"الشرق الاوسط" -الدارالبيضاء: لحسن مقنع أعلنت شركة «إسمنت المغرب»، التابعة لمجموعة «إيطالسيمانتي» الأوروبية، أنها تسعى لعملية اندماج مع شركة «أطلس للإسمنت»، التابعة لمجموعة رجل الأعمال المغربي أنس الصفريوي، عن طريق تبادل الأسهم. وقال محمد شعيبي، رئيس شركة «إسمنت المغرب»، أول من أمس في الدارالبيضاء خلال تقديم النتائج السنوية للشركة، إن الشركتين توصلتا إلى اتفاقية تفاهم بشأن التقارب بينهما، ويجري حاليا التفاوض بشأن تفاصيل عملية تبادل الأسهم. وكان أنس الصفريوي، صاحب شركة «الضحى العقارية»، قد أطلق مشروع شركة «أطلس للإسمنت» قبل عامين في إطار مبادرة اندماجية مع شركة «الضحى العقارية» التي تعتبر أكبر شركة للإنعاش العقاري بالمغرب. ويرتقب أن يبدأ تشغيل المصنع الأول لشركة «أطلس» في منطقة «بن أحمد» في ضواحي الدارالبيضاء خلال الأيام المقبلة، فيما يرتقب أن تستكمل أشغال بناء مصنعها الثاني في منطقة بني ملال وسط المغرب قبل نهاية العام الحالي. وتقدر الطاقة الإنتاجية للمصنعين بنحو 3.2 مليون طن من الإسمنت سنويا، والكلفة الإجمالية لإنشائهما بنحو 4 مليارات درهم (482 مليون دولار). وأشار محمد شعيبي، رئيس «إسمنت المغرب»، إلى أن عملية التقارب مع شركة «أطلس» ستمكن «إسمنت المغرب» من تجاوز الحدود الطبيعية لنطاق سوقها التقليدية المنحصرة في جنوب المغرب دون الحاجة إلى إنجاز استثمارات جديدة. وتملك شركة «إسمنت المغرب»5 مصانع في مدن مراكش وآسفي والجرف الأصفر وأكادير والعيون، التي تغطي المناطق الجنوبية للمغرب. وآخر استثمارات الشركة في مشروع مصنع جديد في منطقة شتوكة أيت باها قرب أكادير بطاقة إنتاجية قدرها 2.2 مليون طن سنويا، الذي يرتقب أن تنتهي أشغاله خلال النصف الثاني من العام الحالي. ويعود تركيز سوق شركة «إسمنت المغرب» في المناطق الجنوبية إلى فترة ما قبل تخصيص وتحرير إنتاج الإسمنت في المغرب. فعقب الاستقلال قامت الدولة بالاستثمار في قطاع الإسمنت وفق خطة جهوية قسمت المغرب إلى ثلاث مناطق، المغرب الشرقي والشمالي، والمغرب الأوسط، والمناطق الجنوبية. وبعد تخصيص شركات القطاع خلال التسعينات من العقد الماضي، دخل مستثمرون دوليون كبار مكان الدولة في تلك الشركات، ودخلت «لافارج» الفرنسية في المنطقة الوسطى، و«هولسيم» الهولندية في المنطقة الشرقية، و«إيطالسيمانتي» في المنطقة الجنوبية. ولمدة طويلة منح هذا التقسيم الجغرافي احتكارا فعليا لكل واحدة من الشركات في منطقتها بسبب غلاء كلفة النقل باعتبار الإسمنت مادة ثقيلة. ومع مواصلة تحرير القطاع وتطور الاستهلاك، خاصة في ظل الطفرة العقارية التي عرفها المغرب قبل اندلاع الأزمة المالية العالمية، بدأت كل شركة من الشركات الكبرى الثلاث تستثمر في المناطق التقليدية التي كانت مخصصة للشركات الأخرى. فاستثمرت «لافارج» في الناضور وطنجة، ضمن النطاق التقليدي لشركة «هولسيم»، واستثمرت هذه الأخيرة في منطقة الجديدة قرب الدارالبيضاء. كما استثمرت «إسمنت المغرب» في الجرف الأصفر. غير أن ارتفاع عائد الاستثمار في الإسمنت شكل عامل اجتذاب لفاعلين جدد، خاصة الشركات العقارية الكبرى. فظهر مشروع ميلود الشعبي، صاحب شركة «الشعبي للإسكان العقارية»، ثم مشروع أنس الصفريوي، صاحب شركة «الضحى العقارية». غير أن هذه المشاريع الجديدة صادفت دخول القطاع العقاري في مرحلة أزمة وركود استهلاك الإسمنت، في الوقت الذي استثمرت شركات الإسمنت في مشاريع لزيادة القدرات الإنتاجية وبناء مصانع جديدة خارج مجال أسواقها التقليدية. وأصبح القطاع مهددا بتضخم القدرة الإنتاجية التي أصبحت تتجه نحو تجاوز الطاقة الاستيعابية للسوق. ورغم المشاريع الكبرى للبنيات التحتية، وبرامج السكن الاجتماعي الجديدة التي أطلقتها الدولة، يترقب المحللون أن تظهر أولى علامات تضخم القدرة الإنتاجية لقطاع الإسمنت بالمغرب خلال السنة المقبلة، مع اكتمال بناء الكثير من المشاريع، كما يترقبون أن يؤدي ذلك إلى انخفاض في أسعار الإسمنت وتراجع في هوامش الربح الضخمة التي تحققها شركات الإسمنت في المغرب.