انتقد جامعيون ومثقفون جزائريون ومغاربة، الوضع الذي آلت إليه العلاقات الجزائرية المغربية، ورفضوا أن يذهب "الشعبان الشقيقان" رهينة للحسابات الضيقة للنظامين الجزائري والمغربي. كما حملوا المثقفين والنخب السياسية في البلدين مسؤولية القيام بالمبادرات التي من شأنها إزالة الاحتقان السياسي الذي أفسد التقارب المأمول. وجاء في البيان، الذي وقعه ثمانون جامعيا ومثقفا وصحافيا وفنانا، يتقدمهم أستاذ علم الاجتماع بجامعة الجزائر 2، ومدير مخبر الدين والمجتمع، زبير عروس: "منذ عقود، ما فتئت العلاقات الرسمية بين بلدينا، الجزائر والمغرب، تسير من سيء إلى أسوأ. ولا شك في أن لهذا المنحى أسبابا، من بينها الآثار التي خلفها الاستعمار، الطابع التسلطي لنظام الحكم المعتمد بعد الاستقلال، إضافة إلى غياب المبادرات المستقلة لدى المثقفين والمجتمع المدني في البلدين. وما نلحظه هو أنه كلما كانت هناك بوادر للانفراج بين الدولتين إلا ووقع إجهاضها!" وكانت العلاقات بين الجزائر والرباط قد دخلت مرحلة متقدمة من التدهور والانحطاط، وصلت حد تدنيس متظاهرين مغاربة للعلم الوطني بعد أن أنزلوه من مبنى القنصلية الجزائرية بالدار البيضاء المغربية قبل أسابيع. وهي الحادثة التي أعقبت خطابا ناريا من العاهل المغربي ضد الجزائر، تبعه استدعاء سفيره للتشاور، الأمر الذي رد عليه الطرف الجزائري بطلب اعتذار رسمي وتمكينه من المشاركة في التحقيق حول الاعتداء على مقر القنصلية وتدنيس العلم الوطني. وأكد موقعو البيان، في عريضة تلقت "الشروق" نسخة منها، أن رفاهية شعوب المنطقة المغاربية تمر عبر بناء فضاء مغاربي مستقر يطبعه التعاون المشترك. وأضاف البيان: "إن العلاقات التاريخية والثقافية والاجتماعية، بين الشعبين الجزائري والمغربي، لهي من أوثق العلاقات التي يمكن أن تجمع بين شعبين. وعليه، فإن الوضعية التي نعيشها اليوم هي وضعية غير معقولة، تكتسي طابعا عارضا، لا يمكنه أن يسد الآفاق الواعدة، ولا أن يحجب الحاجة الملحة إلى بناء فضاء مغاربي مستقر، ينعم فيه الشعبان بالازدهار والحرية». وخاطب المثقفون الجزائريون والمغاربة، السلطات السياسية في كل من الجزائر والرباط: "نتوجه إلى القائمين على شؤون الشعبين ونخبهما السياسية والفكرية، لدعوتهم إلى: اعتبار المسار المغاربي مسألة جوهرية وعدم ربطه بشرط فض الخلافات السياسية، والكف عن تأليب الشعبين ضد بعضهما البعض بالمزايدات والشحن الإعلامي، والعمل من أجل تسوية المشكلات القائمة بين البلدين بحكمة ووفق المصالح المشتركة، والتعاطي مع القضية الإقليمية، أي قضية الصحراء، في إطار المؤسسات الأممية المختصة، مع تمكين مؤسسات التشاور والتعاون المغاربية من أداء المهمات المنوطة بها».