خلال اليوم الرابع عشر من شهر فبراير من كل سنة، تطل علينا مناسبة إسمهاعيد الحب أو عيد العشاق أو "يوم القديس فالنتين"، وهيالمناسبة التي يحتفل بها الكثير من الناس في أنحاء مختلفة عبر العالم. وعلى وجه التحديد في البلدان الناطقة باللغة الإنجليزية وأصبح هذا اليوم تحتفل به بعض دول العالم ولو بصورة رمزية وغير رسمية،هو اليوم التقليدي الذي يعبر فيه المحبون عن حبهم لبعضهم البعض عن طريق إرسال بطاقات عيد الحب أو إهداء الزهور أو الحلوى لأحبائهم.هذا ما يقدمه لنا موقع "ويكيبيديا، الموسوعة الحرة" حول عيد الحب. وبهذه المناسبة أريد أن أشارك قرائي الأعزاء بعض الأفكار حول "الحب" ضاربين بعرض الحائط الجدال القائم حول أحقية الشعوب المسماة "إسلامية" في الاحتفال بهذا العيد من عدمه. فلو استخدمنا عملية حسابية بسيطة، ونحن نعيش في زمن الأرقام والإحصاء، كم من مرة نوظف كلمة "حب" ومشتقاتها ومرادفاتها في حياتنا اليومية، وكم استخدمها من سبقونا من شعراء وفنانين وفقهاء وفلاسفة...ولكم حرية الإحصاء إذن !!! ولأن كلمة "الحب" يقول الاستاذ فؤاد شاكر تعلمناها، تلقيناها، تبادلناها، استعملناها، في كل المواقف والظروف، منها الحسنة والسيئة، البريئة والمريبة، كثيرا ما تفقد بريقها ودفئها وإشعاعها. وكلمة "الحب" ترددت كثيرا في معناها ومغزاها، بين الإجلال والإبتذال، بين الجد والهزل، بين الانطلاق الى الأعالي، والإنحذار إلى هاوية السفول. الحب في تعريفهوتحديد معناه اختلف الناس منذ القديم حوله، وذلك حسب المذاهب التي ينطلقون منها في تعريفهم له. ربما ليست المسألة مرتبطة بالمذاهب الفكرية وفقط، بل لكل شخص فهما وتعريفا خاصا لمعنى الحب بغض النظر عن مذهبه الفكري حتى، وتجدر الإشارة إلى أن الحب لا يقتصرعلى حب المرأة للرجل أو الرجل للمرأة، بل هناك أنواع أخرى من الحب... فمن حيث اللغة كلمة "حب" مأخوذة من الحُبِّ جمع حُبَّة وهي لباب الشيء وأصله، لأن القلب أصل كيان الإنسان ولُبّه، ومستودع الحُبِّ ومكمنه.وفي الفلسفة اليونانية يعتبر أفلاطون أن "الحب" الحقيقي يكون مجردا من أي تبادل للمصالح أو الفوائد وهو ما يسمى بالحب الأفلاطوني، وهو الحب الذي لا ينبني على شهوة أو رغبة . وبإلقاء نظرة على المؤلفات التي حاولت ملامسة موضوع "الحب" نجد أبرزها مؤلفات كتبها "بيتريتمسوروكين" تحت عنوان "مسالك الحب وطاقاته" كتاب يهتم بتأثيرات الحب، ويحاول المؤلف من خلال ما كتبه أن يوجهنا إلى المشاركة في أمور قد تساعدنا على العودة إلى المسار الصحيح. والذي نحن في حاجة إليه الآن، وأكثر من أي وقت مضى، إذ يقول في مقدمة كتابه: "من المؤكد أن العقل المادي، الذي لا يؤمن إلا بالإدراك الحسي، لا يعترف بسلطة الحب، إنه يبدو لنا كشيء وهمي. ونسميه بالخداع النفسي، أو نصفه بخيبة الأمل، ومخدر عقول الناس، فهو هراء غير علمي، وضلال عابث يرفضه العلم". وفي مؤلف آخر لصاحبه "صامويل صن" نجده قد خص فصلا كاملا من كتابه "للحبوالإقتصاد" ويقول فيه: "أعلم أن زملائي الأساتذة بجامعة "هارفارد" سيظنون أنني فقدت عقلي، لكني