تعاون البرلمان يجمع العلمي وسوليمان    مسؤول ينفي "تهجير" كتب بتطوان    الدار البيضاء… توقيف 14 شخصا يشتبه في تورطهم في قضية تتعلق بالعنف المرتبط بالشغب الرياضي    طنجة تجمع نخبة الشرطة في بطولة وطنية قتالية (صور)        افتتاح وكالة اسفار ltiné Rêve إضافة نوعية لتنشيط السياحة بالجديدة    ثلوج المغرب تتفوّق على أوروبا...    إطلاق قطب الجودة الغذائية باللوكوس... لبنة جديدة لتعزيز التنمية الفلاحية والصناعية بإقليم العرائش        إسرائيل تعلن قتل قيادي عسكري في حماس بضربة في غزة    البنك الإفريقي للتنمية يدعم مشروع توسعة مطار طنجة    تساقطات غزيرة بولاية تطوان تتسبب في خسائر مادية وتعطل حركة السير و الجولان    تفكيك شبكة إجرامية تُهرّب الحشيش من المغرب إلى إسبانيا عبر "الهيليكوبتر"    مونديال 2026 | 5 ملايين طلب تذكرة في 24 ساعة.. ومباراة المغرب-البرازيل الثانية من حيث الإقبال        أخنوش: السياسة ليست مجرد انتخابات بل حضور دائم في الميدان وخدمة المواطن    "داعشي" يقتل 3 أمريكيين في سوريا    إنذار كاذب حول قنبلة بمسجد فرنسي ذي عمارة مغربية    غوتيريش يعلن انتهاء "مهمة العراق"    الرجاء يعود من السعودية ويواصل تحضيراته بمعسكر مغلق بالمغرب    تدخلات تزيح الثلج عن طرقات مغلقة    نشرة إنذارية.. تساقطات ثلجية وأمطار قوية أحيانا رعدية مرتقبة اليوم السبت وغدا الأحد بعدد من مناطق المملكة    سلالة إنفلونزا جديدة تثير القلق عالميا والمغرب يرفع درجة اليقظة    بونيت تالوار : المغرب يعزز ريادته القارية بفضل مبادرات صاحب الجلالة    رسالة سياسية حادة من السعدي لبنكيران: لا تراجع عن الأمازيغية ولا مساومة على الثوابت    ميسي في الهند.. جولة تاريخية تتحول إلى كارثة وطنية    محمد رمضان يحل بمراكش لتصوير الأغنية الرسمية لكأس إفريقيا 2025    بورصة البيضاء .. ملخص الأداء الأسبوعي    تعاون غير مسبوق بين لارتيست ونج وبيني آدم وخديجة تاعيالت في "هداك الزين"    مجلس السلام خطر على الدوام /1من2    من الناظور... أخنوش: الأرقام تتكلم والتحسن الاقتصادي ينعكس مباشرة على معيشة المغاربة                مقاييس الأمطار المسجلة بالمملكة خلال ال24 ساعة الماضية    نقابات الصحة تصعّد وتعلن إضرابًا وطنيًا باستثناء المستعجلات    المغرب: خبير صحي يحدّر من موسم قاسٍ للإنفلونزا مع انتشار متحوّر جديد عالمياً    الممثل بيتر غرين يفارق الحياة بمدينة نيويورك    كأس أمم إفريقيا 2025.. "الكاف" ولجنة التنظيم المحلية يؤكدان التزامهما بتوفير ظروف عمل عالمية المستوى للإعلاميين المعتمدين    القنيطرة .. يوم تحسيسي تواصلي لفائدة الأشخاص في وضعية إعاقة    خطابي: فلسطين تحتاج "محامين أذكياء"    السغروشني تعلن تعبئة 1,3 مليار درهم لدعم المقاولات الناشئة    حبس الرئيس البوليفي السابق لويس آرسي احتياطيا بتهم فساد    الركراكي يرفع سقف الطموح ويؤكد قدرة المغرب على التتويج بالكان    تشيوانتشو: إرث ابن بطوطة في صلب التبادلات الثقافية الصينية-المغربية    الإقصاء من "الكان" يصدم عبقار    بنونة يطالب ب «فتح تحقيق فوري وحازم لكشف لغز تهجير الكتب والوثائق النفيسة من المكتبة العامة لتطوان»    "الأنفلونزا الخارقة".. سلالة جديدة تنتشر بسرعة في المغرب بأعراض أشد وتحذيرات صحية    يونيسكو.. انتخاب المغرب عضوا في الهيئة التقييمية للجنة الحكومية الدولية لصون التراث الثقافي غير المادي    بورصة البيضاء تنهي تداولاتها على وقع الارتفاع    تناول الأفوكادو بانتظام يخفض الكوليسترول الضار والدهون الثلاثية    تيميتار 2025.. عشرون سنة من الاحتفاء بالموسيقى الأمازيغية وروح الانفتاح    منظمة الصحة العالمية .. لا أدلة علمية تربط اللقاحات باضطرابات طيف التوحد    سوريا الكبرى أم إسرائيل الكبرى؟    الرسالة الملكية توحّد العلماء الأفارقة حول احتفاء تاريخي بميلاد الرسول صلى الله عليه وسلم    تحديد فترة التسجيل الإلكتروني لموسم حج 1448ه    موسم حج 1448ه.. تحديد فترة التسجيل الإلكتروني من 8 إلى 19 دجنبر 2025    موسم حج 1448ه... تحديد فترة التسجيل الإلكتروني من 8 إلى 19 دجنبر 2025    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



محمد كريشان "القدس العربي":هواجس تونسية
نشر في مغارب كم يوم 27 - 04 - 2011

تونس هذه الأيام عبارة عن حظيرة بناء مفتوحة، الكل يتحرك وفي كل الاتجاهات ولكن لا شيء واضحا في البنيان المنشود. بتعبير أكثر شاعرية، تونس الآن لوحة الكل يمر بريشته عليها صعودا ونزولا ولكن لا أحد يمكن أن يزعم معرفة الشكل الذي ستؤول إليه في النهاية.
