يسعى عسكريون مصريون للترشح للرئاسة المصرية المقرر فتح الباب لها خلال شهرين من الآن، لكن ما يسميه البعض «خيار الجنرالات» ربما يتسبب في انفراط العقد وقد يتسبب أيضا في انحصار المنافسة بين عدد من المرشحين المدنيين. بيد أن هذا يمكن أن يحدث في حالة واحدة فقط، هي عدم ترشح الفريق أول عبد الفتاح السيسي للرئاسة. أما إذا ترشح السيسي، فإن مسألة السباق الرئاسي ستكون محسومة تقريبا لصالحه، وفقا لما يقوله سياسيون ومرشحون سابقون.. وفنانون أيضا. في وسط سوق البضائع السياسية الجيدة والرديئة، يمكن أن تلمس تيارا عاما يعبر عنه خليط من الفنانين المصريين ومحبيهم يرى أن الحل الوحيد في ترشح «السيسي» للرئاسة، بعيدا عن أي تحليلات. وتحظى الأغنية المؤيدة للجيش ولخطوة الإطاحة بمرسي التي قام بها السيسي بشعبية طاغية والتي تقول كلماتها «تسلم الأيادي.. تسلم يا جيش بلادي». ولعب الفنانون في البلاد أدوارا مهمة منذ عهد الملك فاروق مرورا بعبد الناصر والسادات ومبارك ومرسي كما تقول ل»الشرق الأوسط» بطلة مسرحية «الزعيم» رجاء الجداوي. وقف الفنانون المصريون ضد سياسات الرئيس المعزول الذي يواجه في الوقت الحالي العديد من التهم بالخيانة والتخابر وإهانة القضاء والتحريض على القتل، ولعب بعضهم دورا لافتا في إنجاح صياغة دستور عصري مع السياسي المخضرم عمرو موسى، والتفوا حول تأييده مع ملايين المصريين أثناء الاستفتاء عليه الأسبوع الماضي. «إذا لم يترشح السيسي فسنتجه لتأييد الفريق سامي عنان، الرئيس السابق لأركان الجيش المصري». هكذا يقول محمد عبد الله العضو في حملة «مصر بلدنا» التي تدعو منذ ستة أشهر لترشح السيسي. لكن زميله في نفس التكتل يرى أنه في حال عدم ترشح السيسي فإنه سيتجه لتأييد الفريق أحمد شفيق، المرشح السابق للرئاسة أمام مرسي، والذي عمل أيضا كرئيس للوزراء في آخر أيام مبارك وعمل في السابق أيضا كوزير للطيران. وتوجد تكتلات وحملات أخرى تقول إنها ستضطر لتأييد ترشح مدير المخابرات العامة المصرية السابق، اللواء مراد موافي، رغم أنه حتى الآن أقل الجنرالات حديثا عن هذا الأمر، لكن اسمه بدأ في الأيام الأخيرة يصعد ويملأ الأجواء بقوة، كخيار محتمل للمنافسة على الرئاسة في حال عدم ترشح السيسي، إضافة إلى أسماء لجنرالات آخرين يطمحون في الترشح للرئاسة، من بينهم وكيل المخابرات العامة السابق اللواء حسام خير الله الذي يضع منذ أشهر أرضية لتهيئة خوضه المنافسة عندما تتضح الرؤية، أو كما يقول ل»الشرق الأوسط» إنه سيترشح «في حال لم يترشح السيسي». هكذا تبدو خارطة الجنرالات بشكل مبسط، لكن ماذا عن خارطة المدنيين. تقول قيادات في جبهة الإنقاذ التي تضم الأحزاب الرئيسية والتي قادت مع حركات ثورية أخرى الإطاحة بنظام مرسي العام الماضي، إنها لم تقرر بعد من الذي سترشحه للرئاسة، لكن عددا من قياداتها تفضل الفريق أول السيسي، كما يقول ل»الشرق الأوسط» الأمين العام لحزب التجمع والقيادي في الجبهة أيضا. ويأتي