اختتمت مساء أمس الثلاثاء الموافق 16 ديسمبر 2008 فعاليات منتدي فاليتا بمالطا، والذي امتد على مدار يومي 15 – 16 ديسمبر الجاري، حول "نقل التكنولوجيا والشراكة في التنمية الصناعية بين الدول اليورومتوسطية". شارك في تنظيم ملتقى فاليتا: مؤسسة مالطا الاقتصادية، والمبادرة اليورومتوسطية لنقل التكنولوجيا، وجامعة الدول العربية، واتحاد المستثمرين العرب،. وعلى مدار اليومين شاركت في الجلسات العديد من الشخصيات والمؤسسات العربية والأوربية المرموقة في مجال العلوم والتكنولوجيا، كان في مقدمتها الدكتور عبد الله عبد العزيز النجار رئيس المؤسسة العربية للعلوم والتكنولوجيا، والدكتور جوى بورج Dr Joe Borgالمفوض الأوربي لشؤون البحار، وجيل مونتر Gilles Montre السكرتير العام لقوة العمل بالاتحاد من أجل المتوسط، والسفير جمال بيومي رئيس اتحاد المستثمرين العرب، والسيدة كارلا مونتسي Carla Montesi رئيس وحدة مكتب المساعدة والتعاون الأوربي ببروكسل، والدكتور عصام شرف رئيس الجمعية العربية الأفريقية للوجستيات والنقل، وعدد من الخبراء والمسؤولين في الدول العربية والأوربية. هذا وحضر معالي الدكتور لورنس جونزي Hon. Dr. Lawrence Gonzi رئيس الوزراء المالطي افتتاح الملتقى، ومراسم توقيع المؤسسة العربية للعلوم والتكنولوجيا مع المبادرة اليورومتوسطية اتفاقية للتعاون في مجال نقل وتوظيف التكنولوجيا في الدول العربية جنوب المتوسط بغرض تحقيق التنمية الاقتصادية والصناعية. وقد أكد رئيس الوزراء المالطي أن الحديث يجب أن لا يقتصر على السياسة بالتكنولوجيا، التي أضحت تحدد الكثير من القرارات السياسية وأن التنمية في المنطقة العربية جنوب المتوسط من شأنها أن تكون في صالح شمال وجنوب المتوسط، والتي يصل سكانها الى 400 مليون نسمة . كما اثنى على تجربة المؤسسة العربية للعلوم والتكنولوجيا، ودورها الواضح في المنطقة العربية. مؤكدا أننا نعيش في عالم يتطلب شراكات بين البحث العلمي والقطاع الخاص والحكومات، وأنه للبحث العلمي دور كبير في تحقيق الأمان والاستقرار في المنطقة في هذا السياق، قال جون أتارد John Attard رئيس المبادرة اليورومتوسطية لنقل التكنولوجيا EuroMediTI أن هذا هو المؤتمر السنوي الثاني اليورومتوسطي، الذي تستضيفه مدينة فاليتا بمالطا، والتي تعد العاصمة الثقافية والحضارية، حول "نقل التكنولوجيا وتوظيفها لتحقيق التنمية المستدامة في الدول اليورومتوسطية". وتشارك في المؤتمر العديد من الجهات المعنية بنقل وتوظيف التكنولوجيا في دول شمال وجنوب البحر المتوسط الأوربية والعربية. وتنطلق من مالطا المبادرة اليورومتوسطة للتكنولوجيا والإبداع المعروفة مجازا باسم "يورو ميد أي تي". وتهدف هذه المبادرة إلى توظيف البحث العلمي والإبداع التكنولوجي لتحقيق التنمية الاقتصادية صناعيا واستثماريا. إذ تقدم هذه المبادرة التسهيلات اللازمة بعملية نقل التكنولوجيا من خلال الأبحاث التطبيقية، ومشروعات الإبداع التكنولوجي، وتنمية القدرات التدريبية، ونشر المعرفة ورعاية المشروعات التكنولوجية الواعدة. هذا وأطلقت اليورو ميد أي تي في يناير 2007، بواسطة حكومة مالطا، والتي كانت مرتبطة بإعلان لشبونة الخاص بتطوير شبكات الإبداع الأوربية، وتوسيع نطاق الوعي بالمعرفة وتوظيفها الصناعي والاستثماري، لدعم معدلات النمو الاقتصادي. كما أنها تعد من السبل الحيوية لدعم الشراكة بين الدول اليورومتوسطية، عبر تقوية الروابط العلمية والبحثية المشتركة بين ضفتي المتوسط، في مشروعات عملية، وتقوم مقام وحدات البحث والتطوير في الشركات الإقليمية، لتطوير تنافسية وكفاءة المنتجات من حيث السعر والجودة في الأسواق. أشار جون أتارد إلى أنه في هذا الإطار على هامش الملتقى تم توقيع بروتوكول تعاون مع المؤسسة العربية للعلوم والتكنولوجيا لتكون جسرا للتعاون في مجال نقل وتوظيف التكنولوجيا في الدول العربية جنوب المتوسط بغرض تحقيق التنمية الصناعية. مؤكدا