كما نسيت الروائية الكبيرة أحلام مستغانمي نفسها، وهي تزور منطقة الأوراس، فرقصت كما لم ترقص من قبل على النغم الشاوي، ستلاحظون خلال هذا الحوار الشامل مع الشروق اليومي، أنها نسفت كل الفرامل، وسارت معنا بالسرعة الخامسة لتقول ما تردّدت عن قوله في حوارات سابقة. * جئت إلى باتنة في لباس أسود يليق بك...هل من خبر ناصع يليق بنا؟ -أحلام مستغانمي: طبعاً ثمة دائماً خبرا عاجلاً يليق بكم هو أني أحبكم . ثم إني قادمة من لندن، حيث كنت ضيفة البي بي سي اللندنية، وأيضا بمناسبة صدور ترجمة لذاكرة الجسد بالإنجليزية للمرة الثانية، فالترجمة الأولى كانت ملكا لمؤسسة جائزة نجيب محفوظ التي فزت بها وتولت الجامعة الأمريكية ترجمتها ولم أكن راضية عليها، استعدت مؤخرا حقوق ترجمتها وستنزل في مكتبات لندن ونيويورك في 3 ديسمير المقبل عن دار بلومسبيري وهي أكبر دار في أمريكيا وانجلترا، فهي التي أصدرت رواية هاري بوتر الشهيرة. ولقد تعاقدت مع هذه الدار لتتولى ترجمة جميع أعمالي وتدير ترجماتها إلى اللغات الأخرى مع كبرى دور النشر العالمية. * الاتجاه لدور النشر الإنجليزية يعني أنك تبحثين عن العالمية؟ -أعترف أنني لأكثر من عشرين سنة أهملت عن حماقة موضوع الترجمة، كنت سعيدة بجماهريتي في العالم العربي إلى حد غدا هو كل عالمي ولم أكن أرد على العروض التي تُقدم لي، حتى أنني كنت أعثر وبطريق الصدفة على ترجمات لأعمالي بالفارسية والصينية والكردية دون أن أعرف أصحابها، لعلم هؤلاء أن الإبداع العربي ملك مشاع ومستباح. قررت وبعد أربعين سنة من الكتابة للقارئ العربي أن أولي اهتماما أيضا للعالم، فأدبنا لا يقل أهمية عما يصدره لنا كُتاب العالم. العالمية لا أريدها على حساب معتقداتي الدينية ولا قيمي، عندما تخسر نفسك لا مجد يعوّض خسارتك. هناك كتاب كبار جزائريون وعرب حققوا انتشارا عالميا مذهلا ونقلت رواياتهم إلى ثلاثين لغة لأنهم أحسنوا استعمال الوصفة وذهب بعضهم كذلك الكاتب الجزائري صنصال، حتى زيارة إسرائيل ليشاركها الاحتفال بذكرى تأسيسها، أي بذكرى النكبة الفلسطينية، وأعلن من القدس أن إسرائيل أول دولة ديمقراطية في العالم، وطبعا كوفئ بأكبر الجوائز العالمية. وبالمناسبة حين جمعني به مهرجان للقراءة في مونبولييه رفضت أن أمد يدي لمصافحته. لم استطع مجاملته، بينما تسابق آخرون إلى مائدته، ليتقاسموا بركاته. جائزتي الأولى احترام قرّائي لي. يكفي أن صفحة واحدة من صفحاتي على الفيس بوك تضم 3 ملايين منتسب يضاف لها مليون آخر موزع على أربعين صفحة تحمل اسمي. أي أن الخطأ ما عاد من حقي . *صنفت من طرف مجلة فوربس كشخصية مؤثرة ومن بين العشر نساء الأوائل في العالم العربي، كما نالت أعمالك الأدبية جوائز عالمية كبيرة. ألا تظنين أنك مقصرة في نقل أعمالك للغات الأجنبية؟ -أنا أباهي بالجوائز التي رفضتها لا التي حصلت عليها، وليس هنا مجال لذكرها، سأوثق ذلك في مذكراتي، ثم إني أفضل أن أكون الأولى عربيا، على أن أدعي العالمية لمجرد أن لي كتبا مترجمة لا يقرؤها أحد في العالم. أعرف أن مشكلتي هي أنني لا أملك مكتبا إداريا يروّج لأعمالي عبر المؤتمرات والملتقيات الكبرى، لكني أحس أن الله تعالى يتولى إدارة أموري. ولذا أحمده يوميا على ما أنعم به عليّ. فأنا بطبعي كسولة وخجولة لا أسعى لشيء. *وهل ما زلت تعانين من التكنوفوبيا كما قلت مرة؟ -العالم الافتراضي ليس عالمي ومازلت لا أتحكم في الإنترنت. لكن ورائي جيش من القراء بأربعة ملايين نسمة لابد من التواصل معهم وإلا فعل آخرون ذلك باسمي، الأمر على جماله أصبح مخيفا، فلقد تعرّضت صفحاتي مرارا لمحاولة الاختراق، لكن منحني ذلك سلطة حقيقية مباشرة تجعل من الصعب على أي أحد أن يحجب صوتي أو يتحدث بالنيابة عني أو أن يقوّلني ما لم أقل، هناك 45 صفحة فيسبوك تنتحل اسمي وتنسب لي مواقف سياسية وأدبية. أدرك خطورة هذا السلاح، لذلك سأختار الوقت الذي سأتكلم فيه، لدي أشياء كثيرة يجب أن أقولها، فالسكوت ما عاد مسموحا. *كثيرون كانوا يعتقدون أنك متعالية أو متعجرفة في تعاملك مع الآخرين غير أن جميعهم شعر بخيبة جميلة هي تواضعك المخجل؟ -ببساطة أنا جئت من هذه الأرض، نمت صغيرة على الأرض وشربت ماء القربة المطلية بالقطران ولبن الشكوة. نحن الجزائريين بسطاء بالفطرة وهذه هويتنا، أنا هكذا لا أتظاهر بالتواضع ولا أباهي به، هناك من يبذل جهدا ليتواضع، أنا يحدث أن أبكي عندما لا أجد ما أرد به جميل من قصدني متوهماً أنني مهمة، لقد جاءني القراء في حفل التوقيع، بكرم لا حدود له وبهدايا عجيبة أحدهم أهداني حذاء أبيضا دون أن يعرف مقاس قدمي، فقابلته بمحبة وامتنان، شاب آخر من الكشافة أهداني فولارا فاز به في مناسبة دولية أي منحني جائزته، آخر أهداني خاتما اشتراه من تركيا ربما لامرأة ما، كما أن شابا من القبائل الحبيبة أهداني زجاجة زيت زيتون قائلا نقاسم من نحب زيتنا، امرأة أهدتني جبينا من الفضة قالت في الأوراس جبيننا رمز الأنفة نزيّنه بالفضة لأنه جاهنا، وجلّ الذين جاؤوا من القراء منحوني وردة، في المحصلة الكل يقول لك أحبك بطريقته، وهذا يعني أن كتاباتي قريبة منهم وفيها شيء منهم، هناك كتاب جزائريون وصلوا لدرجة كبيرة من الغطرسة مع أنهم يتظاهرون بالتواضع ببذل جهد التواضع للاعتقاد أنهم بلغوا العالمية، أنا أعتقد أن مقياس نجاح الكاتب في بساطته. منحني الله محبة الناس والقراء وأكرمني بها، فالمحبة نعمة لا تباع ولا تشترى ومن حسن حظنا أنها لا تشترى وإلا لكان الحكام أول من اشتراها، ومن سوء حظهم أيضا أنها لا تباع في الأسواق. على الكاتب أن يتواضع لأن النجاح يعني أنه يشبه قراءه ولا يعني أبدا أنه أهم منهم. ويعني أيضا أن الله أكرمه بنعمة الشهرة وبمحبة الناس، وكل نعمة يختبرنا الله بها ، فالنعم اختبار وعلى الذين وهبهم الله نعمة المال أو السلطة أو الجاه أن يعوا ذلك. *كثير من الأدباء والكتاب دفنتهم شهرتهم أحياء في مقبرة النرجسية، ألا تشعرين أنك أكثر الروائيين تعرضا لهذا التهديد بعدما تخطيت الشهرة إلى حدود الأحلامومانيا؟ -علينا أن نفرق بين الإنسان والكاتب، كإنسانة أنا متواضعة وعفوية مع الجميع لأن البساطة هي هويتي، لكنني كروائية أنا في حضرة التاريخ، منذ طفولتي وأنا أخاف التاريخ، أذكر أنني دعيت وأنا ابنة السابعة عشرة ربيعا لإلقاء قصيدة في مهرجان عربي في تونس فرفضت لأنني ما كنت أتصور أن ألقي شعرا بما يحمله من رمزية أدبية وعاطفية في ملعب لكرة القدم وأمام جماهير تصفق وتصرخ، بينما قبل شاعر جزائري كبير آنذاك ذلك، وأدركت وأنا صغيرة أنه في الواقع ما كان شاعرا. علينا أن نعطي القيمة التاريخية للحظة، وأنا معكم وصلتني دعوة تكريم لمهرجان دولي في بيروت، لكني اعتذرت بلباقة، كما أنني اعتذر منذ عامين عن تكريمي في مهرجان "الميريكس دور" العالمي ببيروت. لا أقبل الظهور في الشاشات التلفزيونية بثياب سهرة في حفلات غنائية وأن أبتسم للمصورين بينما العالم العربي في حداد، وقلبي في حداد. أنا حذرة وحذرة أكثر، لأنني صرت رمزا وطنيا جزائريا، وفي نهاية المطاف نظرة الآخرين إليك هي صورة طبق الأصل عن نظرتك لنفسك. *يقال عن نبرتك الوطنية الحادة أنها من جينات طعّمك بها والدك.. في حياة المرأة بطل وحيد هو أبوها... هل هذا صحيح؟ -فعلا أتحدث أحيانا بقسوة المحبة عن بلدي، وأنتقد سلبيات تؤلمني جدا، ولا أغفر ما حييت لمن سطوا على ثرواته، لأنني ابنة المجاهد محمد الشريف الذي طالما سمعته يردد "جئت لهذه الدنيا شريفا وسأموت شريفا". ولدت من أب يقدّس النزاهة والوطنية، كان أحد أربعة مسؤولين عن توزيع الأملاك الشاغرة التي تركتها فرنسا عشية الاستقلال، أي كان بإمكانه أن يصبح من أثرى أثرياء الجزائر، لكنه كرجال جيله وكرفيق عمره سي عبد الحميد مهري رحمه الله عاش ومات عفيفا. سكن شقة بالإيجار، مات فيها وأنزل من طوابقها الخمسة، دائما ما يذكرني أبي بالشهيد البطل مصطفى بن بولعيد الذي أنفق أمواله من أجل الجزائر واشترى السلاح من جيبه، وهذا الصنف من الرجال كانت الجزائر في قلوبهم وليست جيوبهم كما كتبت ذات مرة. مع ذلك أنا لا أعتبر أبي ظاهرة، بل منتميا لجيل هو جيل المناضلين الذين يخدمون الجزائر ولا يخدمون بها، أما مع جيل اللصوص فقد غدت الجزائر بقرة حلوبا. *قلت في كلمتك المؤثرة لطلبة الجامعة أن الكاتب لا يساوي اللغات التي ترجم إليها، ولا الجوائز التي حصل عليها، بل القضايا التي دافع عنها، فما هي القضايا الواجب الدفاع عنها اليوم في الجزائر؟ -علينا أن ندافع عن مستقبل الجزائر، الحاضر انتهى لأنهم سطوا عليه. أقسى خسارة هي أن يضيع شعب مستقبله، نحن نكابد خسائر بالجملة على الصعيد الأخلاقي والتعليمي والمالي والاقتصادي، صحيح أنهم سطوا على أموال الجزائر وهي قابلة للتعويض، لكن الأخطر أن مستقبل الجزائر التعليمي مهدد، فهذا الجيل يعاني تدنيا في مستوى التعليم، سيحوّل أفواجاً من الشباب إلى مشاريع عاطلين ومهمّشين، أي جاهزين أن يغدوا صغار لصوص ومجرمين. هذا أمر رهيب ومرعب يتم التستر عليه بدل مواجهته بحزم، أيضا انخفض المستوى في مدرسة اطارات الدولة مقارنة بفترة السبعينيات، صار من الصعب تعويض قامات كبيرة من الجيل السابق مضت ولن تتكرر، على مستوى السياسة، كما على مستوى الأدب والثقافة والتعليم وفي كافة المجالات. بين الموت وهجرة العقول خسرت