كلما جاء موعد الرئاسيات تهافت رؤساء الأحزاب الصغيرة على نية الترشح وتحركت الآلة الإعلامية للأحزاب الموسومة بالكبيرة لمساندة الرئيس، وعادت وجوه من شاركوا في رئاسيات ماضية إلى الواجهة حتى صار هذا الموعد الانتخابي مثل مواعيد جنازات كبار القوم التي تتحول إلى تجمع سياسي تلتقي فيه المتناقضات. سباق الأرانب السمينة والنحيفة؟ يتوقع المتتبعون للشأن الجزائري أن يتجاوز عدد المرشحين لرئاسيات 2014م جميع التكهنات بسبب تسريبات تفيد أن التعويضات للمترشحين قد تصل إلى ملياري سنتيم وهناك مؤشرات على ارتفاع مواز لأسعار التوقيعات، وقد تشكلت في بعض الولايات (عصابات) لجمع هذه التوقيعات وإعادة بيعها. هناك استخفاف وابتذال إعلامي لمنصب "القاضي الأول" في البلاد يشبه ما وقع في رئاسيات 2004م حيث قامت إحدى الصحف الوطنية باللغة الفرنسية بترشيح "بواب" الجريدة لهذا المنصب؟، وكأن مناصب السيادة في الجزائر صارت ل "من هب ودب" فهل انتقلت عدوى سلوك الترشح للبرلمان إلى من يعلنون نية الترشح للرئاسيات؟. أعتقد أن من يجرؤ على هذا الفعل دون أن له الإمكانيات المعرفية والمادية والمؤهلات العلمية والحضور الشعبي إنما هو شخص لا يستحق الاحترام بمجرد ذكر اسمه على صفحات الجرائد، ويفترض أن يمتنع رجال الإعلام عن تشجيع هذا الابتذال للمناصب السيادية، لكن هناك بعض أصحاب القرار يريدون تشجيع هذه الظاهرة حتى يتمكنوا من ايهام المواطنين بأنه من الأفضل التمسك بالرئيس السابق، فحديث الكواليس يحمل الكثير من هموم العشرية السوداء التي كان يطرح فيها سؤال: "من يقتل من؟" الذي كان امتدادا للسؤال المطروح في عهد الحزب الواحد "من يخلف من؟" باعتبار أن الرئيس الراحل هواري بومدين كان يخلف نفسه والرئيس الشاذلي بن جديد سار على منواله وهاهو الرئيس عبد العزيز يتتبع خطواتهما، فالذين يطالبونه بالترشح لعهدة رابعة إنما يريدون البقاء باسمه في السلطة لكن مرضه قد يجعلهم في أوضاع حرجة أمام الرأي العام الدولي بعد أن ضللوا الرأي العام الوطني بأنه الأوفر حظا للنجاح في رئاسيات 2014م دون أن يدركوا أن ما حدث خلال العهدات الثلاثة لحكمه يطرح الكثير من التساؤلات، فإذا كان في العهدة الأولى قد حمل شعار "لن أرضى أن أكون ربع رئيس أو نصفه" مشددا على استرجاع الصلاحيات كلها إلا أن العلاقة بين الرئاسة والمؤسسة العسكرية اتسمت بالمواجهة الخفية حينا والمعلنة في أحيان أخرى وكان من نتائجها تشكيل "لوبيات جهوية" ووزراء فوق الوزير الأول، ومع ذلك فقد حافظ بوتفليقة على "انضباطه" لصالح العسكر، في حين أنه واجه صعوبات في الترشح للعهدة الثانية بسبب أن جنرالات دعموا ترشح علي بن فليس ومنهم المرحوم محمد العماري وخالد نزار إلا أن المخابرات رجحت الكفة لصالحه فاضطر إلى فتح ملف إمبراطورية الفساد التي كان على رأسها عبد المؤمن خليفة لكن رموز الفساد تمكنوا من التغلغل داخل المؤسسات، وحتى يصبح ذا شرعية شعبية لجأ إلى الاستفتاء على السلم والمصالحة لتعزيز سلطته إلا أن العملية الجراحية التي أجراها عام 2005م أدت إلى تراجع سلطته فتفشى الفساد مما جعل محيطه يستغل هذه الوضعية لإخفاء ملفات المفسدين ويظهر ذلك جليا في التسويق الإعلامي للعهدة الرابعة وحاولوا إعطاء الانطباع بأن الانتخابات مغلقة؟ , اعتقد أن من يقرأ قصة النبي سليمان سيجد فيها عبرة لمن لا يعتبر فهناك من اعتقد أن سليمان لن يموت لكنه توفي ولم يعلم به أحد حين كان يتكئ على عصاه وأخذت الأرضة تأكل من منسانه حتى سقط فأدرك الكل أنه مجرد بشر وهم الذين كانوا يقولون إن سليمان يتحكم في الجن والإنس مثلما يقول جماعة الرئيس اليوم أنه يملك السلطة المطلقة التي تخول له تعيين خليفته متجاهلين الحقيقة التي تقول إن "سليف بن بنيك بن دعيم" لا يستطيع مقاومة انخفاض سعر البترول أو ملاحظات صندوق النقد الدولي أو ما قد يحدث على الحدود الجزائرية بمعنى أن المستثمرين في الجزائر يأخذون سلفيات من البنك ويحظون بالدعم الحكومي لمشاريعهم فنتج عنه اقتصاد فاسد لأن الأرضة (الدودة) التي تنخر في جسم الدولة الجزائرية هي الأحزاب والمجتمع المدني المطالبة بالعهدة الرابعة ومن ينتظرون المؤسسة العسكرية ليخلفوا بوتفليقة هؤلاء جميعا إلى جانب حاشية الرئيس هم الذين حولوا الجزائر الى حلبة لسباق الأرانب مع مرشح العسكر. "الشروق" الجزائرية