عزيزتي: "شمس النساء زهرة الشوك الفضي" أعلم أني تباطأت لأخبرك بخطواتي ، لكني سأحدثك عن "هدية السماء وهبة القدر" ، لأن معناكما اقتربا مني و أنتما في تجسيد واحد ، وأني على يقين أنك أوفيت ندرك، و أني كذلك لم استطيع أن أبقى وفيا في الابتعاد على الأقل في كتاباتي ، لكني أحاول أن افتح الباب و أنعتق من كل التأويلات التي تسجن مخيلتي ....! حسنا ، دعك من هذا لأني أعلم أن الوقت اقترب و أن الباب ستنفتح من تلقاء نفسها ، إذن أمنياني لك بالتوفيق.. تمهلي عزيزتي ، ستذكرينني أني قلت لك : أني أنفد رغبة الحب وأن الإنسان قبل أن يكون مفكر أو كائن راغب فهو كائن الحب...لا تذكريني مجددا ، لأني علمت ماذا تفعل الفضلات في مكنونك..!؟ لكن "هدية السماء وهبة القدر" غريبة عنكم في الارتماء للأحضان مادية فالطبيعة طبعتها و أنت اكتسبتها.. لا فرق بينكما في التجسيد الواحد ...؟ مرة أخرى ، طرحت نفس السؤال الذي أهملته سابقا واستبسلت في الدفاع عنه بإلغائه إلى حد الموت حوله ، ومن هو ...؟ لكنها أجبرتني أن أغلق فمي لأني مازلت صبيا و يجب أن يكون لساني بمعزل عن الكل...فضحكت لأنه هو ما نملك ، من نباح وعويل وعواء ونهيق... في الحظيرة أو الجحر أو المستنقع ..الأمر لا يهم .. لكن أخبرتها حوله و من هو ، توصيفاته ...؟ هو : الخراب يلمس عوالم حياته و تلا فيفه الدرامية في انتظار لا محدود ، هواجسه ، أحلامه...في قارعة وجدانه ، لديه رغبة في مجابهة القدر الحتمي ، لكن دون جدوى تذكر في مقاومته..؟ يُعاني من غربة لانهاية لها ؟ هو لا يحب أن يكون في متناول العابثين والمارقين ، فصمته يُكلمه ويحاوره بهمومه المتباينة ..فالأرض التي يتواجد فيها ! فاسدة والكل عابث و الجميع جنح إلى المال و المهانة ، لقد أحدثوا قطائع مع نوازعهم الإنسانية ، و الغرابة أنهم يريدون في آخر المطاف قتل الوطن الذي يحمل ثقله ...
يعيش وحيدا داخل مجتمع ماهيته و قيمته المجهول ، المادة...لا يدري شيئا من هذه الوظائف و الانشغالات الوجدانية لأنه يلغي الشكل الشمولي للأشياء ، لا يحبها هو ، عالمه مَقاطع من واقعه المؤلم ، و أقرانهُ المنبوذين من المادة والتقنية ، هارب وفار من واقعه...؟ يجد في الكلمات اهتداء ، لكنه سرعان ما يحس أنها تقتنصه و تطفئ حريته..!! يلتفت إلى الوراء يرى أشباحا آتية ، يبتعد بنضره عن رؤيتهم ...و يحاول الهرب.. يختبئ في نفسه إلى أن تمر الأشباح ...ثم يخرج... يتذكر أنه كان هاربا ، فيُصبه الفزع... تسير به الخطوات ، يُصادف أحد الملاجئ و يُصبح أحد لا جئي الملجأ ، يبعث عن الرضا لكنه يُقر لخطاه..فيتم طرده منه... يسير بخطوات نحو عوالم مقلوبة لا تقف عند حدود ، يخترق الأسلاك الشائكة ، فيصعقه الكهرباء ، فلا يُحس ، و يصيبه الاستغراب...!؟ يلتفت إلى الوراء مجددا...فلم يكن هنالك وراء ما.. ينضر أمامه ، يرى الأشباح تقترب منه .. يقترب منها دون خوف ...دون أن يُصيبه الفزع.. إنه يأتي دون موعد مسبق و يرحل بموعد محدد ، وأخيرا يلغي جميع المواعد من مذكرة حياته ... مخيلته مفتوحة و مسرحه اللامعقول ، يبحث دائما عن سيدة بسيطة من طبقته الأدنى تسرد بلغته...لكنه يفشل كل مرة..؟ ليس لديه موهبة الإحساس العميق بالتجربة لأنه يضع في نفسه وقعة الخاسر.. انه لا يستنبت وردة فضية وسط أي ساحة وغى أو في صخب الأجواء.. لا يقحمكُ هو فيها و إنما يقوم بعملية جراحية لكي لا تمتلك الرغبة بأنّ هذه الوردة من حقيقة الواقع ... يتسم بفرح عال و ألم عظيم جلال ...وضوحه فاقع وغموضه معقد حتى أنك لن تستطيعي إدراك حاسة اللمس ،لأنه أسود يضيء من أشده سوادا...
يحك رأسه كلما لم يفهم أمرا من الأمور ، يضحك عندما يتألم ، وعندما يُطرد...يحتج ويضرب على القوانين المفتعلة ، يحاول تهشيم الواقع الكائن و إلغاء تراتبيته المصطنعة و نمطه المقزز المُكرر ، لأنه : هو ! آخر رمز ، آخر علامة ، آخر ابن تلده الحياة بعد زواج عرفي مع الواقع ... لقيط هو ، غير شرعي غير قانوني في نظر الكل ...ممجد متميز مثير للانتباه في نظر نفسه.. يبحث عن الحكايات دائما يسردها في حلقيات تضم جموعا من السذج ...لا يسافر هو إلى أحد ، إنما الجميع يُسافر إليه ... يبحثون عنه في الكهوف المظلمة ، لا تتشجع بالدخول إليها ...الظلام مكانه ، بالنسبة إليه نور ، الشمس عنده باعثة لمفاهيم معقدة ، لا يحبها ، فهي تجعل منه اسودا...المطر مضحك في تصوره ، متطفل ، يسقط على قلبه كالحجر ... لا يريد أن يفهم ، هو هكذا ، لا يبحث عن أي معنى ، لأنه: آخر رمز ، آخر علامة ، آخر ابن تلده الحياة بعد زواج عرفي مع الواقع ... النهاية تقترب..و الباب تنفتح من تلقاء نفسها....