أخنوش يترأس اجتماعا بشأن "الصحة"    مقاطعة طنجة المدينة تساهم في فعاليات المنتدى الاقتصادي المغربي الافريقي بحضور وفد روسي رفيع    تحذير مقلق.. "ناسا" ترفع احتمالية اصطدام كويكب بالأرض    الحرس الإسباني يحقق في وجود أنفاق لنقل الحشيش من المغرب    نقابة CDT تنظم مسيرة احتجاجية ثانية الأحد على خلفية الارتفاع المهول للأسعار وانتشار الفساد وتضارب المصالح    خبير إسباني: المغرب مرجع دولي في مجال مكافحة الإرهاب    من ساحة السراغنة إلى قلب الدار البيضاء…ذاكرة لا تُمحى    طالبي ينال الجنسية الرياضية المغربية    الدكتور نجيب بوليف يصدر كتابه الجديد: "الانتقال الطاقي بالمغرب… اختيار أم ضرورة؟"    اندلاع حريق في سيارة نفعية بمدينة الحسيمة    اعتقال متورطين في مقتل شاب مغربي بإسطنبول بعد رميه من نافذة شقة    نتنياهو: "يوم مؤلم" ينتظر إسرائيل    المغرب يلتقي بمصنعِين في الصين    مبيعات الإسمنت ترتفع في المغرب    وديتان للمنتخب المغربي في يونيو    المغرب يوجه ضربة جديدة للتنظيمات الإرهابية بإحباط مخطط "داعش"    الأرصاد الجوية تترقب يومين من التساقطات الإضافية في شمال المغرب    إيقاف بيلينغهام وريال مدريد يستأنف    أزمة المستحقات بين الشوبي ومالزي    "بويذونان".. دراما مشوقة على قناة "تمازيغت" تفضح خبايا الفساد ومافيا العقار بالريف    أطلنطاسند للتأمين تفوز بجائزة الابتكار في تأمين السيارات المستعملة ضمن جوائز التأمين بالمغرب وافريقيا 2025    شراكة استراتيجية في مجالي الدفاع والأمن بين الجيش المغربي ولوكهيد مارتن الأمريكية    تحت شعار «الثقافة دعامة أساسية للارتقاء بالمشروع التنموي الديمقراطي» الملتقى الوطني الاتحادي للمثقفات والمثقفين    المغرب التطواني يفك ارتباطه بمحمد بنشريفة ويخلفه الدريدب    بعد الكركرات.. طريق استراتيجي يربط المغرب بالحدود الموريتانية: نحو تعزيز التنمية والتكامل الإقليمي    ارتفاع كمية مفرغات الصيد البحري بميناء الحسيمة    مجلس النواب ينظم المنتدى الثاني لرؤساء لجان الشؤون الخارجية بالبرلمانات الإفريقية    عامل الحسيمة ينصب عمر السليماني كاتبًا عامًا جديدًا للعمالة    وزيرة الثقافة الفرنسية: المغرب يمثل مرجعية ثقافية عالمية    إعلان القائمة القصيرة للجائزة العالمية للرواية العربية 2025    الذكاء الاصطناعي يتفوق على البشر في تحليل بيانات أجهزة مراقبة القلب    مقاييس الأمطار المسجلة بالمغرب خلال ال 24 ساعة الماضية    مندوبية السجون تعلن عن إحداث دبلوم جامعي في الطب السجني    مسؤول إسباني: المغرب مصدر إلهام للبلدان الإفريقية في جودة البنيات التحتية الطرقية    عمر هلال ل"برلمان.