تنعكس على مالي.
كانت مداخلة عمر ماريكو الكاتب العام لحزب « السند الإفريقي من أجل الديمقراطية والاستقلال» ( SADI) حزب اليسار الجذري، قوية تجاه مداخلة السفير الفرنسي، فصب عليه جام غضبه لتجرأ السفير في توجيه « دروس كما يفعل الأستاذ مع تلميذه» وأن جل مشاكل المنطقة نابعة من التدخلات الفرنسية في المنطقة، بالاستدلال بما وقع في ليبيا والكوت ديفوار، وأن فرنسا هي المشكلة. كما تحدث عن ممثلي القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي داخل أجهزة الدولة.
بابوبكار موسى نائب رئيس اتحاد قوات التقدم الموريتاني علق على تدخل السفير الفرنسي وطالب بتوسيع « دول المواجهة « إلى دول أخرى.
تمحورت مداخلة عمدة مدينة بارا في أقصى شمال مالي بالمسؤولية الذاتية ، وقال بأننا أصبحنا مسؤولين غير مسؤولين، ( responsables irresponsables) و ربما دور أوربا في المنطقة أصبح أخطر من دور القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، وعلينا القول أن القاعدة ليست منتوجا ماليا, بل هو جزائري.
تحدث ممثل وفد الرئاسة المالية للندوة عن مقاربات الدولة المالية للمشاكل المتوالية في منطقة الشمال، وتحدث بالأرقام عن برامج التنمية. وعدد أسباب الأزمة من عوامل اقتصادية وغيرها.
ممثل الحزب الاشتراكي السنغالي ألح على دور الجماعات المحلية والانطلاق من القاعدة لحل المشاكل الجهوية.
في مداخلتها ركزت فاطمتا راتيما من النسيج المدني بتامبكتو، على دور المرأة في المساهمة في حل مشاكل الساحل.
في تدخل الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، قدم الشكر لحزب بارينا على استضافة الندوة، وأن دعوة الاتحاد الاشتراكي والمغرب، تدخل في تصور جهوي موسع لدى بارينا لحل قضايا منطقة الصحراء والساحل. وبخصوص التعاون الجهوي تم التتنصيص على السياق العام لهذا التعاون، وأن هناك تحولا جيواستراتيجيا يهم شمال إفريقيا ويؤثر على منطقة الساحل والصحراء. وانطلاقا من هذه الوضعية ينتظر أن تمر المنطقة من مرحلة انتقالية طويلة وعسيرة، ستؤثر على حوض البحر المتوسط شمالا والصحراء الكبرى والساحل جنوبا، وهذا ما يستدعي تعاونا جهويا إن على مستوى الدول أو على مستوى الأحزاب السياسية و جمعيات المجتمع المدني والمنتخبين والخبراء. إن هذه التحولات تشير إلى ترابط حلقي بين الجماعات الجهادية من ضفاف البحر الأحمر إلى شواطئ المحيط الأطلسي، وأن حركة الشباب المجاهدين في الصومال وحركة بوكو حرام في نيجريا والقاعدة في بلاد المغرب الإسلامي في منطقة الصحراء والساحل الغربي وحماة الدعوة السلفية في غرب الجزائر، تشكل جميعها حزاما جهاديا يمتد من الشرق إلى الغرب ومن الشمال إلى الجنوب، إضافة إلى هذا تتقاطع مصالح شبكات تهريب المخدرات والسلاح مع مصالح الجماعات الجهادية وهذا ما يفسر « التعاون الجهوي» بين هذه الجماعات كلها وانتشارها السريع في مجال جغرافي شاسع، في حين أن مقاربات الدول المعنية تختلف وتتعارض، بل إن ورقة القاعدة أصبحت ورقة في الصراع السياسي الداخلي وبين دول المنطقة و حتى على المستوى الدولي، وهذا ما يعطي أهمية لأعمال هذا اللقاء على اعتبار أن الأمر صرخة من لدن المجتمع السياسي والمدني تجاه الدول بضرورة تغيير مقاربتها، التي يجب أن تكون مشتركة، وتعم جميع دول المنطقة. كما تطرقت مداخلة الاتحاد الاشتراكي إلى أثر الحركات الانفصالية وانسداد الأفق السياسي في ضخ «الموارد البشرية» داخل الجماعات الجهادية وشبكات التهريب، وتم تقديم نموذج اختطاف رعايا غربيين شمال موريتانيا سنة 2009، ومن قلب مخيم الرابوني في أكتوبر الأخير، وأن بعض الأوراق انقلبت على أصحابها. إن ضرورة التعاون الجهوي وتوحيد المقاربات يقتضي أيضا دمقرطة المجتمعات والحكامة الرشيدة المؤديين إلى الاستقرار، وأن غير ذلك لن يؤدي إلا إلى تجذير أزمات الساحل والصحراء. كما تمت الإشارة إلى إهمال المقاربة التصوفية و المذهبية المستندة إلى المذهب المالكي الذي تبناه الغرب الإسلامي منذ قرون لمواجهة، فكريا، أفكار السلفية الجهادية، التي أصبحت بقعة زيت تزحف على جميع دول المنطقة.
