اعتذرت قناة «سي بي إس» الأميركية عن تقرير مضلل عن الهجمات الإرهابية في بنغازي، جرى نشره خلال أحد برامجها. وأعرب رئيس شبكة «سي بي إس نيوز» الإخبارية عن ندمه وشعوره بخيبة الأمل تجاه تقرير برنامج «60 دقيقة» الخاطئ حول الهجمات الإرهابية في بنغازي (ليبيا). وقال جيف فاجر، رئيس قسم الأخبار بالشبكة والمنتج التنفيذي للأخبار الأسبوعية، في تقرير نشرته «واشنطن بوست»: «المصداقية هي أهم شيء بالنسبة لنا»، مؤكدا أنهم لا يهدفون إلى خداع الناس، «ولكن، حين نرتكب خطأ غير مقصود، فإن المشاهدين سوف يتفهمون هذا الأمر». يذكر أن فاجر قد اتصل بمراسلة شبكة «سي بي إس» لارا لوغان، صباح أمس وأبلغها وقوع خطأ في الخبر المتعلق بأحداث 27 أكتوبر (تشرين الأول) في بنغازي، بعدها تراجعت لوغان عن نشر الخبر. وقالت لوغان إن مصدرها كان موظف أمن يدعى ديلان ديفيز، موضحة أنه قد ضللها بادعائه أنه كان في موقع الحدث ذاته، يوم 11 من شهر سبتمبر (أيلول) 2012، وقت وقوع الهجوم على السفارة الأميركية هناك. وقالت الصحيفة الأميركية، إن الحقيقة بدأت بالظهور الأسبوع الماضي، حين قام ديفيز، موظف الحراسة على السفارة الأميركية، بإبلاغ مديره أنه كان في مكان قريب من السفارة، كما أن أقواله تضاربت مع التصريحات التي كانت الشبكة سوف تعلن عنها اليوم. وحتى يوم الأربعاء الماضي، كانت «سي بي إس» تدافع بشدة عن المهنية التي تميز بها موضوع التقرير وكذلك دقة المعلومات التي سردها الشخص الذي أجريت معه المقابلة الرئيسة في التقرير. وفي السياق ذاته، قالت لارا لوغان، مراسلة الشبكة التي شاركت في إعداد التقرير، إن برنامج «60 دقيقة» أخطأ عندما لم يقر بأن الشخص الذي أجريت معه المقابلة الرئيسية في التقرير كان قد ألف كتابا عن الأحداث نشرته بالفعل شركة تابعة لشبكة «سي بي إس». وشكلت المقابلة التي أجريت مع ديلان دافيس، متعاقد أمني كان في موقع الحادث يوم 11 سبتمبر 2012 ليلة وقوع الهجوم، الجزء الرئيس في التقرير الذي أذاعه برنامج «60 دقيقة» حول الهجوم، حيث يظهر دافيس باسم مستعار «مورغان جونز» مع لارا لوغان، التي تصفه بأنه لعب دورا مهما في القتال الذي وقع أثناء الهجوم. (وكانت «واشنطن بوست» قد أفادت بأن اسم ديلان دافيس هو الاسم الحقيقي لمورغان جونز). كما تضمنت الرواية تفاصيل مثل رؤية جثة السفير كريستوفر سيتفنز، الذي لقي حتفه أثناء الهجوم، في المستشفى. غير أنه وبعد إذاعة التقرير، ظهر عدد كبير من المقالات على المواقع الإخبارية، بما فيها «واشنطن بوست» ومجموعة الرقابة على الإعلام (ميديا ماترز)، تشير إلى تقرير آخر منسوب إلى دافيس، لكنه يحتوي على معلومات مختلفة عن تلك التي سردها للوغان في تقرير برنامج «60 دقيقة»، ففي التقرير الآخر يقول دافيس إنه كان جالسا في منزله ساعة الحادث وإنه لم ير جثة السفير ستيفنز إلا على الجوال. وفي مقابلة أخرى مع المجلة الإلكترونية «ذا دايلي بيست»، نفى دافيس أن يكون قد نشر كتابا عن الحادث، وأضاف أيضا أنه كذب على أحد رؤسائه بشأن دوره في ليلة الهجوم لأنه تلقى أوامر بعدم الذهاب إلى مسرح الأحداث. غير أن لوغان، التي قالت إنها أمضت ما يقرب من عام تتقصى الحقائق عن هجمات بنغازي لعرضها في برنامج «60 دقيقة»، عزت الانتقادات التي وجهت للتقرير إلى الصراع السياسي المحتدم الذي رافق الحادث. وتعلق لوغان على تلك الانتقادات بقولها: «لقد أمضينا عاما في العمل على هذا التقرير، وبذلنا مجهودا ضخما لإبعاد السياسة عن تفاصيله». لكن نتائج التقرير كانت مثار انتقادات حزبية شديدة، فقد استشهد ليندسي غراهام، النائب الجمهوري عن ولاية كارولينا الجنوبية، برواية «سي بي إس» كدليل على أن إدارة الرئيس أوباما أخفت مجموعة من الحقائق عن هجوم بنغازي، مضيفا أن هذا التصرف من جانب إدارة أوباما كان أحد المبررات التي دفعته إلى إيقاف تعيين أي مرشح من قبل مؤسسة الرئاسة مكان السفير ستيفنز حتى يحصل على المزيد من المعلومات حول ذلك الهجوم. وأضاف لوغان أن كتاب «السفارة» الذي باسم مستعار مع دامين لويس، يقدم رواية للأحداث تتفق مع ما أذيع في البرنامج التلفزيوني. وقال لوغان: «إذا قرأت الكتاب، فستعرف أنه لم تكن هناك روايتان مختلفتان على الإطلاق. لم يكن لديه إلا رواية واحدة». وكانت دار نشر «ثريشولد إديشنز»، جزء من وحدة «سايمون آند تشوستر» التابعة لشبكة «سي بي إس»، قد أصدرت بيانا عن مورغان جونس يوم الثلاثاء، جاء فيه «يتطابق التقدير الوارد في كتابي مع ما قدمته إلى مكتب التحقيقات الفيدرالي والسلطات الأميركية بشأن ما حدث في بنغازي». وأوردت قناة «سي بي إس» أن جيفري فاجر، رئيس «سي بي إس نيوز» والمنتج التنفيذي لبرنامج «60 دقيقة»، قد أعرب يوم الثلاثاء عن أسفه لعدم التواصل بين دافيس وجمهور قناة «سي بي إس». وأردفت السيدة لوغان قائلة: «في الحقيقة، لم يجر حل عوامل القصة على الإطلاق. لقد كان خطأ وكان ينبغي لنا أن نفعل هذا الأمر، وعلى وجه التحديد بسبب عدم وجود شيء لإخفائه. لقد كان خطأ غير مقصود».