اختتمت، أمس، فعاليات الدورة الرابعة لمهرجان الجزائري الدولي للسينما، وشهدت فعاليات الطبعة الرابعة حضورا مميزا للنخبة المهتمة بالسينما، بينما لم تتحقق وعود محافظة المهرجان، زهيرة ياحي، التي أكدت، خلال ندوة الافتتاح، أن ضبط موعد فعاليات المهرجان هذا العام مع موعد العطلة المدرسة قادر على استقطاب الجمهور العريض. بحسب شاشة المهرجان الذي دام لمدة 8 أيام، فإن "الالتزام" في السينما يعني التحدث عن قضايا القارة السمراء، والابتعاد عن الإثارة، سيما منها المشاهد الجنسية التي تعتبر، حسب مفهوم "الالتزام" مشاهد مبتذلة غير مرحب بها، وأيضا من خلال إعطاء المساحة للتجارب الأولى، على سبيل المثال الفيلم الطويل الغاني "معركة تباتو" للمخرج جواو فيانا، والذي تناول حكاية من العمق الإفريقي، يعرج خلاله المخرج إلى مشاهد من قرية صغيرة هي في الأصل بيئة الممثلين المشاركين في الفيلم، حيث تبدو الحياة في إفريقيا ضحية الحروب وتشكل مشاهد مزرية من الناحية الاقتصادية ولكنها غنية بالقيم الإنسانية، ما يجعل الفيلم الذي يعتبر العمل الأول الطويل في مسيرة المخرج، يقترب من المفهوم المحدد في نشرية المهرجان، والذي أشار إلى البعد الإنساني للأفلام، وبعبارة أخرى أوضح: "لا يقتصر الالتزام على الحقل السياسي، بل يمتد في عالم أحادي القطب إلى القضايا المختلفة، ويثير التفكير المنصب نحو رجوع للدفاع عن الإنسان بغضّ النظر عن الحدود"، وهنا تتجسد أيضا حلقة أخرى من الالتزام في السينما من خلال روح السينما التي نجدها في أبناء المجتمعات الفقيرة. فالالتزام، حسب المهرجان، لا يعني بالضرورة أن ننجز أفلاما بإمكانيات هوليودية يشارك فيها برات بيت وأنجيلا جولي وتبلغ تكلفة إنجازها ملايين الدولارات. اختيار موفق للأفلام الوثائقية بساطة الإمكانيات المعتمدة في الأفلام التي عرضت في إطار المهرجان تجلت أيضا خلال فيلم "ما وراء خطوط العدو" للمخرج الجنوب إفريقي لانتسوي سيروتي، الذي نجح في أن يصور حكاية من وحي الأبرتايد، عميقة البعد الإنساني بما يغفر للمخرج الثغرات التقنية والإخراجية التي ظهرت في الفيلم، قربها إلى المفهوم الحقيقي للالتزام الذي أسس عليه المهرجان قبل نحو أربع سنوات في إطار تظاهرة مهرجان "البناف" في الجزائر، ولكن المهرجان لم يستطع أن يتخلص من ملامح الطبعة الأولى، وهو يسلّط الضوء بشكل كبير على القارة السمراء، وفي أبعد الحدود الحديث على الفكر اليساري والقضية الفلسطينية. ومقارنة بين الأفلام الطويلة الثمانية، وال11 فيلما وثائقيا، التي تم عرضها في المهرجان، نلمس تفوق الصورة الوثائقية سيما في فيلم "عذاب رهبان تبحرين السبعة" للمخرج الجزائري مالك آيت عودية، وفيلم "سينما كومونيستو" للمخرجة الصربية ميلا توراجيك، وفيلم "كونغ بين ليل هندو صيني طويل" للمخرج الفلبيني لام لي، وكلها أفلام خطفت الأضواء من الأفلام الطويلة المشاركة. جائزة الجمهور تظلم فيلم "لا" ومن الأفلام التي ظلمت في المهرجان فيلم "لا"، للمخرج التشيلي "بابلو لارين"، الذي وقع ضحية الأخطاء التقنية، ما أدى إلى تأجيل العرض، فهذا الفيلم الذي سجل حضورا مميزا السنة الماضية في شاشات السينما الأوروبية تحديدا، ولكنه لم يأخذ حقه الكامل من المنافسة على جائزة الجمهور في مهرجان الجزائر الدولي للسينما، كما ظلمت العديد من الأفلام الجزائرية التي لا تقل تميزا عن الأفلام المشاركة في المهرجان، كأفلام المخرج مرزاق علواش الذي يجمع المخرجين على أنها تتسم بالالتزام.