الرباط "مغارب كم ": محمد بوخزار على الرغم من وجوب التزام الحذر، إلى حين ظهور نتائج التحقيق النهائية بشأن حادث مراكش الإجرامي، كما تصفه المصادر المغربية الرسمية، أو "الإرهابي" كما تذهب إلى ذلك عدة قرائن بينها العثور في أجسام الضحايا على قطع معدنية ومسامير، ما يرجح فرضية الطبيعة الإرهابية. فإنه يمكن القول بأن ما وقع في ساحة "جامع الفنا" بحاضرة السياحة المغربية، يعتبر ضربة موجعة بالمعنى السياسي والاقتصادي والاجتماعي، للمغرب والمغاربة. ارتكب العمل الشنيع ، والمغرب مشغول بأوراش الإصلاح السياسي الذي أعلنه العاهل المغربي، يوم التاسع من الشهر الماضي، رافقته أجواء انفراج عام ،تجلى حتى الآن، في قرارات شجاعة اتخذها الملك بينها إطلاق سراح عدد من المعتقلين على خلفية صلتهم بما قالت مصالح الأمن في حينه إنه نشاط إرهابي، تورط فيه المحكوم عليهم من قبل محاكم أدانتهم بمقتضى قوانين الإرهاب التي شرعتها الحكومة على عجل، وصادق عليها البرلمان المغربي بنفس السرعة، غداة الأحداث الدموية البشعة التي عرفتها مدينة الدارالبيضاء يوم 16 مايو عام 2003. وكما حدث في الدارالبيضاء، قبل حوالي تسع سنوات، فإن الدم المغربي المسفوح اختلط بدم الأجانب في الحادث المروع الأخير، ما يعني أن المغرب، بشكل من الأشكال، يجد نفسه من جديد في مواجهة نفس مشاهد وإشكالات السيناريو القديم، مع فارق أن الشارع كان هدئا في تلك الفترة، خاليا من أي حراك ذي طبيعة سياسية أو مطالب اجتماعية ترفعها كل النقابات الوازنة والافتراضية في كافة القطاعات وخاصة الوظيفة العمومية. تصدى المغرب للإرهاب عام ،2003 بإجراءات أمنية رادعة، مدعوما بتوجه دولي قادته الولاياتالمتحدة وبعض الدول الغربية، لمواجهة التطرف الديني. وهكذا صدرت أحكام في ملفات متتالية، تشككت الجهات الحقوقية في ضمانات عدالتها لكن الرأي العام ظل حائرا، مرتابا في منطق الدولة من جهة ولكنه بذات الوقت لم يستبعد صحة روايات روجتها الأجهزة الأمنية عن مخاطر تهدد استقرار البلاد وأمنها الداخلي والخارجي. وعلى العموم، فإن مختلف الأطياف السياسية المغربية بما فيها حزب العدالة والتنمية الذي حمل المسؤولية المعنوية لما حدث من عنف في الدارالبيضاء، ساندت الحكومة في سياسة العصا الغليضة ضد الأنشطة الإرهابية. فكيف سيكون الموقف إذا ثبت أن انفجار مقهى "أركانة" الذي يقصده رواد مغاربة وأجانب، تقف وراءه أيادي إرهابية، تحركت بأوامر وتوجيه من الخارج أو الداخل؟ هل سيؤثر ذلك على مسلسل الإصلاح وضمنه الاستفتاء على دستور جديد وما يستتبعه من تغيير في منظومة الحكم والسلطة في المغرب؟ هل سيشكل الحادث الإجرامي مناسبة وفرصة للتأمل في حدود الإصلاح وأجندته ومداها، بحيث يتم اقتناع الفاعلين السياسيين بحكمة التدرج في الخطوات الكبرى، لما فيه من مصلحة للبلاد في الاستقرار؟ أم أن أصواتا قد ترتفع، لتوجه أصابع الاتهام إلى مفاصل في الدولة من مصلحتها إبطاء الإصلاحات الجارية والعودة إلى القبضة الأمنية؟ ما هو الموقف المتوقع من الحركات الاحتجاجية التي يقودها الشباب وانضمت إليها بعض الأحزاب؟ يفترض أن تكشف نتائج التحقيق في الحادث المروع ، عن خيوطه المتشابكة، لكن الخشية قائمة من احتمال أن تكون وراءه جهات محرضة في الداخل، لخدمة أجندات غامضة؟مع الإشارة إلى أن الوضع العربي مشحون ومضطرب غاية الاضطراب. إذا ثبتت صلة ما حدث بالداخل، فسيدخل المغرب فترة "إشكالات" سياسية نتمنى أن لا تكون عنيفة. قد تتمثل نتائجها الأولى في التريث قبل فتح أبواب السجون والمعتقلات على مصراعيها في وجه من أدين تحت طائلة الإرهاب أو الجرائم العادية.