مات عبد السلام ياسين.....عبد السلام لم يمت مقدمات لقد أتت اللحظة التي يتمناها الكثير ممن يعتقد أن بموت الأستاذ عبد السلام ياسين ستموت الجماعة..قتلوه في الصحف والمجلات والإعلام المزيف مرات ومرات ،إلا أن الله الذي يحي ويميت والذي يعلم متى وأين وكيف سنموت قدر -ونحن راض على قدره- العزيز ان يأخذ روح محي الدين ياسين عنده بعدما أدى رسالته التي كتبها الله له .فلماذا إذن تمنى الكثير موته قبل أجله؟ تتنوع الدوافع والغايات من تمني موت الأستاذ المجدد ،فهناك من نشر خبر موته في الإعلام رغبة في الاسترزاق وحتى ولو تعلق الأمر بخبر مزيف لما للشيخ من شهرة لدى العامة رغم التعتيم الإعلامي،ومنهم من يسكنه الحقد والحسد لأنه اكتسح الساحة وتعلق به الناس و أبهر به الدعاة والمفكرين والعلماء .ولعل فقيه "الهوابط" أو "أبو لَهْو النبَّاش " (كما سماه الأخ الكاتب الصحفي رشيد شريت) من أمثالهم .أما إذا تحدثنا عن المخزن وكل محيطه فربما لو كان الحل في قتله لفعل منذ زمان فهو يعرف أن له ثأثير في الناس والأتباع كما يحلو للبعض فمثلا لو كان عبد السلام ياسين يتبنى العنف والثورة ،لكان قد اسقط النظام المخزني المبني على أسس هشة منذ زمان. لكنه عكس ذلك كانت ثورته سلمية وعمله كله مبني على التدافع السلمي .كل هذا جعل المخزن يهمش الرجل وجماعته إعلاميا، وحتى في وفاته لم يترحموا عليه ضانين أن دعواتهم هي التي تدخل الناس الجنة . لم يكتفي المخزن بالتهميش الإعلامي فقط بل سخر جميع الوسائل والأذناب، لزرع الفتنة وسط الجماعة و زعزعة الصف الداخلي قبل وفاة المرشد.لذلك سعى لخلق فتنة بين الأعضاء في مسألة القيادة والتركيز على أهلية القرابة العائلية في خلافة الشيخ وما إلى ذلك ضنا منهم أنهم سيفلحوا ولم يعلموا أن الشيخ بنفسه بني هيكلا تنظيميا ووضع له قواعد وأسس واضحة لا غبار عليها .كما أن الجماعة لم تعد متعلقة بالشخص الزعيم فهي مؤسسات ومجالس مختصة ولا يوجد في العدل والإحسان من يطلب القيادة والمسؤولية ليس لأنه غير أهل لها لكن التربية التي تربينا عليه بفضل هذا الرجل فالنفس لا تسعى للمسؤولية والكراسي بذاتها وإنما من اختاره المؤمنين يفي بالغرض فجميع الإخوان سواسية والكل يؤدي دوره ومسؤوليته و نصيبه ليس رغبة في مال ولا جاه ولكن لنيل وجه الله ورضاه قبل كل شيء ،.. فليعرف إذا الذي تمنى موت الشيخ من قبل، أن عبد السلام ياسين الجسد مات ...ولكن عبد السلام ياسين الفكر والروح,المربي والمجدد الأستاذ والمخطط ،العدل والإحسان, لم يمت .. إن الموت حق على كل العباد، وعبد السلام ياسين رحمه الله مثله مثل أي الناس عبد ضعيف كما عبر في وصيته للمسلمين.قدر عليه الانتقال لدار البقاء في يومه بعد أن استكمل رسالته التي كتبها الله له ،وألان هو في قبره نسأل له المغفرة والرحمة والمنزلة الكبرى لما قدمه للأمة الإسلامية . جنازة رجل بكت جموع كثيرة وقلوب كبيرة على فراق الحبيب المرشد في جنازة وأي جنازة.عندما تكسب حب كل هذه الجموع،و يدعوا له هذا الكم كل الشك ينتهي ،بأنه من أهل الله وخاصته وما هذا إلا برهان رضى الله عليه وحبه له .الكل يتمنى أن يحصل على جنازة مثل جنازته :صدق في الحضور،وحزن من القلب،ودعوات صادقة،الله الله كم جميل هذا المنظر حتى في الجنازة تميز.وهذا هو ما كان يتمناه قبل وفاته ...لم يكن يسعى يوما لحب الظهور ولا للشهرة ولا للمال ولا للسلطة ولا لحب الرئاسة...كان هدفه الوحيد أن يحي الله هذه الآمة..ولقد عاش الشيخ حتى رأى بوادر النهضة والفتح والنصر تظهر في جميع الشعوب الإسلامية،فمصر اليوم ليس مصر الأمس وتونس الان ليست تونس البارحة. وليبيا وسوريا والمغرب و...