يخرج الاسبوع القادم الدخان الابيض من كوة رئاسة الحكومة في حرم القصر الملكي بالرباط، ليعلن ميلاد الحكومة الثانية لعبد الاله بن كيران، زعيم حزب العدالة والتنمية ذي المرجعية الاسلامية، بعد ثلاثة اشهر من ازمة عاشتها حكومته الاولى بسبب انسحاب حزب الاستقلال وانهيار الاغلبية البرلمانية. وقالت مصادر حزبية ان تفاهمات تم الوصول اليها بين عبد الاله بن كيران وصلاح الدين مزوار رئيس التجمع الوطني للاحرار في اجتماع عقد بينهما مساء اول امس الاربعاء، تقضي بمشاركة التجمع بالحكومة دون تغييرات جوهرية على هيكليتها مع تعديلات في البرنامج الحكومي دون المس بجوهره واعادة قراءة ميزانية 2014. وقال قيادي بحزب العدالة والتنمية، طلب عدم ذكر اسمه، ان اخر لقاء بين بن كيران ومزوار، اثمر تفاهمات للانطلاق نحو الخطوات العملية لمشاركة التجمع بحكومة بن كيران الذي من المتوقع ان يعلن عن نسختها الثانية الاسبوع القادم. وتتكون حكومة بن كيران التي اعلنت بداية 2012 من حزب العدالة والتنمية والحركة الشعبية وحزب التقدم والاشتراكية ومستقلين بالاضافة الى حزب الاستقلال الذي سيحل مكانه بالاغلبية والحكومة التجمع الوطني للاحرار. واعتبر نجاح عبد الإله بن كيران، في التفاهمات مع مزوار نصرا كبيرا لنفسه أولا ولحزبه ثانيا في ظل هجمة عليه وعلى حكومته وحزبه، خاصة بعد التطورات التي عرفتها الازمة المصرية واسقاط الجيش حكم جماعة الاخوان المسلمين وعزل الرئيس محمد مرسي. وقال مصدر مطلع بالتجمع الوطني للاحرار ان تغييرات جذرية لن تعرفها التشكيلة الحكومية الجديدة، حيث سيشغل التجمع ما بين 5 و7 حقائب بالاضافة الى رئاسة مجلس النواب ومناصب رفيعة بالدولة، وكان حزب الاستقلال يتولى 6 حقائب وزارية بالاضافة الى رئاسة مجلس النواب. واوضحت المصادر ان التباين بين بن كيران ومزوار بشأن حقيبة المالية قد تم تسويته، مشيرة الى ان بن كيران كان متسمكا بتوزيع الحقيبة كما كانت في حكومته الاولى وزارة للمالية والاقتصاد تولاها الاستقلالي نزار بركة ووزارة للميزانية تولاها ادريس الازمي فيما تمسك مزوار بجمع الحقيبة على ان يتولاها وزير تجمعي، وان التفاهمات اسفرت عن اسناد الحقيبة لعزيز اخنوش وزير الفلاحة والصيد البحري حاليا كما اضيفت له بالوكالة حقيبة المالية والاقتصاد بعد استقالة الاستقلالي بركة. ويحسب عزيز اخنوش في حكومة بن كيران الاولى على وزارء القصر فيما التحق بحكومة عباس الفاسي 2007 الى 2012 وكوزير عن التجمع الوطني للاحرار. وكان صلاح الدين مزوار يطمح بالعودة الى وزارة المالية التي شغلها 2007 الى 2012 الا انه من المتوقع بعد ترشيح اخنوش ان يتولى رئاسة مجلس النواب خلفا للاستقلالي كريم غلاب. وأكدت المصادر ان تعديلات طفيفة ستلحق الهيكلة الحكومية ونصيب كل حزب منها، وتوقعت المصادر تخلي الحركة الشعبية عن حقيبة السياحة على ان يجمع انس مزوار التجمعي حقيبتي السياحة والصناعة التقليدية وان يتولى التجمعي علي الفاسي الفهري وزارة الطاقة والمعادن فيما سيرشح الوزير السابق محمد اوجار لوزارة الجالية بالخارج او لوزارة الاتصال اذا ما تخلى عنها العدالة والتنمية. واعادت المصادر تأخر تشكيل الحكومة الى التنافس في صفوف التجمع الوطني للاحرار على الحقائب المرشح لتوليها، وان القائمة تضمنت اكثر من مائة اسم، نجحت اطراف مختلفة في غربلتها والتفاهم على الاسماء المرشحة والمتوقع ان يسلمها لبن كيران بداية الاسبوع القادم. وقرر المكتب التنفيذي للتجمع واوساطه القيادية استوزار ‘وجوه جديدة وذات كفاءة عالية في التدبير وأن تكون من داخل الحزب ولم يسبق لها المشاركة في حكومات سابقة'، وحسب القيادي التجمعي هو ما سبق لمزوار ‘أن أبدى موافقته على هذه الشروط غير أن لا أحد يتكهن بما يمكن أن تفرزه الكواليس خاصة وأن الرئيس يواجه ضغوطات كبيرة من طرف عدد من القيادات الراغبة في الإستوزار'. وكان التأخير في الاعلان عن النسخة الثانية لحكومة بن كبران قد اربك الحياة السياسية المغربية وانعكس سلبا على مؤشرات الاقتصاد والتنمية والاستثمارات الخارجية. وحذر نبيل بن عبد الله الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية ووزير السكنى والتعمير في وقت سابق من مخاطر الانتظارية في معالجة الأزمة السياسية وأثر ذلك على تعطيل مسلسل الإصلاحات الهيكلية والمس بالاستقرار السياسي في البلد. واتهم بن عبد الله جهات خارج الحكومة تحاول إجهاض التجربة، واستبقاء وضع الحكومة الحالي على ما هو عليه، وعرقلة الاتفاق لتحقيق التعديل الحكومي، وتكبيل الحكومة ومنعها من تحقيق إنجازات نوعية الغرض ما'، وتحوير المسار الديمقراطي المغربي وخلق شروط العودة إلى الوراء، اي العودة إلى زمن التحكم.