كوم": المغرب لديه الريادة في سياسة السلامة الطرقية    وفاة المطربة آسيا مدني مرسال الفلكلور السوداني    الاستعدادات لمونديال 2030 محور لقاء لقجع ورئيس الاتحاد الإسباني    ناشر مؤلفات بوعلام صنصال: "أخباره ليست ممتازة" بعد ثلاثة أشهر على سجنه    اللجنة الملكية للحج تتخذ هذا القرار بخصوص الموسم الجديد    أبطال أوروبا .. البايرن وبنفيكا وفينورد وكلوب بروج إلى ثمن النهائي والإيطاليون يتعثرون    جهة الشرق.. التساقطات المطرية الأخيرة تعزز الموارد المائية وتنعش النشاط الفلاحي    رشيدة داتي: زيارتي للأقاليم الجنوبية تندرج في إطار الكتاب الجديد للعلاقات بين فرنسا والمغرب    رامز جلال يكشف اسم برنامجه الجديد خلال شهر رمضان    النفط يصعد وسط مخاوف تعطل الإمدادات الأمريكية والروسية    احتجاجات في الرباط تندد بزيارة وزيرة إسرائيلية للمغرب    حصيلة عدوى الحصبة في المغرب    دوري أبطال أوروبا.. بنفيكا يعبر إلى ثمن النهائي على حساب موناكو    ترامب يعلن عن إقالة مدعين عامين    بحضور وزير الثقافة.. توقيع شراكة استراتيجية بين سلمى بناني وسفير فرنسا لتطوير البريكين    منتدى يستنكر تطرف حزب "فوكس"    بعد تأجيلها.. تحديد موعد جديد للقمة العربية الطارئة    أزيد من 6 ملاين سنتيم.. وزارة الأوقاف تكشف التكلفة الرسمية للحج    دراسة تكشف عن ثلاثية صحية لإبطاء الشيخوخة وتقليل خطر السرطان    السعرات الحرارية الصباحية تكافح اكتئاب مرضى القلب    صعود الدرج أم المشي؟ أيهما الأنسب لتحقيق أهداف إنقاص الوزن؟"    الأمير رحيم الحسيني يتولى الإمامة الإسماعيلية الخمسين بعد وفاة والده: ماذا تعرف عن "طائفة الحشاشين" وجذورها؟    التصوف المغربي.. دلالة الرمز والفعل    الشيخ محمد فوزي الكركري يشارك في مؤتمر أكاديمي بجامعة إنديانا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المنصف المرزوقي: تونس ليس لها عدو في هذا العالم وهي ليست عدوة لأحد
الرئيس التونسي الجديد في حوار مع «الشرق الأوسط»: أعدت مكتب بورقيبة الذي تجمعني به قواسم مشتركة والاختلاف أنه كان أوتوقراطيا وأنا ديمقراطي

قال الرئيس التونسي المؤقت المنصف المرزوقي إن الرئاسة كانت في وقت من الأوقات حلما كان يبدو مستحيل التحقيق. وأضاف في حوار مطول أجرته معه «الشرق الأوسط» في تونس: «كان لدي تحد أن أثبت أن أي مواطن تونسي له الحق في أن يكون له هذا الطموح». وأكد المرزوقي أنه «في المعركة ليل نهار أسعى لتغيير صورة الرئاسة، وهذا أمر ضروري بالنسبة لي». وعن شخصيته صرح الرئيس التونسي الذي تم انتخابه بأنه جنوبي متجذر في تقاليده العربية الإسلامية.
وقال: «مهمتنا الأساسية أن نبني الديمقراطية في بلدنا، أن نبني مجتمعا تعدديا، وإذا وجدت شعوب أخرى في هذا النموذج ما يناسبها فليكن لكن نحن لن ندخل في أي عملية تصدير للثورة ولا تبشير بها، كل ما نريده هو أن ننجح وأن نهدي نجاح هذه التجربة للشعوب».
وبين المرزوقي أنه على التونسيين أن يغيروا نظرتهم للرئيس فليس هو الذي يحل كل المشكلات، و«هي الصورة التي عودهم عليها الاستبداد.. الآن يجب أن يفهموا أننا في دولة مؤسسات وأن هناك صلاحيات وزعت بين رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة».
