أيدت محكمة الاستئناف، بمراكش، الليلة الماضية ، الأحكام الصادرة على الصعيد الابتدائي ، في حق مجموعة من طلبة جامعة القاضي عياض بالمدينة ، على خلفية ارتكابهم أعمال عنف وتخريب وإتلاف الممتلكات العمومية والتهجم على عناصر قوات الأمن ، خلال الاضطرابات التي اندلعت بالحي الجامعي يوم 14 مايو عام 2008 ،احتجاجا من بعض الطلاب على ما وصف إنه وجبات الطعام السيئة التي قدمت لهم في مطعم الحي الجامعي ، فانتهزوا المناسبة للمطالبة بتحسين أوضاعهم المادي ،بالرفع من قيمة المنحة التي تصرفها لهم وزارة التعليم العالي. وقاد الاحتجاجات الغاضبة ، فصيل طلابي، ينتمي إلى اليسار الراديكالي، فقد أوردت تقارير في حينها أن الاشتباكات تميزت بالعنف الضاري بين الطلاب وقوات الأمن ، لدرجة أن الوضع كان شبيها بمشهد من حرب العصابات ، تواجه فيها الطلاب الهائجون المسلحون بما تأتى لديهم من أدوات وسلاح أبيض وعصي ، بقوات الأمن التي اضطرت إلى استعمال القوة المفرطة لوقف الاضطرابات ، ما يفسر شدة الأحكام الصادرة على مستوى الحكم الابتدائي ، في شهر يونيو، من العام الماضي والمؤيدة من طرف الاستئناف ليلة أمس. وتتراوح الأحكام بين عامين وأربعة أعوام، سجنا نافذا في حق المجموعة المكونة من 11 طالبا ، والمسماة "زهرة" على اسم إحدى الطالبات التي شاركت في الاحتجاجات العنيفة ، مع أن عمرها لا يتعدى 23 ربيعا ، وهي التي صارت رمزا للمجموعة ، وراجت قصص عن تعرضها للتعذيب في مركز للشرطة ، قريب من ساحة" جامع الفنا" الشهيرة سياحيا في مدينة مراكش، ما جعل منظمات حقوقية في الداخل والخارج تتعاطف مع قضيتها بل توصف بأنها اصغر سجينة سياسية ووصف دفاع المحكوم عليهم ، في تصريحات أوردتها الصحافة الأجنبية ، الأحكام بالقاسية . وأعلن الدفاع أنه سيطلب نقضها لدى المحكمة العليا ، مشيرا إلى أن الطلاب المدانين كانوا يعبرون عن حقوق مشروعة باعتبارهم أعضاء في المنظمة الطلابية "الاتحاد الوطني لطلبة المغرب" التي كانت السلطات المغربية قد حظرتها خلال عقد السبعينيات من القرن الماضي، بسبب احتدام الصراع في المنظمة بين تيار اليسار المتطرفين ذي الخلفية الماركسية المعلنة ،والتقليدي الممثل آنذاك في الحزبين المعارضين : الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية والتقدم والاشتراكية . وظلت المنظمة الطلابية مجمدة ، بعد انحسار قوة اليسار الحزبي، فريسة الصراعات العنيفة بين التيارات الإسلامية الملتفة حول جماعة العدل والإحسان واليسار المتطرف الذي تعبر عنه بقايا وفلول منظمة "إلى الأمام " الماركسية التي انتسب بعض أعضائها إلى حزب "النهج الديمقراطي" ذي التوجه الماركسي المخالف لكل أطياف المعارضة الشرعية . وتسببت الصراعات المتتالية بين الإسلاميين والماركسيين في عدة حوادث دامية ، خلفت ضحايا ، في عدد من الجامعات المغربية وخاصة في فاسوجدة، بينما ساد هدوء نسبي، خلال العقود الأخيرة ، جامعة محمد الخامس بالرباط ، وهي التي ترعرع فيها اليسار الطلابي بتوجهاته المختلفة في عقد السبعينيات من القرن الماضي. تجدر الإشارة إلى أن سبعة طلاب آخرين ، من مجموعة مراكش ، أدينوا في شهر أغسطس من عام 2008 بعقوبة سنة سجن نافذ وأداء غرامة مالية (1500 درهم)على خلفية نفس التهم التي أدينت بسببها المجموعة الحالية .