وقدم الاتحاد الاشتراكي اقتراحين، أولها تحويل هذا اللقاء إلى منتدى للنخب السياسية والمدنية يجتمع بصفة دورية بإحدى دول المنطقة، وثانيها إصدار بيان باماكو كأرضية مرجعية لمبادئ العمل المشترك، فاستحسن عدد من المتدخلين اقتراحات الاتحاد الاشتراكي، وتبنوا اقتراح تشكيل منتدى الأحزاب السياسية والمجتمع المدني و وعقد اجتماعات بشكل دوري في دولة من دول المنطقة، كما تمت الإشارة إلى أهمية المقاربة الدينية المذهبية لمواجهة الفكر السلفي الجهادي في التقرير التركيبي.
في كلمة أندري بورجي متخصص في قضايا الساحل والصحراء، وأستاذ بالمركز الفرنسي للبحث العلمي بفرنسا قال إنه يقتسم تحليل زميله المغربي، وتحدث عن الرهانات الجديدة في الصحراء من خلال تركيبة الدولة من البعدين التاريخي والسياسي، وصعوبة التفريق بين الأمن والتنمية، وأن هناك تفاوتا بين المقاربة الأمنية والمقاربة التنموية، لأن التنمية والأمن عاملين ضروريين للاستقرار، ووجوب تبني مقاربة أفقية لقضايا المنطقة خصوصا على المستوى الاجتماعي والسياسي ، ونبه إلى خطورة الترابط بين الجماعات الجهادية، وأنهى مداخلته بضرورة النظر إلى شرعنة الإسلام السياسي لمواجهة السلفية، وتساءل عن الهوية الاقتصادية لمنطقة الساحل والصحراء.
في نهاية الكلمات والمداخلات ، تناول الكلمة رئيس حزب بارينا، وأكد على دور كل جهة داخل حدودها الدولية في العمل على استئصال أسباب الأزمات، والثقة بين الدول إضافة إلى الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي. وبخصوص دول الساحل أصر رئيس بانيما على إدماج المغرب وليبيا والتشاد ونيجريا في هذا التعاون الجهوي، وأن هذا التوسع أصبح ضرورة ملحة في الوقت الحالي، كما طالب بمشروع مارشال جديد للمنطقة.
ممثل السفارة الجزائرية طلب الكلمة ليحتج على رئيس بارينا لكونه لم يدخل في كلمته التركيبية الختامية ما جاء في مداخلته، وأن الجزائر إذا كانت ترى أن الجغرافية تقصي بعض الدول، فإنها لا ترى مانعا من « التعاون مع بعض الدول». أي أن الموقف الرسمي الجزائري ما يزال يرفض انضمام المغرب بشكل كامل إلى مجموعة الساحل والصحراء لمواجهة الأزمات الأمنية.
فرد عليه رئيس بارينا بأن هذه وجهة نظر الدولة التي يمثلها، وذكره ببداية مسلسل الاختطافات الذي باشرته الجماعة السلفية للدعوة والقتال الجزائرية سنة 2003 باختطاف السياح الأوربيين وحملهم إلى شمال مالي، وإطلاق سراحهم بمساعدة من بوركينا، وتساءل لماذا يغيب ( بضم الياء الأولى وفتح الثانية) المغرب ؟ وأعلن رئيس بارينا عن تبني الاقتراح المغربي بدورية اجتماعات المنتدى، وأن النيجر تقدمت باقتراح عقد الندوة المقبلة في نيامي في أجل سنة أشهر. فوافق الجميع على الكلمة الختامية وعلى اقتراح وفود النيجر.
وتمت في نهاية الجلسات قراءة التقرير التركيبي، كما تم تقديم نسخة منه في اليوم الموالي إلى الرئيس أمادو توماني توري، والذي قدم للحاضرين تحليلا للوضعية في الشمال وأعطى تفصيلا عن اعتقال من تورطوا في الاختطافات الأخيرة في وسط مالي.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.