اتفق عدد من الكتاب والناشرين على أن الساحة الأدبية الجزائرية لا تعرف بعدُ ظاهرة اسمها "الدخول الأدبي"، واعتبروا أن الصالون الدولي للكتاب لا يمكن أن يكون بديلا لهذه الظاهرة، داعين إلى ضرورة خلق تقليد أدبي مستقل، والتفكير جدّيا في جوائز أدبية تضمن حدوث "الدخول الأدبي". يعتقد الروائي لحبيب السايح أن الساحة الأدبية في الجزائر لا تعرف شيئا اسمه الدخول الأدبي، واعتبر أن الصالون الدولي للكتاب لا يمكن أن يكون بديلا للدخول الأدبي، وقال: "لا أعتقد.. وسأظل عند قناعتي بأن المعرض الدولي للكتاب لا يحل محل الدخول الأدبي؛ فإنه قد ينظم في أي وقت من السنة. الدخول الأدبي مظهر آخر، له، عند غيرنا، تقاليده. وكل الدلائل تشير إلى أنه لا يمكن أن ينسحب على وضعنا الحالي في الجزائر". وأضاف السايح: "نحن نتوهم أنه يحصل لمجرد الإعلان عن صدور بعض الأعمال الأدبية في بعض الجرائد، في النت، في الفايسبوك؛ وبقدر ضئيل جدا عن بعض دور النشر".وانتقد صاحب رواية "تلك المحبة" طريقة الإعلان عن صدور الأعمال الروائية في الجزائر، بقوله: "لا شيء عما يمكن اعتباره تحضيرا لذلك؛ بدءا بتداول الإصدارات المنتظر نزولها إلى سوق الكتاب، والتي تكون دور النشر الجزائرية حددتها منذ ستة أشهر على الأقل ضمن برنامج نشرها". الدخول الأدبي في الجزائر هو تكرار باهت لتجربة غيرنا من جهته، اعتبر أحمد عبد الكريم أن الدخول الأدبي في الجزائر هو تكرار باهت لتجربة غيرنا. فنحن نحاول، حسبه، استنساخ الدخول الأدبي الذي هو تقليد فرنسي بامتياز له تاريخ عريق، وينمّ عن تراكم طويل تأسّس على مرّ السنوات، وقال: "الدخول الأدبي عندنا يأتي ضمن دخولات كثيرة (الدخول المدرسي، الاجتماعي) ولذلك فهو بلا معنى، بالنظر إلى أن الكتاب والقراءة ليسا من أولويات المجتمع الجزائري، لاسيما في خضمّ الدخول الآخر المتعدد الضاغط على يوميات المواطن الجزائري". ويحتاج الدخول الأدبي، حسب عبد الكريم، إلى منظومة شاملة تتشارك فيها دور النشر ووسائل الإعلام الثقيلة والمؤسسات الثقافية ومراكز رصد الآراء واستطلاعات اتجاهات القراء وميولهم وتفضيلاتهم. وكل الفاعلين الثقافيين، فضلا على عدد كبير من الجوائز القيمة "وكل هذه الإمكانات غير متاحة لنا في الجزائر، لأن سوق الكتاب خاصة الأدبي، أصبح يحتكم إلى ممارسة فوضوية." الحديث عن دخول أدبي وفق المنظور الفرنسي يعتبر سابقا لأوانه وبالنسبة للروائي سعيد خطيبي، فإن الحديث عن دخول أدبي وفق المنظور الفرنسي، يعتبر سابقا لأوانه. ففي فرنسا، يرتبط الدخول الأدبي بعاملين أساسيين، هما ترويج تجاري للكتاب (مع أرقام مبيعات تتجاوز المائة ألف نسخة أحيانا)، وتوزيع عدد مهم من الجوائز، تهدف كلّها إلى لفت نظر القارئ إلى كتاب ما. ويعتقد خطيبي أن "غياب بنى تحتية ثقافية فاعلة وعدم وجود جوائز أدبية مستقلة، يشكلان