توفي في باريس، أول أمس الخميس، المحامي الشهير والمثير للجدل جاك فيرجيس، عن عمر يناهز 88 سنة. ويعتبر فيرجيس أحد أشهر المحامين الفرنسيين في العالم، وقد اكتسب بداية شهرته بمرافعاته عن المناضلة الجزائرية جميلة بوحيرد، إبان الاستعمار الفرنسي، لينقذها من تنفيذ حكم الإعدام ضدها، ثم يتزوجها لاحقا معلنا إسلامه. فيرجيس، المناهض للاستعمار، لم يكن يبالي بالقضاء الفرنسي حينذاك، بل كان يستفزه من خلال إنشاده النشيد الوطني الجزائري أمام المحكمة الفرنسية. كما أنه كان يضطلع بدور صلة الوصل بين جبهة التحرير الجزائرية وباقي الحركات التحررية بالمنطقة، وظل يعلن اعتزازه بعلاقاته القديمة والتاريخية مع منظمة التحرير الفلسطينية ورموزها، من أمثال الراحلين ياسر عرفات وجورج حبش وغيرهما. وقد سبق له الاشتغال في المغرب، كما أنه دافع لمدة طويلة عن البستاني المغربي عمر الرداد الذي كان ضحية خطأ قضائي أدى إلى إدانته بتهمة قتل مشغلته الفرنسية. واشتهر فيرجيس بدفاعه المستميت عن شخصيات كانت مثار جدل، وأخرى ارتكبت جرائم خطيرة، ومن هذه الشخصيات الناشط اللبناني جورج إبراهيم العبد الله، وزعيم الخمير الحمر كيو سامفان، وأنيس النقاش بعد اتهامه باغتيال رئيس الوزراء الإيراني الأسبق شابور بختيار، و»الثوري» الفنزويلي كارلوس، والدكتاتور اليوغوسلافي سلوبودان ميلوسفيتش، وكلاوس باربي المجرم النازي الذي رحل من بوليفيا إلى فرنسا سنة 1983 . وكان قد حصل على تفويض من عائلة الرئيس العراقي صدام حسين للدفاع عن هذا الأخير، لكن السلطات العراقية رفضت السماح له بولوج أراضيها، وقد رد حينها على سؤال صحفي حول استعداده للدفاع عن الدكتاتور العراقي في 2004: «الدفاع عن صدام حسين ليس قضية ميؤوسا منها، بل الدفاع عن «الرئيس الأمريكي جورج دبليو بوش « هو الميؤوس منه». كما دافع فيرجيس مؤخرا عن رئيس كوت ديفوار السابق لوران غباغبو. فيرجيس، المتخصص في القانون الجنائي، ازداد في 5 مارس عام 1925 في تايلاند، من أم فيتنامية وأب فرنسي منحدر من جزر الريونيون ، وقد انخرط في مواجهة النازية في صفوف الجيش الفرنسي الحر في كل من إيطاليا والجزائر والمغرب وفرنسا، قبل الالتحاق بالحزب الشيوعي الذي سيمزق بطاقة عضويته فيه في 1957 لأن «مواقف الحزب لم تكن حازمة بما فيه الكفاية» إزاء قضية الجزائر المستعمرة. كما أنه أصدر عدة كتب آخرها مذكراته في فبراير الماضي بعنوان «من محض اعترافاتي - ذكريات وأحلام»، وألهمت سيرته المخرج الفرنسي باربت شرويدر الذي أنجز فيلما عنه يحمل عنوان «محامي الرعب». وابتداء من سنة 1970، كان فيرجيس قد اختفى لمدة ثماني سنوات مثيرا شكوكا كبيرة حول مكان غيابه وتساؤلات عديدة منها: هل كان إلى جانب الفلسطينيين؟ أم في كونغو ما بعد باتريس لومومبا؟ أم في كمبوديا بول بوت؟ وحين تم سؤاله عن الأمر بعد العودة تحت الأضواء، اكتفى بالإشارة إلى أنه قضى «عطلة طويلة في مكان بعيد جدا في شرق فرنسا».