هذا بعد أن أشاع عدد ممن يعملون من داخل الجبهة أنها ربما تدعم المرشح السابق للرئاسة حمدين صباحي، لكنها ردت على هذه الشائعات ونفتها في حينه. حتى صباحي نفسه يبدو أنه لم يحسم أمره بشأن ترشحه من عدمه. ويبدو الأمر بالنسبة له ولكثير من المرشحين المدنيين المحتملين، مرتبكا برمته. ورغم أن صباحي يعلن بين وقت وآخر أنه سيترشح ليحقق برنامجا يعكس أحلام المصريين، إلا أنه في اللقاءات التي تجمعه أحيانا ببعض قادة الجيش يقول إنه لو ثبت له أن السيسي سيترشح وسيتبنى برنامجا مشابها لبرنامجه الانتخابي المفترض فإنه سيعيد التفكير في أمر رغبته في المنافسة على الرئاسة. يقول صباحي، وهو ناصري ويقود حاليا ما يسمى ب«التيار الشعبي» الذي يضم ثوريين ومجموعات من الشباب المتحمس لبناء مستقبل يليق بدولة مثل مصر، إن الدستور الجديد يحقق العدالة والكرامة الاجتماعية للمواطنين، ويحتاج لمن يحول مواده ونصوصه إلى حقائق على الأرض ويبث فيها الحياة لتحقيق مستقبل أفضل للشعب، ولهذا يرى أنه سينافس على الرئاسة لتنفيذ نصوص الدستور، لكنه يربط هذا بشرط هو أن يحظى بتوافق من شباب الثورة، ويعود ليقول إنه في حال توافق شباب الثورة على مرشح آخر سأدعمه، مشيرا إلى أن السيسي لم يعلن ترشحه للرئاسة رسمياً حتى الآن. ومن المرشحين المدنيين الكبار الآخرين هناك اسم عبد المنعم أبو الفتوح، المحتمل أن يخوض المنافسة، وهو إخواني سابق، ويرأس حزب «مصر القوية» ويواجه تيارا مصريا عاما كارها لجماعة الإخوان والمرتبطين بها. وهاجم حزب أبو الفتوح خريطة المستقبل التي أدت للإطاحة بمرسي في الثالث من يوليو (تموز) 2013، ورفض الدستور الجديد الذي وافق عليه غالبية المصوتين المصريين في الاستفتاء الأخير، رغم أن الحزب نفسه لم يكن مقتنعا بسياسات مرسي في أيامه الأخيرة. وفي آخر حديث له مع «الشرق الأوسط» علق أبو الفتوح على قرار ترشحه من عدمه بأنه يرتبط بالظروف المقبلة والمناخ العام وبقرار حزبه. ويدعم أبو الفتوح بقايا مما يمكن أن يطلق عليه تيار الإسلام السياسي الوسطي، ومجموعات من شباب الثورة وبعض الحركات الثورية الأخرى. وفي حال ترشحه يتوقع أن يلتف حوله أيضا أعضاء الأحزاب الإخوانية والسلفية والجهادية المؤيدة للرئيس السابق. وسواء أراد أو لم يرد، يظهر وجه عمرو موسى، من بين وجوه المدنيين ممن يمكن أن يثير خيال الناخبين من جديد. وخاض موسى الانتخابات الرئاسية في عام 2012، لكن فرصه كانت متواضعة بسبب حالة الاستقطاب في ذلك الوقت، لكن يبدو أنه حقق مكاسب كبيرة في الشهور الأخيرة حين حاز على إعجاب كثير من المصريين من خلال رئاسته وإنجازه بنجاح للجنة أعمال الدستور الجديد. وفي حال عدم ترشح السيسي فإن اسم موسى سيكون واحدا من بين الأسماء القوية المطلوب ترشحها للرئاسة. ويقول حسين إمام، القيادي في ائتلاف شباب الثورة في جنوبالقاهرة إن موسى تعرض في الانتخابات الرئاسية السابقة لهجوم قاده الإسلاميون ووصفوه خلالها بأنه من نظام مبارك