وعن مساهمته في الحلول الاقتصادية قال المرزوقي: «سأحاول قدر الإمكان التقشف والتخفيض من الميزانية حتى تلعب الرئاسة دورا في إعانة الحكومة على بلوغ أهدافها ليس في تناقض وإنما في إعانة».
ودعا المرزوقي التونسيين لإيقاف الاعتصامات وقال إنه من شأنها إرعاب رأس المال الأجنبي والتونسي و«إذا أرعب رأس المال هذا لن يستثمر في تونس، لهذا نقول للتونسيين لا تنتحروا».
وأضاف: «نمر بظرف دقيق ويتطلب أقصى قدر ممكن من الحكمة من الأشخاص الثلاثة (المرزوقي، وحمادي الجبالي وبن جعفر)، ولحسن الحظ أننا نعرف بعضنا منذ أكثر من 20 سنة، لنا نضج بحكم العمر والخبرة وأتوقع أن تكون تجربة نموذجية».
وعن موقفه من علاقة العرب بعضهم ببعض قال: «أنا ضد فكرة القومية بما فيها من عدوانية أو استبدادية إن صح التعبير، أنا مع اتحاد دول عربية مبني على استقلال هذه الشعوب وأعتقد أن المستقبل سيكون لهذا مثل الاتحاد الأوروبي». كما أكد المرزوقي أن موقفه نهائي من النظام السوري ويرى أنه يجب أن يرحل.
وبالنسبة للغرب قال: «نحن بحاجة له لأنه الشريك الاقتصادي الأول، وسنتعامل معه كما تعاملت تونس دائما لكن هذه المرة بصفة أسهل، لأن هذه المرة تونس في أيدي أناس نزهاء وبالتالي العلاقات السياسية والاقتصادية مع الغرب ستكون أسهل».
وفي حديثه صرح بأنه لا قواسم مشتركة بينه وبين الرئيس التونسي السابق بن علي الذي يعتبره «حادث مرور تاريخيا في تاريخ تونس». وبأن بينه وبين بورقيبة قواسم مشتركة مثل محبة تونس.
«الشرق الأوسط» التقت الرئيس التونسي المنصف المرزوقي في مكتبه داخل قصر الرئاسة بقرطاج وكان معه حوار هذا نصه:
* رئاسة الجمهورية، ما الذي تعنيه لكم، وما هو إحساسكم وكيف ترون دوركم؟
- الرئاسة كانت في وقت من الأوقات حلما كان يبدو مستحيل التحقيق، وكان لدي تحد أن أثبت أن أي مواطن تونسي له الحق في أن يكون له هذا الطموح، بما أن هذا النظام مختلف عن الملكية التي تنص على أنه لا يمكنك أن تكون على رأس دولة إلا إذا كنت ابن ملك وفي رئاسة الجمهورية تستطيع أن تكون على رأس الدولة إذا كنت مجرد مواطن.
ثم وبعد أن تحولت إلى حقيقة أصبحت نوعا من التحدي، شعرت بأن فعلا هذا البلد يجب أن يتغير، وأن يخرج من الجملكية فكل شروط الجمهورية كانت غير متوفرة في تونس، لتصبح جمهورية لما لا الآن الحلم تحقق والحياة تحقق أحيانا الأحلام التي تبدو مجنونة في وقت من الأوقات.
وبعد الحلم جاءت الحقيقة، والحقيقة أنني أمام تسونامي من المشكلات، متأكد أنني أحببت هذه المسؤولية، وكان هناك نوع من الرهبة في مواجهة هذه المسؤوليات، ثم أعود وأقول أنا أردتها يجب أن أكافح ليل نهار لأثبت لنفسي أنني جدير بها، ثم أثبت للناس أنني أستطيع أن أفعل شيئا لحل بعض المشكلات.