و إذا ما أردنا أن نعرف أكثر ما يؤرق التونسيين في هذه الأشهر المصيرية التي تفصل بين نجاح ثورتهم المجيدة في 14 يناير الماضي وبين موعد انتخاب مجلس وطني تأسيسي في 24 يوليو المقبل فإنه يمكن أن نقف إجمالا عند النقاط التالية:
- غياب الأمن والنظام في كثير من مفاصل الحياة اليومية الشيء الذي جعل التونسيين يتحسبون كثيرا في تنقلاتهم العادية ويتجنبون الخروج ليلا. ما زال زهاء التسعة آلاف من سجناء الحق العام الهاربين طلقاء. تعددت أيضا الإضرابات والتحركات الاحتجاجية التي لا تجد حرجا في ترك النفايات مرمية في كل مكان لأيام عديدة أو في قطع هذا الطريق أو ذاك، بما في ذلك طرق سيارة رئيسية بين المدن، أو منع هذا القطار أو ذاك من مواصلة رحلته. بعض الفوضى امتدت حتى لحركة السيارات في الشوارع التي لم يعد كثيرون يحترمون إشاراتها فتحولت مدن كبرى إلى مرتع سيارات مجنونة لا ضابط لها ولا وازع. شوارع رئيسية في قلب العاصمة امتلأت بباعة فوضيين على الأرصفة مما أفسد المنظر العام لهذه الشوارع المركزية.
- عدم وضوح الرؤية لقطاعات واسعة من الرأي العام التونسي الذي وجد نفسه فجأة أمام تيارات وأحزاب سياسية تفوق قدرته على استيعاب أطروحاتها أو التمييز بين مشاريعها. أحد الأكاديميين التونسيين قال بأن الصراع في البلاد تحول من صراع بين الدولة والمجتمع في عهد بن علي إلى صراع بين النخب بعد الثورة. كثيرون من عامة الناس لا يعرفون بالضبط ما الذي تسير نحوه البلاد ليس فقط كمآل سياسي نهائي يتوج هذه الثورة بل أيضا كمواعيد واستحقاقات عدا موعد الرابع والعشرين من يوليو المقبل.
- العودة التدريجية لشخصيات ورموز الحزب الحاكم السابق إلى الانخراط في الحياة السياسية والإعلامية بصيغ مختلفة أو حتى ملتوية. هناك شعور عام بأن الكثير من عناصر 'التجمع الدستوري الديمقراطي' لم ترم سلاحها بعد رغم فرار الزعيم وحل الحزب. بعضهم توجه إلى تأسيس أحزاب جديدة والبعض الآخر وُصف بأنه 'معطى انتخابي هام ' ولهذا أصبح محل غزل وإغراء من تيارات مختلفة للالتحاق بها بما في ذلك الإسلاميون!!
- تصاعد المد الديني بطريقة ربما لم يعهدها التونسيون وبدت غريبة نوعا ما عما عرفوه في بلاد لا يمكن إلا أن تكون وسطية ومتعددة. المسألة لا تتعلق طبعا بانتشار الحجاب بشكل واسع فيما يشبه الانتقام من حظره السابق لسنوات طويلة أو توسع مرتادي المساجد بعد سنوات من شبهة القيام بذلك. إنها تتمثل في بروز مظاهر متطرفة شكلا ومضمونا تمثل بعضها حتى في التدخل في حرية الملبس لدى النساء في الشارع أو عودة الدعاية السياسية والحزبية في المساجد، وهي لله دون غيره، فضلا عن محاولات إقحام مسائل دينية معينة في المدارس مما خلق نوعا من الإرهاب الفكري في فضاءات علمية كان يفترض أن تبقى بمنأى عن تجاذبات كهذه.
هذا إلى جانب حديث بعض الإسلاميين البارزين عن قضايا من نوع الخمور والمواخير وغيرها وكأنها من قضايا التحول الديمقراطي الجوهرية في البلاد!.
- بروز بعض النعرات العشائرية أو القبلية في بلد كان يظن، أو يتوهم، أنه بمنأى عن كل ذلك بعد عقود من التحديث. ليس في تونس تعدد عرقي أو ديني أو طائفي فإذ بمن يحاول النفخ في هذا التعدد العشائري الكامن تحت الرماد. وقد حصلت في بعض مناطق البلاد مواجهات من هذا النوع سقط فيها قتلى بعضهم من تلامذة المدارس.
ورغم كل ما سبق، فإن ما يطمئن نسبيا هو التأهب الدائم للتونسيين وشعور قطاعات لا بأس بها منهم بأن ثورتهم لم تنته بهروب بن علي بل هي فعل يومي يحتاج إلى المثابرة والإصرار فكل الدول في العالم التي تخلصت من الدكتاتوريات المقيتة مرت بمراحل انتقالية مضطربة وضبابية ولا بد من سعة الصدر في إدارتها. شيء واحد فقط لا يمكن التسامح معه على الإطلاق: عودة الاستبداد إلى تونس سواء جاء بعباءة اليسار أو الدين أو القومية أو الليبرالية أو غيرها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.