عادت المناوشات، السبت، بين الإخوة الفرقاء بغرداية، حيث عرف الطريق الرابط بين بلدية ضاية بن ضحوة وغرداية، وتحديدا بمنطقة الشيخ بابا، مصادمات بين الطرفين خلفت عددا من الجرحى، بعد قيام مجهولين كانوا على متن دراجات نارية بالاعتداء على امراة وحافلة نقل مسافرين كانت متوجهة إلى بلدية ضاية بن ضحوة. أوقفت أمس مصالح الدرك الوطني بغرداية 22 شخصا عقب الأحداث الأخيرة، بينما أمر وكيل الجمهورية بمحكمة غرداية بوضع 04 شبان تحت الرقابة القضائية وتوجيه استدعاءات مباشرة ل 04 آخرين، بينما لا يزال قاضي التحقيق لدى نفس المحكمة يباشر التحقيقات القضائية مع 05 شبان. وذكرت مصادر "الشروق" أن 61 شرطيا تعرضوا لإصابات خطيرة بينهم شرطي أصيب بشلل ويخضع حاليا للعلاج المكثف نظرا إلى قوة الإصابة. ورغم عودة الهدوء نسبيا إلى عموم المدينة المكلومة، لا تزال بعض المحلات التجارية مغلقة مما صعب على المواطنين اقتناء المستلزمات اليومية على غرار الخبز، بسبب التخريب الذي طال بعض المرافق ومنها المخابز ومحلات بيع حليب الرضع. كما خاطر بعض التجار بأنفسهم وفتحوا محلاتهم في إطار محصور جدا بأطراف المدينة وتبقى المواد الاستهلاكية والخضر والفواكه شبه منعدمة، سيما بعد إضراب التجار، وامتنعوا عن مزاولة نشاطهم، حيث قاموا بإخلاء مستودعاتهم بالكامل من السلع إلى غاية تأمين المحلات خوفًا من عودة أعمال الشغب. وتكشفت الصورة جيدا بالحيين اللذين انطلقت منهما شرارة الأحداث، حيث وقفنا بحي المجاهدين على حالات تخريب واسعة طالت 25 منزلا تم نقل أصحابها إلى ابتدائية الشهيد مولاي إبراهيم. ولا تختلف أوضاع العائلات من حي القصر القديم عن تلك التي عاشتها الأسر بحي المجاهدين، حيث تم نقل 16 عائلة تضررت منازلها إلى خارج محيط القصر، فيما ظل سكان الحيين يعتمدون على إعانات ومساعدات ذوي البر والإحسان الذين هبوا في وقفة تضامنية وجلبوا لهم ما تيسر، منها الأغطية وحافظات الأطفال والحليب ونصبوا خيمة لتحضير الوجبات في ظل الندرة. في وقت طالب السكان بتسخير أطباء نفسانيين للأطفال والنساء نظرا إلى وقع الصدمة وقوة الاشتباكات الدامية ومداهمة البيوت وإرعاب ساكنيها. يذكرأن أصواتا تعالت بالمنطقة تنادي بضرورة تطبيق حظر التجوال لتفادي الصدامات. كما استنكرت الجمعيات والهيئات الأحداث منها إدارة الشيخ بيوض التي عبرت عن استيائها نتيجة انتهاك حرمة المقابر والأوقاف. كاميرات فوق بنفسجية وأعوان بالزي المدني لضبط المخربين بغرداية استعملت مصالح الدرك بغرداية، كاميرات مراقبة رقمية متطورة مزودة بالتقنية فوق البنفسجية لرصد تحركات المتسببين في أعمال الشغب والنهب وتصويرهم في وضعيات مكبرة تسمح بتحديد ملامحهم والتعرف عليهم سريعا. وقد تم تكليف أعوان من الدرك الوطني بالزي المدني لتوقيفهم، خاصة أولئك الذين تم إمساكهم متلبسين بإثارة العنف والنعرات والبغضاء بين الأهالي وتهجير العائلات وحرق أثاثهم في الشارع. من جهة أخرى، أوضح مصدر أمني رفيع المستوى ل "الشروق"، أن مصالح الشرطة تحركت وفق الإمكانات المتوفرة من اليوم الأول للأحداث بغية إخماد نار الفتنة باستعمال الطرق الوقائية والدفاعية لتأمين حياة السكان ومنع انتشار شرارة العنف. وتطلب الأمر استدعاء وحدات إضافية بالتنسيق مع المسؤولين دون تقصير، لكن حدة المواجهات بين الطرفين في أكثر من منطقة، زادت من روعة الأحداث بدليل أن 60 شرطيا أصيبوا بجروح متفاوتة الخطورة بينهم شرطي جروحه بليغة في الرأس استدعت نقله للعلاج في مستشفى بالعاصمة. الإعلان عن تشكيل لجنة وطنية لوأد "الفتنة" في غرداية أعلن شيخ الزاوية العلمية لتحفيظ القرآن والذكر الحكيم، وإمام المسجد الكبير بولاية الجزائر، علي عيّة، عن إطلاق "مبادرة لتشكيل لجنة صلح ذات البين بين الإخوة الكرام في غرداية". عيّة، في بيان تلقت "الشروق" نسخة منه، أكّد بأنّه تمّ التشاور "مع عدد من الأئمّة وكبار السن وأصحاب الحكمة"، على تشكيل لجنة وطنية ومحلّية للعمل على إصلاح ذات البين وفض الخلافات بين أهالي غرداية، على أن يتمّ التنسيق مع أعيان المنطقة للإسراع في إخماد ما سمّاه "نار الفتنة"، ونبذ العنف بكافة أشكاله وتعزيز النسيج الاجتماعي.