ثم انتهى وقت الرهبة والآن أنا في المعركة ليل نهار ساعيا لتغيير صورة الرئاسة وهذا أمر ضروري بالنسبة لي، لأن العلاقة بين مؤسسة الرئاسة والشعب كانت مرضية، كانت المؤسسة عبارة عن قلعة مغلقة محاصرة بالغطرسة والقوة أيضا كانت قلعة الفساد، أنا شعرت بالخجل والعار عندما رأيت صور الناس يدخلون إلى هنا (في إشارة إلى القصر) لتكتشف الأموال، هذا المكان كان مرتع عصابة من اللصوص.
أنا من مسؤوليتي محاولة إعادة الهيبة الحقيقية، إعادة الدور الحقيقي للمكان الذي يجمع والمكان الذي يخدم والمكان الذي يعيد للناس الثقة في المسؤولين والاحترام لهم هناك (شانطي كبير) عملية إعادة بناء كبيرة.
لكن إن شاء الله نستطيع أن نكون على قدر المسؤولية.
* من الذي رحب بمنصف المرزوقي رئيسا لتونس ومن الأطراف التي انزعجت من وصولكم لهذا المنصب؟
- أنا لم أحاول الدخول في هذا التصنيف لأني إذا دخلت سأفتح مجالات لا أريد الخوض فيها، أنا أعتبر مسؤوليتي ودوري الآن خدمة مصالح تونس، وأتوجه لمن رحب بي ومن لم يفرح بهذا التعيين، لأني إذا تحدثت في هذا الموضوع يمكن أن يلعب دوري نفسي بشكل سلبي، دوري تجاوز هذه النقطة من رحب بي ومن لم يرحب يجب أن أتوجه للناس وأقول إن هذه البلاد يجب إعانتها.
* ما برنامجكم لمواجهة التحديات التي تعيشها تونس اليوم خاصة الاقتصادية منها، خاصة أن التونسي لم يعد يتمتع بالصبر، هو يرى أنه قام بالثورة وفي حاجة لإصلاحات عاجلة لتغيير أوضاعه؟
- التونسيون يجب أن يغيروا نظرتهم للرئيس فليس هو الذي يحل كل المشكلات، وهي الصورة التي عودهم عليها الاستبداد، الآن يجب أن يفهموا أننا في دولة مؤسسات وأن هناك صلاحيات وزعت بين رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة، وأن كل الملفات الاقتصادية والاجتماعية بيد رئيس الحكومة، ودور رئيس الجمهورية هو الدفاع والخارجية والعفو وصلاحياته محددة بهذه الأمور، لكن في الوقت نفسه حسب رأيي والأساسي أن يلعب دور الموفق والموحد وهو دور معنوي.
وإذا حظي باحترام التونسيين فإنه يستطيع أن يتوجه إليهم ويطلب أن يصبروا ويتحلوا بالتعقل لتمر هذه الفترة الصعبة، وهذا ما قمت به إلى حد الآن أنا أتوجه للتونسيين بخطاب تحميلهم المسؤولية وفي الوقت نفسه فتح باب الأمل أمامهم وأرى أنه في مجتمع كالمجتمع التونسي من الضروري وجود شخص يقوم بمثل هذا الدور، دور الحكم ودور المهدئ والموحد وأنا حددت لنفسي هذه المهمة.
أما في ما يخص الملفات الاقتصادية والاجتماعية فهي مثل ما قلت لك من اختصاص رئيس الحكومة هذا لا يعني أني لن أتدخل فيها، لكن سأتدخل بكيفية مغايرة، مثلا أنا أريد أن تشارك الرئاسة في المعركة ضد البطالة، مثلا أنا قررت بيع القصور الرئاسية، وسأحاول قدر الإمكان التقشف والتخفيض من الميزانية حتى تلعب الرئاسة دورا في إعانة الحكومة على بلوغ أهدافها ليس في تناقض وإنما في إعانة.
* ماذا تريدون من خلال مشروع الهدنة وهل تعتقدون أن ستة أشهر كافية لتحقيق تطلعات الشعب الآنية؟
- قصة الاعتصامات في كل مكان بصدد إرعاب رأس المال الأجنبي والتونسي وإذا أرعب رأس المال هذا لن يستثمر في تونس، لهذا نقول للتونسيين لا تنتحروا، من جهة تبحثون عن تحسين الوضعية الاقتصادية والاجتماعية ومن جهة بعض الناس يواصلون الاعتصام، يجب التوعية نحن نبحث عن المصالح وبصدد نشر الرسم الذي نجلس عليه هذا ما أطالب به.
