مع اتضاح أسماء المرشحين للانتخابات الرئاسية المقبلة، وتأكد ترشح الرئيس لهذا الموعد المهم، يحق لكل متتبع التساؤل عن حظوظ منافسي بوتفليقة الاثني عشر، الذين أصروا على استكمال كافة إجراءات الترشح، التي انتهت بإيداع الملفات لدى المجلس الدستوري، فهل سيكونون حقيقة فرسانا كما وصفهم وزير الداخلية طيب بلعيز، أم مجرد أرانب سباق؟ انتهت آجال إيداع ملفات الترشح لدى المجلس الدستوري، واقتراب اتضاح قائمة المترشحين لموعد 17 أفريل القادم، بعد أن يتم الفصل في الملفات، تطرح تساؤلات بخصوص مدى قدرة كل واحد منهم على منافسة الرئيس، ويظهر رئيس الحكومة السابق علي بن فليس من أهم منافسي الرئيس، ليس من ناحية الدعم الذي يحظى به، أو فرص فوزه في هذه الانتخابات التي أثارت جدلا ونقاشا لم ينته بعد، وإنما في إصراره على تغيير قواعد اللعبة السياسية، التيبنيت في الجزائر على أساس أن مرشح النظام هو دائما الفائز في الانتخابات، رغم أنه فشل في تغيير هذه القواعد سنة 2004 عندما كان أمينا عاما لحزب يوصف بأنه أحد أجهزة الدولة، ويرفض المحيطون بالأمين العام السابق للأفالان الاقتناع بصعوبة او استحالة الفوز على الرئيس الذي ترشح رسميا للاستحقاقات، والذي تمكن في ظرف قياسي من جمع أربعة ملايين توقيع، بفضل تجنيد الأحزاب الموالية له، وكذا مختلف الجهات من بينها الإدارة، وفق تأكيد الأحزاب المعارضة، ويؤكد الناطق باسم مديرية الحملة الانتخابية لبن فليس "لطفي بومغار" بأن بن فليس كله ثقة فيما يخص الاستحقاقات القادمة، رغم ما يشوبها من أمور توحي بالمساس بمصداقية ونزاهة العملية، لأنه يريد أنيكون مرشح الشعب، متسائلا عمن هو أقوى من الشعب، ويبرر المتحدث الثقة التي يشعر بها بن فليس، في وقت اختار مرشحون آخرون من نفس وزنه الانسحاب بدعوى أن اللعبة مغلقة، بأن الجزائر ليس قدرها المحتوم أن لا يسمع صوت الشعب، وأنه حان الوقت لتغيير قواعد اللعبة الديمقراطية، وكذا تحقيق مشروع تجديد وطني، ويرفض المتحدث أن يوصف رئيس الحكومة السابق بأرنب سباق، بدعوى أنه من الشخصيات السياسية التي لها وزن وهي حاملة لمشروع، وأن جزائر 2014 غير جزائر 2004، مؤكدا بأن بن فليس غير غافل عما يجري في الساحة السياسية، ملمحا إلى أن مديرية الحملة الخاصة به تستعد لتجنيد عدد كبير من المراقبين لمتابعة مجريات العملية، والوقوف على التجاوزات، ويصر لطفي بومغار على أن النتيجة ستكون الانتصار، وقال: "لدينا ثقة في الدعم الذي نحظى به، وسيكتب التاريخ بأن بن فليس هو من أدخل الشفافية إلى البلاد". وتتحجج الأمينة العامة حزب العمال لويزة حنون في تبرير مشاركتها للمرة الثالثة على التوالي في الاستحقاقات الرئاسية، بالمرحلة الحساسة التي تمر بها البلاد، وكذا بالأخطار التي تهددها على الصعيدين الداخلي والخارجي، وهيترى بأنه قد حان الوقت لتكريس الديمقراطية وتغيير نظام الحزب الواحد. ويظهر أن "لويزة حنون" لم تتأثر على الإطلاق بالهزيمتين اللتين منيت بهما في استحقاقات 2004 ثم 2009، بدليل إصرارها للمرة الثالثة على دخول معترك الانتخابات الرئاسية، رغم أن الظروف والملابسات تقريبا التي أحاطت بالعمليتين السابقتين، هي نفسها التي تحيط أيضا بالمواعيد المقبلة، وهو ما يطرح التساؤل عن المغزى الحقيقي من إصرار حزب العمال على أن يكون له دور في كل استحقاق رئاسي، رغم النتائج الهزيلة التي يحققها في كل مرة، باستثناء الاعتراف الذي افتكته الأمينة العامة للحزب من الرئيس، الذي أشاد بقدرتها على إدارة الحملة الانتخابية والنفس الطويل الذي تمتعت به طيلة 21يوما من مدة الحملة. واكتسب رئيس الجبهة الوطنية الجزائرية موسى تواتي إلى جانب زعيمة حزب العمال لويزة حنون، وكذا رئيس حزب عهد 54 فوزي رباعين تجربة وخبرة في المشاركة في الانتخابات الرئاسية، ومن الذين تعودوا على الخسارة،ومع ذلك يصرون على المشاركة في استحقاقات أفريل القادم، ويرى المرشحون الثلاثة أنفسهم كبدائل مناسبة للمراحل المقبلة، فهل سيحرزون تقدما من حيث الأصوات التي سيحصدونها في هذه الانتخابات، أم سيقتصر دورهم على تسخين الحملة الانتخابية؟ وينضم إلى قائمة المرشحين للرئاسيات، رئيس جبهة المستقبل "بلعيد عبد العزيز"، الذي يعد أصغر المترشحين، وقد تمكن بفضل الدعم الذي يتمتع به داخل التنظيمات الشبانية والطلابية من جمع العدد الكافي من التوقيعات، وتعتريهذا المترشح آمال كبيرة في إمكانية تحقيق نتائج إيجابية، رغم أنها المرة الأولى التي يدخل فيها سباق الرئاسيات، ويقول بلعيد عبد العزيز ل "الشروق" بأن حظوظه تكمن في المناضلين الذين يساندونه عبر 48 ولاية، وكذا قوة هياكل حزبه، متوقعا حدوث تجاوزات أثناء الحملة، "لكن هذا هو النضال، ونحن نريد أن نتمتع بالروح الرياضية، ومستعدون لتقبل الخسارة، كما نتقبل النجاح". وسيحقق "علي زغدود" رئيس حزب التجمع الجزائري الاستثناء إذا ما قبل المجلس الدستوري ملفه، بعد أن تم رفضه في الاستحقاقات الرئاسية السابقة، ويبدو أن "زغدود" الذي يعود إلى الواجهة كلما تزامن الظرف مع هذه المواعيد المهمة، مصرا هو الآخر على أداء دور أرنب سباق، في انتخابات يصعب التكهن بنتائجها.