قرار تطبيق مبدإ المقايسة الذي وقع عليه رئيس الحكومة عبد الإله بنكيران في شهر غشت الماضي يشمل كلا من البنزين والكازوال والفيول الصناعي، واستثني الغاز، وحدد القرار مستويات الدعم الذي سيقدمه صندوق المقاصة للمحروقات، في 2,6 درهم في مل لتر من الكازوال، و0,8 درهم لكل لتر من البنزين، و930 درهم لكل طن من الفيول ، وينتظر بعد تطبيق القرار الحكومي من قبل وزير المالية ووزير الطاقة والمعادن ووزارة الشؤون العامة والحكامة أن ترتفع اسعار المحروقات، في اواسط الشهر الجاري ابتداء من 16 سبتمبر ، لأن السعر يمكن أن يرتفع كما يمكن أن ينخفض حسب أسعار السوق الدولية ببورصتي لندن ونيويورك . وإذا كانت الحكومة من خلال هذه الزيادات غير المعلنة تهدف إلى حصر مخصصات صندوق المقاصة في 42 مليار درهم عام 2013، بعدما وصلت هذه المخصصات إلى 53.36 مليار درهم عام 2012 أو ما يعادل 6.4 % من الناتج المحلي الإجمالي بحيث أن متوسط سعر النفط الحالي يفوق مستوى السعر الافتراضي الذي بنت عليه الحكومة موازنة السنة الحالية، والمحدد ب105 دولارات للبرميل، وذلك بعد أن عادت الأسعار الدولية للارتفاع بعد التراجع النسبي خلال الأشهر الأخيرة ، حيث أكد محمد نجيب بوليف، الوزير المنتدب المكلف بالشؤون العامة والحكامة على أن أسعار المواد البترولية في المغرب ستخضع لتقلبات الأسعار العالمية، لكن بشكل محدود .. فإن جل الخبراء ، يعتبرون بأن الأمر ليس بعملية اصلاح صندوق المقاصة بقدر ماهي مغامرة ترقيعية ، لأنها غير مدروسة من مختلف الجوانب ويمكن أن تؤدي حتما إلى كارثة على الإقتصاد الوطني ، لأن المتوفع على المدى الطويل، حسب العديد من دراسات المنظمات الاقتصادية الدولية ، أن يتخد الأمر منحى تصاعديا فسعر البرميل الواحد من البترول سيصل إلى 140 دولار ، خاصة أمام امكانية اندلاع حرب إقليمية في النزاع السوري. فهل عدم فتح نقاش وطني قبل اتخاد القرار ومحاولة تمريره في الصيف في فترة عطلة له علاقة باستباق الاجتماع المقبل مع «صندوق النقد الدولي»، المقرر في 10 أكتوبر، وذلك بعد ضغوطات من صندوق النقد الدولي، الذي حث الحكومة « على خفض الإنفاق المخصص للطاقة والمواد الغذائية في إطار صندوق المقاصة والبدء في ملاءمة أسعار سوق الطاقة المحلي مع الأسعار الدولية للطاقة، و يجمع الخبراء والاقتصاديون الذين اتصلت بهم «العلم » على أن إجراء «المقايسة» هو قرار متهور وخطير ، يأتي بعد الزيادة في أسعار المحروقات بعد سنة وثلاثة أشهر فقط من الزيادة الأولى، وذلك في إطار ظرفية سياسة واجتماعية داخلية تتسم بالحساسية، وعدم اعتماد المقاربة التشاركية الوطنية التي لها مقترحات بديلة مثل اقتراح رئيس الأتحاد العام للمقاولات والمهن . محمد كافي الشراط ضربة خطيرة للقدرة الشرائية للمواطن المغربي قال منسق التسيير الجماعي للاتحاد العام للشغالين، محمد كافي الشراط أن قرار دخول نظام المقايسة هو ضربة خطيرة تنضاف إلى القدرة الشرائية للمواطن المغربي، وهو تحكم في ميكانيزمات المقايسة. الحكومة بحجة أن السوق الدولية سترفع من ثمن المحروقات ستؤدي بجيب المواطن المغربي إلى الهلاك، حيث أن الأمر لن يتوقف عند المحروقات بل سيتعدى ذلك ليزداد في أسعار المواد الغذائية وتعرفة وسائل النقل. فضلا عن أن اعتماد نظام المقايسة يقتضي مقايسة أسعار المحروقات بالمغرب بالأسعار الدولية، لكن من يضمن أن الحكومة ستخفض من ثمن المحروقات إن تم ذلك دوليا؟. اتخاذ هذا القرار يرجع بالدرجة الأولى إلى أن الحزب الحاصل على الأغلبية في انتخابات 