لسبب بسيط وهو أنه كان وزيرا للخارجية في تسعينيات القرن الماضي. ويضيف أن موسى لفت الأنظار إليه أخيرا ليس كونه رجل دولة يمكن الاعتماد عليه في هذه المرحلة التي تمر بها مصر، ولكن لأنه أثبت بجداره أنه «سياسي مخضرم ومحنك»، ولديه خبرة بالواقع المحلي المصري والواقع الإقليمي والدولي، بحكم عمله لسنوات كأمين عام للجامعة العربية. لكن حتى موسى نفسه يرى أن الرجل الأصلح لقيادة مصر هو الفريق أول السيسي. وبالعودة إلى الجنرالات مرة أخرى، تجد بعض الأسماء تخرج فجأة إلى النور قبل أن تتوارى مرة أخرى في الظل. ويبدو هذا انعكاس لحالة عدم اليقين الجارية في البلاد، بسبب تأخر السيسي في إعلان موقف واضح بشأن ترشحه أو عدم ترشحه للرئاسة، على ما يبدو. ويقول الفريق خير الله إن تأخر السيسي يؤثر على من يفكرون في الترشح، لأنهم غير قادرين على البدء بالترويج لأنفسهم أم بمساندة السيسي، مشددا على أن الجيش المصري لا يعرف صراع الجنرالات. وبنجاح الاستفتاء على الدستور خرج العديد من الجنرالات والطامحين في الرئاسة للتهنئة بما أنجزه المصريون من التفاف حول الاستحقاق الأول لخريطة الطريق. وأعلن الفريق عنان ترحيبه بنتيجة الاستفتاء مؤكدا أنها أظهرت معدن الشعب العظيم ورغبته في بناء دولة الحرية، والمساواة، والديمقراطية، وقال إن مصر «في انتظار رجل الدولة الذي يقود السفينة في بحر عاصف، ولا تنتظر الزعيم الخارق الذي يحقق المعجزات». ويطل الفريق شفيق على المصريين كل عدة أسابيع عبر وسائل الإعلام ليذكرهم بنفسه على ما يبدو كونه يعيش خارج البلاد منذ الحملة التي شنها ضده الإسلاميون عقب خسارته للانتخابات أمام مرسي. لكن شفيق لديه أنصار وحزب في الداخل ساهموا بقوة في الإطاحة بالإخوان الصيف الماضي مع قوى حزبية وثورية أخرى، سواء بشكل مباشر أو غير مباشر. أما السيسي نفسه فيبدو أن أمر ترشحه للرئاسة لن يكون قرارا سهلا. فالبلاد تعاني من مشاكل اقتصادية وأمنية واجتماعية عميقة. ومنذ «ثورة 25 يناير 2011» خسرت خزانة الدولة مليارات الدولارات، وفقد ملايين المصريين وظائفهم خاصة في قطاع السياحة الحيوي، إلى جانب المخاوف التي أصبح ينشرها أعداء السيسي بأنه ربما سيعتمد على أنصار الرئيس الأسبق مبارك في قيادة الدولة في حال فوزه بالرئاسة، خاصة كبار رجال الأعمال والفنانين والإعلاميين الذين يقال إنهم أسهموا بشكل واسع في دعم «ثورة 30 يونيو 2013» التي أطاحت بحكم الجماعة. ويقول أحد الناشطين من شباب الثورة إنه توجد تحركات في الشارع ستبدأ من يوم 22 الشهر الجاري، انطلاقا من ميدان طلعت حرب القريب من ميدان التحرير الشهير، لرفض ظهور رجال مبارك في المرحلة الجديدة، مشيرا إلى أن هذه التحركات ستستمر حتى يوم 25 الجاري للاحتفال بالذكرى الثالثة ل»ثورة» يناير، لكن مصادر أمنية ترى أن هذه التحركات تقف وراءها جماعة الإخوان وعدد من أنصارها، وأن قيادات من الجيش سوف تلتقي مع شباب الثورة لتوضيح مخططات الإخوان الساعية لإحداث