أصدر أحد أئمة المسجد الكبير بالعاصمة، وهو قيادي سابق في الجبهة الإسلامية للإنقاذ قبل حظرها، أمس، فتوى بعدم جواز الدعوة إلى مقاطعة الانتخابات الرئاسية المقبلة، ورد عليه أمين عام حركة النهضة محمد ذويبي، بأن المقاطعة "اجتهاد سياسي يخرج عن إطار يجوز ولا يجوز". ذكر الشيخ علي عيّة في فتواه المكتوبة التي تسلمت "الخبر" نسخة منها، أنه يدعو "شعبنا إلى المشاركة في الانتخابات الرئاسية، وهذا حفاظا على المصلحة العامة وعدم الانصياع لدعوات المقاطعة، لأنها دعوات غير مسؤولة ومخالفة لشرعنا الحنيف، ولم تستند لأي فتوى أو قول شرعي. وإنني أفتي متحمّلا المسؤولية أمام الله ثم أمام التاريخ، أنه لا يجوز الدعوة للمقاطعة، بل إنه من الواجب الوطني والشرعي على كل جزائري أن يستعد للانتخابات الرئاسية المقبلة، لأن هذا يجمع الشمل ويوحد الصف ويزيل الفرقة". وجاء في الفتوى أن صاحبها يوجب "إعانة وإعطاء صوتنا لمن نرى فيه خيرا وصلاحا للبلاد، كما أفتي بحرمة بيع وشراء الصوت الانتخابي، وأفتي بوجوب المشاركة، وهذا من باب تقليل الشرّ ودفع المفسدة الكبرى". وأضاف الشيخ عيّة الذي تعرض للاختطاف من طرف جماعة مسلحة عام 1994، أفرجت عنه بعدما قضى أسابيع رهينة لديها: "أيها الجزائريون، حفاظا على شعبنا وعلى ثوابت أزلية لا تعرف التغيير ولا التبديل ولا المساومات، أو المزايدات، وتحت شعار: وطن واحد وشعب واحد، جيش واحد ودين واحد ورئيس واحد، فلنحافظ على الأمن، لأن به ينتشر العلم ويعز الدين (..) ويستتب به الاستقرار... فلنحكّم عقولنا ونصوّت على الذي نرى فيه الخير والصلاح للبلاد". ووقّع علي عيّة الفتوى تحت مسمى "شيخ الزاوية العلمية لتحفيظ القرآن والذكر"، وأيضا باسم إمام المسجد الكبير، وهي وظيفة يمارسها عيّة تحت وصاية وزارة الشؤون الدينية والأوقاف، وقال في فتواه الشرعية إنه تحدث ب"تفويض من بعض العلماء والدعاة". ويبدو جليا أن فتوى التحريم جاءت ردا على دعوة حمس والنهضة والأرسيدي، إلى انسحاب المرشحين للانتخابات بعدما أعلن عن ترشح عبد العزيز بوتفليقة لعهدة رابعة، والأحزاب الثلاثة دعت في وقت سابق إلى مقاطعة الاستحقاق الرئاسي. وكردّ فعل على موقف علي عيّة، قال محمد ذويبي، أمين عام النهضة في اتصال به، إنه "يأسف لبعض الأصوات المدفوعة لمعارضة حرية التعبير والرأي والموقف في مقاطعة الانتخابات. فلو لم يكن قرار المقاطعة قويا، لما خرجت هذه الأصوات تهدد بضياع الاستقرار إن لم يصوت الجزائريون يوم 17 أفريل المقبل. نحن ننشد الاستقرار أيضا، ولكن بانتخابات حرة ونزيهة، وليس بممارسات تخل بالاستقرار". وأضاف ذويبي: "إن موضوع الحريات السياسية يكفله الدستور والقانون، وانطلاقا منها تصدر المواقف السياسية بعيدا عن يجوز ولا يجوز، فالأمر يندرج في إطار الاجتهاد السياسي يأخذ في الحسبان المكان الذي توجد فيه المصلحة. فمن رأى أن المصلحة تكون في المشاركة، فله ذلك، ومن يقول إنها في المقاطعة، فهو حرّ أيضا". وأوضح ذويبي أن موقف المقاطعة والدعوة إليه، الذي اتخذته الأحزاب الثلاثة "اجتهاد وتقدير للمصلحة انطلاقا من التحليل للواقع ومجريات الأحداث، وليس استنادا إلى الفتوى الشرعية، فقد نددنا بالاستمرار في تغليط الرأي العام بالحديث عن تكافؤ الفرص في الانتخاب، وقلنا إن شرعية الحاكم يستمدها من شرعية الشعب وهذا غائب اليوم".