سيرا على عادتها في السنوات الأخيرة تحولت مدينة مراكش المغربية هذه الأيام إلى وجهة مفضلة لعدد من مشاهير العالم الراغبين في توديع سنة ميلادية واستقبال أخرى تحت سماء المدينة الحمراء الدافئة. ويمكن القول إن مجيء مشاهير العالم إلى مراكش صار عادة وليس استثناء، إما للزيارة السياحية أو للمشاركة في تظاهرات ولقاءات ومؤتمرات، ذات طابع سياسي أو اقتصادي أو علمي أو رياضي أو فني، أو غيره. وكانت المدينة قد استقبلت، قبل أيام، كوكبة من نجوم الفن والرياضة، بمناسبة احتضانها الدورة ال13 من المهرجان الدولي للفيلم، والنسخة العاشرة من «موندياليتو» كرة القدم (كأس العالم للأندية)، بداية من شارون ستون ومارتن سكورسيزي وجولييت بينوش وعادل إمام، وصولا إلى البرازيلي رونالدينهو، والفرنسي فرانك ريبيري، والإسباني بيب غوارديولا، مرورا بالسويسري سيب بلاتر، والمصري محمد أبو تريكة، والإيطالي مارتشيلو ليبي، وغيرهم. في غضون ذلك، ستواصل الإقامات السياحية الفاخرة بمراكش فتح أبوابها أمام مشاهير العالم، المحسوبين على عوالم السياسة والاقتصاد والفن والرياضة والموضة، آتين إليها من شرق وغرب الأرض.. من شمالها وجنوبها، للاحتفال بمطلع السنة الميلادية الجديدة. وعلى عكس الطقس البارد الذي يميز أوروبا، بشكل خاص، هذه الأيام، تعيش مراكش جوا معتدلا، حافظ للمدينة الحمراء على زرقة سمائها وأشعة شمسها، الشيء الذي يضمن لزوار المدينة فرصة التمتع بطقسها الدافئ ولياليها الساحرة. ويتداول عدد من التقارير أسماء كثيرة ذات رنين خاص، تشمل مشاهير السياسة والاقتصاد والفن والرياضة، ممن ينتظر وصولهم إلى مراكش للاحتفال بنهاية سنة ومطلع أخرى. وتؤكد الإحصاءات أن نجوم ومشاهير فرنسا يشكلون النسبة الأكبر من بين النجوم والمشاهير، الذين يقصدون مراكش. ومن بين أبرز الشخصيات الفرنسية التي اعتادت استقبال السنة الجديدة في مراكش، نجد الرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي وعقيلته كارلا بروني، والرئيس السابق لصندوق النقد الدولي الفرنسي دومينيك ستراوس - كان، فضلا عن عدد من نجوم الرياضة العالمية، يتقدمهم عدد من نجوم فريقي «إف سي برشلونة» و«ريال مدريد»، سواء كانوا سابقين أو حاليين، إضافة إلى عدد من نجوم الفن والسينما والمال والأعمال في العالم. وفي حين تسبق بعض مشاهير العالم إعلانات وأخبار قدومهم إلى مراكش في وسائل الإعلام، يختار آخرون أن يكون لزياراتهم طابع الخصوصية، وأن يمر احتفالهم بمطلع العام الجديد، بعيدا عن الأضواء. وإلى جانب السياح العاديين والاستثنائيين الذين يقصدون مراكش للزيارة، يعيش بالمدينة الحمراء آلاف المقيمين الأجانب، ويفوق عددهم 20 ألفا، معظمهم فرنسيون، يترافق مقامهم بالمدينة المغربية بجملة من العادات، تهم الأكل والشرب والتواصل والاحتفال بالمناسبات الدينية والوطنية، وغيرها، ولذلك يبدو طبيعيا أن تقترح المحلات التجارية متطلبات الاحتفال بنهاية السنة، وهي متطلبات صار يشترك في الإقبال عليها السياح والمقيمون الأجانب، وحتى بعض أبناء المدينة والبلد. وأخذا بعين الاعتبار قيمة الحدث وعدد وشهرة وجنسيات قاصديها، فإن المدينة تعيش، هذه الأيام، على إيقاع تدابير أمنية خاصة، سطرتها سلطات المدينة، تتضمن إجراءات وقائية واحترازية ورفع حالة التأهب واليقظة، بشكل يضمن ويوفر راحة البال ومتطلبات الأمن والسلامة للزوار. كما اتخذت الوحدات والمركبات الفندقية الترتيبات التنظيمية اللازمة لاستقبال ضيوفها وزبائنها، وتزينت المطاعم والمقاهي والملاهي بمظاهر الاحتفال بنهاية السنة، فيما تشهد المتاجر رواجا، خاصة فيما يتعلق بشراء الهدايا والحلويات ولعب الأطفال والعطور والمجوهرات والألبسة، في وقت يجد فيه البعض، في المناسبة، فرصة للكسب، خاصة بالنسبة لممتهني التصوير الفوتوغرافي وبيع الورود وباقي لوازم الاحتفال. وحافظت وجهة مراكش على بريقها وسحرها، بين سياح العالم، كما لم تتوقف بها عجلة الاستثمار السياحي، رغم الظرفية الدولية الصعبة والهزات التي عرفتها السياحة العالمية. ويرى مسؤولو المجلس الجهوي للسياحة في مراكش أن المشاريع المنجزة والغلاف المالي للاستثمارات يدلان على «الثقة التي يضعها المقاولون والمستثمرون في القطاع السياحي في مستقبل النمو السياحي وآفاقه الواعدة بمراكش»، كما يؤكدان موقع المدينة الحمراء بصفتها «وجهة سياحية عالمية». وينتظر أن تعزَّز البنية الفندقية بمراكش، خلال السنوات الثلاث المقبلة، بعشرين وحدة فندقية مصنفة، بينها «موفمبيك» و«باغليوني» و«رويال بالم» (2014)، و«بارك حياة» و«مانداران أوريانتال» (2015) و«كارلتون ريتز» (2016). كما يتوقع أن تصل طاقة الإيواء بالمدينة، خلال 2014، إلى 71 ألف سرير. وقال لحسن حداد، وزير السياحة المغربي، نهاية الأسبوع الماضي، في لقاء مع الصحافة، على هامش لقاء مع مهنيي السياحة بالجهة، إن مراكش «استطاعت أن تعزز مكانتها بصفتها وجهة سياحية متميزة على الصعيد العالمي»، إذ «صنفها عدد من المؤسسات السياحية العالمية المتخصصة، ضمن أفضل عشر وجهات سياحية عالمية»، مشددا على أن ب«مقدور المدينة الحمراء أن تستقطب أزيد من خمسة ملايين سائح، في أفق 2020». وتشير الإحصاءات الخاصة بأعداد السياح الوافدين إلى مراكش إلى أن الفرنسيين يحتلون المرتبة الأولى، يليهم الإنجليز والإسبان والألمان والإيطاليون والهولنديون والأميركيون والعرب، فضلا عن المغاربة المقيمين في الخارج، من دون الحديث عن السياحة الداخلية، التي تحولت إلى صمام أمان يخفف على السياحة المغربية، بشكل عام، تداعيات الأزمات التي تطال السياحة عالميا.