يراقب الشارع الجزائري، ظاهرة تفوق «الإسلاميين» انتخابياً في شمال إفريقيا، قياساً إلى انتكاسات متتالية للتيار الإسلامي في البلاد، قبيل انتخابات نيابية، ستُجرى وفق قواعد انتخابية جديدة أفرزها مشروع إصلاح سياسي أطلقه الرئيس الجزائري، والنجاحات التي احرزها الإسلاميون في تونس والمغرب وليبيا ولاحقاً في مصر. وتعيش الأحزاب الإسلامية في الجزائر مسار أفول، مع ظهور أحزاب جديدة تتبنى المرجعية لكنها أدت إلى انقسامات في أكبر الأحزاب الجزائرية. ويربط أكاديميون الظاهرة الحزبية التي تعتمد المرجعية الإسلامية، بمسار العنف الذي شهدته الجزائر طيلة فترة التسعينات، ما يجعلها بعيدة من تحقيق تألق انتخابي في الموعد المقرر على الأرجح في أيار (مايو المقبل) علماً أن نجاح الإسلاميين في الدول المجاورة قد يعيد الإسلاميين الجزائريين إلى الواجهة. وتابعت صحف جزائرية نتائج الانتخابات المغربية، التي أجريت الجمعة، من زاوية المصير الذي يترقب الجزائر، وعلقت صحف على فوز «حزب العدالة و التنمية» قائلة «الإخوان المسلمون يحاصرون الجزائر». وأفردت مساحات لكبار المحللين إزاء تبعات مفترضة للنتائج التي تمتد إلى كثير من دول الحوض الجنوبي للمتوسط، على ميول الناخب الجزائري بعد ستة شهور من الآن. ويُنظر إلى تجربة «الإسلاميين» في الجزائر، بأنها فريدة، قياساً إلى تبعات إلغاء المسار الانتخابي العام 1991 حين حققت «الجبهة الإسلامية للإنقاذ» المحظورة فوزاً كاسحاً، لكن مسار العنف جعل المخيلة الجزائرية، تربط بين «الظاهرة الحزبية الإسلامية» واحتمالات عودة البلاد إلى نقطة الصفر. والواضح أن قراءات أحزاب تتبنى الخيار الإسلامي، جعلها تنأى لسنوات عن خطاب «التحريض»، إلا أن ذلك لم يمنع «فشل»الإسلاميين، إما بسبب الارتباط بالسطة، كما تبدو تجربة «حركة مجتمع السلم»، وهي إخوانية غير تقليدية، قبلت بمشاركة الحكم مع حزبين آخرين من معسكر الوطنيين القوميين ومعسكر الديموقراطيين. وتلوح الحركة الإسلامية في الجزائرية بورقتين جديدتين، الأولى يقودها فريق منشق عن حركة مجتمع السلم، الذي يسعى إلى تأسيس «جبهة التغيير الوطني»، والثانية يقودها المعارض الإسلامي سعد عبد الله جاب الله الذي أطلق «جبهة العدالة والتنمية". وعلى رغم الخطابات المتفائلة لزعامات الحزبين تجاه مسار الموعد النيابي المقبل تشير قراءات إلى سيناريو أكثر كارثية على «التيار الإسلامي» في الانتخابات، بسبب تفتت التأييد وتوزعه على جبهات مختلفة. وتقلص حضور الإسلاميين في البرلمان الجزائري في انتخابات 2007، مقارنة بتشريعات 2002 التي حصد فيها حزب عبد الله جاب الله يومها «النهضة» 43 مقعداً، بالإضافة إلى حضور لافت لمجتمع السلم، لكن الرهان على ضعف صفوف أحزاب السلطة يبقى ضعيفاً قياساً إلى شتات الإسلاميين. وتعاني الأحزاب الإسلامية المعتمدة رسمياً في الجزائر، من أزمة ‘'المشيخة الكاريزماتية''، ومن مشاكل تنظيمية وهيكلية، في مقابل تقدم حضور الأحزاب القومية والديموقراطية المشاركة في السلطة أو خارجها. وتتولى كوادر الحزب القومي، جبهة التحرير الوطني، غالبية مقاعد البرلمان، وأهم المناصب الوزارية والإدارية، ويشاركه الحكم، التجمع الوطني الديموقراطي.