دعا عبد اللطيف الجواهري، والي بنك المغرب، مؤسسات الائتمان، والقطاعات الاقتصادية والمالية، إلى الحذر من آثار الأزمة المالية..قائلا إن "شريكنا الأوروبي مريض، ولن يتعافى من جراء تداعيات الأزمة إلا في مدة تتراوح بين 4 و5 سنوات، كما أن جل التوقعات تؤكد أن نموه سيكون سلبيا خلال السنة الجارية". وأعلن الجواهري، الذي كان يتحدث، أول أمس الثلاثاء بالرباط ، خلال الجلسة الرابعة للمجلس الوطني للقرض والادخار، أن الأزمة المالية أحدثت أزمة أخرى، تتعلق بالقروض العمومية، إذ بلغت الديون في العديد من الدول المتقدمة مستويات مرتفعة جدا، ناهزت 90 في المائة من الناتج الداخلي الخام بالنسبة لدول مجموعة 7، خلال السنة الجارية، ما سيساهم في رفع مخاطر الاستقرار المالي، داعيا الفاعلين الاقتصاديين والماليين إلى إعادة صياغة الأرقام، ووضع خريطة طريق للديون العمومية. وشدد الجواهري، في ما يتعلق بالسياسة المالية، على أهمية مواصلة تعزيز الدعم على المدى المتوسط، عبر تسريع إصلاح نظام المقاصة، وتنفيذ إجراءات عقلنة مصاريف التشغيل. ودعا إلى معالجة إشكالية عدم توازن الحسابات الجارية لميزان الأداءات، بتخفيض تركيز الصادرات على مواد ذات قيمة مضافة ضعيفة، وكذا على الأسواق ذات القدرة المحدودة على النمو. وأكد الجواهري أن "بنك المغرب عازم على المساهمة في الحفاظ على الشروط الضرورية لاندماج أفضل للاقتصاد المغربي في محيطه العالمي، والاستجابة للرهانات المرتبطة بتحولات ما بعد الأزمة"، معلنا أن البنك "عازم على أخذ العبر والدروس من الأزمة المالية، عبر مراجعة قانونه، لتمكين البنك من استقرار مالي، ودعم السياسات الاحترازية وسياسات تدبير الأزمات". وأضاف أن الأوراش الرئيسية المبرمجة من طرف البنك تتمحور حول متابعة تبني سياسة نقدية، وتطوير نظام الرقابة الاحترازي الكلي، وتعزيز مهمة الرقابة البنكية. وأوصى الجواهري بتجند كافة الفاعلين للانخراط في أوراش "مهيكلة "، كتحويل بورصة الدارالبيضاء إلى قطب مالي، وتسريع الإصلاحات، لتحصين القطاع المالي ضد الصدمات الخارجية، والاستجابة للرهانات المرتبطة بتحولات ما بعد الأزمة. وأعلن الجواهري أن "متانة النظام البنكي والمالي المغربي ساهمت بقوة في قدرة الاقتصاد على المقاومة"، مشيرا إلى أن دينامية القرض ظلت "مدعمة"، وأن الناتج الصافي الإجمالي للبنوك سجل ارتفاعا بنسبة 7 في المائة، في نهاية ماي الماضي. وأبرز أن القروض غير المستحقة واصلت منحاها التنازلي بنسبة 5.5 في المائة من مجموع القروض، خلال السنة الماضية، وب5.3 في المائة خلال الفترة ذاتها من سنة 2010، بفضل عمليات التطهير المالي للحصيلة، وتخفيض كلفة المخاطر. وأكد الجواهري أنه، في إطار استراتيجية الإدماج المالي، تعزز مسلسل اللجوء إلى الاستبناك، مضيفا أن بلوغ معدل 50 في المائة بالنسبة للاستبناك قابل للتحقيق مع نهاية 2010. وأعلن أن الجهود الرامية إلى تحسين علاقات البنوك بزبنائها ستتواصل، مع التحديد القانوني للخدمات المجانية الأساسية خلال سنة 2010 ، ووضع مؤشر لأسعار الخدمات البنكية، وإرسال بيان سنوي للزبناء، يتضمن مختلف العمولات المقتطعة، مبرزا أن آلية الوساطة البنكية، التي أحدثت سنة 2009، ستمكن من تسهيل تسوية المنازعات، التي تنشأ بين البنوك وزبنائها، في إطار علاقات الأعمال بينهما، بشكل ودي. وأضاف أن بنك المغرب سيواكب البنوك في جهودها لتعبئة الادخار على المدى الطويل، لرفع تحدي تمويل خارطات الطريق القطاعية ،التي يتعين، مع ذلك، أن تمر عبر مسطرة "انتقاء-تتبع-تقييم"، لوضع