في تطور غير متوقع في الساحة السياسية، ولأول مرة في تاريخ الجبهتين، سيشارك الأمين العام لجبهة التحرير الوطني، عمار سعداني، في الندوة الوطنية التي ستنظمها جبهة القوى الاشتراكية نهاية الأسبوع، حول مستقبل الطاقة في الجزائر، استجابة لدعوة وجهها أقدم حزب معارض في البلاد للأمين العام للحزب الواحد سابقا. ونقلت مصادر مقربة من عمار سعداني، في تصريحات ل"الشروق" أن الأخير تلقى دعوة من جبهة القوى الاشتراكية لحضور الندوة الوطنية، وقرر تلبية الدعوة في إطار ما اعتبره حوارا جادا وبناءا بين مختلف التشكيلات السياسية، وأضاف أن الحديث عن الطاقة مهم جدا باعتبارها من الرهانات الحيوية للبلاد. وتعد هذه الخطوة الأولى من نوعها في تاريخ الحزبين، حيث يشارك أمين عام الأفلان بصفة رسمية في تجمع رسمي ينظمه الأفافاس، ويأتي هذا التطور في أعقاب الرسالة التي وجهها عمار سعداني، للزعيم التاريخي للأفافاس، حسين آيت أحمد، والتي عبّر له فيها عن المكانة التي يحظى بها آيت أحمد، عند الحزب والرئيس بوتفليقة، فهل دعوة الأفافاس لسعداني وحضور الأخير لندوة الثاني ترسيم لتحالف جديد لم يتصور حدوثه أي خبير في السياسة؟ وأسرّ مصدر قيادي في الأفافاس رفض الكشف عن هويته أن التقارب بين الجبهتين الذي تعود أولى مؤشراته إلى ماي 2012، تاريخ مشاركة الأفافاس في الانتخابات التشريعية، هو صورة واضحة للتقارب التاريخي بين رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة، والزعيم التاريخي حسين آيت أحمد. وأوضح المتحدث أن الأفافاس أثبت في كثير من المناسبات بأنه غيّر موقفه التقليدي الذي لازمه من العام 1963، رغم تطمينات القيادة الحالية للحزب، بأن الأفافاس لم يعقد أيّة صفقة مع السلطة، وبقي محافظا على مبادئه التي تأسس عليها، ومن الإشارات التي تؤكد تغيّرا في نهج الأفافاس، هو التزام الحزب الصمت المطبق حيال أمهات القضايا في البلاد، مرض الرئيس بوتفليقة، وما سمي ب"الصراع" بين الرئاسة و"العسكر"، تعديل الدستور، وقضايا الفساد في سوناطراك وغيرها، وهي القضايا التي تحدثت عنها حتى وزارة الدفاع الوطني... وأبرز المصدر ذاته، أن قيادة الزفافاس الحالية ترى في التطورات السياسية في الساحة، على أنها تحقيق جزء مهم من مطالب تاريخية عبّر عنها أقدم حزب معارض في الجزائر، وفي مقدمتها تمدين الدولة، من خلال "نجاح" بوتفليقة في تحييد جهاز "البوليس السياسي" على حد تعبير الأفافاس عن الحياة السياسية، وهو الرهان الذي رفعه الأفافاس مطلع تسعينيات القرن الماضي، في شعار "لا لدولة بوليسية ولا لدولة أصولية". ويرى القيادي في حزب الدا الحسين، أن التقارب بين الأفلان والأفافاس، سيتوج بإصدار القانون المتضمن إعادة الاعتبار لقدامى مناضلي جبهة القوى الاشتراكية لسنة 1963، كما سيكلل هذا التقارب باحتمال ترسيم اللغة الأمازيغية في الدستور القادم، وأضاف المتحدث أن حضور سعداني، لأشغال لقاء رسمي للأفافاس ليس الأول من نوعه، حيث سبق وأن حضر محمد الصغير باباس، رئيس المجلس الوطني الاقتصادي والاجتماعي، أشغال الندوة الاقتصادية والاجتماعية التي نظمت إحياء للذكرى الخمسين لتأسيس جبهة القوى الاشتراكية. وكان الأفافاس قد أعلن عن تنظيم ندوة وطنية أيام31 أكتوبر و1 نوفمبر الداخل، حول مستقبل الطاقة في الجزائر، ودراسة أهم الملفات ذات الصلة بالموضوع، على غرار استغلال النفط والغاز بشكله التقليدي والصخري والطاقات المتجددة... إلخ.