أعلن صلاح الدين مزوار، وزير المالية والاقتصاد، عن إجراءات تقشفية في تنفيذ موازنة المغرب خلال النصف الثاني من السنة الحالية، للتغلب على الصعوبات المالية والعجز المسجل نتيجة انحسار الإيرادات الضريبية بسبب الأزمة الاقتصادية العالمية، بخاصة في دول الاتحاد الأوروبي. وقال مزوار الذي كان يتحدث في لجنة المال الفرعية في مجلس النواب أول من أمس إن الإجراءات تشمل تقليص نفقات شراء السيارات الجديدة والبنايات الحكومية وتنقلات المسؤولين والنفقات غير الضرورية، ومنها الاتصالات والطاقة والأسفار الخارجية والحفلات ونمط عيش الإدارة، للحفاظ على مستوى العجز المالي المقدر ب 3.5 في المائة من الناتج المحلي. ولم يشر الوزير إلى خفض في الأجور الكبرى أو وقف الأشغال العامة التي قال إنها ستتواصل كما هو مخطط لها، وتقدر استثمارات القطاع العام هذه السنة بنحو 20 مليار دولار. ويتوقع أن يحقق الاقتصاد المغربي نموا بنحو 4 في المائة ويرتفع إلى 5 في المائة في 2011 على أن يتراوح معدل التضخم بين 2 و 2.5 في المائة. وقال الوزير إن الاقتصاد المغربي أظهر مناعة في مواجهة الأزمة العالمية وحافظ على التوازنات الأساسية رغم الوضعية الدولية غير المستقرة. وتضرر الاقتصاد المغربي نسبيا من انخفاض سعر صرف الأورو والدولار وارتفاع أسعار الطاقة، ما أثر في مخصصات صندوق المقاصة لدعم أسعار المواد الأساسية التي رصدت لها الحكومة 19 مليار درهم، يتوقع تجاوزها في النصف الثاني من السنة ارتباطا بارتفاع أسعار منتجات الطاقة التي يستوردها المغرب بنسبة 96 في المائة. ويواجه صندوق المقاصة عجزا متواصلا ويربك حسابات الحكومة لحساسيته الاجتماعية وارتفاع نفقاته، وتطالب جهات بإعادة هيكلته وتخصصه في دعم الفقراء مباشرة عوض دعم الأسعار التي تستفيد منها الفئات الثرية الكثيرة الاستهلاك. وقال مزوار إن الحكومة تسعى إلى تقليص نفقات الصندوق إلى 2 في المائة من الناتج المحلي بدلا من 5 في المائة عام 2008. ومن جهة أخرى، قالت المندوبية السامية في التخطيط إن "الاقتصاد المغربي سجل تحسنا في النصف الأول من السنة على رغم الظروف الدولية، فازدادت صادرات المعادن والفوسفات 23 في المائة، ونموا في القطاع السياحي 3.3 في المائة، مع بداية تعافي قطاع الصادرات الصناعية، واستمرار انتعاش قطاع الخدمات والأنشطة الثانوية»". وورد في تقرير المندوبية الذي صدر أمس، أن الطلب الخارجي الموجّه نحو المغرب سجل زيادة مهمة، خلال الفصل الأول من السنة، قدرت ب 4.3 في المائة في مقابل 3.8 خلال الفترة ذاتها من العام الماضي. ويُنتظر أن يستمر تحسن الطلب الخارجي خلال النصف الثاني، غير أن التقديرات تشير إلى احتمال نموه بوتيرة أبطأ قليلا عن الفصول الثلاثة الماضية، على خلفية الانكماش الذي قد تشهده المبادلات التجارية العالمية. واعتبر التقرير أن من شأن تحسن فرص التصدير المتاحة للاقتصاد الوطني أن تدعم نمو الصادرات رغم احتمال حدوث تباطؤ في وتيرة النمو الاقتصادي للبلدان المتقدمة، نتيجة الخفض التدريجي لإجراءات الحفز وانتهاج خطط جديدة من اجل تقليص النفقات العمومية. وفي الموازاة، يرتقب أن تشهد الضغوط التضخمية ارتفاعا نتيجة ازدياد أسعار مواد الغذاء، بينما يرجح أن يظل تطور أسعار مواد الطاقة محدودا، ارتباطا باستقرار ثمن برميل النفط الخام في حدود 75 دولارا.