الجزائر كبار مفكريها وعلمائها وكفاءاتها. هذا كله بسبب سياسة كاملة يجب على المسئولين مراجعتها، لا بد من ثورة حقيقية في التعليم مهما كان الثمن المطلوب هذا مستقبلنا جميعا، عندما قيل للرئيس بورڤيبة الذي كان يخصص 60 % من مداخيل تونس للتعليم، أن هذه الميزانية تكلف البلاد الكثير أجاب "الجهل يكلف تونس الكثير"! وحقا الجهل كلفنا الكثير، كلفنا ملايير الدولارات لتجاوز مخلفات الإرهاب فلو أنفقنا الكثير على تعليم شبان أسوياء لما كلفنا ذلك كل الأموال الضخمة التي صرفناها لإعادة بناء المؤسسات المخربة. *وهل يمكن للتعليم وحده أن يحل مشكلة التربية؟ -تعاقدت مع دار بلومسبيري التي نشرت هاري بوتر لإصدار رواياتي بالإنجليزية في لندن ونيويورك أمر آخر يؤرقني هو هذه الأزمة الأخلاقية الكبيرة التي نعاني منها وهي الأخطر في نظري لأننا لم نعد قادرين على انتاج القدوة، بل القدوة السيئة، وهذا أخطر ما يمكن أن يحدث لشعب. كل مجتمع في حاجة لقدوة في السياسة والفكر والأخلاق. الآن ليس لدينا قدوة أخلاقية بل صار القدوة والمثل الأعلى هو السارق واللص الجميع يريد أن يصبح سارقا. المفجع أنه تم ابتذال هذه الكلمة وحدث تطبيع مع هذه المفردة، وكأننا صرنا أمة من اللصوص أو نريد أن نكون أمة لصوص، في السابق على عهد بومدين وحتى إلى وقت قريب كانت هذه كلمة عار تدفع الفاعل للهرب خارج البلاد خوفا وحياءً من مواجهة الناس، الآن وكما كتبت أصبح اللص مواطنا محترما قد يجلس خلف علم الجزائر ويضع راية الوطن بينك بينه، صار اللص معالي الوزير وسعادة السفير وهذه ألقاب كافية لتحميه، لقد صدمت حينما شاهدت مواجهة بين شخصين على قناة الشروق تي في حيث قال أحدهم عن الوزير شكيب خليل أنه متهم بالسرقة فرد عليه الأخر أنه بإمكان الوزير متابعته قضائيا على هذه التهمة التي لا يملك عنها دليلا! طبعا مادامت الأدلة قد تمّ التستر عليها كما تم التستر وإخفاء تهم خليفة، فكل سارق من هؤلاء شجرة تخفي غابة من لصوص الوطن. لم يعد هناك مجال لقول كلمة حق في وطن "الكرامة" هذا، الذي وحدها كرامة اللصوص مصانة فيه، بعدما سرقوا الحقائق أيضا. عندما يصبح السارق قدوة المجتمع ونموذجه الأعلى ويغدو الذي لم يدرس لكنه وصل بأكتافه، والذي أخذ حقه بذراعه بدل عرقه وذكائه، هو حلم الشباب، فمعنى ذلك أننا نؤسس لأمة مقبلة على الخراب. *ما هي الحلول الناجعة لعلاج الجروح المعنوية الغائرة في الضمير الجمعي الجزائري؟ -لا بد من قرار سياسي حاسم وحازم لنسج الثقة بين المواطن والدولة، لابد أن يحاسب اللصوص مهما كانت درجتهم، لأن هؤلاء لم يسرقوا مالا بل سرقوا أحلام شعب بكامله، وسرقوا تلك الثقة الاخلاقية بين الراعي والرعية، التي تجعل من بلاد وطنا. الجزائر في العالم العربي حالة فريدة في الصمت، وكما يجب ألا تغفل السلطة ظهور الفوارق بين فئات مسحوقة وفئات تكاد تستولي على كل شيء، يجب ألا نغفل تأثير ذلك على الأجيال الناشئة وبخاصة لدى الجيل الحالي الذي يفتح الجرائد والقنوات التلفزيونية على أخبار القتل والسرقة والذبح، فهذه المفردات هي التي تشكل وتعجن