لماذا ستة أشهر؟ لأننا هنا لمدة سنة أو سنة ونصف، وإذا ما طلبت هدنة لمدة سنة سيقولون إني أريد هذا لكي لا أحاسب.
لأن لي قناعة إذا استقرت البلاد لمدة ستة أشهر فالماكينة ستدور، وإذا دارت آنذاك الناس سيرون أن القطار وضع على السكة وسيصبرون الستة أشهر التي تليها، لأن التونسي إذا رأى القطار وضع على السكة فهو قادر على أن يصبر.
* ما رأيكم في من يقول إن المنصف المرزوقي من خلال ما طرحه من بيع القصور وتقشف في مصاريف الرئاسة يقوم بحملة دعائية مبكرة للانتخابات الرئاسية المقبلة؟
- بالنسبة لي هناك نوع من البشر إذا لم تقم بشيء يقولون إني لا أفعل شيئا، وإذا قمت بأشياء يقولون إني أقوم بحملة انتخابية، أنا موجود هنا لمدة معينة للقيام بدوري في إعادة الهيبة لهذه المؤسسة في فتحها للشعب في محاربة البطالة بقدر ما يمكن، وإذا تساءلت عن إمكانيات الرئاسة الآن في محاربة البطالة، تجد أنها في بيع هذه القصور التي لا قيمة أثرية لها على عكس ما يروج، هي كلها بنيت في السنوات الأخيرة مجعولة لرفاهية رئيس الجمهورية، هي أموال ميتة. الدولة تدفع أموالا للعناية بها وأرى أنه من (الحرام) وغير العدل أن تذهب هذه الأموال لتمتع شخص، تصوري أن تكون قصور تحت تصرفي فقط لأقضي يوما في السنة في منطقة عين دراهم ويوما في قصر «دار الخير» الموجود في الحمامات والتي لم أرغب في الذهاب لرؤيته ويبدو وكما علمنا أن مظاهر الرفاهية فيها أكثر مما يوجد في قصر قرطاج.
أموال طائلة مجمدة قادرة على أن توفر على الأقل العمل ل20 ألف موطن، كيف أقبل أنا بأموال مجمدة وأنا أعلم أنه بإمكاني استعمالها لإنقاذ 20 ألف عاطل عن العمل، واكتشفت أن أموالا هنا تصرف بكيفية حتى غير قانونية أنا مقر العزم أن كل دينار يمكن أن ندخره في صندوق محاربة البطالة وهذه مهمتي والناس يقولون ما يشاءون.
* كيف ترون علاقة تونس بالدول العربية والإسلامية؟
- تونس بلد صغير وفي الوقت نفسه أصبح بلدا كبيرا لأنه بهذه الثورة وبالانتخابات أصبح قدوة ونموذجا، لكن أنا لا أريد أن أغتر، لا يجب أن نغتر كتونسيين وندخل في نوع من الشوفينية يجب أن نبقى متواضعين. ومهمتنا الأساسية أن نبني الديمقراطية في بلدنا، أن نبني مجتمعا تعدديا، وإذا وجدت شعوب أخرى في هذا النموذج ما يناسبها فليكن لكن نحن لن ندخل في أي عملية تصدير للثورة ولا تبشير بها، كل ما نريده هو أن ننجح وأن نهدي نجاح هذه التجربة للشعوب. ونتمنى أن تجد تواصلا وأن تجد فيها إلهاما أو نموذجا ولكن وكما قلت يجب أن نتمسك بأقصى ما يمكن من التواضع.
