أكد الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، من خلال التعديل الوزاري الأخير، نيته في التحكم في مسار الانتخابات الرئاسية المقبلة لأفريل 2014، سواء إن لم تخنه حالته الصحية وبالتالي التقدم لهذه الانتخابات كمرشح لعهدة رابعة بالتوجه نحو تأكيد ذلك في الدستور المرتقب، أو أن يلعب الدور الرئيسي في اختيار الرجل القادم بعد أن وضع رجاله الموثوق فيهم على أهم الوزارات، كالداخلية والدفاع الوطني والعدل. بالمقابل، ستكون الحكومة الجديدة أمام تحديات اقتصادية واجتماعية ستكون فرصتها الوحيدة في كسب ودّ الشعب وإعادة ثقته بها، حتى وإن كلّفها ذلك ضخّ أموال أخرى من الخزينة على حساب التوازن الاقتصادي للبلاد، كما فعلته لغاية الآن لشراء السلم الاجتماعي، ليساندها الجزائريون في خياراتها، حتى في حال فرضها لرئيس لم ترض به الأحزاب السياسية المعارضة. وتأتي مواجهة الحكومة الجديدة لتحديات اقتصادية عجزت عن فك لغزها الحكومات المتعاقبة، في ظروف ميّزها تراجع مداخيل الدولة من البترول، ما سيجبرها على ضبط نفقاتها المستقبلية في انتظار عودة البحبوحة المالية. في هذا الإطار، يبقى ملف السكن أهم حلقة وورقة رابحة يمكن أن تلعبها الحكومة الجديدة، بالانطلاق في إنجاز سكنات "عدل"، مثلما هو مبرمج والانتقال من مرحلة الوعود إلى التجسيد، لامتصاص غضب فئة كبيرة من المواطنين، بعد أن نجح الوزير الأول، عبد المالك سلال، في إخماد ثورة الشباب العاطل بتمكينهم من أموال ضخمة في إطار مشاريع "أنساج" و«كناك" و«أنجام"، بصرف أكثر من 250 مليار دينار على هؤلاء دون التأكد من ملاءتهم المالية. ومن بين أهم الملفات الاقتصادية التي ستطرح على طاولة الحكومة الجديدة، والتي تم إلى غاية الآن إنفاق الملايير من الدولارات عليها دون جدوى، تلك المتعلقة بإنعاش القطاع الصناعي، والذي تم من أجله تغيير مهام الوزارة القديمة لشريف رحماني الذي كان مكلفا بالصناعة وتطوير المؤسسات الصغيرة والمتوسطة وترقية الاستثمار، إلى وزارة للتطوير الصناعي وترقية الاستثمار سيشرف عليها عمارة بن يونس، والذي سيناقش إستراتيجية إنعاش القطاع الصناعي مع الشركاء الاجتماعيين ومنظمات الباترونا خلال الثلاثية المقبلة. إلى جانب ملف تطوير القطاع الصناعي الذي سيساهم في إنعاش الإنتاج الوطني بدعم المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، ستجد الحكومة الجديدة نفسها أمام تحد آخر، والمتمثل في تقليص فاتورة الواردات التي سجلت خلال السنوات الأخيرة أرقاما قياسية، بلغت ما يقارب ال30 مليار دولار خلال السداسي الأول لهذه السنة، حيث تنوي وزارة المالية اتخاذ تدابير جديدة في إطار قانون المالية لسنة 2014، للحدّ من ارتفاعها. على المستوى الخارجي، سيكون ملف تحسين مناخ الأعمال في الجزائر أهم المسائل الاقتصادية التي يجب على حكومة سلال الجديدة معالجتها، بدراسة المقترحات التي جاءت في تقرير "دوينغ بيزنيس"، والتي شارك في إعدادها خبراء من البنك العالمي.