تضمنت مسودة الدستور الجديد الذي انتهى رئيس الجمهورية، عبد العزيز بوتفليقة، من قراءته، تعديلات جوهرية وإصلاحات ديمقراطية وصفتها مصادر "الشروق" بأنها الأهم والأعمق منذ الاستقلال. وقالت مصادر على صلة مباشرة بالموضوع في تصريحات ل"الشروق"، إن مسودة الدستور الجديد تضمنت تعديلات غير مسبوقة في مجالات الأمن القومي والديمقراطية والحريات وحقوق الإنسان والعدل والفصل بين السلطات والحقوق السياسية والثقافية والحريات الاقتصادية. كما تم التشديد على إبراز الدور الدستوري لمؤسسات وأجهزة الأمن الوطنية المختلفة في سياق التحولات المحلية التي عرفتها البلاد على مدى الأعوام العشرين الأخيرة والتحولات الدولية التي يشهدها المحيط الدولي والمحيط المباشر للجزائر خلال العشرية الأخيرة. وكشف المصدر أن فقهاء القانون الدستوري الذين أشرفوا على إعداد مسودة الدستور القادم استلهموا كثيرا من التجارب الرائدة عالميا، ومنها النموذج الأمريكي في نقطتين حيويتين على الأقل، وهما مدة العهدة وطبيعة النظام، حيث تم، للمرة الأولى في تاريخ البلاد، اقتراح عهدة رئاسية بأربعة أعوام قابلة للتجديد مرة واحدة على شاكلة العهدة الرئاسية في الولاياتالمتحدةالأمريكية التي مدتها 4 أعوام قابلة للتجديد مرة واحدة فقط، وكذا منصب نائب الرئيس الذي سيستحدث للمرة الأولى في الجزائر وبصلاحيات محددة في الدستور أيضا. ومنذ الاستقلال وإلى غاية أكتوبر 2008، تضمنت دساتير الجزائر نظام العهدة الخماسية القابلة للتجديد مرة واحدة قبل فتح العهد بموجب التعديل الذي أدرج في العام 2008. وفي حال تمت المصادقة على مسودة الدستور القادم بتفاصيلها المذكورة، سيتم للمرة الأولى إدراج عهدة ب4 أعوام قابلة للتجديد مرة واحدة فقط، وسيتم تعيين نائب لرئيس الجمهورية، كما سيتم العودة إلى نظام رئيس الحكومة بصلاحيات كاملة وموسعة على أن يتم تعيينه من الأغلبية البرلمانية، على أن تتم مساءلته أمام البرلمان ومساءلة وزراء حكومته، بشكل ضامن للفصل التام بين السلطات المختلفة بشكل فعلي يليق بصورة البلاد محليا ودوليا. وتضمنت المسودة إصلاحات جد عميقة في مجال تحديد الصلاحيات الخاصة بدور المؤسسات الأمنية ومؤسسة الدفاع في إطار تعزيز وتمتين الاحترافية التي شرع فيه منذ العام 1996 حيث سيتم إعادة تنظيم الجهاز وسيتم ترسيم العودة الفعلية للجيش إلى ممارسة دوره الدستوري في إطار الاحترافية التامة وخاصة في مجال مراقبة الحدود وحمايتها من جميع الأخطار المحدقة بالبلاد. وسيتم إيضا إعادة تنظيم جهاز الاستعلامات وفق التغيرات العالمية الراهنة والمستقبلية وهيكلته ضمن المؤسسة الجديدة التي سيتم استحداثها والمتمثلة في هيئة للأمن القومي واستحداث جهاز للأمن الداخلي على الطريقة الأمريكية على أن يلحق مباشرة بوزارة العدل، وقد يتم إلحاق الجهاز المضاد للجوسسة برئاسة الجهورية مباشرة، فيما سيعود جهاز الدرك الوطني إلى مهمته الدستورية في المناطق النائية خارج التجمعات الحضرية، أما المناطق التي تصنف ضمن مجال التجمعات الحضرية فستكون مباشرة ضمن اختصاص جهاز الشرطة. وأشار المصدر إلى أن مسودة الدستور الجديد تضمنت تحصينات جديدة وغير مسبوقة للدستور في حد ذاته كوثيقة أسمى، فضلا عن تعزيز وحماية المؤسسات المختلفة بما يعطي لها الهيبة والمكانة فضلا عن الحماية الضرورية لكبار الشخصيات التي تتولى مسؤوليات على رأس مؤسسات مهمة في الدولة. وفي مجال الحريات، سيتم تعزيز المكاسب التي تضمنتها الصيغ السابقة للدستور الجزائري مع مراعاة دقيقة للتطورات التي عرفتها الجزائر خلال العشريتين الأخيرتين محليا وفي إطار محيطها وعلاقاتها الدولية والتزاماتها الدولية على جميع الأصعدة. كما شملت المسودة مكاسب جديدة في المجال الاقتصادي والثقافي إلى جانب إصلاح جوهري وعميق في مجال الضرائب بشكل يسمح بتطبيق مصالحة حقيقية في المجال في اتجاه المزيد من الحرية الاقتصادية وحرية المبادرة والمقاولاتية الوطنية أو الأجنبية المباشرة وإشراك الكفاءات الوطنية المتواجدة بالخارج. وشدد المصدر على أن مسودة الدستور الجديد لم تتضمن أي تراجع عن المكاسب التي تحققت في الدساتير السابقة، سواء ما تعلق بالتربية أم بالصحة أم بالتعليم في جميع مراحله أم بجودة الحياة أم بالاستفادة من المقدرات الوطنية بشكل عادل في إطار المبادئ النابعة من بيان أول نوفمبر.