أثارت تصريحات لرئيس الوزراء الجزائري عبد المالك سلال، استصغر فيها الشعر واللغة العربية، حفيظة نشطاء على شبكة التواصل الاجتماعي الذين وصفوه ب«المتشبع بالثقافة الفرنسية». ويدور في الأوساط السياسية حاليا حديث عن «إجماع» أصحاب النفوذ في البلاد، على أن يستخلف سلال الرئيس عبد العزيز بوتفليقة بمناسبة انتخابات الرئاسة المرتقبة في ربيع العام المقبل. وقال سلال أول من أمس في مؤتمر صحافي بالعاصمة يتعلق بالدخول المدرسي الأحد المقبل، إن «الدولة والمجتمع اللذين يريدان التطلع إلى غد أفضل، عليهما الاهتمام بتكوين الأجيال في العلوم والتكنولوجيا والرياضيات. أما الشعر فلا يبني دولا». وخاض سلال في الحديث عن «فضل التكنولوجيا في تقدم الأمم»، ودعا إلى «الابتعاد عن الشعر والتاريخ والجغرافيا». وكان رئيس الوزراء يتحدث إلى الموظفين في قطاع التعليم، من إداريين ومدرسين ونقابيين في هذا القطاع الكبير في الدولة، المصنف ثانيا في ترتيب أكبر القطاعات من حيث حجم الموازنة، بعد وزارة الدفاع. ولم يبد هؤلاء أي معارضة لكلام سلال المعروف عنه انتماؤه للنخبة الفرانكفونية المتغلغلة في مفاصل الدولة، خاصة الجيش والمخابرات والنفط والمالية. ولقي موقف سلال من اللغة العربية استهجان ناشطين على شبكة «فيس بوك»، من بينهم الدكتور أحمد شنة، رئيس «أكاديمية المجتمع المدني الجزائري»، وهي منظمة غير حكومية، حيث قال في صفحته: «يرجع رئيس وزرائنا كل أسباب التخلف العلمي والتكنولوجي في الجزائر إلى الشعر، فهو في رأيه المتهم الأول في كل ما نعانيه من مآس وإحباطات شاملة في كل القطاعات دون استثناء. ودعا إلى الاعتناء بالعلوم والرياضيات لأنها المنقذ السحري للجزائر من أزماتها الاجتماعية والاقتصادية والسياسية. فالشعراء أخطر من كل بارونات الفساد، حسب السيد سلال، والشعر وسيلة هؤلاء البارونات في التقهقر بالجزائر إلى هوامش الفشل الذريع». وذكر شنة أيضا أن «سكينا انغرز في خاصرتي بعنف ووحشية، وأنا أستمع بذهول واستغراب لما صرح به رئيس الوزراء الجزائري، وهو يتحدث عن الشعر وعلاقته بالتخلف ودعوته الصريحة إلى نبذه، واستنتاجه الغريب حول مسؤولية الشعر في هدم الدولة». وأضاف قائلا: «ما كان ينبغي أن تصدر مثل هذه التصريحات عن المسؤول الأول في الدولة، وقد جرى تخويله كافة الصلاحيات بعد مرض الرئيس». وقال صحافي جزائري مقيم بالولايات المتحدة في صفحته: «الأمير عبد القادر، مؤسس الدولة الجزائرية الحديثة، كان شاعرا عظيما ورائعا، وهواري بومدين (الرئيس الأسبق) رحمه الله كان شاعرا رائعا في خطابه لأبناء شعبه، وثورة التحرير (1954-1962) ما كانت لتكون لولا أغنيات النساء الحرائر التي كانت تحفز همم الرجال في الجبال، وأصل الأغنيات شعر وكلمات ليست كالكلمات عزيزي سلال. إننا نحتاج إلى الشعر كما نحتاج إلى الخبز وإلا فإننا نقتل فينا الإنسان». وفي سياق آخر، دخل عمار سعداني، أمين عام جبهة التحرير الوطني الجديد، أمس، إلى مكتبه في مبنى الحزب بأعالي العاصمة وسط هتافات أنصاره، بعد أن ربح معركة شرسة مع خصومه الذين رفعوا دعوى قضائية لإبطال اجتماع «اللجنة المركزية»، الذي أفضى إلى تزكيته، قائدا جديدا للجبهة خلفا لعبد العزيز بلخادم. ورغم أن القضاء أقر انعدام شرعية الاجتماع، فقد اختارت اللجنة رئيس البرلمان الأسبق أمينا عاما للجبهة. وذكر سعداني لصحافيين، أنه «رجل حوار يسعى إلى المصالحة» مع خصومه الذين استبعد اتخاذ أي إجراء ضدهم.