وقدرنا أن ندخل في علاقات مع الإخوة والأشقاء لأننا بأمس الحاجة سواء للشقيقة ليبيا أو لدولة الإمارات ودول الخليج، نحن بحاجة لعلاقات طيبة مع الشقيقة الجزائر والشقيقة المغرب، نظرا لأننا بأمس الحاجة إلى هذه الدول والشعوب فإننا نعمل على أن تكون علاقاتنا بها أكبر، وهذا لا يعني عدم أخذ مواقف جذرية في قضية التعاطف مع الشعوب العربية التي تذبح من طرف الديكتاتوريات.
* أشرتم إلى موقفكم الرافض للديكتاتوريات التي تذبح شعوبها، فما موقفكم من الثورة السورية؟
- موقفي نهائي؛ النظام السوري يجب أن يرحل، ودعوت الإخوة السوريين سواء في المجلس الوطني السوري أو في الهيئة التنسيقية لفتح الباب، وأقول دائما ولي نظرية وهي أن لا تحاصر نمرا جريحا من الأبواب الأربعة، وأن يترك له منفذ وأن يقال له بكل وضوح نمنحك شهرا حتى تغادر وأن تترك السلطة بصفة سلمية ونحن نؤمن لك بأننا سنتفق مثلا مع المحكمة الدولية كي لا تتم المتابعة، أي تأمين الخروج لكن إذا انتهت هذه المدة فإننا سنطالب المحكمة الدولية مثلا بالمتابعة.
كان هذا اقتراحي.. الديكتاتورية يجب أن تنتهي لكن يجب فتح الباب مع ترك منفذ لهذه الأنظمة علما أن هناك أناسا يقولون لا، هذا ليس عدلا، لكن أرى شخصيا وكما أقول دائما ومنذ سنة 2000 الحياة أهم من العدل ولو عدتم لكتاباتي سترون نفس الأفكار، كنت أقول إن الديكتاتوريات في العالم ستنهار وستكون لحظات انهيارها لحظات خطيرة.
* علاقات تونس بالغرب كيف ترونها؟
- بالنسبة للغرب نحن بحاجة له لأنه الشريك الاقتصادي الأول، سنتعامل معه كما تعاملت تونس دائما، لكن هذه المرة بصفة أسهل، لأن هذه المرة تونس في أيدي أناس نزهاء وبالتالي العلاقات السياسية والاقتصادية مع الغرب ستكون أسهل، ونريد أيضا أن تنفتح تونس على آسيا وعلى أميركا اللاتينية وعلى كل الأسواق والبلدان الواعدة، نحن والحمد لله ليست لنا أدنى مشكلة لا مع محيطنا الأفريقي ولا مع المغربي ولا العربي ولا مع محيطنا الأوروبي، الحمد لله تونس ليس لها عدو في هذا العالم وهي ليست عدوة لأحد.
* السيد المنصف المرزوقي بين بورقيبة وبن علي أين أنت، هل هناك نقاط مشتركة وما الاختلافات؟
- بن علي ليس هناك أدنى قاسم مشترك بيني وبينه.. بن علي حادث مرور تاريخي في تاريخ تونس. هذا رجل لم يكن له مكان في هذا القصر.
بورقيبة هذا المكتب الذي نجلس فيه الآن مكتبه.. بن علي تركه، وهذه الخريطة (في إشارة إلى خريطة على الحائط خلف طاولة المكتب) أخرجها بن علي من هنا مع عدة أشياء تخص بورقيبة.. أنا أعدت المكتب باعتبار أنه مكتب الحبيب بورقيبة كما كان في عهده.. أما بن علي فقد كان مكتبه خاصا أعدت تحويله إلى قاعة انتظار كما كان في عهد بورقيبة. أنا أعمل هنا وهذا مكتب الرئيس.
