"الشرق الأوسط" الدارالبيضاء: لحسن مقنع يرتقب المغرب تحقيق نمو اقتصادي بنسبة 5 في المائة خلال سنة 2011، وبنسبة 4.8 في المائة في سنة 2012، وذلك وسط ظروف دولية صعبة بسبب استمرار الأزمة العالمية. ورغم الانتعاش النسبي للاقتصاد العالمي تترقب وزارة المالية المغربية استمرار تباطؤ وتيرة نمو الطلب العالمي الموجه للمغرب، والتي يرتقب أن تنخفض إلى 5.9 في المائة في 2012 بعد 6.3 في المائة في 2011 و10 في المائة في 2010. لذلك يعول المغرب على إنعاش الطلب الداخلي كمحرك أساسي للنمو الاقتصادي، والذي مكن المغرب في الأعوام الثلاثة الماضية من التصدي لصدمات الأزمة المالية العالمية. ويعول المغرب أساسا على حيوية القطاع الزراعي لدعم الطلب الداخلي؛ فخلال الثلاثة أعوام الماضية كان الإنتاج الزراعي في الموعد بفضل الظروف المناخية الملائمة، وحقق المغرب محاصيل قياسية، الشيء الذي ساعده على تحمل الصدمات الخارجية. ومع انطلاق موسم الحرث الجديد في سبتمبر (أيلول) الأخير اتخذت الحكومة مجموعة من التدابير لإنجاح الموسم الزراعي، منها وضع 1.3 مليون قنطار من البذور المختارة رهن إشارة المزارعين مع زيادة الدعم الحكومي للمزارعين مقارنة مع العام السابق. وفي السياق نفسه سرعت الحكومة تنفيذ المشاريع الكبرى للبنيات التحتية والبرامج التنموية المهيكلة كرافعة لدعم النمو الاقتصادي والتشغيل. فتمت مضاعفة ميزانية الاستثمارات الحكومية ورفعها إلى 167.3 مليار درهم (21 مليار دولار) في سنة 2011. ولعب الفوسفات، الذي يعتبر الثروة الوطنية الأولى للمغرب، دورا أساسيا في التخفيف من حدة العجز التجاري الناتج عن تراجع الطلب الأجنبي. فبفضل المخطط الاستراتيجي الجديد لتنمية الفوسفات والصناعات المرتبطة به، خاصة صناعة الأسمدة والمخصبات الزراعية والحامض الفوسفوري، عرفت صادرات الفوسفات الخام خلال التسعة أشهر الأولى من العام الحالي زيادة بنسبة 42 في المائة، فيما ارتفعت صادرات مشتقات الفوسفات بنسبة 31.6 في المائة خلال الفترة نفسها. غير أن ذلك لم يكن كافيا لامتصاص العجز الناتج عن ارتفاع أسعار النفط، إذ يستورد المغرب 90 في المائة من حاجياته من الطاقة، إضافة إلى ارتفاع أسعار المواد الغذائية في الأسواق العالمية، الشيء الذي نتج عنه ارتفاع العجز التجاري المغربي في نهاية سبتمبر إلى 31 في المائة. أما تحويلات المغاربة المهاجرين، والتي تساهم بشكل كبير في دعم الطلب الداخلي، إضافة إلى أثرها على احتياطي العملات الأجنبية، فارتفعت بنسبة 8.2 في المائة لتبلغ 44 مليار درهم (5.5 مليار دولار) في نهاية سبتمبر. وعرف قطاع السياحة فترة عويصة بعد التفجير الإرهابي لمقهى أركانة مراكش، والتي زادت من حدة تداعيات الأزمة المالية العالمية على القطاع. ورغم أن القطاع استطاع أن يحافظ على نسبة نمو إيجابية، بيد أنها ضعيفة مقارنة مع نسب النمو العادية للقطاع السياحي المغربي، فيما يخص عدد السياح الوافدين الذي ارتفع بنسبة 1.7 في المائة خلال التسعة أشهر الأولى من السنة، والمداخيل السياحية التي ارتفعت بنسبة 5.3 في المائة، فإن مدة الإقامة في الفنادق المصنفة عرفت انخفاضا بنسبة 4.5 في المائة، وذلك نتيجة توجه السياح إلى تخفيض مدة إقامتهم بسبب تداعيات الأزمة المالية العالمية وانعكاسها على مصاريف الترفيه والسياحة. ونتيجة لارتفاع وتيرة نمو الواردات أكثر من الصادرات وتراجع الاستثمارات الخارجية، عرفت احتياطات المغرب من العملات انخفاضا كبيرا؛ فخلال التسعة أشهر الأولى من السنة انخفضت الموجودات الخارجية للمغرب (احتياطي العملات) بنسبة 