في خطوة سياسية جريئة تنم عن وعي قوي بضرورةإعلاء المصلحة الوطنية وتفضيلها على الخلافات السياسية العابرة، أعلن الحزب الاشتراكي العمالي المعارض، انحيازه إلى موقف الحكومة الإسبانية التي يقودها غريمه الحزب الشعبي المحافظ، مؤيدا رفض إجراء استفتاء تقرير المصير السياسي لإقليم كاتالونيا الذي صوت لصالحه البرلمان المحلي يوم الخميس الماضي. وصرحت إلينا فالينثيانو، نائبة الأمين العام للحزب الاشتراكي، لمحطة "كادينا سر" على هامش النقاش الجاري بالبرلمان الوطني بمدريد " إنه يمكن للحزب الشعبي، الاعتماد على تأييد حزبها بخصوص الموقف الرافض للاستفتاء الذي يهدف في حقيقته حتما إلى استقلال الإقليم عن المملكة الإسبانية". وعارضت فلنثيانو، توجه الحكومة الحالية نحو مجابهة مع القوى السياسية المؤيدة للاستفتاء في كاتالونيا، داعية إلى تعميق الحوار الديموقراطي والتفكير في بدائل لاحتواء الأزمة بما فيها إجراء تعديل دستوري، يعيد بناء هيكلة العلاقة بين الحكومة المركزية والحكومات المستقلة في الاقاليم الإسبانية. وحسب القيادية الاشتراكية، فإن التعديل الدستوري إذا ما تم سيكون الهدف منه الحفاظ على وحدة النسيج الوطني وتثبيت العدالة المجالية بين الاقليم وتأكيد سمة التعددية المميزة للشعب الإسباني ضمن إطار الوحدة، محذرة في الوقت ذاته الجميع من خطورة ما يمكن أن يقع. وأعادت المسؤولة الحزبية التذكير بالمقترح الذي تقدم به حزبها إلى البرلمان الوطني من أجل اعادة النظر في ما أسمته النموذج الترابي الإسباني، معربة عن يقينها بأن المؤسسة التشريعية الوطنية هي وحدها الإطار المناسب لإجراء نقاش ديموقراطي بين ممثلي الشعب بخصوص القضايا الأساسية. وكان برلمان الأقليم الساعي إلى الاستقلال قد صادق على ملتمس يطلب بموجبه من مجلس النواب فيمدريد منحه الصلاحية التشريعية لدعوة الناخبين في الإقليم إلى الاستفتاء المعلن عنه في شهر نوفمر المقبل، كما ينص على ذلك الدستور، مع الإشارة إلى أن مجلس الوزراء يمكنه أن يرفض أي طلب بهذا المعنى وصوت لصالح الملتمس نواب حزب "وحدة ووئام" الذي يتزعمه، أرتور ماص، رئيس الحكومة المحلية وأحزاب اليسار الجمهوري ودعاة الانفصال وعارضه نواب الحزب الاشتراكي العمالي باستثناء ثلاثة نواب ساندوا مقترح الحكومة المحلية الانفصالي. واثار موقف النواب الثلاثة أزمة في صفوف الاشتراكيين الإسبان، تم التطرق إليها يوم السبت الماضي أثناء اجتماع المجلس الفيدرالي للحزب. وكان فرع الحزب الاشتراكي في، كاتالونيا، طالب النواب المنشقين، بالتخلي عن عضويتهم في البرلمان المحلي ووضعها رهن إشارة الحزب،تفعيلا لمبدأ الانضباط، لكن النواب الثلاثة عارضوا هذا الإجراء وأكدوا أنهم لن يتخلوا عن انتمائهم للحزب والعائلة الاشتراكية الإسبانية، مبرزين أن ما اقدموا عليه يدخل ضمن الديموقراطية والتعددية في الرأي. وفي هذا الصدد قالت فالنثيانو، إن القيادة الاشتراكية تترك للمناضلين في برشلونة حرية معالجة الموقف، مشددة على موقف الاشتراكي العمالي من دعاة الانفصال او الاستقلال. إلى ذلك، يبدو ان الدعوة الاستقلالية التي التف حولها تحالف اليمين الليبرالي واليسار المتطرف في كاتالونيا، لم تلق الصدى الإيجابي داخل إسبانيا وكذا في الخارج وتحديدا في القارة الأوروبية التي تسعى إلى مستوى متقدم من الاندماج. ووردت إشارة التهدئة على لسان نائب من حزب "وحدة ووئام" متزعم الدعوة إلى الانفصال في مجلس النواب الإسباني إذ صرح إن القطيعة ليست واردة، ما يعني وقوف "الاستقلاليين" أمام جدار سميك من الرفض لخطوتهم،وان البعض منهم قد يتراجعون، بعد شعورهم أنهم محاطون بالعوائق الدستورية وممانعة فئات واسعة في صفوف الشعب الإسباني، ما قد يفتح الباب أمام إجراء تعديل دستوري لمواجهة إشكالات أخرى لم تكن حاضرة أمام الذين صاغوا الدستور التوافقي خلال النصف الثاني من سبعينيات القرن الماضي.