وقيعة بين شباب «يناير» وأجهزة الدولة خاصة القوات المسلحة والشرطة، خلال تنفيذ باقي استحقاقات خارطة المستقبل من انتخابات رئاسية وبرلمانية. ويتطلب ترشح السيسي البالغ من العمر 59 سنة، للرئاسة، الاستقالة من موقعه كوزير للدفاع لأن قانون مباشرة الحقوق السياسية يمنع العسكريين من الترشح أو الانتخاب طالما كانوا في الخدمة. وهذه الاستقالة ينبغي أن تكون قبل نهاية هذا الشهر حتى يتسنى له تسجيل اسمه في كشوف الناخبين لهذه السنة. وتقول التسريبات إن الفريق صدقي صبحي، رئيس أركان حرب القوات المسلحة، ربما يخلف السيسي في موقعه. ويعد صبحي البالغ من العمر 57 سنة، ومن مواليد محافظة المنوفية (شمال القاهرة)، أحد المقربين من قائد الجيش وواحدا من رجاله الموثوق فيهم. ويقول عبد النبي عبد الستار، المتحدث باسم حملة «كمل جميلك» التي تدعو السيسي للترشح للرئاسة، وتضم في صفوفها ضباطا متقاعدين من الجيش والشرطة وعددا من السياسيين والناشطين إن المصريين يربطون بين الأمن والأمان ووجود السيسي كرئيس للدولة. ويضيف ل»الشرق الأوسط» أن «السيسي نفسه يربط نزوله لانتخابات الرئاسة بنزول الناس بكثافة في الاستفتاء، وهو ما حدث وأصبح عليه أن يستجيب للإرادة الشعبية المطالبة برئاسته للدولة». وإلى جانب السياسيين والحراك الثوري، أسهم الفنانون والمثقفون في دق المسامير في نعش حكم الإخوان حين أوقفوا حفلات في دار الأوبرا وأعلنوا أمام جمهور العروض الموسيقية أنه حان وقت التغيير في مصر لإنقاذ البلاد من الحكم الظلامي. ونفذوا إضرابا واعتصاما في مقر وزارة الثقافة استمر أكثر من شهر ولم ينته إلا بعزل مرسي. ويقول الفنان أحمد بدير، الذي أدى العديد من الأدوار السينمائية والمسرحية والتي ظهر في بعضها كرجل عسكري يقدس تطبيق القانون والدقة في العمل إن ما قام به المصريون من التفاف حول الدستور إنجاز عظيم يتطلب اكتماله بترشح السيسي للرئاسة. ويضيف الفنان بدير قائلا ل»الشرق لأوسط»: «أقول للشعب المصري لقد أثبت أنك أعظم شعوب الدنيا قاطبة وأنك شعب خالد كخلود النيل واستطعت أن تقيم ثورتين في ثلاث سنوات واستطعت أن تخرج في 30 يونيو بأكبر ثورة شعبية عرفها العالم في الميادين والشوارع بأكثر من 33 مليون متظاهر». ويتابع بدير موضحا أن المصريين، وهم مقبلون على تنفيذ باقي استحقاقات خريطة المستقبل، استطاعوا «في ظل جماعة إرهابية وتنظيم دولي إرهابي وتكالب الدول ضد مصر، أن يقهروا كل هؤلاء، وأن ينجزوا دستورا عظميا لمصر المستقبل، رغم كل هذه الظروف»، مشيرا إلى أن الإقبال على الاستفتاء عليه جاء بصورة غير مسبوقة و»لم يحدث في تاريخ الدساتير أن جرى التصويت بهذه النسبة»، وإذا أرادوا السيسي رئيسا فسيأتون به عبر صناديق الانتخاب. وقال بدير، الذي لعب أشهر أداروه من خلال شخصية «الصول عبد العال» في مسرحية «ريا وسكينة» إن الشعب مقبل على انتخابات برلمانية وانتخابات رئاسية.. «وانتهى عهد شراء أصوات الناخبين بالزيت والسكر، بعد