بيني وبين بورقيبة قواسم مشتركة مثل محبة تونس، أعتقد أنه كان يحب تونس، الوطنية والمصلحة الوطنية والاهتمام بالتعليم والاهتمام بالمرأة، والاختلافات بيننا أنه رجل أوتوقراطي وأنا إنسان ديمقراطي. هو كان همه تونس فقط، وأنا أعتبر أن تونس جزء من الأمة العربية وأرى مستقبل تونس أن تندمج أكثر في الأمة العربية وأنا لي مشروع وحلم سميته اتحاد الشعوب العربية الحرة والذي أريد من خلاله تعويض المشروع الوحدوي القديم. الذي أتى به الناصريون والبعثيون.. أنا عروبي غير قومي.
القوميون القدامى كانت قوميتهم استبدادية حول الزعيم الأوحد وكان جمال عبد الناصر أو صدام حسين، وكانوا يتصورون الوحدة قسرية.. وحدة مبنية على النظام الاستبدادي.. أنا تصوري للاتحاد وليس للوحدة مختلف تماما هو أن يصبح لدينا في يوم من الأيام اتحاد شعوب عربية، وأرى مثلا تونس حرة مستقلة تتحكم في مصيرها ولكنها في الوقت نفسه جزء من اتحاد عربي، يعني: دول مستقلة وفي الوقت نفسه داخلة في اتحاد له برلمان مشترك ودستور مشترك وله رئاسة دورية مشتركة وهذه الشعوب المستقلة والحرة فاتحة فضاءها لحركة الرسامين من مختلف القطاعات، ولا أرى الاتحاد ضد اليهود أو الأكراد أو الغربيين وإنما بالعكس جزء من منظومة السلام العالمية، لذا أنا ضد فكرة القومية بما فيها من عدوانية أو استبدادية إن صح التعبير أنا مع اتحاد دول عربية مبني على استقلال هذه الشعوب وأعتقد أن المستقبل سيكون لهذا مثل الاتحاد الأوروبي، وليس مثلما كان يتصوره القوميون الذي يشبه الوحدة الألمانية والتي وحد فيها بسمارك ألمانيا، النموذج البروسي البسماركي، القوميون كان هذا نموذجهم للوحدة أنا نموذجي للوحدة هو نموذج الاتحاد الأوروبي..
* ما طبيعة علاقتكم بشركائكم في الائتلاف الحكومي الذي يجمعكم برئيس الحكومة، ورئيس المجلس التأسيسي؟
- علاقة شركاء نزهاء يعني أنا سأكون شريكا نزيها ل«النهضة» و«التكتل» باعتبار أننا قمنا فعلا بشراكة لنصنع مرحلة انتقالية ديمقراطية، قررنا أن الرؤساء الثلاثة سيجتمعون مرة في الأسبوع؛ سيكون عشاء عمل، وسنتحدث لتحديد أعمالنا، أنا أرفض أن تكون علاقتنا علاقة تنافس أو تنافر، نمر بظرف دقيق يتطلب أقصى قدر ممكن من الحكمة من الأشخاص الثلاثة ولحسن الحظ أننا نعرف بعضنا البعض منذ أكثر من 20 سنة، لنا نضج بحكم العمر والخبرة وأتوقع أن تكون تجربة نموذجية.
* ما الذي تريدون تقديمه من خلال ارتداء «البرنوس» (البرنس) التونسي، وعدم ارتداء ربطة العنق، هل تبحثون عن صورة خاصة بالمنصف المرزوقي؟ أم أن فيه رسالة ودعوة للجذور التونسية عبر البرنس ورفضا لمظهر الغرب من خلال التخلي عن ربطة العنق؟
- اختياري كان لأن الذين نزلوا للاستشهاد في منطقة القصرين لم يكونوا يرتدون ربطة العنق، فعلا أردت أن أعيد للتونسي هذه الصورة عن تجذره في تقاليده، وأنا جنوبي متجذر في تقاليدي العربية الإسلامية، نعم طريقة اللبس تعكس الشخصية وأنا طريقة لباسي تعكس شخصيتي، وليست دعوة لشيء أنا لا أدعو أحدا لأن يشبهني، وأريد أن أشبه نفسي وأن أشعر بالراحة كما أنا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.