أولويات في سياق صعوبات التمويل. من جهته، أعلن صلاح الدين مزوار، وزير الاقتصاد والمالية، أن "الانتعاشة، التي يعرفها الاقتصاد العالمي، منذ الفصل الأخير من السنة الماضية، تبقى هشة، وتحوم حولها بعض الشكوك، خاصة تأثير توقف إجراءات الدعم وسياسات التقشف في منطقة الأورو، إضافة إلى تقلبات أسعار المواد الأولية على الصعيد العالمي". وأشاد مزوار بالنتائج المحصل عليها على المستوى الماكرو اقتصادي بالمغرب خلال السنة الماضية، مبرزا أن الاقتصاد الوطني أبان عن مناعة "ملحوظة" في مواجهة الأزمة، بالحفاظ على مستوى"مرض" من النمو بنسبة 4.9 في المائة، وتسجيل عجز للميزانية في مستوى أقل من التوقعات الأولية، حوالي 2 في المائة، والحفاظ على معدل مديونية الخزينة في مستوى 47 في المائة، خلال 2008. وأعلن أن المبادلات الخارجية تدهورت بفعل تراجع الطلب الخارجي، وتحويلات المغاربة القاطنين بالخارج ومداخيل السياحة، موضحا أن الحساب الجاري لميزان الأداءات سجل، للسنة الثانية على التوالي، عجزا يقدر بحوالي 5 في المائة من الناتج الداخلي. وأكد أن الاقتصاد الوطني سيتابع نموه خلال سنة 2010، إذ يرتقب أن يتعدى 4 في المائة بفضل تسارع نمو القطاعات غير الفلاحية، الذي من المنتظر أن يصل إلى 5 في المائة، موضحا أنه، على صعيد المالية العمومية، باستثناء ارتفاع نفقات الموازنة، نتيجة ارتفاع أسعار المواد الطاقية في الأسواق العالمية، يجري إنجاز قانون المالية وفقا للتوقعات خلال الخمسة أشهر الأولى من هذه السنة. وأوضح أن مشاريع القوانين المنظمة لسلطات الرقابة على سوق الرساميل وقطاع التأمين توجد في "وضع متقدم في مسار المصادقة عليها"، وأن مشروع القانون المتعلق بالسوق الآجلة للأدوات المالية جرى اعتماده من قبل مجلس الوزراء، في 19 يونيو الماضي، وأن مشروع القانون المتعلق بالعمليات على الأوراق المالية تجري مناقشته حاليا في البرلمان. وبخصوص مشاريع إصلاح القطاع المالي، أعلن مزوار عن إحداث لجنة تقنية، تعنى بإشكالية الادخار ومواصلة الجهود لتحسين الولوج إلى التمويلات من قبل الفاعلين الاقتصاديين. وأشار إلى إحداث صندوق "انبثاق الاستثمار"، في إطار تنفيذ "الميثاق الوطني للإقلاع الصناعي"، والعديد من آليات التمويل المشترك والضمان، متمثلة في "مغاربة العالم استثمار"، لتشجيع استثمارات المغاربة المقيمين في الخارج، وصندوق "رنوفوطيل 2010"، لتمويل تأهيل المؤسسات الفندقية، ومنتوج "ضمان رأس المال المخاطر"، الموجه لتأمين المساهمات في الأموال الذاتية وشبه الذاتية للشركات ذات الرأسمال المخاطر في المقاولات الصغرى والمتوسطة. وأكد أن قطاع القروض الصغرى بلغ "درجة عالية من النضج"، بعد أن اجتاز مرحلة الهيكلة، التي خضع لها واقتربت من نهايتها". وعن المجموعة المهنية لبنوك المغرب، قال رئيسها، عثمان بنجلون، إن القطاع البنكي يعد "ركيزة متينة" للاقتصاد الوطني، واستطاع مقاومة الأزمة المالية والتقلبات المالية الأخيرة في العالم. وبعد أن ذكر بالتقدم، الذي "حققته شبكة البنوك المغربية في جميع الأقاليم"، أوضح بنجلون أن معدل الاستبناك بلغ 47 في المائة، كما تضاعف الادخار منذ 1995، ونما معدل الاستثمار بنسبة 40 في المائة من الناتج الداخلي الخام، وعزا هذه النتائج إلى استثمار الأبناك في الموارد البشرية واللوجيستيكية والتكنولوجية. من جهته، قال عبد ا لكريم بنشرقي، رئيس الجمعية المغربية لشركات التمويل، إن نتائج شركات التمويل تناهز 78 مليار درهم خلال 2009، ما يعادل نموا بنسبة 11 في المائة، مقارنة مع 2008.