أن قال أكثر من 90 في المائة نعم للدستور. ولهذا يستطيع هذا الشعب أن يختار رئيسا، وليكن هذا الرئيس هو من يحظى بشبه إجماع شعبي عليه، وهو الفريق أول عبد الفتاح السيسي». وأضاف أن «الشعب يحب السيسي ويرى فيه أملا ونموذجا للمصري الذي يحب ويعشق تراب بلده ووقف مع الشعب في أحلك الأوقات واستطاع أن ينصر الشعب على قوى الظلام ويقهر الجماعات الإرهابية، ولم يجبر أحد الشعب على أن يطالب بالسيسي إلا موقفه الوطني العظيم تجاه بلده». ويتابع قائلا عن مشاهداته في أيام الاستفتاء على الدستور الأسبوع الماضي وما اقترن بها من ترجيحات بشأن من سيقود مصر في الفترة المقبلة: «من الطفل للرجل المسن ومن المرأة العجوز مرورا بالشباب والفتيات، لو سألتهم كلهم يقولون لك إن السيسي هو الرئيس القادم». لماذا كل هذا الالتفاف الشعبي حول السيسي؟ يقول بدير: «لأن الرجل، إضافة لمواقفه العملية السابقة، قال في آخر خطاب له إنه يستيقظ الساعة الخامسة صباحا، وسأل إن كان الشعب لديه استعاد لذلك. وأرى أن الشعب مستعد للعمل الجاد مع السيسي لإعادة بناء مصر.. هو لم يعد الشعب بأنه سيأتي له ب200 مليار دولار كما وعد الرئيس السابق المصريين، بينما اتضح بعد ذلك أنها وعود غير قابلة للتحقق»، مشيرا إلى أن «السيسي لم يعدنا بوعود رنانة، ولا وعود خلابة بلا أساس، ولكنه طلب من الشعب أن يعمل وهذا هو المطلوب منا بعد الاستفتاء». ويدور الحديث حول موائد السياسيين والمثقفين والفنانين عن احتمال عدم ترشح السيسي ودخول آخرين من الجيش والمدنيين حلبة المنافسة. لكن الفنان بدير يعود ويعلق قائلا: «نحن ليس لدينا رفاهية أن نجرب في منصب الرئيس مرة أخرى، بعد تجربة انتخابات 2012. ولا نريد أن نأتي برئيس يحظى ب51 في المائة من أصوات الناخبين، فيخرج عليه ال49 في المائة في الشوارع. من أجل تجنب هذا نحن نختار السيسي ولا نريد تجارب أخرى فاشلة على هذا الموقع، ولذلك أقول للفريق أول السيسي إن ترشحه للرئاسة إرادة شعبية.. الرئاسة تضحية في مثل هذه الظرف الصعبة التي تمر بها البلاد وهي ليست مغنم ولا مطمع بل شقاء وتعب وترميم للجراح، وهو بوطنيته ومصريته وإنسانيته وحبه لبلده، أعتقد أنه سيرضخ لإرادة الشعب المصري». ويزيد أحمد بدير قائلا عن المنافسين الطامحين في الترشح للرئاسة: «أعتقد أن كل الطامحين في خوض الانتخابات الرئاسية، سواء من عسكريين سابقين أو من مرشحين مدنيين سابقين، لن يقفوا في وجه التيار الشعبي المطالب بالسيسي رئيسا». ويمكن لموجة عارمة من المطالبات الشعبية الداعية لترشح السيسي، أن تتكسر على صخرة «عدم ترشحه» وتتفرق في أمواج متلاطمة في شوارع وميادين القاهرة والمحافظات، لتعيد القلاقل إلى البلاد مرة أخرى، كما حدث في فترتي حكم المجلس العسكري السابق ومرسي، عقب رحيل نظام مبارك، ما أدى لسقوط مئات القتلى وآلاف الجرحى. وبدت أغنية «تسلم الأيادي» التي وضعها عدد من المطربين والموسيقيين، كلحن ونشيد يردده المصريون ويعبر عن