أريدهم أن يعلموا جيدا أنني على العكس قد استعدته". وفي كتابه "سياسات الخبرة" يقترح "لينج" الطبيب النفسي البريطاني، شيئا عجيبا ومثيرا للغاية، وربما كان مفزعا رغم أنه من نوع التحدي الطريف، يقول "أننا نفكر بدرجة أقل كثيرا مما نعرف، وما نعرف أقل مما نحب، وما نحب أقل كثيرا جدا مما يوجد حولنا، وعند هذا المدى الضيق، فنحن أقل كثيرا جدا مما يجب أن نكون عليه". فجل علماء النفس كذلك يؤكدون أن جزءا ضئيلا فقط من مكوناتنا، هو الذي يصنعنا على النحو الذي نجد أنفسنا فيه، ويبقى هناك الكثير والكامن في الإنسان، ولذلك ليس من الغريب إذا أردنا حقا أن نطير، فسوف نطير. إذا أردنا أن نحس بالألوان، فإننا نفرط في التزين.وربما كانت لدينا الرغبة في زيادة حدة الإبصار فوق مقدرة النسر، وفي الشم بدرجة أكبر من كلاب الصيد. إن العقل الكبير يمتلئ على الدوام بالأحلام المثيرة. والحبهو ظاهرة إنسانيةلا محالة، والحب مظهر علاقة نكتشف يوما بعد يوم أنها ليست قاصرة على البشر وحدهم، بل آثارها قد تبدو على كائنات أخرى ليست بشرا بالضرورة. واضح أن الذي نسميه "حبا" لديه جذور قديمة في طبيعة الانسان وباقي الكائنات الأخرى، والإنسان يدرك بالفطرة أن "الحب" شعور خير بطبعه، صادق في أصالته، ولا يصدر منه إلا ما هو خير وصادق. لأننا حين نضيق أو نغضب، أو نشكو من الزمان ومن الناس ومن المكان، نأسفبالضرورة عن ضياع شعورإسمه "الحب"، ونأسى على فتور القيم النبيلة التي تكون مرتبطة بالحب، من قبيل العطاء، الأمانة، الوفاء، الصدق، الفداء، السخاء، الحياء... أن تحب في مجتمعنا اليوم، وتنمو في الحب، ويستمر ويدوم ليس بالأمر السهل والهين، فعندما يقرر المرء العيش في الحب حتما سيواجه عقبات، والجانب الأكبر في تلك العقبات متعلق بانتحال المعاذير هربا من مواجهة تحديات الحب، والذي يقع في حبائل تلك الروادع، ويصده عن الحب سوف يتهم نفسه دائما بالعجز والقصور والفشل. هناك حقا ما يكفي من المبررات ما قد يسمح للمرء أن يدير ظهره للحب، الناس سيئون، الناس تأصل فيهم الفساد واستشرى، ولا أمل في تغييرهم وصلاحهم، فهل يرتكب المقبل على الحب حماقة المحاولة لتحويل المستحيل، محاولة النملة تغيير مجرى النهر. عندما لا يرى المرء من العالم إلا ما لا يحب، ومن لا يحب، تتفاقم مشكلته مع الحياة ومع الأحياء، ويفقد كل الآمال. ولو أنه نظر نظرة متأنية ومتفحصة إلى الماضي، لعلم أن الأنانية، والطمع، التعاسة، البؤس، الشقاء، وجدت جميعها منذ بداية التاريخ. وأن الناس من أجل ذلك يزدادون مع الأيام تنافسا ورغبة في الظفر بأشياء قد يقتتلون من أجلها، أو بسببها، نتذكر الصراعات التاريخية الكثيرة بين أبناء البشر منذ ظهور نزعة التملك والاستحواذ. لكن بالرغم من كل هذه الصراعات المدمرة التي عرفها العالم، يمكن الإقرار بمسألة مهمة، حيث يكون الحب واجبا، هنا فقط، يظل في خلود، وهناء، محصنا ضد اليأس. والناس جميعا مترابطون على نحو ما، وكلما اقترب المرء كثيرا من نفسه، بطريقة أو بأخرى، كلما اقترب من غيره أكثر وأكثر. فنحن نعيش اجتماعيا اليوم في عصر