"الشرق الأوسط" الرباط: لطيفة العروسني في عام 2008 عقد حزب العدالة والتنمية الإسلامي مؤتمره الوطني السادس، وانتخب عبد الإله بن كيران أمينا عاما خلفا لسعد الدين العثماني، فدخل الحزب مسارا جديدا تميز بحضوره القوي على الساحة السياسية في المغرب. وساهمت شخصية بن كيران «الاندفاعية» في منح الحزب زخما إعلاميا وشعبيا كبيرا، خصوصا بعد أن دخل الحزب بقيادة بن كيران صراعا وصفه الحزب ب«المرير» مع قيادات من حزب الأصالة والمعاصرة الذي أسسه فؤاد عالي الهمة الذي جعل التعامل مع الإسلاميين «خطا أحمر»، وسعى إلى الحد من نفوذهم في المشهد السياسي المغربي. وقبل ذلك تلقى الحزب ضربات قوية من خصومه السياسيين وصلت إلى حد المطالبة بحله، حيث حملوه «المسؤولية المعنوية» عن التفجيرات الإرهابية التي حدثت عام 2003 في الدارالبيضاء، جعلته على مدى سنوات يتخذ موقف «المدافع عن النفس». عبد الإله بن كيران من مواليد 1954 بحي العكاري الشعبي بالعاصمة الرباط، متزوج وله ستة أولاد، حاصل على الإجازة في الفيزياء سنة 1979، مدير سابق لكل من جريدة «الإصلاح» و«الراية» و«التجديد»، أستاذ سابق بالمدرسة العليا للأساتذة بالرباط، انتخب نائبا برلمانيا خمس مرات، ويعمل مديرا لمدرستين للتعليم الخاص وعدة مقاولات صغيرة. تلقى بن كيران تعليما دينيا برعاية والده، وفي شبابه كان يميل إلى التنظيمات اليسارية الراديكالية التي كانت تستقطب الكثير من الشباب الحالم بالتغيير في السبعينات من القرن الماضي، كما كان يتردد على حزب «الاتحاد الوطني للقوات الشعبية» الاشتراكي، وعلى حزب «الاستقلال»، قبل أن يختار التوجه الإسلامي ويلتحق بتنظيم «الشبيبة الإسلامية» في عام 1976 بعد حادثة اغتيال الزعيم الاشتراكي عمر بن جلون التي تورط فيها التنظيم السري. وأصبح بن كيران في ما بعد من قيادات هذا التنظيم الذي يرأسه عبد الكريم مطيع الذي هرب إلى ليبيا للإفلات من الملاحقة القضائية بعد اغتيال بن جلون. وبسبب الانتماء إلى هذا التنظيم اعتقل بن كيران ورفاقه مثل سعد الدين العثماني ومحمد يتيم بتهمة الانتماء إلى جماعة محظورة، إلا أنه سرعان ما سيتم الانفصال عن الشبيبة الإسلامية احتجاجا على طريقة إدارة المرشد للتنظيم، وبسبب الاختلاف في الأفكار بعدما تبنت الشبيبة العنف. وفي عام 1981 سيؤسس بن كيران ورفاقه تنظيما سياسيا جديدا تحت اسم «الجماعة الإسلامية»، وفي عام 1986 انتخب بن كيران رئيسا للجماعة التي كانت تثير حفيظة السلطات، فتقرر تغيير اسمها لتتحول إلى «حركة التجديد والإصلاح»، التي تبنت موقفا معتدلا تجاه النظام الملكي وإمارة المؤمنين، وانفتحت الحركة على عدد من الجمعيات والتنظيمات الإسلامية المعتدلة، فتغير اسمها من جديد ليصبح عام 1996 «حركة التوحيد والإصلاح»، حيث سيقرر أعضاؤها الانفتاح على العمل السياسي من خلال الالتحاق بحزب «الحركة الشعبية الدستورية الديمقراطية»، وهو حزب كان يرأسه الراحل الدكتور عبد الكريم الخطيب، وتأسس عام 1967، وفي عام 1998 سيعتمد المجلس الوطني للحزب اسما جديدا هو «حزب العدالة والتنمية»، وهو الاسم نفسه الذي يحمله حزب أردوغان الإسلامي في تركيا، وفي حوار سابق مع «الشرق الأوسط» وردا على سؤال حول ما إذا كان يعتبر نجاح حزب العدالة والتنمية الإسلامي في تركيا نموذجا يصلح للتطبيق في المغرب، قال بن كيران «النظامان في المغرب وتركيا مختلفان، وحتى الحزبان مختلفان. وبالنسبة إلى الاسم نحن الذين سبقنا إليه وهم أخذوه عنا، لكن لا شك أن (العدالة والتنمية) في تركيا اليوم هو نموذج من العيار الثقيل، بيد أنه يشتغل في دولة علمانية جمهورية، ونحن نشتغل في دولة إسلامية ملكية، فإذا كان دورهم هو محاولة تصحيح إشكالية الهوية في إطار العلمانية، فنحن دورنا هو الحفاظ على مكتسبات الهوية في دولة إسلامية وملكها هو (أمير المؤمنين). إذن، الحزبان يوجدان في وضعية مختلفة تماما، ولكن هذا لا يمنعنا من تقديرهم غاية التقدير، والاعتراف بأنهم على المستوى الوطني التركي والدولي يقومون بدور رائد جدا». انتقل حزب العدالة والتنمية عام 2000 من المساندة النقدية للحكومة إلى المعارضة، وفي عام 2002 شارك في الانتخابات التشريعية وحصل على 42 مقعدا، وفي 2003 شارك الحزب في الانتخابات البلدية وحصل على 593 مقعدا، وفي عام 2004 عقد المؤتمر الوطني الخامس للحزب وعين سعد الدين العثماني أمينا عاما للحزب، وعبد الكريم الخطيب رئيسا مؤسسا. شارك الحزب في الانتخابات البرلمانية عام 2007 وحصل على 46 مقعدا، ليكتسح الانتخابات البرلمانية للعام الحالي ويحصل على 107 مقاعد مستفيدا من الحراك السياسي في العالم العربي، ومن رغبة فئة واسعة من المغاربة في منح الإسلاميين «فرصة» للحكم.