9.4 في المائة وبلغت 174.6 مليار درهم (22 مليار دولار)، أي أقل من خمسة أشهر من الواردات بعد أن كان يمثل أكثر من سبعة أشهر من الواردات نهاية العام الأسبق. غير أن نمو الطلب الداخلي وجودة الإنتاج الزراعي، وانعكاس ذلك على أداء القطاعات غير الزراعية التي عرفت نموا بنسبة 4.9 في المائة، قد خفف من الصدمات الخارجية. وتشير العديد من المؤشرات إلى تماسك الاقتصاد المغربي في مواجهة تداعيات الأزمة المالية العالمية المحافظة على حيويته، منها ارتفاع استهلاك الطاقة 7.5 في المائة، وارتفاع مؤشر الإنتاج الصناعي 2.3 في المائة، وارتفاع نسبة استخدام القدرات الإنتاجية إلى 72 في المائة. كما يواصل قطاع الاتصالات توسعه، إذ عرف عدد الاشتراكات في الهاتف الجوال زيادة بنسبة 18.5 في المائة خلال التسعة أشهر الأولى من السنة، وارتفع عدد الاشتراكات في الإنترنت بنسبة 75 في المائة نتيجة التوسع الكبير للجيل الثالث، أما الهاتف التابث فتراجع 5 في المائة بسبب منافسة الهاتف الجوال. وتأثرت مالية الدولة بشكل كبير جراء ارتفاع أسعار المنتجات الغذائية والنفط، الشيء الذي أثقل صندوق المقاصة الموجه لدعم الأسعار الداخلية، والذي بلغت نفقاته خلال السنة المنتهية 44.9 مليار درهم (5.6 مليار دولار)، فيما كانت الدولة تتوقع عند وضع الموازنة السنوية لسنة 2011 أن لا تتجاوز هذه النفقات 17 مليار درهم (2.1 مليار دولار). كما تأثرت مالية الدولة كذلك بالزيادات في الأجور عقب الإضرابات التي عرفتها العديد من القطاعات الحكومية في سياق الحراك الاجتماعي الذي عرفه المغرب. وارتفع العجز في الموازنة إلى 4.2 في المائة من الناتج الداخلي الإجمالي، ونتيجة لذلك ارتفع مستوى مديونية الدولة إلى 51 في المائة من الناتج الداخلي الإجمالي في سنة 2011 بعد أن كانت تمثل 47.1 في المائة في سنة 2010. وعرف معدل البطالة استقرارا نسبيا خلال السنة المنتهية، إذ بلغ 9.1 في المائة في نهاية سبتمبر الماضي مقابل 9 في المائة خلال الفترة نفسها من العام الأسبق. وعرف عدد العاطلين ارتفاعا بنسبة 2.7 في المائة، وبلغ 1.05 مليون عاطل في نهاية سبتمبر، يشكل الحاصلون على الشهادات 24.5 في المائة منهم، فيما يشكل العاطلون جراء توقف نشاط المؤسسات المشغلة أو الطرد 29.5 في المائة من بينهم، أما العاطلون بعد التوقف عن الدراسة من دون الحصول على شهادة فيمثلون 16.1 في المائة. ويسعى المغرب إلى تسريع وتيرة تنفيذ الاستراتيجيات القطاعية التي ترتكز على الاستهداف الإراديللقطاعات التي يتوفر فيها على امتيازات مهمة، وذلك من أجل دعم نموه الاقتصادي ومواجهة تفاقم عجزهالتجاري والتشغيل. وتطمح هذه الاستراتيجيات إلى تشجيع الصناعات التصديرية من خلال تطوير مهن جديدة، مثل ترحيل الخدمات، خاصة في مجال الخدمات المالية، وصناعة الطائرات والسيارات والإلكترونيات. كما تطمح أيضا إلى إعادة التموقع الاستراتيجي لقطاع النسيج والملابس، وكذا إلى التنمية المندمجة لقطاعي الصيد البحري والصناعات الغذائية، نظرا للإمكانات الزراعية والثروات البحرية التي يتوفر عليها المغرب، بالإضافة إلى الطاقات المتجددة. كما تم الانتهاء من وضع استراتيجية سياحية جديدة للسنوات العشر المقبلة تحت عنوان «رؤية 2020»، والتي ترتكز على التنمية المستدامة والمسؤولة للقطاع. * معطيات إحصائية حول المغرب: * عدد السكان 32.4 مليون نسمة * المساحة 711 ألف كيلومتر مربع * طول السواحل 3500 كيلومتر * الدخل الفردي 3200 دولار * معدل البطالة 9.1 في المائة * إنتاج الفوسفات25 مليون طن * الصيد البحري 960 ألف طن