مرحلة جديد تبحث عن جنرال قوي لقيادة البلاد. وتتردد الأغنية في سيارات الأجرة وفي الشوارع والحواري وحفلات الزفاف وأعياد الميلاد. وعلى مائدة أخرى من موائد السياسيين تحدث القيادي المعروف في جبهة الإنقاذ جورج إسحاق ل»الشرق الأوسط» عن الزخم السياسي الجديد الذي اتسم هذه المرة بوجود العديد من أصوات الفنانين داخله مع قرب اختيار رئيس للبلاد، سواء كمتحدثين أو مغنيين أو متبرعين ومتطوعين للعمل العام في الظروف الصعبة. ويقول اسحاق: بداية من الفنان سيد درويش ودوره في ثورة 1919 إلى عبد الحليم حافظ ودوره في عهد عبد الناصر كان للفنانين دورهم البارز في توجيه الرأي العام. وأعتقد أنهم يكونون أكثر حساسية بشأن المستقبل، لأن الفنانين والمبدعين لا يمكن أن يعملوا في ظروف فيها اضطرابات، ولذلك فهم أكثر الناس رغبة في الاستقرار، مشيرا إلى أن الكثير من الفانين «شعروا بخطر المرحلة (في عهد مرسي) فبدأوا في الاحتجاج لأنهم كانوا يرون أن الثقافة في مصر تنهار»، مشيرا إلى أن الفنان المصري يظهر دوره حين يكون الوطن في خطر ويكون موقفه واضحا وبارزا. ويربط المصريون بين نجاح الدستور والتطلع لترشح السيسي. وتحدثت الفنانة رجاء الجداوي، التي لعبت أدوارا مسرحية كامرأة قريبة من دائرة الحكم خاصة في مسرحية «الزعيم» مع الفنان عادل إمام، عن وجود الفنانين والمثقفين مع ملايين المصريين، من أجل تغيير البلاد إلى الأفضل، مشيرة إلى موقفهم اللافت في الأيام الأخيرة من حكم جماعة الإخوان، ومشاركتهم من خلال الأغاني ومن خلال الاعتصام في مقر وزارة الثقافة مع المثقفين والكتاب. وأعربت عن أنه كان لهم فضل كبير في خروج الدستور المصري الجديد بهذا الشكل العصري، ويبحثون مع باقي المصريين عن رئيس مخلص لقيادة الدولة. وتضيف أن الدستور خرج بهذه الطريقة لأنه جرى بقيادة رجل حكيم وهو السيد عمرو موسى والحوار الهادئ في اللجنة التي ترأسها، ولم نسمع عن خلافات حادة ولم نسمع عن تبادل للألفاظ المرفوضة أو تنابذ بين أعضاء لجنة صياغة الدستور. حتى الخلافات كانت هادئة جدا وأدت لخروج الدستور بطريقة هادئة، وعبرت عن كل أطياف الشعب. وتقول الجداوي عن كاريزما الرئيس التي ترى أنه يصلح لقيادة البلاد في هذه المرحلة: أنا أرى أن أي واحد يحب مصر بإخلاص ويدافع عنها وينتمي لأرضها ويحبها بلا غرض شخصي أهلا وسهلا به. ليست لدي مسميات مسبقة.. هل أقول السيسي؟ أهلا وسهلا به، فقلبه ينبض بحب مصر وأسلوبه الهادئ وبصوته الذي كله ثقة ووصل لقلوب الناس. أتمنى أن يكون موجودا لقيادة مصر عن طريق رغبة شعبية جماعية، وإذا هو رشح نفسه فأهلا وسهلا به. ويقول أحمد رسلان، البرلماني السابق والذي يقود تكتلا من القبائل والعائلات المصرية المؤثرة في الانتخابات، ل»الشرق الأوسط»: كل المؤشرات تتجه لأن يكون السيسي رئيسا لمصر. بينما يرى سياسيون آخرون أن عدم ترشح السيسي ربما يفتح الباب لانقسامات في مصر بين الطامحين في الرئاسة، خاصة بين الجنرالات السابقين.