لقد تغير الكثير وأضحى صوت الإنسان لا يخاف في التحرر من القيود وسلاسل المجبرين .وإن كان يلزم المزيد من العمل والثبات على الحق.الأمة الآن في موضع النهضة والاستيقاظ هذا مكان يِؤمن به الأستاذ وكتاباته كلها تبشير بغد أفضل ،مهما طال ليل الظلم والاستبداد لبد من بزوغ فجر الحرية والنصر الموعود.... فلتنعم يا أستاذي بالراحة الآن وقد أديت ما عليك فليرضى عليك ربك ..ونرجو أن لا يحرمنا اجر جهادك. نعم الرجل أنت ... نعم الرجل أنت سكنت قلوب الناس أحبوك و اتهمهم من لا يعرف الحب في الله بالتقديس...حزنوا لفراقك واتهموا بأنك سحرتهم، وحتى بعد موتك لم تسلم من العتاب والقذف من طرف الأعداء والذين يحملون جبال الكره والحقد في القلوب...لم تدعي يوما بالشر لأحد رغم ما لحق من ظلم وأدى ومقابل ذلك تحرص دائما على الرحمة النبوية والرفق على الناس.فهنيئا لك بهذه الجنازة فهي " جنازة رجل" بالفعل واي رجل.... كلمة في حق الرجل عبد السلام ياسين "كيف يمكن ان يكون في بلدي شخص جنازته مهيبة وكل هذه الحشود و كل هؤلاء الأتباع و أنا لا اعلم عنه ولا عن علمه ولا عن فكره إلا الشيء القليل إن لم اقل لاشيء، بعد هذا الفيديو سأقرأ كل مؤلفاته وسأدرس فكره لأنه فقط عند موت احدهم تدرك قيمته من خلال الحب الذي طبعه في قلوب الكثيرين" ابدأ بهذا التعليق العفوي لأحد أبناء الشعب البسطاء -معلقا على وفاته- الذين وقعوا ضحية الإعلام الممخزن الذي يتبجج بخلق رموز وهمية في الغناء والرقص وتضخيم مثل هذه الأمور للتأثير على شباب هذه الأمة ومس اخلاقهم ومبادئهم.أما وان تعلق الأمر بعالم مربي أو داعية مجدد أو أستاذ معلم فلا مكان له في قنوات الصرف الصحي التي يؤدي ضرائبها الباهظة فقراء هذا الشعب الجليل. إن الأستاذ عبد ياسين كان نبراسا في العلم والجهاد ،وسيضل الداعية الداهية الذي ألف واجمع وجاهد فبلغ مبتغاه ،وأجتهد ونظر فأحسن التنظير والتخطيط ،وأسس مدرسة لصنع الرجال و ما أنذر الرجال في هذا الزمان؟ !...لقد سعى الأستاذ عبد السلام ياسين الى ولادة وإحياء الأمة ...والذي عمل على إحيائها لن يموت أبدا في قلوبنا مهما قتلوه...واستطاع المربي الجليل ان يصنع جماعة من المؤمنين لا تجمع بينهم صلة ولا قرابة ولكن يجمعهم اثر من ذلك وهي صحبة في الله ومحبة فيه.ولن يستطيع الناس أن يعرفوا قيمة هذه الصلة مالم يذوقوا طعمها ويعيشوا حقيقتها. كان الرجل يؤمن بالله ويدعوا إلى الخير والإحسان ولايخاف في قول الحق والجهربه لومة لائم ؛ لقد قلّ الرجال مثل الفقيد وكثر أشباه الرجال ممن يكدسون الثروات ويلهثون وراء السلطة على حساب الضعفاء من بني جلدتهم ونسوا قوله تعالى: » يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم « صدق الله العضيم . قد عاش رجلا عظيما ومات رجلا عظيما لم يركع لأي كان، غير الله عز وجل، وهذا بشهادة مخالفيه قبل مؤيديه، فإجماع كل الشرائح السياسية والعلمية على احترامه وتعظيمه حيا وميتا، لدليل واضح على سمو قدر هذا الرجل بعلمه ومواقفه وورعه وزهده . لقد ابتلي في حياته بالسجن لسنوات من أجل قولة الحق التي يقولها ولا يتنازل عنها، ابتلي بالحصار في منزله لسنوات، منع من الخروج إلى الناس ليقوم بواجبه في التبليغ والدعوة إلى الله بالحسنى، ومع ذلك صبر و لم يستكن ولم يهن وظل على هذه الحال وعلى طبعه الأول لم يتبدل ولم يبدل، مربيا وكاتبا وواعظا وداعيا إلى الله ومنافحا بالكلمة ضد الظلم والاستبداد، وهو الآن يغادرنا إلى دار البقاء، وقد ترك وراءه آلافا من الشباب والرجال والنساء حاملين لرسالته الدعوية متسلحين بنفسه المكافح والمقاوم الذي لا يستسلم ولا يبدل ولا يغير ولا يستكين ولا يهين... " من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه و منهم من ينتظر و ما بدلوا تبديلا" رجل والرجال قليل.. كان يقول كلمته ولا يخش أحداً سوف يبقى خالداً في أدهان كل المغاربة. كان أسدا من أسود الدعوة والجهاد، قال كلمة حق عند سلطان جائر، وصبر وثبت على الحق ولم يبع دينه ومبادئه حتى لقي الله.