2012 يتخذ القرارات بمفرده دون إشراك جميع الأطراف المعنية منصف الكتاني رئيس الإتحاد العام للمقاولات والمهن وعضو المجلس الاقتصادي والإجتماعي والبيئي : إقرار مبدإ المقايسة سيكون له انعكاس سلبي كبير إصدار قرار المقايسة في وقت العطلة الصيفية هو تهرب من المناقشة الوطنية وتطبيقه سيكون لامحالة كارثيا على الإقتصاد الوطني في الوقت الذي كان على الحكومة اعتماد خيارات أخرى بديلة اعتماد مبدإ المقايسة عرفته بعض الدول مثل فرنسا التي أخدت فيها مناقشته وقتا واسعا ، لكن بالنسبة إلينا في المغرب هناك تهرب من المناقشة بدليل إقرار القرار في شهر غشت وهو وقت عطلة ، ربما تخوفا من ردة فعل الشارع المغربي ، وعلى كل حال كان ينبغي قبل اتخاد القرار أن يتم الأخد بعين الإعتبار جوانب أخرى مرتبطة بتفعيل قرار المقايسة وزيادة التسعيرة وليس فقط استثناء غاز البوتان كما جاء في القرار. إن هناك أمورا على مستوى الشق السياسي للقرار غير معقلنة ، بحيث كان يجب من حيث المبدإ أن يكون هناك نقاشا وطنيا قبل اتخاد القرار ، لأنه هناك خيارات أخرى يمكن أن يتم اعتمادها وتجنبنا الزيادة في أسعار المحروقات والأسعار عموما . فالإتحاد العام للمقاولات والمهن الذي يضم المقاولات جد الصغرى والمهنيين والحرفيين لديه اقتراح بناء على دراسة سابقة قام بها ، أن يتم ضمان مداخيل بديلة ضريبية وغيرها لفائدة الدولة تصل إلى خمسين مليار درهم سنويا في أفق خمس سنوات لو أنه تم تفعيل مخطط الإهتمام بالمقاولات جد الصغرى التي يبلغ عددها حوالي 3 ملايين وحدة بدون احتساب القطاع الفلاحي والصيد البحري التقليدي الساحلي ، ومما لاشك فيه فإن اعتماد سياسة ناجعة في هذا المضمار مع ادماج الاتحادات والتنظيمات المهنية والحرفية يمكن أن يعطي نتائج باهرة بحجم تعويض أموال صندوق المقاصة السنوية برمتها ، وهذا شيئ ممكن وواقعي جدا. إن اعتماد مبدإ المقايسة والزيادة التي سوف تترتب عنه في المحروقات هو اختيار لأقصر الطرق السهلة ومن شأنه أن يوقف عجلة الإقتصاد الوطني ويلحق أشد الأضرار بالمقاولات الصغيرة والمتوسطة وجد الصغرى وبالتجارة الداخلية التي تعتمد بالأساس على النقل واللوجيستيك وبالقدرة الشرائية للمواطن البسيط وبالمستهلك عموما . مع الأسف ليس هناك أية دراسة للانعكاسات السلبية للقرار على الزيادة في المحروقات خاصة مع الحرب على سوريا التي يمكن أن تؤدي لزيادة كارتية وهو ماسينعكس بشكل سلبي كبير على الإقتصاد الوطني ويمكن أن يوقف أنشطة المقاولا ت الصغرى والمتوسطة وجد الصغرى وعجلة الإقتصاد الوطني ، وسيتقوى استيراد المنتوجات الأجنبية وستصبح بلادنا تنتج وتستهلك سلع دول أخرى . إن الحكومة الحالية كان عليها أن تهتم قبل اتخاد قرار المقايسة بالتوازنات الميكرو اقتصادية للنسيج الإقتصادي المغرب وليس الإهتمام بالتوازنات المالية الماكرو اقتصادية لوحدها ، وكان ينبغي أن يتم تطوير الصادرات والتقليل من الواردات لضمان التقليل من العجز في ميزان المبادلات التجارية وعدم تبديد احتياطي العملة الصعبة في أداء الواردات . إن آخر زيادة في أسعار المحروقات كانت قبل حوالي سنة ونصف بنسبة 30 في المائة ، وقد أنعكست سلبا بالزيادة في المواد الإستهلاكية وهذا بخلاف الإدعاء بأن تلك الزيادات لم يكن لها أي انعكاس سلبي ، وبناء عليه يمكن القول بكل تأكيد أن إقرار مبدإ المقايسة سيكون له انعكاس سلبي كبير من حيث الزيادات وعلى الإقتصاد المغربي عموما . محمد بلماحي المواطن المغربي غير قادر على التماشي مع هذه الزيادات الخاضعة للعرض