انتقد فاعلون إقرار الحكومة مؤخرا لنظام المقايسة، نظرا لانعكاساته المباشرة على القدرة الشرائية للمواطنين، فيما دافعت الحكومة على لسان إدريس الأزمي، الوزير المنتدب لدى وزير المالية المكلف بالميزانية، بكون القرار ضروي، في سياق تحولات الأسواق العالمية للنفط، وذلك في حلقة ليلة أمس الأربعاء من برنامج "مباشرة معكم" على القناة الثانية. وفي هذا الصدد، اعتبر عبد السلام الصديقي،أستاذ مادة الاقتصاد بجامعة محمد الخامس بالرباط، وعضو الديوان السياسي لحزب التقدم والاشتراكية، المشارك في الحكومة،أنالحكومة كانت مضطرة لاتخاذ هذا القرار، مشيرا في الوقت نفسه إلى أنه يتفهم أن لا يكون القرار محل توافق. وأضاف الصديقي أنه من المفهوم أن لا يرى المواطن سوى الأثر اليومي لهذا القرار على جيبه، واصفا إجراء إقرار نظام المقايسة بكونه يدخل ضمن القرارات اللاشعبية. وفي الوقت الذي أقر فيه أستاذ مادة الاقتصاد كذلك بتأثير نظام المقايسة على الاستهلاك، إلا أنه اعتبر أنه لا يمكن تحديد حجم التأثير بالضبط ،داعيا في ذات الآن إلى طرح سؤال مهم حول ماذا كان يمكن أن يقع لو لم يتم إحداث نظام المقايسة. من جانبه انتقد محمد بنقدور، رئيس جمعية حماية المستهلك، قرار إجراء نظام المقايسة معتبرا أن الحكومة كان عليها أن تقوم بدراسة تأثير الزيادة الفارطة لمعرفة مدى صدقيتها في الأسباب التي دفعتها لاتخاذ قرار اللجوء إلى نظام المقايسة. وقال بنقدور، إن المقايسة تم العمل بها منذ سنوات، ولكن فقط من خلال الزيادة ولم تتبعهاالعودة إلى الأثمنة السابقة على إقرار هذا النظام. وانتقد رئيس جمعية المستهلك بشدة اعتبار الإجراء الأخير قررا شجاعا، مشيرا إلى أن الجرأة والشجاعة يجب أن تراعي مجموعة من الأمور خصوصا الاستقرار الاجتماعي والقدرة الشرائية للمواطن، لاسيما أن الزيادة في ثمن المحروقات ستتبعها زيادات في المواد الأخرى. ووصف بنقدور اللجوء إلى المقايسة بأنها حيلة من الحيل التي التجأت لها الحكومة من أجل الزيادة في الأسعار، مشككا كذلك في رغبة الحكومة فعلا في إصلاح صندوق المقاصة الذي يعاني في نظره من غياب الحكامة ووجود اختلالات كبيرة، مستغربا كيف أن حكومة ابن كيران لم تطلق بعد أي حوار وطني لإصلاح الصندوق. ودعا رئيس جمعية المستهلك إلى الاستفادة من بعض الحلول الأخرى المتوفرة في ما يخص استهلاك المحروقات، ضاربا المثل بمحطة تكرير البترول "سامير" التي قال إن الشركات المغربية لا تشتري منها، مما يخلف لديها فائضا بحجم 9 مليون برميل سنويا تضطر إلى اللجوء إلى لبيعها في الأسواق الدولية مما يجعلها تخسر 4 دولار عن البرميل. وعبر بنقدور عن تخوفه من أن تدفع الوضعية الحالية المغرب إلى الاستدانة من صندوق النقد الدولي ،وبالتالي تدخل الأخير في القرارات السيادية للبلاد، وهو ما رد عليه الوزير المنتدب لدى وزير المالية المكلف بالميزانية إدريس الأزمي بقوله،إن صندوق النقد الدولي لا يمكن له