تحولت ساحة باب الأحد، الساحة الرئيسية للعاصمة السياسية مساء اليوم، إلى ملتقى لكل الوفود القادمين من مختلف انحاء البلاد للمشاركة في مسيرة وطنية نظمها المؤيدون للدستور الجديد. وقد انطلقت المسيرة من الساحة المذكورة، على وقع النشيد الوطني، الذي وزعت نسخ مطبوعة منه على الجميع، متجهة نحو البرلمان،عبر شارعي الحسن الثاني ومحمد الخامس، وسط أجواء تخللتها هتافات وشعارات منادية بالإسراع في تفعيل الدستور وإجراء الانتخابات في أقرب الآجال. ولوحظ حضور مكثف للون الأبيض الذي كان هو الطاغي على المسيرة، بفعل مساهمة عدد كبير من أئمة المساجد، وطلبة المدارس العتيقة لحفظ القرآن الكريم، في أكادير واشتوكة وتارودانت، الذين كانوا يرفلون في جلابيبهم البيضاء،حاملين الأعلام الحمراء، وهم يحاولون تقدم الصفوف. وقال أحد الإئمة لموقع "مغارب كم"،إن الكثيرين سجلوا أسماءهم للمجيء، ضمن الوفود، ولكنهم لم يستطعوا القدوم، نظرا لعدم توفر وسائل النقل العمومية الكافية لاستيعابهم، مشيرا إلى أن الحافلات التي حملتهم من جنوب البلاد امتلأت عن آخرها. وكان ملفتا للنظر، ومثيرا للانتباه أيضا، انخراط قدماء أسرى حرب الصحراء، المعتصمين أمام البرلمان، في المسيرة، رافعين شعارات الوحدة الترابية. وأوضح أحمد مزي، الأسير السابق لدى البوليساريو ،"إن الروح الوطنية هي التي حركت زملاءه، وجعلتهم يندمجون تلقائيا في المسيرة المؤيدة للدستور". وقد شاركت في المسيرة مختلف جمعيات المجتمع المدني، إضافة إلى المهنيين من تجار وحرفيين وغيرهم، وكلهم كانوا يرفعون أصواتهم عاليا، تأييدا للإصلاحات الجديدة التي جاء بها الدستور. ولوحظ حضور محمد زيان، زعيم الحزب المغربي الليبيرالي، ومشاركته في المسيرة، حيث ظل يمشي وسط الجموع، ممسكا بجانب من راية بحجم كبير. وحين تعرفت عليه إحدى الفتيات المنظمات سلمته لافتة صغيرة فتسلمها منها مبتسما، حين قرأ مضمونها، وكان كالتالي:"الشباب جاء وقتك لتتحمل مسؤوليتك". غير أنه سرعان ماجرت مناوشة صغيرة بين زيان وأحد الشباب الذي لم يستسغ وجود زعيم الحزب الليبرالي في المسيرة، بدعوى أنه يحاول الركوب عليها. ورغم تقدمه في السن، أصر الفنان الشعبي المعروف بنعمر الزياني على المشاركة في المسيرة، واعتبر ذلك "واجبا وطنيا"، حسب تعبيره، فيما ظلت الممثلة مليكة العماري تتابع مختلف أطوار المسيرة من شرفة منزلها الكائن في شارع محمد الخامس، وكانت تتبادل التحايا مع كل الذين تعرفوا عليها، وهي تلوح لهم بيدها مشجعة. ورفع مؤيدو الدستور الجديد لافتات، ورددوا شعارات تصب كلها في منحى انتقاد مناوئيه، وذلك من خلال التنديد بما أسموه ب" الظلامية والعدمية"، في إحالة على النهج الديمقراطي، وحركة 20 فبراير، وجماعة العدل والإحسان. ووجه سائقو السيارات الصغيرة، ماعتبروه " رسالة مفتوحة إلى حركة 20 فبراير"، ومضمونها كما كتبوه بحروف بارزة " من لايحب وطنه لايستحق العيش فيه". وامام بناية البرلمان، أتى بعض المشاركين في المسيرة بحمار وألصقوا به أسماء بعض الرموز المعروفة المناوئة للدستور، في محاولة للنيل منها، وظلوا يلتقطون الصور إلى جانبه، بهواتفهم النقالة وهم يتضاحكون... ورغم أن مناوئي الدستور يقولون إن مثل هذه التظاهرات،ماكان لها أن تتم لولا دعم الدولة على مستوى التعبئة والحشد، فإن أحد مناظمي تظاهرة الرباط، أنكر ذلك جملة وتفصيلا، وقال إنها عفوية وتلقائية، ولادخل للحكومة بها، "بدليل أننا ننتقدها، ونطالب برحيلها" ،وفقا لقوله.