بعد مسار مهني حافل،ومثير للجدل، توفي جاك فيرجيس، احد أكثر المحامين قوة ومصدرا للنقاش، في نقابة محامي باريس أمس الخميس، عن 88 عاما، بسكتة قلبية، مما أثار ردود فعل زملائه الذين اشادوا به بصفته "فارس" الدفاع "الشجاع" و"المستقل"و"العملاق" الذي التزم أحيانا "بالجانب غير السليم". وأعلنت دار النشر "بيار غيوم دو رو"، التي نشرت مذكراته ، بعنوان "من محض اعترافاتي - ذكريات وأحلام"، أن "المحامي جاك فيرجيس توفي بسكتة قلبية في الساعة 20,00 (من أمس الخميس) في غرفة فولتير، وتحديدا على رصيف فولتير بباريس، عندما كان يستعد لتناول العشاء مع أقاربه". وأشارت الى انه "مكان مثالي لآخر عرض مسرحي مدو، تمثله وفاة هذا الممثل البارع" لأنه "على غرار فولتير كان شغوفا بفن التمرد والتقلبات المستمرة". وروى رئيس المجلس الوطني لنقابات المحامين كريستيان شاريير برونازل، "انه وقع قبل بضعة أشهر، وأصيب بالوهن، وأصبح يمشي ببطء شديد، ويتكلم بصعوبة، لكنه ظل سليما عقليا. كنا نعرف أنها آخر أيامه لكننا لم نتصور أن نهايته ستأتي بهذه السرعة". وقد عاش هذا المحامي المتخصص في القانون الجنائي حياة شخصيات روائية. فقد كان مقاوما ضد النازية ،وانتسب الى الحزب الشيوعي لكنه تركه في 1957 لان "مواقفه لم تكن حازمة بما فيه الكفاية" إزاء الجزائر. وكان مناضلا مناهضا للاستعمار وقد تزوج البطلة الجزائرية جميلة بوحيرد المناضلة في جبهة التحرير الوطني، التي حكم عليها القضاء بالإعدام قبل أن يعفى عنها. وقد فرض نفسه مدافعا عن الشخصيات المدانة من التاريخ، بمبرر أن "واضعي القنابل هم من يطرحون الأسئلة". وكان الرجل القصير القامة ،صاحب الوجه الساخر، والنظارات المستديرة، والشعر القصير المولع بالسيكار، مقربا من شخصيات سياسية من العالم اجمع، وكذلك من سائر المناضلين الذين كانوا يعملون في السر مثل الحركات التي نفذت هجمات في السبعينيات والثمانينيات، و"الثوري" الفنزويلي كارلوس، والناشط اللبناني جورج ابراهيم عبد الله، الى جانب مجرم الحرب النازي كلاوس باربي، والدكتاتور اليوغوسلافي سلوبودان ميلوسفيتش، وقائد الخمير الحمر السابق كيو سامفان. وردا على سؤال لصحيفة "فرانس سوار" في 2004 "كيف تكون محامي صدام حسين؟" قال جاك فيرجيس إن "الدفاع عن صدام حسين ليس قضية ميؤوس منها، بل الدفاع عن الرئيس الأميركي جورج دبليو بوش هو الميئوس منه". وأعرب العديد من المحامين الفرنسيين عن تقديرهم لهذا "العملاق" في نقابة المحامين. وقالت ايزابيل كوتان بيري، محامية كارلوس، التي بدات مشوارها الى جانبه سنة 1981 لوكالة الأنباء الفرنسية: "كانت فرصة لا تصدق". وأضافت "كانت له نظرة سياسية مثالية لمهمة المحاماة، وتجربة فريدة من نوعها في اكبر صراعات القرن العشرين". وقال محامي الجبهة الوطنية (يمين متطرف) جيلبير كولار "عندما كان يدافع عن كلاوس باربي، كنت الى جانب الطرف المدني. كنت في الجانب السليم وكان في الجانب السيئ لكن هذه هي الديمقراطية". وفي 1970 اختفى المحامي فيرجيس لثماني سنوات، مثيرا شكوكا كبيرة وتساؤلات: هل كان الى جانب الفلسطينيين؟ ام في كونغو ما بعد باتريس لومومبا؟ ام في كمبوديا بول بوت؟ لكنه اكتفى بالإشارة إلى "عطلة كبيرة في مكان بعيد جدا في شرق فرنسا".