بينما قال نائب رئيس الوزراء الليبي، أمس الثلاثاء، إن موريتانيا وافقت على تسليم ليبيا عبد الله السنوسي، مدير مخابرات معمر القذافي الذي اعتقل في نواكشوط الأسبوع الماضي، أكد مصدر أمني موريتاني أن الاتفاق قريب المنال، لكنه أوضح قائلاً: "وافقنا على دراسة طلبهم مع منحه أفضلية، الاتفاق شبه مُبرم لكن ينبغي توخي الحذر". واعترف المصدر الموريتاني، الذي اشترط عدم الكشف عن هويته، لوكالة "رويترز" بأن فرنسا تضغط كثيراً على موريتانيا لتسليمها السنوسي لمزاعم بشأن قيامه بدور في حادث تفجير طائرة ركاب فوق النيجر عام 1989 قتل فيه 54 فرنسياً، بينما تطالب به أيضاً المحكمة الجنائية الدولية، إذ إنه متهم بارتكاب جرائم بحق الإنسانية. وتزداد الضغوط المطالبة بتسليم مدير المخابرات الليبية السابق على السلطات الموريتانية يوماً بعد آخر، كما تتسع دائرة التخمينات عن الأجهزة الأمنية المحتملة التي قد تشارك في التحقيق مع رجل يملك كنزاً هاماً من المعطيات الأمنية عن فترة حكم مثيرة مرّت بها ليبيا على مدة تجاوزت أربعة عقود من الزمن. جمع معلومات لصالح حزب الله وتتخوف أوساط سياسية وإعلامية موريتانية من دخول إيران على خط المطالبين بتسليم السنوسي أو أن تلتحق بجبهة الدول التي تطمح للحصول على معلومات منه، وذلك سعياً لجمع معلومات لحزب الله اللبناني حول اختفاء رجل الدين الشيعي السيد موسي الصدر عام 1978 بليبيا في ظروف غامضة. ويرى المحلل السياسي محمد الحافظ في حديث ل"العربية.نت" أن موريتانيا ستجد نفسها "محرجة جداً" إذا حاولت التفكير في منح دور لإيران في الملف أو السماح لمخابراتها باستجواب السنوسي؛ لكونها بلداً غير معني أساساً بالموضوع. ويضيف أنه من حق بلد كلبنان مثلاً القيام بذلك لكون السيد موسى الصدر مواطن لبناني. ويشرح الحافظ أن "ارتماء نظام نواكشوط في الآونة الأخيرة في أحضان النظام الإيراني يجب أن لا يتجاوز حدود التطبيع الدبلوماسي العادي"، مشدداً على ضرورة احترام السيادة الوطنية الموريتانية. ويؤكد الحافظ أن المملكة العربية السعودية لها دور كبير وتأثير قوي في موريتانيا، ومن حقها أن تطالب بالسنوسي نظراً لتورّطه في محاولة اغتيال العاهل السعودي الملك عبدالله بن عبدالعزيز، لكنها لم تقدم حتى الآن أية إشارات في هذا الاتجاه، ما يعني أنها تفهم أن القضية يجب أن تكون قضية الشعب الليبي في المقام الأول، حسب قوله. حركة تشيّع في المجتمع الموريتاني وعلى صعيد آخر رأى الصحافي الموريتاني رياض ولد أحمد الهادي في حديث ل"العربية.نت" أن النفوذ المتزايد لإيران في موريتانيا أصبح يثير قلق جهات عدة، خاصة جيران نواكشوط في المغرب العربي والسنغال علاوة على دول الخليج والدول الغربية. ويضيف ولد الهادي أن إيران تولي اهتماماً كبيراً لتعزيز حضورها في هذا البلد المغاربي كمنطلق للترويج لسياساتها وللمذهب الشيعي في المغرب العربي وغرب إفريقيا، خصوصاً بعد قطع كل من المغرب والسنغال قبل عامين علاقاتهما الدبلوماسية مع طهران. وعن السياق التاريخي لهذه العلاقات، يشرح ولد الهادي أن الرئيس الموريتاني محمد ولد عبدالعزيز وجد نفسه معزولاً بعد الانقلاب العسكري الذي قاده في أغسطس/آب 2008 ضد الرئيس المنتخب ديمقراطياً سيدي ولد الشيخ عبدالله، وذلك بعد أن فرضت الدول الأوروبية ومؤسسات التمويل الدولية عقوبات مالية على السلطة الانقلابية، وبعد أن جمّدت دول الخليج مساعداتها للحكومة الموريتانية، فقررت حينها موريتانيا استئناف علاقاتها الدبلوماسية مع إيران. ويضيف ولد الهادي أنه خلال سنتين من تطور العلاقات بين طهرانونواكشوط ظهرت في الأخيرة نواة للمذهب الشيعي الذي لم يكن له وجود في السابق في المجتمع الموريتاني السني المالكي. ويؤكد ولد هادي أنه نتيجة للمال والدعاية الإيرانيين أعلنت مجموعة من الموريتانيين اعتناقها للمذهب الشيعي، ويتزعمها رجل دين يُدعى بكار بن بكار، وأنشأت هذه المجموعة "حسينية" هي الأولى من نوعها في تاريخ موريتانيا في أحد أحياء العاصمة نواكشوط، كما أقامت احتفالات بذكرى عاشوراء على الطريقة الشيعية على مرأى من السلطات الموريتانية التي تغضّ الطرف عن تنامي أنشطتها الهادفة إلى نشر التشيع بدعم من إيران.