عائقين في مسار تحقيق دخول أدبي ناجح". كما أن ربط الدخول الأدبي بالصالون الدولي للكتاب، وكَمّ الإصدارات، لا يخدم الكتاب، ويحصر فكرة الدخول الأدبي في عشرة أيام، وهي فترة زمنية غير كافية للترويج للكتاب. وأضاف خطيبي: "برأيي التفكير في دخول أدبي، كما هو عليه الحال في فرنسا، يتطلب أولا التأسيس لصناعة الكتاب، مع ما تتطلبه من مكتبات وشبكات توزيع وميديا مختصة أيضا. عدا ذلك ستبقى المبادرات غير ناجعة، ويبقى المشهد الأدبي يدور في حلقة مفرغة، مضيعا ما أتيح له من وقت ومن فرص". لا نملك دخولا أدبيا بالمعنى العميق للكلمة ويرى الناقد قلولي بن ساعد، أن الساحة الأدبية الجزائرية لا تملك دخولا أدبيا بالمعنى العميق للكلمة، مثلما هو سائد في بعض الدول الأخرى ذات التقاليد الثقافية الراسخة، حيث تتأسس على دراسات قبلية وتصورات، تستأنس فيها دور النشر المعنية بنشر الكتاب وتوزيعه والترويج له بآراء المختصين في سوسيولوجيا القراءة، لمعرفة توجهات الغالبية العظمى من القراء وجس نبض "المجتمع الثقافي". وأضاف بن ساعد أن "الاعتماد فقط على حدث محدد كالمعرض الدولي للكتاب، وبعض المعارض الوطنية التي بالتأكيد، لا يكون كافيا لكسب ود مختلف القراء وإرضاء توجهاتهم المختلفة، طالما أن مثل هذه الصالونات تقوم على أسس ظرفية وموسمية، وليست خلاصة جهد دائم أو تخطيط يعنى بالحفاظ على مكاسب القراءة وتنميتها". محاولات محتشمة للتأسيس من جهة أخرى، تحاول بعض دور النشر التي تأسست حديثا، العمل على الترويج لإصداراتها الروائية بالموازاة مع الصالون الدولي للكتاب الذي أصبح يعرف انتشار ظاهرة البيع بالتوقيع، مثلما هو الحال مع منشورات "البرزخ" التي دأبت منذ مدة على دخول المعرض، وكأن الأمر يتعلق بالدخول الأدبي، حيث تترك كثيرا من إصداراتها لهذا الموعد. وضمن هذا السياق، يعتقد الشاعر والناشر توفيق ومان أن "دار فيسيرا" للنشر تفكر، منذ سنوات، في ظاهرة للدخول الأدبي، وتسعى دائما للتحضير لذلك، لكنه تأسف، في المقابل، لعدم تحوله إلى ظاهرة مستقلة وحدث أدبي له تقاليده، علما أن دار "فيسيرا" ستكون حاضرة هذا العام بالصالون الدولي للكتاب بأكثر من أربعين عنوانا جديدا من روايات وقصص ومجموعات شعرية ودراسات نقدية. أما نبيل دادوة، مدير دار الألمعية الكائنة بقسنطينة، والتي تخصصت بدورها في نشر الأعمال الإبداعية والأدبية، فيرى أن الدار تقف على تقليد سنوي تحاول أن تربطه بالصالون الدولي للكتاب، فتصدر مجموعة من الأعمال الأدبية الروائية أو النقدية، وتنظم بالمناسبة لقاء بين الكتاب والقراء. وأضاف: "غير أن الدخول الأدبي كظاهرة راسخة، لم نستطع بعد خلقها أو تأسيسها نظرا للأطراف العديدة المتحكمة فيها. وأرى أن أول هذه الأطراف هو النقد والمتابعة والدراسة ثم الإعلام والترويج والتسويق، ثم التفاعل أو القارئ".