والطلب يقول محمد بلماحي رئيس العصبة الوطنية لحماية المستهلك «هذه الزيادة المرتقبة ستخضع لتقلبات السوق العالمية للمحروقات، وتشير التوقعات أن سعر برميل النفط سيصل إلى 150 دولار فيما التوقعات التي بنت عليها حكومة بنكيران موازناتها الاقتصادية تتوقع 73 دولار، بمعنى أن السعر المعتمد سيتضاعف مرتين. وأشار بلماحي في تصريح ل»العلم» أن المواطن المغربي غير قادر على التماشي مع هذه الزيادات الخاضعة للعرض والطلب في السوق العالمية ، والتي من شأنها أن تضرب القدرة الشرائية للمواطن، وبالتالي فإن الحكومة مطالبة باتخاذ التدابير اللازمة للتخفيف من وطأة هذه الزيادة على جيوب المواطنين». وأضاف بلماحي، أن خطر مثل هذا الإجراء لا ينحصر في قطاع النقل والمواد الأساسية كقطاعات حيوية ، بل يتعداها ليمس الاقتصاد برمته وخاصة قطاع الصناعة في بلادنا ، الذي سيتأثر أكثر فأكثر ما سينعكس بشكل مباشر على الأعداد الكبيرة من اليد العاملة التي يشغلها القطاع وقد يعرضها لفقدان مصدر عيشها، من تم «فأنا أخشى على الصناعة لما لها من حساسية في حياة الأسرة أكثر من وسائل النقل، التي ينبغي إيجاد بدائل ناجعة لحل مشاكلها مثل الاعتماد على وسائل النقل الجماعية صديقة البيئة «الترام» أو استعمال الدراجات الهوائية وغيرها من الحلول التضامنية وذات الجدوى» مؤكدا على مسؤولية الحكومة في دعم القدرة الشرائية للمواطن. عبد الخالق التهامي الميكانيزم سيؤدي مباشرة إلى تضخم يصعب التحكم فيه اعتبر عبد الخالق التهامي أستاذ الاقتصاد بالمعهد الوطني للإحصاء والاقتصاد التطبيقي بالرباط، «الغاية من هذا القرار أساسا هي تثبيت قيمة المخصصات المبرمجة في قانون المالية لسنة 2013، بموجب صندوق الموازنة الخاصة بالمحروقات، وهذا لا يعني حذف دعم الدولة، فكما هو معلوم يتم تحديد تلك المخصصات ارتكازا على السعر المرجعي لبترول في السوق العالمية ، وهو سعر يرتكز على توقعات قد تتحقق أوقد تكون بعيدة عن ذلك أحيانا، والظاهر اليوم أن ذلك السعر تم تجاوزه بشكل لا يمكن معه احترام تلك المخصصات مما سيؤدي إلى ارتفاع نفقات الموازنة التي قد تصل إلى مستويات غير مسبوقة هذه السنة يرتفع معها عجز الموازنة ككل». وأضاف التهامي، أن ميكانيزمات التدخل التي تعتزم الحكومة وضعها فهي جديدة/قديمة، حاولت حكومات سابقة تطبيقها دون نجاح، فهناك عدة مشاكل عملية مع هذا النظام، أولا لا نعرف لحد الآن مستوى مرونة الربط ومعاملة المقايسة بين أسعار النفط وأسعار المحروقات في المغرب، أي ما هي المعادلة التي ستتبناها الحكومة بشكل واضح، ثانيا هل هذه المرونة والمعادلة ومعلماتها ستنفذ ارتفاعا وانخفاضا، وإلا فإن هذا الميكانيزم سيؤدي مباشرة إلى تضخم يصعب التحكم فيه ولو بتدخل بنك المغرب، ثالثا هل سيكون التأثير فوريا على أسعار المحروقات علما أن ما يستهلك اليوم تم اقتناؤه خلال ثلاثة أشهر من قبل، رابعا وأخيرا ما هو التأثير الفعلي على باقي الأسعار التي لم تعرف نفس التقلبات ، حيث إنها قد ترتفع بسهولة دون أن ترجع للانخفاض حتى لو انخفضت أسعار البترول في ما بعد، ومدى تأثير ذلك على تنافسية المنتوجات داخليا ثم عند التصدير وكذا على نفقات الأسر في ظروف اجتماعية واقتصادية معقدة أصلا محمد بواتو نائب رئيس اتحاد المقاولات الصغيرة والمتوسطة : من الخطإ الاعتقاد بأن اعتماد المقايسة هو حل لإشكالية صندوق المقاصة إن تطبيق مبدإ المقايسة في هذه الظرفية الخاصة هو قتل للإقتصاد الوطني ، فالمقاولات تعاني أصلا حاليا من السيولة ، والزيادة