واصلت عملية سحب وثائق الاكتتاب للترشح لرئاسيات ال17 أفريل القادم منحناها التصاعدي، حيث أحصت أمس، مديرية الحريات العامة بوزارة الداخلية والجماعات المحلية، 45 شخصا استقبلتهم وسلمتهم وثائق التوقيعات، وإن كان من بين هؤلاء رؤساء أحزاب وشخصيات، فقد تضمنت القائمة أسماء سائق سيارة إسعاف وبائع خضر وتاجر متجول، الأمر الذي يفتح المجال واسعا أمام الدوافع التي جعلت هؤلاء يتهافتون على سحب وثائق الترشح للمرور إلى ضفة المجلس الدستوري. كشفت مصادر موثوقة من مبنى وزارة الداخلية، أن وزير الدولة وزير الداخلية، الطيب بلعيز، أمر مصالحه المكلفة باستقبال الراغبين في سحب وثائق الاكتتاب، بحسن استقبالهم وتمكينهم من الوثائق بناء على رسالة إبداء النية التي يقدمها الراغب في الترشح للرئاسيات أو أحد موكليه، حسب ما يحدده القانون العضوي المتعلق بالانتخابات، ويبدو أن عدم تقييد القانون عملية سحب وثائق الترشح جعلت العملية مفتوحة أمام الجميع بمن في ذلك غير المؤهلين سياسيا أو ثقافيا لهذا المنصب، فقائمة وزارة الداخلية التي ستظل مفتوحة إلى منتصف شهر فيفري، سجلت أمس، 45 راغبا في سحب وثائق الترشح لرئاسيات أفريل. وإن كانت قد سجلت قائمة الساحبين لوثائق الترشح اسم رئيس الحكومة الأسبق، أحمد بن بيتور، الذي كان أول المعلنين عن دخول السباق، واسم الأمينة العامة لحزب العمال، لوزيرة حنون، التي لم يعد موعد الرئاسيات جديدا بالنسبة لها، وكذا اسم الروائي ياسمينة خضرة، إلى جانب اسم رئيس الحكومة الأسبق ومرشح رئاسيات 2004، علي بن فليس، فقد سجلت نفس القائمة "مجاهيل " و" عديمي" صفة على الأقل بالنسبة للساحتين الثقافية والسياسية، فقد أكدت مصادرنا أن سائق سيارة إسعاف وتاجر متنقل وبائع خضر سحبوا وثائق الترشح وبالكميات التي يحددها القانون، ما يعني أن هناك من سحب 60 ألف وثيقة للتوقيع كلفت الخزينة العمومية أموالا باهظة قد ينتهي بها المطاف في المزابل العمومية، ذلك لأن طريق الوصول إلى غربال المجلس الدستوري ليس هيّنا وليس سهلا. "بورصة" سحب وثائق الترشح لأهم موعد إستحقاقي في تاريخ أية دولة مهما كان حجمها ووزنها، يبدو أنها انتعشت بفعل الإشاعة والمعلومات المغلوطة مزاعم حول تمويل ستوفره الدولة للمرشحين للانتخابات لتنشيط حملاتهم الانتخابية، كما ساهم الحديث عن "بزنسة" في التوقيعات في انتعاش " سوق" سحب وثائق الترشح، وكأن العملية لا تخضع لرقابة القانون ولا لحسيب آخر رغم أن القانون العضوي للانتخابات فصل في الشق المتعلق بتمويل الحملة الانتخابية في العديد من الأمور، فإن كانت المجانية والإعفاء من الرسم مضمونان في تحضير الوثائق فلا تمويل مسبق للحملة الانتخابية وحتى التعويض عن مصاريف الحملة يخضع لمواد قانونية صريحة. فإن كانت المادة 206 تقول أن لكل المترشحين للانتخابات الرئاسية الحق في حدود النفقات الحقيقية في تعويض جزافي قدره 10 بالمئة فقط، فالمادة القانونية تربط هذا التعويض بشروط أولها ضرورة أن يحرز المترشح الفعلي على نسبة 10 بالمئة، وتقل أو تساوي 20 بالمئة من الأصوات المعبّر عنها، ويرفع التعويض إلى 20 بالمئة من النفقات الحقيقية، وضمن الحد الأقصى المرخص له ويرفع التعويض إلى 30 بالمئة في حال تجاوز المترشح 30 بالمئة من نسبة الأصوات المعبّر عنها، ولا يتم التعويض إلا بعد إعلان المجلس الدستوري وبحساب حملة يفصل في الإيرادات والنفقات يعده محاسب معتمد، ويسلمه للمجلس الدستوري. بعيدا عن أسماء المترشحين الحقيقين من أسماء وشخصيات، ووقوفا عند "مجانين" السياسة الجدد الذين يعدون بمثابة اكتشافات هذا الموعد، تجد كل المؤشرات تدفع في اتجاه التساؤل عن فواعل وعوامل السياسة ومصير التكوين والتنشئة السياسية في الجزائر، وحتى العملية السياسية بصفة عامة.