أن يفرض أي شيء على المغرب بقدر ما يوجه ملاحظات كما يوجهها للدول الكبرى، كالولايات المتحدة وفرنسا. وقال الوزير المغربي إن على المواطنين أن يعوا أن المغاربة هم من يتخذون قراراتهم بأنفسهم، و أن صندوق النقد الدولي والبنك الدولي هم شركاء، وأن المغرب يقرر في سياسة البنك الدولي إلى جانب دول أخرى. وأكد الأزمي أن صندوق النقد الدولي يدعم سلسلة الإصلاحات في المغرب انطلاقا من البرنامج الحكومي، مشيرا إلى كون الإجراء الأخير حول إقرار نظام المقايسة قد اتخذ لأن هناك مشكلا حقيقيا في الميزانية العامة للبلاد. وقال الأزمي، إن ميزانية البلاد العامة هي 210 مليار درهم ، مليار يتم استخلاصها من 180 درهم من الضرائب ويتم الحصول على الباقي من موارد أخرى، في الوقت الذي بلغت فيه النفقات إلى حوالي 260 مليار درهم، مما يعني وجود عجز بقيمة 50 مليار درهم يجب على الحكومة أن تعمل على تغطيته بكل الطرق. وأشار الأزمي إلى كون 100 مليار درهم من الميزانية تخصص للأجور، فيما يتم صرف 50 مليار درهم كنفقات التسيير، ويتم توجيه 47 مليار درهم للاستثمار بالإضافة إلى 40 مليار درهم تخصص للدعم. واعتبر الوزير المنتدب لدى وزير المالية المكلف بالميزانية، أنه لا يمكن للدولة أن تستمر في الدعم إلى ما لا نهاية، وأن القرارات التي تتخذها بشأن الزيادة أو المقايسة مسوغة خصوصا عندما يكون ثمن البترول كما هو عليه الحال اليوم قد بلغ 120 دولار للبرميل. من جانبها ردت النائبة البرلمانية، وعضو اللجنة التنفيذية لحزب الاستقلال، منية غولام، على الوزير الأزمي بالقول أن صندوق النقد الدولي طالب المغرب بالقيام بإصلاحات على رأسها إصلاح صندوق المقاصة، غير أنه وبعد مرور أكثر من سنة على عمل الحكومة لم قم هاته الأخيرة حتى الآن بإطلاق الحوار من أجل إصلاح الصندوق. واتهمت النائبة البرلمانية الحكومة بكونها لا تستطيع الاقتراب من إصلاح صندوق المقاصة، لأنها ستصطدم بمجموعة من اللوبيات وبالتالي تجد الحكومة أنه من الأسهل أن تفرض قراراتها على المواطن البسيط. واعتبرت القيادية في حزب الاستقلال أن البرنامج الحكومي، الذي كان حزب الاستقلال طرفا في صياغته عندما كان مشاركا في الائتلاف الحكومي، لا يطبق وأن هذا البرنامج يدعو إلى إعادة النظر في تركيبة الأسعار كأولى الخطوات لإصلاح صندوق المقاصة. وأشارت غولام إلى أن الزيادة الأخيرة في أسعار المحروقات ستقود أوتوماتيكيا إلى زيادة أسعار المواد الأخرى، وبالتالي نقص في الاستهلاك مما يؤثر على الناتج الداخلي، منتقدة في ذات الآن رد الحكومة على الدراسة التي قامت بها المندوبية السامية للتخطيط، حول آثار نظام المقايسة، والتي سبق وأن قال عنها وزير الشؤون العامة والحكامة محمد نجيب بوليف بأنها تحكمها دوافع سياسية. وأكدت النائبة عن حزب الاستقلال، أنه "من العيب أن تقوم الحكومة بضرب مؤسسة وطنية" ،وأنه لا يجب أن تكون هناك سياسة للتشكيك في المؤسسات الوطنية.