توسّعت القاعدة السياسية الرافضة لكل ما يصب في مصلحة العهدة الرابعة، وبات التقارب الذي يطبع العلاقة بين فرقاء المعارضة، يؤشر على إمكانية صدور قرارات حاسمة من الجناح الرئاسي، من شأنها أن تزيد من حدّة الاحتقان السياسي الراهن. وذكرت مصادر من داخل هذه "الجبهة السياسية" التي باتت تسمى مجموعة ال19 بدل مجموعة ال14 بعد انضمام أحزاب جديدة، وشخصيات داعمة لترشح علي بن فليس، في صورة الناشط السياسي أحمد عظيمي، والمؤرخ أرزقي فراد، أما وزير الاتصال الأسبق، عبد العزيز رحابي، فقد تعذّر عليه الحضور بسبب سفره، غير أنه بارك المبادرة، فضلا عن رئيس الحكومة الأسبق، أحمد بن بيتور، فيما سيحضر التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية كملاحظ. وقال عبد العزيز رحابي، في اتصال مع "الشروق" أمس: "هناك توافق شامل على مستوى المعارضة، يرفض الرئاسة مدى الحياة، ويعارض تعديل الدستور وإخاطته على المقاس، قبل الانتخابات الرئاسية"، إلى جانب المطالبة بهيئة مستقلة للإشراف على الاستحقاقات تكون الأحزاب السياسية طرفا فيها، فضلا عن تعديل القانون العضوي للانتخابات بما يضمن نزاهة العملية الانتخابية، ولفت المتحدث إلى أن التوافق قد يكون غير مسبوق في تاريخ الجزائر، كونه يضم جميع الحساسيات الموجودة في المجتمع الجزائري، من وطني وإسلامي وديمقراطي. وقلّل السفير الأسبق بإسبانيا، من إمكانية تأثير الطموحات السياسية للأحزاب والشخصيات المنضوية في هذه "الجبهة السياسية"، ولم يستبعد أن يفرز اجتماع اليوم، الذي تحتضنه قاعة زينات برياض الفتح في أعالي العاصمة، إجراءات تصب في إمكانية التقدم بمرشح واحد للانتخابات الرئاسية المقبلة، بالرغم من وجود طيف شخصيات تراهن بقوة على الاستحقاق الرئاسي، مثل علي بن فليس، وأحمد بن بيتور، ورئيس حركة مجتمع السلم، عبد الرزاق مقري. وعلمت "الشروق" من مصادر ساهمت في التحضير لهذا الاجتماع، الذي رخصت له وزارة الداخلية، أن أحمد بن بيتور، سيلقى كلمة باسم المترشحين، فيما سيلقي النائب السابق محند أرزقي فراد، كلمة باسم الشخصيات الوطنية، ما يؤكد أن هذا الاجتماع سيكون مقدمة لإطلاق قرارات قد يكون لها الأثر البالغ على الاستحقاق الرئاسي المقبل. وأفاد رئيس جبهة الشباب الديمقراطي للمواطنة، أحمد قوراية، في اتصال مع "الشروق" أن المجموعة التحق بها مؤخرا أعضاء جدد، ولفت إلى أن الآراء داخل المجموعة انصبت في معظمها نحو رفض تمكين الرئيس من العهدة الرابعة، وأشار إلى أن هناك من هدد بالتصعيد وبتجنيد قواعده النضالية لقطع الطريق أمام الرئيس، في حين اتخذت أطراف أخرى مواقف مختلفة منها من رأى بأنه من حق الرئيس الترشح للانتخابات الرئيسية بصفته مواطنا جزائريا، على اعتبار أن الكلمة تعود في النهاية إلى الشعب. وتصر أطراف من داخل المجموعة على ضرورة اتفاق "الجبهة" على مرشح توافقي يمثلها في الاستحقاقات المقبلة، وطرحت أسماء بعض الشخصيات التي يمكن الدفع بها في الاستحقاق المقبل، بينها علي بن فليس وأحمد بن بيتور وأحمد أويحيى، غير أن هذه الأسماء لم تلق القبول اللازم، ما يعني أن الطريق نحو الدفع بمرشح واحد تعترضه عراقيل جمّة قد يصعب تجاوزها، في ظل وجود مطالب بحصر عمل المجموعة في المسائل المتعلقة بالذاكرة، على حد ما جاء على لسان جمال بن عبد السلام، رئيس حزب جبهة الجزائرالجديدة. وبحسب المصادر، فإن النقاشات الداخلية تطرقت بشكل واسع إلى الخرجات الميدانية للوزير الأول عبد المالك سلال، واعتبروها وفق بعض التسريبات بأنها حملة انتخابية مسبقة، لكنهم أكدوا على استمرار الغموض وسيطرته على الساحة السياسية، مستندين في ذلك إلى جملة من المعطيات، من بينها التحفّظ الذي أبدته الأحزاب التي أعلنت دعمها للعهدة الرابعة، باستثناء قيادة الأفلان التي ظهرت أكثر وضوحا، معتقدين بوجود صراع خفي بين الرئيس والمؤسسة العسكرية، في وقت تعالت فيه أصوات داخل مجموعة ال14 بضرورة التحول إلى المعارضة الفعلية، عن طريق تجنيد المناضلين وتنظيم ندوات جهوية ولقاءات لطرح المطالب التي رفعوها، عوض الاكتفاء بالنشاط الاستعراضي دون تحقيق خطوات في المجال السياسي.