يفرض علينا منذ البداية أن ننظر إلى الحياة من كل جوانبها، ففي أحيان كثيرة نستخدم الحلوى والسكريات ومثلها تماما الكلمات "المعسولة" لتعطي نفس التأثير، فالطفل الذي يحسن الكلام نعطيه قطعة "حلوى"، وعندما يصبح شخص ما على جانب كبير من الأهمية بالنسبة لنا، نلقمه كلمة حلوى في أذنه بدلا من فمه، هذا هو الحب. وبمناسبة عيد الحب أو يوم القديس "فالنتين" أحب أن أنقل اليكم ما توصل إليه الدكتور "ليوفيليسبوسك جليا" أستاذ التربية بجامعة كاليفورنيا الأمريكية،والذي عمل على تطوير منهجا دراسيا جامعيا عن "الحب" ومحور نظريته تتمحور حول أن "الحب يُتعلم"، وأن من واجب كل إنسان أن يتعلمه، وهو عليه قادر، ومن مستلزمات تعلم الحب الصادق حسب "بوسك جليا" ما يلي: • الحب لا يعترف بسنوات العمر: الإنسان لا يتوقف أبدا عن التعبيرعن وحدته، وفقدانه للأمل. ويجد من العسير عليه أن يشارك الآخرين، ويتفهمهم فيكون لزام عليه أن يناضل ليتغلب على الخوف والكراهية والإحباط، ولسوف يعثر دائما على تبرير لتعاسته في أولئك المحيطين به، أنتشار الفساد النظام السياسي متفسخ، الناس أشرار، الإنسان البسيط ضحية النظام، التعليم أجوف متجمد في تفاهاته...الحياة باختصار تمضي في طريق مسدود، في نهايته يقف الموت ممسكا بسكين يقطر دما، ولا خروج منه ولا مهرب. وبهذا يجد المرء نفسه عاجزا في موقف يدعو إلى اليأس في نظر هؤلاء البشوش عندهم أحمق، والمحب الودود في عرفهم أخرق، والمبتهج بالحياة سفيه، والضاحك الباسم بالأبله شبيه، ويتعوذون من شر سوف يأتيه. باختصار " يفتقد الحب حين تفقد الإرادة" حسب الزعيم الهندي "المهاتما غاندي"، لكن بالمقابل الإنسان الحر، يظل أبدا حرا، ولا تنطفئ جذوة حريته ولو كان في أشد السجون ظلاما وظلما. والذي يعجز في الحقيقة عن تحسين ظروفهم وأحوالهم، هو فقط قلة المعرفة والخبرة، وضعف العزيمة والإرادة ليس إلا. وطالما المرء يمتلك الإرادة فهو قادر على التحكم في سلوكه وأفعاله وضبط نوازعه وتوجيه أهدافه وغاياته. وعندئذ فقط يستطيع أن يتكفل بمسؤولية حياته الخاصة. ويستطيع حتما أن يرسم ويُلون خلفية صورته، وأن يُؤلف ويٌنسق لحن معزوفته. فإذا لم تعجبه الرواية التي أعدها لمسرح حياته، فلا يلوم إلا نفسه، ولن يعدم أيضا فرص الاختيار. فهو يستطيع أن يعيد بناء المسرح وينتج رواية جديدة. • أحب نفسك لكي تحب غيرك: حب النفس لا يعني التمركز حول الذات كما في قصة "سنوهوايت" التي ظلت تحدق النظر إلى وجهها في المرآة ثم سألتها بعنفوان: "أيتها المرآة المعلقة على الحائط: ما أجمل الجميلات على الإطلاق؟" المقصود هنا بحب النفس هو العناية غير الزائفة بها، فأساس الحب رعاية الإنسان لنفسه، فلكي تحب الآخرين، يجب أن تحب نفسك أولا، لأن المرء لن يعطي إلا ما يملكه، وهذا ينطبق تماما في الحب، لن تقدم لغيرك ما تجهل وما لا تملكه. أن تحب نفسك هنا يعني إيمانك بأنك وحدك تستطيع أن تكون أنت، فطبيعي جدا إذا ما حاولت أن تكون على شاكلة إنسان آخر، ربما تفلح وتتشابه معه في كثير من مناحي شخصيته، ولكنك عليك أن تتأكد أنك