أن أهمية التعاون مع المؤسسة العربية للعلوم والتكنولوجيا، ينبع من مكانتها العربية والدولية في دعم العلوم والتكنولوجيا، خاصة وأنها مؤسسة مدنية، وأصبحت مؤسسات المجتمع المدني تتحمل الكثير من المسؤوليات بشأن تنفيذ البرامج، ومنها البرنامج الخاص بنقل التكنولوجيا والتنمية الصناعية والمجتمعية في الدول اليورمتوسطية. مشيرا إلى أن مكانة المؤسسة العربية للعلوم والتكنولوجيا تتأكد يوما بعد الآخر، من خلال برامج التعاون التي تنفذها مع مؤسسات دولية مثل اليونيدو "منظمة الأممالمتحدة للتنمية الصناعية"، واليونيسكو "منظمة الأممالمتحدة للتربية والعلوم والثقافة" وغيرها من المؤسسات الدولية بغرض دعم التنمية وتحديدا الصناعية من خلال توظيف العلوم والتكنولوجيا. من جانبه، قال الدكتور عبد الله عبد العزيز النجار، رئيس المؤسسة العربية للعلوم والتكنولوجيا أن هذا الملتقى يتمتع بأهمية كبيرة، لأنه يهتم بنقل التكنولوجيا وسبل توظيفها صناعيا واستثماريا. وخلال الملتقى وقعت المؤسسة مع المبادرة اليورومتوسطية لنقل التكنولوجيا بروتوكول تعاون لدعم توظيف العلوم والتكنولوجيا في تحقيق التنمية الصناعية والتكنولوجية في الدول العربية. موضحا أن المؤسسة العربية تدير برنامجا طموحا لنقل التكنولوجيا من المؤسسات الأكاديمية العربية إلى القطاعات الصناعية والاستثمارية، عبر الاستعانة بعدد من كبار الخبراء العرب والأجانب، الذين يقومون بجرد براءات الاختراع، ونتائج البحث العلمي والتكنولوجي في المؤسسات الأكاديمية العربية، وإعادة تقديمها، لتحديد إمكانية تمويلها وتسويقها، لإنتاج حلول تكنولوجية ذات مواصفات تنافسية من حيث التكلفة والجودة، لتقدم منتجات عربية قادرة على المنافسة في الأسواق الإقليمية. مشيرا إلى أن بروتوكول التعاون الذي وقعته اليوروميد أي تي مع المؤسسة العربية للعلوم والتكنولوجيا، جاء للاستفادة من مكانة المؤسسة، باعتبارها مؤسسة مدنية عربية، إقليمية ودولية، تعمل على دعم وتشجيع العلماء العرب داخل وخارج الدول العربية من أجل توظيف البحث العلمي والتكنولوجي، لخدمة التنمية المستدامة في مجتمعنا العربي، من خلال توظيف نتائج البحوث لتلبية الاحتياجات الاقتصادية صناعيا واستثماريا. أضاف رئيس المؤسسة العربية للعلوم والتكنولوجيا أن المؤسسة العربية: نجحنا كذلك من خلال ملتقيات الاستثمار في التكنولوجيا التي ننظمها في لم شمل كل من الباحثين والمبدعين العرب في مجال التكنولوجيا وممثلي رأس المال والشركات الاستثمارية، لتوفير التمويل اللازم للمشروعات والأفكار القابلة للتحويل إلى شركات تكنولوجية واعدة. هذا وساهمت المؤسسة العربية في تأسيس أكثر من 22 شركة تكنولوجية واعدة في هذا المجال في مجالات الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات والأدوية والإلكترونيات والبرتوكيماويات والأمن الغذائي والطاقة النظيفة وحماية البيئة وغيرها. وكانت من بين نتائج الأبحاث التي تمو تحويلها إلى شركات، الأبحاث التي يتم تمويلها من خلال منحة عبد اللطيف جميل للبحث العلمي والإبتكار التكنولوجي في الدول العربية. موضحا أن المؤسسة العربية تشجع وتدعم كذلك الأجيال الجديدة من المبدعين والمبتكرين العرب من خلال مسابقات استخراج الإبداع التي تستهدف توفير الدعم الفني والتمويلي للمشروعات التكنولوجية الواعدة عبر مسابقات "صنع في الوطن العربي"، و"مسابقة أفضل خطة أعمال تكنولوجية" التي تنظمها المؤسسة مع مؤسسة إنتل العالمية. ومن ثم فإن ملتقى فاليتا يعد فرصة طيبة لتبادل الخبرات والتجارب بين شمال وجنوب حوض المتوسط، وتحقيق المصالح المتبادلة بين ضفتي المتوسط تكنولوجيا وصناعيا. قال الدكتور عبد الله عبد العزيز النجار رئيس المؤسسة العربية للعلوم والتكنولوجيا أن المؤسسة اقترحت تنسيق السياسات بين الدول اليورومتوسطية لضمان استمرار التنمية الصناعية المستدامة وتأسيس مشروعات للمساعدة الفنية في منطقة اليورومتوسطي