الخبر الذي أعلنته مذيعة قناة «فوكس نيوز» جنيفر غريفين، أمام الرأي العام قبل أكثر من عام، كان أشبه بالزلزال، عندما أطلت غريفين في 26 أكتوبر (تشرين الأول) 2012، قبل وقت قصير من الانتخابات الرئاسية، لتلقي عددا من المزاعم المزلزلة لعدد من الحقائق التي يعرفها الناخبون بشأن هجوم 12 سبتمبر (أيلول) 2012 على مجمع القنصلية الأميركية في بنغازي. وكان أكثرها تأثيرا قولها «علمت (فوكس نيوز) من مصادر كانت على الأرض في بنغازي أن ملحق وكالة الاستخبارات المركزية بعث بطلب عاجل للحصول على دعم الجيش في الهجوم على القنصلية الأميركية والهجوم الذي تلاه بعدة ساعات على الملحق نفسه رفضته قيادة الاستخبارات - التي طلبت من العميل الانسحاب بدلا من مساعدة فريق السفير عندما كانوا يتعرضون لإطلاق النار في الساعة 9:40 صباحا في بنغازي». وكان جندي القوات الخاصة السابق تايرون وودز جزءا من فريق صغير داخل ملحق وكالة الاستخبارات الواقع على نحو ميل من القنصلية الأميركية، حيث تعرض السفير كريس ستيفنز وفريقه للهجوم. وعندما سمع وزملاؤه صوت الرصاص طلبوا من رؤسائهم الإذن بالذهاب إلى القنصلية لتقديم يد العون «لكنهم طُلب منهم الانتظار، بحسب شخص مطلع على هذه المراسلات، ثم طُلب منهم في ما بعد الانسحاب». وأصدرت وكالة الاستخبارات في حينها نفيا قاطعا ونادرا لتلك المزاعم، قائلة إنه ما من أحد في أي مستوى في وكالة الاستخبارات المركزية طلب من أحد ألا يساعد المحتاجين، زاعمة أن «العكس هو الصحيح». وقد أوردت وكالة «أسوشييتد برس» خبرا يفيد بأن شهادات وكالة الاستخبارات في الكونغرس والمتعاقدين الأمنيين تدعم مزاعم الوكالة. وقالت إن الموقف على الأرض في تلك الليلة كان فوضويا وغير واضح، وتلقى ملحق الوكالة اتصالا الساعة 09:40، وتطلب الأمر نحو 25 دقيقة ليتأهب كل الأفراد. وتصف وكالة «أسوشييتد برس» ما يبدو أنه قد حدث في الدقائق الحاسمة، بناء على مقابلة مع النائب ويستمورلاند رئيس اللجنة الفرعية التي استمعت إلى الشهادة. وقالت الوكالة: «قال ويستمورلاند إن متعاقدي وكالة الاستخبارات الأمنيين استقلوا شاحنتين، وكانت أسلحتهم معدة للاشتباك، وبمجرد سماعهم لصرخة الاستغاثة على اللاسلكي قادمة من المجمع الدبلوماسي أراد البعض المسارعة إلى المجمع الذي لا يبعد أكثر من ميل، وتنامى قلقهم لدى سماعهم عن تزايد الذعر بين الدبلوماسيين الذي أخبروهم بأن رجال الميليشيات أضرموا النار في المجمع.. وقال قائد فريق وكالة الاستخبارات وقائد ملحق بنغازي للجنة إنهم حاولوا (جمع حلفاء ليبيين ومعلومات استخبارية قبل الدخول في المعركة، وإنهم كانوا متخوفين من إرسال عملائهم إلى كمين من دون دعم). وطُلب من متعاقد أمني واحد على الأقل، والذي كان جنديا سابقا، (الانتظار) مرتين على الأقل، واعترض على قرار قائد فريقه الأمني بحسب شهادته، التي أعاد ويستمورلاند روايتها. وقد رفض ويستمورلاند نشر أسماء الضباط الذين شهدوا لأنهم لا يزالون يعملون بالوكالة». هناك تعارض واضح بين تقرير «فوكس نيوز» في 26 أكتوبر والسبق الصحافي لوكالة «أسوشييتد برس»، ففي الوقت الذي أشارت فيه الأخيرة بخصوص الأوامر إلى ضرورة الانتظار لوصول الدعم، أوردت «فوكس نيوز» أن «المتعاقدين الأمنيين تجاهلوا هذه الأوامر وشقوا طريقهم إلى القنصلية التي كانت تشتعل في تلك اللحظة». ولم تورد ال«أسوشييتد برس» مثل هذا التحدي، لكنها قالت: «عندما اتضح أن هذا الدعم الإضافي لن يتوافر سريعا، تحرك الفريق نحو المجمع الدبلوماسي».