ستظل في المرتبة الثانية من الجودة. أما حينما تكون أنت، أولا وأخيرا فأنت الأفضل. وبما أن الحب كالمعرفة، والرجل الحكيم يعلم الناس ويعطيهم كل ما عنده من علم ومعرفة وحكمة، دون أن يفقد مما يحمل منها شيئا، وإنما عليه أولا أن يعرف. من الأفضل دائما أن نقول أن المرء "يتقاسم" الحب كما "يتقاسم" المعرفة، لكنه يقتسم فقط حين يملك. • الحب يستلزم المسؤولية: لا تنتج المجتمعات الكثيرين من الناس الذين يشتغلون وفق حكمة: "أن تحب لأخيك ما تحب لنفسك من الخير"، لكننا جميعا ندرك ونتقبل قدرا من المسؤولية نحو أنفسنا ونحو الآخرين، وفي الحق أن إنسانية المرء تعني مسؤوليته. غير أن عددا من الناس يجدون من العسير تحمل المسؤولية كاملة حتى بالنسبة لأنفسهم، فيدعونها لغيرهم، ولهذا تبدو في نظرهم فكرة "العائلة الإنسانية" عير مقنعة، وخيالية أو مثالية فارغة. المسؤولية في الحب تعني دفع الآخرين إلى الحب، ومن جهة أخرى، إذا وجدت من يعينك على الحب فهذا يعني أنك محبوب، أنه يحبك. وحب الإنسانية هو المظهر الطبيعي الخارجي للحب الفردي والجماعي. إذ يقول "ألبرت شفي تزر" الطبيب الفرنسي الألماني الأصل الذي كرس حياته لعلاج المرضى مجانا، "طالما وجد إنسان في هذا العالم يتضورجوعا، أو يصرخ من الألم، أو يعاني من الوحدة، أو يئن من الخوف، فإنه يشعر بالمسؤولية نحوه". لقد وجدنا جميعا من أجل كل كائن فرد، وكل فرد كائن، وجد على الأرض من أجلنا جميعا. فلو استطعنا أن نجمع كل البشر ونلبسهم زيا واحدا بسيطا، ثم أغمضنا عيوننا ولعبنا معا لعبة "أمسك وأعرف" فأغلب الظن أننا لن نفرق بينالملكة وبائعة الدقيق.قد تكون أعظم المعرفة عن البشر، أن كل إنسان في هذه الدنيا، أيا كان وضيعا أم رفيعا، وهو في الأصل والأساس "كائن بشري". • التحررمن بطاقات التصنيف: المحب يقول، نعم للحياة، نعم للسرور، نعم للمعرفة، نعم للناس، نعم للاختلاف. إنه يدرك عن وعي، أن كل الناس وكل الأشياء، لديهم ما يقدمونه إليه، وأن كل شيء موجود في كل شيء، وإذا كانت نعم لا تحوز عنده الرضى الكامل، فليجرب كلمة ربما. أما أن تقول لشيء "لا" فمعناه أنك تلقيه بعيدا عنك، أنك تصده وتقطع عليه خط الرجعة، وربما إلى الأبد. بمعنى أن الكلمات التي يستخدمها المرء تخبرك، من هو، ماذا أبصر، ماذا تعلم، وكيف تعلم، وما أنت الا كلماتك، هنا نتذكر قول سقراط الحكيم "تكلم لأراك". وقد تكون تلك الكلمات بمثابة الخطوة الهامة في طريق البحث عن الحب الصادق. • الانسان في حاجة الى أن يُحب ويُحَب: الانسان كائن اجتماعي بطبعه، فكل الأدلة تتراكم مرجحة أن الحاجة الى التجمع والترابط والجوار والحب أمر غريزي، ويبدو أنه بدون تلك الروابط الوثيقة بين الافراد لن تكون هناك سلامة على مستوى سلامة النمو وتطوره إلى الأفضل. وسواء أكنا ننكر أو نصدق، فإن كل مرحلة من مراحل الحياة، تنقلنا إلى المرحلة التي تليها، وفي نفس الوقت تدفعنا نحة الآخرين، نحو الآباء عندما نكون صغارا، نحو الأقران عندما نكون شبابا، نحو الجنس الآخر عندما يكتمل نمونا رجالا ونساء...