منعت عناصر الأمن تنسيقية الأحزاب والشخصيات المقاطعة للرئاسيات من تنظيم وقفة أمام مقام الشهيد، بعد أن تم تطويق المنافذ المؤدية إلى المبنى، الذي تمت محاصرته من قبل قوات الأمن منذ صبيحة أمس، ولم يمنع ذلك قيادات التنسيقية من تنظيم الوقفة على حافة الطريق غير بعيد عن مقام الشهيد، أمام أنظار بعض الفضوليين الذين اكتفوا بترقب الوضع من بعيد. وساد الحي الشعبي "الكنفور" بالمدنية المحاذي لرياض الفتح أجواء غير عادية منذ الساعات الأولى لصبيحة أمس بسبب التعزيزات الأمنية التي سبقت بداية أول وقفة نظمتها تنسيقية الأحزاب والشخصيات المقاطعة للرئاسيات، وتولى عناصر الأمن غلق كافة المنافذ المؤدية إلى مقام الشهيد، وتم السماح بالدخول فقط للمواطنين الذين قصدوا مصالح التأمينات أو لشراء تذاكر السفر، في حين أغلق المبنى أمام كافة الزائرين، واصطفت قوات الأمن على طول الطريق إلى غاية مخرج رياض الفتح، وتم منع الإعلاميين من التجمع، في حين لم تتمكن قيادات الأحزاب السياسية من الولوج إلى مقام الشهيد، الذي أحاطت به مركبات الشرطة وطوقته بشكل استحال الوصول إليه، فاضطرت تلك القيادات إلى تنظيم الوقفة على حافة الطريق غير بعيد عن مقام الشهيد، ورفع المتجمعون لافتات حمراء كتب عليها "المقاطعة"، وأخرى صفراء كتب عليها "قاطع"، ونادى آخرون بإسقاط النظام، وبشعار "سلمية"، ورفع ممثلون عن الأرسيدي شعار "أولاش الفوط أولاش"، ووقف في صف واحد وفي أعلى الرصيف كل من عبد الرزاق مقري رئيس حركة حمس، ومحسن بلعباس رئيس حزب الأرسيدي، ومحمد ذويبي الأمين العام للنهضة وبجانبه الأمين العام السابق فاتح ربيعي، وكذا المرشح المنسحب من الرئاسيات احمد بن بيتور، ولحقهم فيما بعد رئيس حزب جيل جديد جيلالي سفيان، وقاموا تباعا بإلقاء كلمات ارتجالية، وقال مقري بأن البلاد تتجه نحو أخطار مؤكدة، وعلى الجميع النضال من أجل استقرار البلاد وتحقيق الحريات، واعتبر محسن بلعباس بأنه حان الوقت لتغيير الوضع، مدافعا عن خيار المقاطعة، وانتقد ذويبي بشدة النظام، وقال بأن المقاطعة التي دعوا إليها هدفها منح المواطن حقه في القرار، وانتقد جيلالي سفيان الحضور الأمني المكثف، معتبرا ذلك منافيا للحرية والديمقراطية، مصرا على أن الشعار الرسمي للوقفة هو المقاطعة لا غير، ووصل رئيس جبهة العدالة والتنمية عبد الله جاب الله رفقة قياديين في تشكيلته متأخرا، مفضلا إلقاء كلمة بمفرده، قال فيها بأن خروجهم إلى الشارع هدفه التغيير، والوقوف ضد الدوس على الدستور، لأنه لا يعقل أن يحكم رئيس مريض لا يستطيع خدمة نفسه شعبا، قائلا بأن هذا الوضع يجب رفضه، وقال بن بيتور بأنه لا بد من وقفات أخرى من أجل جزائر السلم والعدالة. واقتصرت المشاركة في الوقفة الرمزية على قياديين في الأحزاب التي أسست التنسيقية، وتم الاتفاق مسبقا على ان يشارك كل عضو ب15 إلى 20 قياديا فقط، بحجة عدم احتلال الشارع وتفادي انحراف الوضع، في انتظار تنظيم تجمع حاشد بقاعة حرشة، ولم ينضم مواطنون او سكان الحي للوقفة التي لم تثر حتى فضولهم، في حين واصل عناصر الأمن محاصرة منظمي الوقفة إلى غاية أن غادرت القيادات المكان، وقبل ذلك قام عبد الرزاق مقري بتلاوة بيان ختامي. وسبق بداية الوقفة حضور العضو القيادي في الفيس المحل "علي بن حاج"، وتم اعتقاله فور وصوله من قبل أعوان الأمن، تفاديا لانضمام شباب إليه بالنظر إلى طبيعة الحي المعروف باحتضانه لمتعاطفين مع الجبهة المحلة، كما لوحظ تواجد بعض الشباب المنحرفين، الذين رفع بعضهم شعارات "الشعب يريد الحمرة باطل"، وهي التسمية التي تطلق على "الزطلة"، ورفع أحدهم صورة الرئيس الراحل هواري بومدين، وراح آخر ينتقد قيادي في التكتل الأخضر ويطعن في حديثه، وقال له: "نحن نقبل ببوتفليقة وهو على كرسي، وانتم ماذا تقدمون لنا"، ودعا شاب آخر المتجمعين إلى مغادرة المكان، واتهمهم بالطمع في أموال الحملة، في حين عبر شاب آخر عن انزعاجه، لأنه لم يستطع إكمال نومه، علما ان الساعة أنذاك العاشرة صباحا. وكان الجنرال المتقاعد "محند الطاهر يعلى" من بين الحاضرين، ووصل مبكرا إلى مكان التجمع، لكنه اكتفى بالإدلاء بتصريحات لوسائل الإعلام، دون أن يلتحق بقيادات التنسيقية، قائلا: "شاركت في التجمع تضامنا، لكن ليس ضد العهدة الرابعة فقط، لكن ضد الانتخابات، لأنها مزورة، وهذا غير مقبول"، وتمنى ان لا تتم الانتخابات، لأن ذلك هو الحل الأنسب، معتقدا بأن الشعب إذا قام وقفة واحدة فإنه سيتمكن من تحقيق التغيير.