لقد أذاقوه كل ألوان العذاب.وضل صامدا شامخا خاشعا لله دون سواه، فهنيئا لك بآخرتك وويل للظالمين من عذاب الله... أشهد الله تعالى أن هذا الرجل غير حياتي بشكل كبير وعلمنا معاني البذل والتضحية والجهاد والصبر والثبات وحسن الخلق وحب الله ورسوله صلى الله عليه وسلم والصالحين رجل وأي رجل.فاللهم جازه عنا وعن المسلمين خيرا.مشروع العدل والإحسان ماض ولن يتوقف برحيل المرشد تغمده الله برحمته الواسعة،نم مطمئنا فخلفك الرجال. ماذا بعد موت المرشد ؟ ! هذا السؤال يحير الكثير بعض "خبراء الحركات الإسلامية" و كثير من الصحافيين الذين ينشرون أي شيء دون مصداقية ولا احترافية في معالجة الخبر فيزعمون أن الجماعة ستتحول الى حزب وهناك من يقول أن الصراع سيشتد بين قياديي الجماعة على الرئاسة.ومنهم من حسم أمر الزعامة ونسبها لصهر المرشد رحمه الله وثارة لابنته الأستاذة نادية ياسين ...كلها إشاعات وتحاليل شخصية مبنية على ما يريدونه هم للجماعة أو لضعف معرفتهم بفكر وهيكلة الجماعة . إن مبادئ العدل والإحسان الثلاث الممثلة في الحب في الله ،النصيحة والشورى والطاعة والتي تسمى في أدبياتها بالنواظم الثلاث هي التي ستحدد من سيقوم مقام الرمز "المرشد".أما التنظيم وتسيير أمور الجماعة فليس غريب عن العامة أن هناك مؤسسات خاصة ومتخصصة. لا استطيع أن انفي أن رحيله قد يكون له ثأتير علي قلوب الأعضاء فله محبة خاصة،لما له من خصال وفضل على الناس ولثباته على المبادئ .ولا يمكن آن اجزم أن الإخوة في القيادة لن يتأثروا بغيابه لما له من قيمة رمزية ومعنوية .ولان الموت حق و قدر محتوم، فالجماعة استعدت منذ سنين وهيكلت جميع المؤسسات وأحدثت لجن وقطاعات ومكاتب مختصة؛ وإن كانت تعتمد نظريا على فكر الأستاذ المرشد لكنها على ارض الواقع تتركز على اجتهادات وعمل الإخوان والأخوات كل من جهة مسؤوليته واختصاصاته . مات الأستاذ وما مات من عمل صالحا ،ما مات من ربى رجالا ونساءً ،ما مات من شاع علمه وفكره في العالمين مات الأستاذ و ترك جماعة قائمة بذاتها متراصة متماسكة وبإذن الله ستبقى كذلك تدافع من أجل إعلاء راية الحق ،وتعمل لنصرة دين الإسلام ،وإحياء الأمة جمعاء . رحم الله الأستاذ عبد السلام ياسين. فقد كان وسيبقى مربي وأستاذ جيل وأجيال لأنه ترك المنهاج والجماعة وكنا نشعر أنه دائما يقول بلسان الحال والمقال، أنه أكمل مهمته وأن الدور علينا لنتحمل الأمانة التي وضعته في أعناقنا. سنة الله ماضية على خلقه . ولا اعتراض عليها وليس لنا إلا الرضى ،الموت باب وكل الناس داخله؟دين الله الحق منتصر رغم أنوف الطغاة والمستكبرين؟ .وإن مات عبد السلام فإن الدين دين الله وخلف عبد السلام رجال كثير من إخوانه وأبنائه ؟ومن الرجال المخلصين من أبناء هذه الأمة المباركة.عبد السلام مات وقد أدى رسالته ؟ فهل أدى كل منكم رسالته ؟عبد السلام مات وقد تبين موقفه بكل وضوح . فهل مواقفك أخي القارئ واضحة ؟أم أنك في دوامة من الحيرة واليأس ؟ والغبش والضبابية ؟ رحمك الله أيها الرجل الشهم ما بدلت و ما غيرت و ما خنت ،لن أنسى ابتسامتك التي ظلت ترافقك طيلة حياتك .. رغم قهر الجلادين و بطش المستكبرين ،لن أنسى كلماتك المضيئة بأنوار كلام رب العالمين و بركة سيد المرسلين ،ارقد قرير العين فو الله إنا سنكمل المشوار. الكاتب : وسعدان عبد الكبير طالب باحث