ذهنه وتطبع نفسيته حتى أنه سيعتقد سهولة ارتكاب هذه الأفعال. لدينا الآن جيل يتشكل على تشكيلة متنوعة وكاملة من الجرائم، وإذا لم تجابه الدولة هذه المؤشرات فإن ذلك سيفتح أبواب كارثة مستقبلية لن ينجو منها أحد. على صعيد الخطاب علينا ان نكف عن ترديد مفردات الوطنية الزائفة لأننا سنواجه خطرا أشرس من الاستعمار، في السابق كنا نعرف عدونا، اليوم أعداؤنا منا، فالجزائري الذي يقدم مصلحته الشخصية على وطنه هو عدو للجزائر، والجزائري الذي يفلس مؤسسات وطنية لتقديمها لقمة للغرباء هو عدو للجزائر. طبعا هناك من لا يعجبه هذا الكلام ويردد بأننا نريد استنساخ الربيع العربي هنا. أقول الأوطان تحتاج إلى مناعة داخلية. وعندما تكون قوية بمؤسساتها وبعدلها وبحرياتها، لا يمكن لأي خطر أن يهددها. أما عندما تكون هشة من الداخل فهي لا تحتاج إلى التقاط فيروسات الخارج لتنهار. إن الوباء متفشّ فيها. فعلى الذين يزايدون علينا خوفا على الجزائر أن يعطونا دليلا على وطنيتهم بقليل من التضحيات، بدل التذرع بالربيع لإبقائنا في هذا الشتاء لمزيد من النهب. *ما رأي الكاتبة أحلام في هذا الفصل السياسي الجديد المسمى ربيعا عربيا؟ -نحن لا نريد لا الربيع ولا الخريف ولا الشتاء نريد وطنا لكل الجزائريين بالمساواة، ثم إن الخطر لا يأتي من الخارج بل يأتيك من الداخل. علينا أن نوفر المناعة من الداخل فهذه هي الحصانة الحقيقية. أنا أتمنى وأدعو الله أن يقينا من الفوضى لأني اعتقد أنه ليس هناك ربيع عربي، هناك كوارث عربية. وهذا لا يعني اتخاذ ذلك ذريعة لمنع أي صوت من الانتقاد. الحل في أن تسارع الدولة إلى حل أزمات هذا الجيل من العاطلين عن الأحلام وليس فقط العاطلين عن العمل، وأن تجابه مسألة العدالة الاجتماعية وتكافؤ الفرص في الحلم، لأن الفوارق الاجتماعية الشاسعة هي التهديد الحقيقي للمجتمع. على المسؤولين حل الأزمات الجوهرية فينبغي أن تكون كفاءة الرجال قبل ولائهم، نحن لا نجني هذا القدر من الرداءة سوى لأننا نقدم الولاء على الكفاءة، لا خلاص فرديا وجماعيا لنا سوى عندما نطبق عبارة بوضياف الشهيرة "الجزائر أولا" ، لنكن صريحين صار كل فرد يضع نفسه أولا والجزائر ثانيا. *قلت عقب كتابتك الثلاثية أنك شفيت من الجزائر، لكن يبدو أن حبك الموجوع للجزائر وباء لا شفاء منه؟ -كيف أشفى؟ هذه بلوى. وجعي يزداد لأن الكل يحب الجزائر لا ليعطيها شيئا بل ليأخذ منها كل الأشياء، ولا أستثني الذين يتشدقون بالوطنية صباح مساء. *كتبت أيضا أنه لكي نشفى من حب أحد علينا أن نكتبه في رواية... من الضحية القادمة؟ -أحضر لرواية تاريخية كبيرة عن الجزائر ستكون مفاجأة، كما أن لدي عدة أعمال أخرى، غير أنني كسولة وعدوي هو الوقت، كل رواية تأخذ من عمري أربع سنوات، لكنني حين أنتهي منها أحقق مجدا كبيرا. أنا لا أفرط، لذا لا يمكنني أن أتخلى عن سلطة الأدب لحساب سلطة أخرى. حينما يغادر أي كاتب سلطة ومجد الأدب ينتهي كأديب ويتحوّل إلى شخص نرجسيّ، ويفقد شعبيته، لأن القارئ حساس وذكي ولا يغفر أن يسعى أي كاتب لمجد آخر غير الانتماء للكلمة الحرة.