أعلنت حركة النهضة الإسلامية الجزائرية مقاطعة انتخابات الرئاسة التي ستجري في 17 أبريل (نيسان) المقبل، بدعوى أن السلطات «غيبت قواعد الممارسة السياسية التي يجري على أساسها التنافس النزيه»، في إشارة إلى فوز «مرشح النظام» في الاستحقاق، كيفما كان الحال، وهي قناعة تشترك فيها غالبية أحزاب المعارضة. وانتهى اجتماع «مجلس شورى» الحزب الإسلامي أمس بالعاصمة، بصدور بيان تلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه، جاء فيه: «لقد أدارت السلطة ظهرها للمطالب المشروعة، التي قدمتها المعارضة والمتعلقة بضمان نزاهة الانتخابات، وصمت آذانها عن سماع نداءاتها المتكررة بوجوب فتح أبواب الحوار الجاد والمسؤول، من أجل بناء الثقة وتحقيق التوافق وتحرير العمل السياسي». وكانت «النهضة» مع أحزاب المعارضة، طالبت من الحكومة تكليف «لجنة مستقلة» تضم نشطاء سياسيين «مشهودا لهم بالنزاهة» بالإشراف على تنظيم انتخابات الرئاسة بدل وزارة الداخلية. غير أن وزير الداخلية الطيب بلعيز رفض الطلب. وأوضح البيان، أن الوضع السياسي في البلاد «يميزه الغموض والتجاذبات (..) والسلطة ترفض التنافس السياسي النزيه بين الأحزاب الفاعلة على البرامج، التي تخدم البلاد وتحقق العيش الكريم للمواطن، بعيدا عن الصراعات الشخصية والفئوية التي قد تعصف بالبلاد وتمزق نسيجها الاجتماعي، وتعرض وحدتها الوطنية للخطر من جهة». وتحمل هذه الفقرة من البيان إشارة إلى «زلزال» خلفته هجومات حادة ضد الرجل القوي في النظام الجنرال محمد مدين (توفيق)، قائد جهاز المخابرات من طرف زعيم حزب «جبهة التحرير الوطني» صاحب الأغلبية، عمار سعداني، الذي دعاه إلى الاستقالة بحجة أنه «فشل في مهامه الأمنية». ودعت «النهضة» الجزائريين إلى «حسن التجاوب مع هذا القرار (المقاطعة)، وستظل الحركة مستعدة للتعاون مع شركائها في المعارضة لتفعيل هذا القرار، بما يحقق مصلحة الجزائر حاضرا ومستقبلا». يشار إلى أن وزير الداخلية صرح بأن الحكومة ستمنح دعاة مقاطعة الانتخابات من الترويج لموقفهم في الميدان أثناء حملة انتخابات الرئاسة، بذريعة أن الفضاءات العمومية مخصصة للمشاركين في الاستحقاق الرئاسي فقط. واستنكرت المعارضة تصريحات الوزير، وعدتها «تكميما لحرية التعبير». وأبدى الحزب الإسلامي «قلقه الشديد من الاحتقان السياسي الذي يطبع جو الانتخابات، والذي زادت من خطورته التجاذبات الشديدة التي طفت على السطح في الأيام الأخيرة، والتصريحات والتصريحات المضادة». ويفهم من ذلك هجوم رئيس حزب الأغلبية على قائد المخابرات، عندما حمله مسؤولية عدم توفير الحماية لرئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة، لما تعرض لمحاولة اغتيال في سبتمبر (أيلول) 2007. وقال سعداني بشكل صريح، إن الجنرال يرفض ترشح بوتفليقة لولاية رابعة. وتترقب الأوساط السياسية رد فعل عنيفا من الجنرال توفيق. وتتعامل الطبقة السياسية مع هذا الحديث على أنه «صراع محموم في أعلى هرم السلطة»، بخصوص الشخص الذي سيتولى قيادة البلاد بعد بوتفليقة. وتابع بيان «النهضة» وهو يشير ضمنيا إلى سعداني: «نسجل بامتعاض شديد المستوى المتدني لهذا الأسلوب في التعاطي مع حدث مهم بحجم الانتخابات الرئاسية، وما ينتج عن ذلك من آثار وخيمة على حياة الجزائر حاضرا ومستقبلا. ونؤكد أن ما يجري هو نتيجة حتمية لتهميش الشعب وإقصائه من ممارسة حقه الدستوري في اختيار من يحكمه، وسطو على إرادته وتغليب لمنطق التخويف بدل إشاعة روح التنافس النزيه للوصول إلى السلطة». وأعلن الحزب الإسلامي «حركة مجتمع السلم» والحزب العلماني، التجمع من أجل الثقافة الديمقراطية، الأسبوع الماضي، عدم المشاركة في الانتخابات في حين تتجه الأنظار إلى موقف أقدم حزب معارض هو «جبهة القوى الاشتراكية»، الذي توحي مؤشرات بأنه سيقاطع الانتخابات.