لتنشيط نقل التكنولوجيا وتيسير الحصول على التمويل والارتقاء ببرامج التدريب والابتكار، بالإضافة إلى تعزيز الاستثمارات في القطاع الصناعي ونقل الخبرات والتكنولوجيا الى المشروعات الصغيرة والمتوسطة لزيادة قدرتها التنافسية، خاصة في ظل تحديات الشركات بسبب الأزمة المالية الحالية والمتمثلة عدم استقرار الاقتصاد وانخفاض الاستهلاك والتحول في أنماط وديناميكية الأعمال التجارية والصناعية. ومن المتوقع أن يكون لهذه التحديات آثار سلبية على فاعلية واقتصاد هذه الشركات. هنا تبرز أهمية نقل التكنولوجيا وتوظيفها صناعيا واستثماريا. موضحا أن هناك تراجعا في الاستثمارات الخاصة بالتكنولوجيا، خاصة في مجال الطاقة حسب دراسات الفاينانشيال تايمز، وأن الاستثمار على مستوى العالم في شركات الطاقة النظيفة تدنى بشكل حاد في الربع الثالث من عام 2008، مقارنة بالربع الذي سبقه، وأن الأموال الخاصة وغيرها مما يخصص لما يسمى بالاستثمار المجازف في الشركات الخاصة والتكنولوجيا قد بلغت 4.4 مليارات دولار في الربع الثالث، في تراجع بنسبة 24% بعد أن كانت 5.8 مليارات دولار في الربع الثاني من هذا العام. ويتطلب هذا الأمر زيادة الاستثمارات العربية والأوربية الموجهة إلى قطاع التكنولوجيا. من هنا ظهرت أهمية تنظيم المؤسسة العربية للعلوم والتكنولوجيا الدورة السابعة لملتقى الاستثمار في التكنولوجيا والتي ستعقد خلال الربع الأول من عام 2009. أما السفير جمال بيومي رئيس اتحاد المستثمرين العرب، والمعروف بمهندس اتفاقية الشراكة بين مصر وأوربا فأوضح أن أوربا شمال البحر المتوسط، تعد من الدوائر المهمة للدول العربية. وأوربا حليف تاريخي للعرب، والعلاقات التجارية والاستثمارية تقوي من هذا التحالف، خاصة وأنه في ظل الأزمة العالمية يصبح الرهان على جذب الاستثمار الأجنبي للقطاعات التكنولوجية والصناعية ذات القيمة المضاقة. موضحا أن اجمالي الاستثمار الاجنبي المباشر في الدول العربية وصل الي37 مليار دولار في عام2005، وحظيت الإمارات العربية المتحدة بأعلي قيمة استثمار حيث وصل نصيبها الي12 مليار دولار، تليها مصر التي احتلت المرتبة الثانية بالنسبة لحجم الاستثمار الاجنبي المباشر بقيمة5.7 مليار دولار. وحصلت المملكة العربية السعودية علي استثمارات تصل الي4.6 مليار دولار، تليها لبنان والمغرب بقيمة2.6 مليار دولار. أما في جمهورية مصر العربية فأي دولار تقدمه أوروبا يعود بسبعين دولارا على التبادل الاقتصادي معها. وقال إنه بالنسبة للتقييم القطاعي للاستثمارات الأجنبية المباشرة، فجاء قطاع الزراعة في مستوي متدن، حيث لم يحصل سوي علي 1% فقط من هذه الاستثمارات، وذلك بالرغم مما تعانيه المنطقة العربية من فجوة غذائية وحاجتها الملحة الي مضاعفة الاستثمارات في هذا القطاع. مشيرا إلي أن قطاع الصناعة حصل علي نسبة 9% من الاستثمارات الأجنبية المباشرة. بينما قطاع الخدمات حصل علي نسبة 83% من هذه الاستثمارات. وأن قطاع التكنولوجيا في السنوات الأخيرة أصبح حصان الرهان، والقطاع الأكثر جاذبية للاستثمارات الأجنبية. تحدث السفير جمال بيومي عن وجود عدة اتفاقيات دولية اقتصادية يمكن أن تتم الاستفادة منها في المنطقة لجذب مزيد من الاستثمارات الأجنبية. ومن أهم هذه الاتفاقيات خاصة بالنسبة اتفاقيات المشاركة العربية الأوروبية. وأكد السفير جمال بيومي أنه لا خوف من الاتفاقيات الدولية، لأنه لا يستطيع اي طرف أن يفرض علي الطرف الآخر شيئا لا يرضاه، سواء فيما يتعلق بالتجارة أو الأمن أو القواعد العامة أو غيرها. ولا يوجد أي شيء يمنع اي دولة من اتخاذ أي اجراءات أو وضع أي معايير وشروط لضمان أمنها وسلامتها واستقلالها. في الصورة: رئيس المؤسسة العربية للعلوم والتكنولوجيا ورئيس المبادرة اليورومتوسطية لنقل التكنولوجيا يوقعان على اتفاقية التعاون لنقل وتوظيف التكنولوجيا لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية في الدول العربية.