نحو جماعة المتقاعدين حين يمتد بنا العمر ونشيخ ونهرم، ثم نتشبث بها حتى تفضى بنا الى الموت. بمعنى آخر نحن دوما في حاجة الى الآخرين، نحتاجهم للحب: نحبهم ويحبوننا. وما من شك بمعزل عن الحب إما إلى جنون إما إلى دمار. • الحب يعترف بالإحتياجات:للإنسان حاجات جسمية وعاطفية، بالرغم من أنه ينفق معظم وقته سعيا ون أجل تلبية مطالبه الجسدية، إلا أنها الأسهل في الإشباع. ومن المؤكد القليل منا يهتم اهتماما متوازنا بين الحاجيات الجسديةوالعاطفية...الحب هو الذي يعترف بكل هذه المطالب وإلا فهو ليس بالحب، وإذا لم تلبى إحدى تلك الحاجات، شعر المرء بالقصور والعجز، وظل ما يفقده خافيا مستترا حتى عنه هو. فيكون حاله أشبه بالشجرة التي بعض فروعها لا تراها الشمس، فلا تنمو بقدر ما تنمو بقية الفروع المعرضة لأشعة الشمس. الحب يدعو إلى تلبية مطالب الانسان واحتياجاته، إنه يرى مثلما يبصر، ويصغي مثلما يسمع، الحب يلمس ويعانق، ويتبدى في الاشباع العاطفي والحسي. والحب حرية، الحب يبحث ويختار طريقه، ويحدد لنفسه قدر اتساع خطواته، ويتبع وحده اتجاه مساراته. • الحب يتطلب منك قوة: التحدي الكبير في الحياة هو أن تعيش في الحب، لأنه يتطلب وفرة من الرقة، الحذق، المرونة، الفهم، التسامح...أكثر مما يتطلبه سلوك إنساني آخر. فالحب والعالم المعاصر يبدوان في شكل قوتين عظمتين متعارضتين. لكن يبقى الحب هو الجسر الوحيد الذي يفضي الى تحقيق حلم إلتقاء البشر جميعا وترابطهم. ففي مجتمعنا اليوم إذا أردت أن تنفتح عن الحب، وأن تزاوج الأمل بالحب، وأن تعيش في الحب عليك أن تستجمع كل قواك، وتختزن أكبر طاقة متاحة لك لمواجهة الفهم الخاطئ والاستغلال غير المرغوب فيه. وفي الختام، أريد أن أقول: سواء تقبل القارئ الرسالة التي توخيناها من هذا المقال أم لا، فإنه من مضمونه، يستحق أن أشاركه مع أكبر شريحة من الناس، وقد كنت على دراية على أن الكتابة عن الحب ليست من اختصاصي، وقد أٌعرض نفسي للقبول أو الرفض، للاستحسان أو التهكم. لقد وضعت نفسي تماما في موضع الهجوم والنقد، لكن أعتبر كل ما سيصدر من طرف القارئ مهما كان نوعه من صميم الحب، ولكي تكون محبا، يجب أن تحرص دائما على الاحتفاظ بمكر الطفل ورقته ومرونته، وعلى حساسية الفنان ومهارته، وعلى وعي الفيلسوف وفطنته... ونحن أيضا ندرك تماما الإدراك أننا سوف نحب لفترة ما، ثم يطوينا النسيان. ولكن حسب "ثورنتونوايلدر" يظل في الحب اكتفاء، تلك النبضات الدافقة من الحب، يرجع الفضل فيها لصانعها، "الحب". حتى أن الذاكرة والذكريات، ليست ضرورة للحب، فهناك أرض للأحياء، وأخرى للموتى، وبينما هوة يستحيل عبورها إلا فوق جسر الحب...كل شيء يزول، إلا المعنى وحده فهو يمكث في الأرض.والعقبات في الحب هي من صنع الإنسان نفسه، أما الحب ذاته، فلن يكون عقبة، إن الحب يفيض مثل النهر، ولن يصبح إلا كما هو،فالحبلن يعترف بالسدود، ولا العوائق.فلا مفر من تفهم الحب قبل محاولة التعامل معه. كل عام وأنتم متحابين ومتسامحين...نحنفي الحب و"الإنسانية"، فرد واحد، معا نقاسي، ومعا نبقى، وإلى الأبد، سوف ينعش أحدنا الآخر !!!