المرتقبة في أسعار المحروقات من شأنها رفع ثمن كلفة المنتوجات ، وأمام هذه الحالة ليس هناك من خيار أمام تلك المقاولات إلا البيع بالخسارة أو اقفال نشاطها خاصة امام فسح المجال لأستيراد المنتوجات الأجنبية وتسويقها في السوق المغربية . فالزيادة ستضر أيضا بالقوة الشرائية للمستهلك المغربي وسينحصر استهلاكه في المواد الأساسية فقط على حساب استهلاكات أخرى كالصحة وما الى ذلك ، وهو ما سيضر حتما كذلك بإضعاف الطلب الداخلي الذي هو أساسي جدا بالنسبة للإقتصاد المغربي . فمن الخطإ الاعتقاد بان اعتماد المقايسة هو حل لإشكالية صندوق المقاصة ، فالدول الأخرى الأوروبية التي وجدت حلا لإشكالية صندوق المقاصة اعتمدت فيه بالأساس على دعم المقاولات المنتجة وليس دعم المستهلك . فالمفهوم المعتمد في المغرب لمعالجة الإشكالية هو مفهوم بالي وقديم ، فحل الإشكالية ينبغي أن يتوجه لدعم الانتاج والمقاولات ودعم الطلب على الإستهلاك ، فلو تم تخصيص 20 مليار درهم سنويا من أصل 50 مليار التي يستهلكها صندوق المقاصة ، لفائدة دعم انتاج المقاولات في إطار برنامج تشاركي لأعطت نتاائج باهرة للاقتصاد الوطني وسيكون الجميع من دولة ومقاولات ومستهلكين رابحين جميعهم ، فمعالجة إشكالية صندوق المقاصة ينبغي أن لا تتحكم فيها الخلفية السياسوية الفئوية بدعم المستهلكين مباشرة ، بل بتوجه الدعم إلى تقوية إنتاج المقاولات وتقوية الطلب الداخلي على الإستهلاك وتقوية مناصب الشغل وتقوية الصادرات فؤاد بنصديق خلخلة التوازنات الاقتصادية الكبرى للبلاد قال الخبير في المجلس الاقتصادي والاجتماعي، فؤاد بنصديق أن «قرار دخول نظام المقايسة قد تكون له انعكاسات سلبية على سعر المحروقات مما يخلخل التوازنات الاقتصادية الكبرى للبلاد و ينتج عنه عجز في ميزانية الدولة، الشيء الذي يؤدي إلى ما يسمى بالتضخم. فضلا عن الضرب في القدرة الشرائية للمواطن العادي الذي لن يقوى على هذه الزيادة المرتقبة لاسيما وأنها الثانية في ظرف يقل عن سنة ونصف. في المقابل على الحكومة المغربية تحسين الأداء في الاقتصاد الوطني والاستثمار في الأنشطة الاقتصادية المهمة. بالإضافة إلى الحد من منطق الريع في الاقتصاد وتشجيع الأنشطة المشغلة والمنتجة. فضلا عن تبني سياسة الاقتصاد الأخضر والاستثمار في الطاقات المتجددة للحد من ارتفاع سعر المحروقات». للمراطن رأي على الحكومة أن تقدم استقالتها وعلى بنكيران الرحيل كانت آراء عدد من المواطنين الذين التقتهم «العلم» كلها سلبية حول الزيادات المرتقبة في أسعار المحروقات ،حيث يقول مبارك أستاذ جامعي أن «على الحكومة أن تقدم استقالتها وعلى بنكيران الرحيل، فالحكومة الحالية تفتقد للكفاءة، فأنا شخصيا فقدت الثقة التامة بها واختتم كلامه قائلا بنكيران خاصو يمشي فحالو «. ومن جهته يرى عبد العالي موظف، بإحدى الشركات أن «الحكومة تحاول الاغتناء على حساب المواطن الضعيف وبالنسبة لي فعلى وسائل النقل أن تخوض إضرابا عاما.» أما نعيمة،مسيرة شركة فتقول بأن» الزيادة في المحروقات تقتضي الرفع من أجور الموظفين لخلق التوازن،أما الشروع في تطبيق هذا النظام بالنظر إلى الأجور المنخفضة التي يتقاضاها عامة المواطنين المغاربة سيؤدي إلى غضب الشارع المغربي.» في حين أن خالد، سائق سيارة أجرة كبيرة يؤكد أن الحل الوحيد أمامه وأمام جميع سائقي سيارات الأجرة هو الرفع من ثمن التعرفة إذا تم تطبيق نظام المقايسة . أما عبد العالي مهندس دولة فقد اختصر كلامه قائلا « إن الحكومة الحالية توجه الصدمة تلو الأخرى للمواطن المغربي.»